علينا أن نهتم بكل كلمة تخرج من حنجرتنا قبل أن نقولها، وأن نفهم أنفسنا حتى نعرف ما يحتاجه من حولنا، هل فكرنا لحظة أن نتهم أنفسنا بالتقصير والخطأ، فنحن نستميت بالدفاع عن تصرفاتنا وإبراء أنفسنا من أي تهمة أو صفة يتهمنا بها الآخرون، ودائماً نقوم بمحاولة إراحة ضمائرنا لنبرر أخطاءنا ونهونها، في حين نهول تصرفات غيرنا ونحاكمهم بكل قسوة ونتهمهم بلا رحمة، وننسى أننا كم نخطئ في حق أنفسنا وحق الآخرين حين ننسى محاسن من أمامنا لحظة ارتكابه ذنباً أو خطأ غير مقصود، رغم أننا لا نستطيع أن ننكر بأننا جميعنا قد وقفنا في يوم ما موقفاً كنا فيه في قمة الأنانية، فكلنا نرى أنفسنا على حق وأننا مسالمون وطيبون، بل ونرثي على حالنا؛ لأن الدنيا لم تمنحنا الفرصة التي نستحقها ولم نأخذ حقنا ولا فرصتنا كما ينبغي، وبكل بساطة نلخص اتجاهاتنا ومعنوياتنا وأمزجتنا كلها بتصرفاتنا التي نترجمها من خلال كلماتنا، نعم كلمة قد ترفعنا لسابع سماء وأخرى قد تهوى بنا إلى القاع، كلمة تخرج من دون قصد تحبط إنساناً كان في قمة نشاطه وعطائه، وكلمة قد تحفز عاطلاً للعطاء والعمل، وكم من كلمة دمرت مستقبل طالب عندما يصفه معلمه بالغبي فيكسر همته ويشعره بالنقص ويغلق باب عقله عن الفهم، أنتِ هبلة وساذجة وعبيطة، كلمات قد تحول إنسانة طيبة القلب إلى قاسية حتى تمحو عنها صفة رائعة أصبحنا نفتقدها في حياتنا. وكم من كلمة حب خادعة من شخص مستهتر يتغير بسببها مجرى حياة الفتاة إلى واد سحيق ليس له قرار، هي مجرد حروف بسيطة فقط، وتتشكل بعدها قذائف تصيب فيها من أمامك فأنت عصبي تثير الحليم، وأنت ظالم تريح المظلوم وأنت متكبر أو ظالم أو عصبي أو أناني أو شرير أو بخيل أو حسود أو كسول أو خامل، صفة قد لا تكون في مكانها يوصم به الفرد حتى من لا نعرفه لمجرد أننا سمعنا عنه ذلك فنتعامل معه على أساس ما سمعناه، نعم إنها مجرد كلمة، ورب كلمة قالت لصاحبها دعني، ونجهل بأن كلمة طيبة قد تفعل المعجزات خاصة إذا كانت من أقرب الناس إلينا، ومن لانت كلمته وجبت محبته، فالكلمة الطيبة لها قدرة عجيبة في زرع الثقة في النفس أو نزعها، الكـلـمـة الــتــي تـنـطـلـق مــــن أفـواهـنــا فتدمي من نحب، عندما نعاتبهـم بأنانية أو نحاسبهم بقسوة فعلينا أن نتحلى بحسن الخلق والتسامح وحسن الظن ونتجنب المجادلة التي لا هدف منها وأن نعني ما نقول ونقول ما نعنيه وأن نفـكـر بتأن قبل أن نـتـحـدث حتى لا نجرح أو نؤلم أو نتسبب للآخرين بإعاقة نفسية تــتـــرك بـصــمتها في الــذاكــرة، وقد قال الحبيب عليه الصلاة والسلام (الكلمة الطيبة صدقة) وقال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يكن فبكلمة طيبة) فلماذا لا نجعل الكلمة الطيبة شعاراً نطبقه في كل معاملاتنا.
أميمة عبدالعزيز زاهد
من مواليد المدينة المنورة مدربة تربوية ومستشارة إعلامية لديها العديد من المؤلفات الاجتماعية معروفة بكتاباتها الرومانسية والواقعية المؤثرة في مجتمعها خاصة من الجيل الجديد.