كتبت..هاجر سمير
عندما ينتظم دوران عجلة العمل ويدرك كل شخص مسؤولياته وحجم عطاءه تكون النتيجة مبهرة واستعدادات للدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط بدأت خلية العمل مبكرا فجاء الحصاد أيضا مبكرا وأمس دارت عجلة مطابع المهرجان لتضع بين أيدينا نسخ أحد مطبوعات الدورة القادمة قبل أكثر من أربعة أشهر علي موعد المهرجان ، الكتاب يحوي بين ضفتيه سيرة ومسيرة لفنانة مصرية كانت الأولي دائما ، وهي أول مديرة تصوير في تاريخ السينما المصرية ولولا رحيلها المبكر لكانت قد قدمت لنا والفن السينمائي الكثير المهرجان يحتفل هذا العام بالذكري الأربعين لرحيل أبية فريد أول مديرة تصوير سينمائي في مصر ، شكرا لكل يد ساهمت في هذا الإنجاز واتمني أن ينتهي بقية الأصدقاء المكلفين بمطبوعات المهرجان من انهاء الكتب المكلفين بها شكرا مدير التصوير الكبير الأستاذ سعيد شيمي ،شكرا للناقدة عزة ابراهيم وشكرا للصديق احمد سعيد كامل رئيس تحرير المطبوعات أبية فريد .. أو أبية فريد الزغبي كما تقول سجلات المعهد العالي للسينما الأولي علي دفعة 1971 قسم تصوير .
ربما لا يعرفها أحد الآن ، وربما اختفت ذكراها وراء حجب الزمن ، فهي لم تكن قد تجاوزت الرابعة والثلاثين من عمرها عندما اختارها الموت ليفجع فيها أسرتها الصغيرة المكونة من زوج وولد هو كل ماتركته للزوج المكلوم علي زوجته وحبيبته لم يفجع خبر الموت أسرتها فقط ولكنه كان صدمة للوسط السينمائي الذي عملت به لمدة أحدي عشر عاما منذ تخرجها 1971 الأولي علي دفعتها علي مدار سنوات دراستها بالمعهد العالي للسينما بمرتبة الشرف الأولي ، كما فجع طلبتها بالمعهد حيث عينت معيدة بقسم التصوير بالمعهد .
قبس من شهاب مر في سماء السينما المصرية ليضع اسمه بحروف من نور في تاريخ القوي الناعمة كأول امرأة مصرية تخطط حياتها من البداية لتكون أول مصرية تعمل مديرا للتصوير في تاريخ السينما وعمرها المديد.
وعندما تنظر في سجل افلامها تدرك للوهلة الأولي دور هذه السيدة التي استطاعت أن تصنع مع عدسات كاميراها صورة سينمائية مختلفة ، ومتميزة .. وأن ترسخ أقدامها بثبات في عالم سيطر عليه الرجال لسنوات طويلة منذ بداية السينما في العالم علي يد الأخوين لوميير في فرنسا 1895م.
فرغم أن السينما الروائية المصرية قد قامت في البدايات علي أيدي نساء من مصر مثل بهيجة حافظ وعزيزة أمير ، إلا أن دور المرأة كان فقط في مجالات الإنتاج والإخراج وتأليف الموسيقي والأزياء ،ولم يرتق قط الي دخول عالم التقنيات السينمائية ، وان تقف المرأة المصرية خلف الكاميرا لتدير التصوير بثقة وثبات وموهبة يحسدها عليها الرجال ، الذين وثقوا في أبية فريد ومنحوها الفرصة تلو الفرصة، خاصة بعد أن أثبتت جدارتها ومهارتها خلال فترة عملها كمساعد ثم مصور قبل أن تقف بمفردها مديرا لتصوير العديد من الأفلام مسلحة بالعلم والموهبة والثقة بالنفس ،لتتمكن خلال سنوات معدودة أن تسجل اسمها في سجل الشرف وان تصنع صورة سينمائية تحمل توقيعها .
واليوم وبعد 40عاما علي رحيلها 1982بعد رحلة سريعة مع الحياة والفن يكرمها مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط تقديرا لمكانها ومكانتها كأول إمرأة مصرية تنافس الرجال وتضع للمرأة المصرية موطأ قدم في عالم التصوير السينمائي من اجل هذه التجربة الفريدة يكرمها المهرجان في دورة تحمل اسم النجم الكبير محمود حميدة.