أخبار عاجلة
الكاتب الروائي محمد سالم
الكاتب الروائي محمد سالم

مدينة الإسكندرية خريف عام 1986 بقلم  محمد سالم

من رواية  الساحر الوسيم

الكاتب الروائي محمد سالم

عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة والنصف مساء . نزلت مدام نوال من التاكسي واتجهت مسرعة نحو  بوابة العمارة وشعرت أن المسافة  الي باب ( المصعد ) الاسانسير  كأنها مئات الأمتار  كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة والدموع تنهمر من عينيها بغزارة .  وصلت إلى شقتها و دخلت غرفة نومها و ألقت بجسدها فى الفراش  وهى منهارة  وكانت تتمم بكلمات غير مفهومة و تلوم نفسها كيف حدث ذلك .  ما ذنب هذا الطفل البرئ  و لماذا تخليت عنه لقد خذلته  .

وعادت بالذاكرة إلى الوراء عندما جاءت ليليان  بنت شقيقتها و أخبرتها أنها فى ورطة كبيرة  أنها حامل فى الشهر الخامس و تخاف أن يعلم أشقائها أو والدها فليس لها أحد بعد وفاة أمها تلجأ له سواها فهى خالتها التي تكن لها حبآ كبيرا وفعندما تلقت مدام نوال الصدمة فكرت فى الحل سألتها كيف حدث ذلك قالت لها أنه عماد  صديق أخيها تقدم  و طلب من والدها الزواج لكنه رفض حتى تنتهى من دراستها الجامعية فهي فى السنة الاخيرة بكلية الآداب  وفى أحدي  الايام طلب منها أن تأتي لتشاهد الشقة التى اشتراها لتكون عش الزوجية وتكررت الزيارات للشقه فهو يترك لها حرية اختيار الاثاث والديكور  وفى أحدي الايام حدث لم تكن تتوقعه وبعدما شعرت بخطئها ظلت تبكي لكن كان عماد يحاول أن يطمنها وأن بعد شهور قليلة ستكون زوجة وكان يتحدث معها كل ليلة علي الهاتف و أيضاً يلتقيان دائما  .

مرت   ايام وليالي لم تعد ترى عماد ولم يتصل بها  شعرت ليليان بالقلق والخوف فقامت بالاتصال على  منزله  لكن  ردت شقيقة عماد أن أخيها ليس موجود تكرر الإتصال كل ليلة وكان نفس الرد حتى طلبت منها شقيقة عماد من ليليان  إلا تتصل مرة أخرى . 

جن جنونها فقررت أن تذهب إلي مقر الشركة التى يعمل بها فأخبروها أن عماد قدم استقالته وسافر إلى إيطاليا . هدأت مدام نوال ليلنان وطلبت منها عدم التوتر  وأن تعود إلى منزلها فى مساء اليوم التالى أتصلت نوال بوالد ليليان و أنها واخبرته أنها فى ظروف مرضية صعبه وتحتاج ليليان تقيم معها فوعدها أن يلبي طلبها وأن يخبر ليليان ..

بعد انتهاء المكالمة الهاتفية نادى على ليلنان وقال لها خالتك مريضة وتريد منك أن تقيمي معها فى فترة مرضها وكما تعلمين ليس لها أولاد و زوجها  يعمل فى أمريكا ولا يأتي إلا كل سنتين او أكثر . لم تصدق ليليان ما يقوله والدها شعرت أنها تعلقت بطوق نجاة و أخفت فرحتها وقالت إللي حضرتك تؤمر به يا أبي .. 

اخذت تجهز ملابسها و كتبها و اخذها أخيها بسيارته وذهب بها عند خالته التى تظاهرت بمرضها ومعاناتها من آلام الظهر والرقبة .. مرت الايام وحان وقت ولادة ليليان . وضعت طفل جميل أسمته شريف   وبدأت تتعافى وبعد فترة عادت إلى منزلها تاركه الطفل مع خالتها وكانت فترة تأتي إلى زيارته ..

فى أحدي الايام  رن جرس الشقه فتحت ليليان الباب فوجدت عمها و زوجته أتوا من البلد  لزيارتهم  رحبت بهم كثيرا و قامت بتحضير الغدا لهم  فى المساء طلب عمها  أن يزوجها لأبنه. رحب والد ليليان ابن شقيقه شخص محترم ويعمل مهندس بترول و  هو  مقيم بمحافظة السويس واتفق على معياد الخطوبة والزفاف  شعرت ليليان بخوف رهيب وحيرة وكيف تبتعد عن ابنها. . تم  الزواج و كانت ليليان تطلب من زوجها زيارة والدها وخالتها لكنه يرفض . فكانت تكتفي بالمكالمات الهاتفية أو الزيارة فى الأعياد ، حتى تفاجئت أن زوجها سيسافر إلى العمل بالسعودية وسوف يصطحبها معه  .

شعرت ليليان بالاحباط و الألم فهى سوف تبتعد عن طفلها ولا تعلم متى تراه بعد .. بلغ شريف سنتان من العمر وكان طفل دائم الابتسام تعلقت به مدام نوال فكان أنيس لها . رغم سعادتها بوجوده كانت تشعر بخوف رهيب إذا عاد زوجها ماذا تخبره فهو رجل  متمسك بالتقاليد والعادات القديمة  وستكون فضيحة لعائلتها .. و هو لا يسمح لها أيضا بالاختلاط مع الجيران أو زيارة أحد   وموعد  عودته لمصر يقترب .. و لا أحد  ماذا ستخبره . 

فى أحدي الأيام أخبرتها  شقيقة زوجها أنها طلبت منه أن  تأتي معهم إلي مشاهدة  السيرك الايطالي .  فرتبت مدام نوال مع أحدي المربيات أن تأتي الليلة لرعاية الطفل وذهبت معهم الى السيرك و  توالت فقرات العرض حتى جاء دور المهرج  وكان يبدوا على وجهه أنه  رجل كبير السن وقام بأداء فقرته و لاحظت   مدي فرحته عندما يفعل اشياء تضحك الاطفال وكان يختار طفل وطفله يؤدون مشهد معه فكان يحتويهما بكل حب وحنان .. عادت الى شقتها و صورة المهرج لم تفارق ذهنها  . كانت مشتتة الذهن  باقي أسبوع  ويأتي زوجها من السفر   أين سيذهب الطفل  ومستحيل تخبر زوجها ..

فى إحدى الليالي رأت فى منامها أن المهرج يلعب مع الطفل و الطفل يضحك من أعماق قلبه  عندما استفاقت من نومها قالت لنفسها لما لا أعطي الطفل للمهرج لكن كيف الطريقه .. اخيرا قررت أن تصطحب الطفل معها وتذهب لمشاهده السيرك  وعندما بدأ المهرج تقديم فقرته . سألت أحد الموظفين عن دورة المياة وتسللت فى الطرقه  لتجد غرف  لاعبي السيرك ثم لمحت فى  نهاية الطرقة غرفة مكتوب عليها غرفة المهرج ..

فتحت الباب ودخلت مع الطفل و احضرت  له بعض أدوات المهرج ووضعت بجانب الطفل عصائر ومشروبات   وبعض الحلويات وأغلقت باب الغرفة  وتسللت بسرعة حتي لا يراه أحد وعندما عاد المهرج وجد الطفل يلعب ويضحك اندهش المهرج من وجود طفل صغير بغرفته و طلب من إدارة السيرك أن تعلن للجمهور بوجود طفل صغير لكن لا أحد تقدم للسؤال عنه بعد انتهاء العرض جاءت زوجة المهرج وهى السيدة المسؤوله عن شباك التذاكر .

وسعدت كثيرا بالطفل  وتذكرت أبنها الصغير الذي مات غريقا   وبعض أن قدموا بلاغ بقسم الشرطه طلبوا تبني الطفل إذا لم يظهر له أهل  . شعر المهرج بذكاء الطفل و براعته فى التقليد ومدي حبه الشديد له فأخذه معه لتقديم العروض وأصبحت فقرة المهرج  الصغير من احب الفقرات للجمهور ..   كانت السيدة نوال تذهب إلي السيرك بملابس متخفية و تشاهد الطفل ..  وكانت فى غاية السعادة .. لكن قرر المهرج وزوجته العودة إلى إيطاليا   .. وللقصة باقية ..  

 

من رواية  الساحر الوسيم

الكاتب الروائي محمد سالم

 

الغردقه - شارع الشيراتون القديم بجوار فندق روما علي البحر - تليفون  0653447115  موبايل  - 01020238453

عن heidi1news

شاهد أيضاً

د شيرين العدوي تكتب : ألف

هل نحن مستعدون للتفكير فى حياتنا، وقراراتنا، وما نخفيه داخل أعماقنا؟! هل نعيش حياتنا بصدق؟ …