كيف يلعب الموساد الإسرائيلى فى مطار بكين الدولى؟
بالصور: “ركن التعبد”… هل يصلى اليهود بجوار المسلمين فى مطار بكين الدولى؟
مقروناً بطلب أقدمه لأول مرة عالمياً، لتفويت الفرصة على الإسرائيليين، مقدم لمشيخة الأزهر الشريف ولفضيلة الإمام الأكبر الشيخ “أحمد الطيب”، ولحكومة المملكة العربية السعودية، ولجلالة الملك “عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود” ولسمو ولى العهد السعودى الأمير “محمد بن سلمان”… لبناء أركان عبادة صغيرة خاصة فقط بالمسلمين فى مطار بكين الدولى والمطارات الدولية، كى لا يتم إستغلال صور صلاتنا كمسلمين بجوار اليهود مخابراتياً من قبل الموساد
تحليل للدكتورة/ نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية – خبيرة شئون الدراسات اليهودية والإسرائيلية فى الصين – أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف
منذ أن قررت أن أنقل تجربتى كاملة للشعوب العربية، وأجهزة إستخباراتها ومؤسساتها العسكرية والدفاعية والأمنية، بإعتبارى أول أكاديمية مصرية وعالمية تدرس ملف متهودى إقليم الكايفنغ الصينى، وتجنيدهم فى جيش الدفاع الإسرائيلى. وما شهدته حياتى كلها خلال ١٥ عاماً متصلة من مآسى حقيقية وأوجاع، وتتبع وملاحقة مزدوجة من جهازى الموساد الإسرائيلى والمخابرات المركزية الأمريكية – سأقدم حالاً للجماهير والشعوب الدليل عليها – فضلاً عن تعرضى لضغوط ومعاناة رهيبة، حتى أستطعت الآن أن أقف لأول مرة أمام شعوب المنطقة، كى أقدم لهم هذا الملف علانيةً، بلا أى خشية أو خوف. لأننى بت أكثر إدراكاً اليوم، بأننى قد إنضربت وتوجعت وعانيت، وتم إتهامى بالجنون، وكل تلك المآسى قد تحملتها وحدى على مدار ١٥ عاماً متصلة، نيابةً عن العرب، والآن بعد أن باتت الصورة أكثر وضوحاً اليوم، فقد جاء دورى أمام الله تعالى ثم أمام الجميع والمجتمع الدولى كى أنقل لكم خبراتى وتجاربى بلا أى خوف. لأننى قد صرت اليوم أكثر يقيناً، بأن ما فعلته كى أقدمه لكم، يستحق كل هذا العناء. نعم، ما فعلته، لو لم أفعله وقتها، لما إمتلكنا اليوم زمام ومفتاح النصر على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وأجهزة إستخباراتهم، ولما إستطاعت الشعوب ذاتها أن تفهم اليوم ما أود قوله أو طرحه عليهم.
لقد قررت اليوم أن أقف أمام الشعوب العربية وأمام كل أم فلسطينية وكل شهيد فى قلب الأمة الإسلامية والعربية، وأنا أطالب الجميع، بأن ينفض حزنه، وبأن يمسح الجميع دمعه، وبأن نتشارك جميعاً هذا الإنتصار الجامح على إسرائيل وأمريكا فى أخطر ملف – أفسدناه لهم جميعاً ولست أنا تحديداً صانعته، لأننا جميعاً شركاء فى هذا الإنتصار الساحق على جهازى الموساد الإسرائيلى والإستخبارات الأمريكية – وتحقيق الإنتصار فى مواجهتهم. ولا أذكى نفسى بطلة، ولكننا جميعاً قد صرنا أبطال فى تلك المواجهة الطويلة، حتى صرنا نمتلك جميعاً هذا الملف الخطير فى يد العرب وشعوبنا باتت اليوم أكثر قوة بأوراق مناورة قوية وحقيقية فى مواجهة إسرائيل وأمريكا.
وبما أننى قد صرت الآن أعيش فى قلب المعركة، مستهينة بالموت، مضحية بكل شئ، والدنيا الآن قد صغرت فعلياً أمام ناظرى، فى سبيل أن أحى الأمل والكرامة لدى تلك الشعوب والأشقاء فى فلسطين الشقيقة، ونحن جميعاً نكيل للموساد الإسرائيلى ضرباته وأوجاعه لنا على مدار سنين وسنين، ونصدها فى مواجهته بتكتيك أشرس وأنضج عن ذى قبل.
وتلك المقدمة الطويلة باتت حتمية لى وضرورية، وأنا أتذكر اليوم واقعة عجيبة حدثت لى – كتأكيد قاطع على تعقب الموساد الإسرائيلى لى، وذلك بعد مجئ إلى مصر بعد فتحى ملف التهويد والتجنيد للصينيين فى جيش الدفاع الإسرائيلى، وتعقب جهاز الموساد الإسرائيلى لى من العاصمة الصينية “بكين” فى سنة ٢٠١٣ على ما أتذكر – ثم تواصل معى هاتفياً رئيس أحد المواقع الإخبارية العالمية معى، بدون أى سابق معرفة بيننا، وطلبه منى كتابة تحليلات عن الصين وإسرائيل وعلاقاتهم، ثم فجأة طلب منى فتح إيميلى للإجابة على هذا التساؤل الخطير الذى أرسله لى منذ قليل، ومازلت أحتفظ بهذا الدليل المادى الملموس، للتأكيد على (تعقب الموساد الإسرائيلى والمخابرات المركزية الأمريكية لى منذ أكثر من ١٥ عام، بلا توقف يوماً واحداً). وتلك الواقعة العجيبة التى ستدهش أجهزة إستخباراتنا، وكافة أجهزة الإستخبارات فى العالم كله، ولكنها تعد دليلاً حقيقياً ملموساً أقدمه للجميع فى مواجهة الموساد الإسرائيلى والمخابرات المركزية الأمريكية، بتعقبهم لى من العاصمة الصينية “بكين” حيث كنت أدرس هناك وأقيم، حتى مجئ إلى مصر، هروباً منهم وخوفاً من بطشهم لى ، ربما لنقص خبرتى فى آليات المواجهة معهم، مقارنةً بمدى قوتى وشراستى اليوم معهم، والتى يندهش لها الجميع، إلا أنها قد باتت حتمية ولازمة، بسبب كثرة الضرب بى، وبسبب محاصرتهم لى بلا أدنى رحمة أو شفقة على مدار كل تلك السنين، حتى يكتمون صوتى، ولا يستمع لى العرب والشعوب على وجه الخصوص فى ملف التهويد للصينيين فى إقليم الكايفنغ الصينى، ثم تجنيدهم وتدريبهم فى جيش الدفاع الإسرائيلى.
وتعود تلك الواقعة التى أحدثكم عنها كدليل مادى ملموس فى مواجهة الموساد الإسرائيلى نفسه، بتواصل رئيس تحرير أحد أبرز المواقع الإخبارية والسياسية العالمية معى بعد رجوعى إلى مصر من العاصمة الصينية “بكين”، كى يسألنى سؤالاً قد زلزل كيانى كله، وجعلنى أشعر فجأة، بأنها بداية المعاناة الحقيقية – والتى ثبت فعلياً، بأن تحليلى لها كان سليماً بشكل تام – كان السؤال لرئيس التحرير الأجنبى المعروف دولياً، والذى أرسله خلفى جهاز الموساد الإسرائيلى والمخابرات المركزية الأمريكية، للتأكيد على صحة كل ما توصلت إليه ودرسته بمفردى بعيداً عن العرب، وكان سؤاله الموجه لى، مفاده:
نادية…. أكتبى لنا تقريراً ضعى فيه تصوراتك الشخصية، عن: كيف يلعب معكم الموساد؟
وبعدها أهتز كل كيانى، وإرتعش جسدى مرتعداً من الخوف، لإدراكى التام، بأن تلك الرسالة مباشرة ومقصودة وموجهة لى، من قبل جهازى الموساد الإسرائيلى والمخابرات الأمريكية، بأنهما قد نجحا فى تعقبى والوصول لى من الصين، حتى مجئ وهروبى منهم بحثاً عن الأمان فى وطنى الحبيب “مصر”. وأدركت بعدها بأنها باتت بداية المعاناة الفعلية الهائلة التى حدثت لى، وبداية صريخى المستمر وعويلى مما يفعلونه بى فى غفلة منكم – أقصد فى غفلة عن الشعوب والمنطقة، كى لا يصل صوتى إليكم وتفهمون منى الحقيقة وطبيعة قضيتى – إلى أن شاءت إرادة الله وحكمة السماء أن تقتص لى منهم، وأن أنجح أخيراً فى إظهار الحقيقة الدامغة إلى الجميع، وبأن أخاطب – ولأول مرة عالمياً – شعوبنا العربية بتلك الحقيقة، وبأن أجعلها تتضامن معى، وبأن أحى الأمل بالإنتصار لدى تلك الشعوب والجماهير العربية الثائرة وحكوماتنا، لأنبههم جميعاً بالإفاقة من بعد غفلة، بوجود ملف خطير معنا وفى حوزتنا، يمكننا من خلاله هزيمة إسرائيل وأمريكا سوياً، بمساعدة الصين وروسيا وأصدقائهم حول العالم، مع ممارسة ضغوط قصوى عليهما – عبر التضامن مع وزارة الدفاع الصينية لطرد متهودى إقليم الكايفنغ الصينى من جيش الدفاع الإسرائيلى – وتحقيق إنتصار بارع لصالح شعوبنا المقهورة، ولصالح أبناؤنا المحاصرين إسرائيلياً على الدوام فى فلسطين وقطاع غزة المقهور.
نعم مازلت أحتفظ للعرب ولأجهزة إستخباراتنا، بأرشيف كامل موثق، أهديه بكافة تلك الوثائق والأدلة للبرهنة على تعقب الموساد والمخابرات الأمريكية لى، بسبب محاولتى لقاء متهودى الكايفنغ الصينى، والبحث خلف تلك المصائب والكوارث التى تركها الموساد وخلفها للصين وللعرب ولأشقائنا فى فلسطين على وجه تام. ولأننى قد صرت اليوم فى قلب المعركة، لذا بات لزاماً على، أن أنقلها وأفهمها وأحللها للجميع.
والآن وبعد مضى أكثر من ١٠ سنوات على سؤال رئيس تحرير أحد المواقع الإخبارية العالمية لى، عن: كيف يلعب معنا الموساد؟… لذا، قررت اليوم أن أرد على جهاز الموساد الإسرائيلى ذاته، وعلى حليفته الأمريكية، بتلخيص فاتورة اللعبة مع الدول والشعوب، بأن أرد على كلاهما – أمريكا وإسرائيل – لشرح: كيف يلعب كلاكما فى مطار بكين الدولى؟
وبما أننى قد صرت شاهدة حية على ما يحدث، فسأنقل للشعوب العربية ولأجهزة إستخباراتنا، أحداث مثيرة وعجيبة فى الوقت ذاته، وربما يصعب على الذاكرة العربية تصديقها من حجم الشر المحيط بها. وخلاصة القضية، كان أحد أفراد السفارة الإسرائيلية فى بكين تحديداً مسافراً إلى تل أبيب، وبخبرة عين الموساد، وجد أمامه “ركن التعبد”، وهو الركن أو المكان المخصص للصلاة فى مطار بكين الدولى، بدون إيضاح من سلطات مطار بكين الدولى، أهذا الركن مخصص لصلاة المسلمين أم المسيحيين أم اليهود أم غيرهم؟
وبالطبع لم تفوت السفارة الإسرائيلية فى بكين ولا جهاز الإستخبارات الإسرائيلية للموساد تلك الفرصة الذهبية، بوجود “ركن مخصص للتعبد والصلاة فى مطار بكين الدولى”، غير موضح به دلالة المصلين به أو مختلف إنتماءاتهم. وما هى إلا لحظات، حتى إنتشرت تلك الصور فى أوساط المجتمع الإسرائيلى واليهودى فى الصين، وسط مطالبات، بكيف يمكن إسرائيلياً ويهودياً، تحقيق أقصى إستفادة قصوى وممكنة من هذا الركن المخصص للتعبد فى مطار بكين الدولى؟
وظلت تلك الصور تتداول فى الأوساط الإسرائيلية واليهودية فى بكين، ثم للأوساط الدبلوماسية الغربية والأمريكية هناك، حتى تعمد الجميع إيصالها لى، كأكاديمية مصرية محترفة تهتم بأوضاع اليهود فى الصين وملف التهويد والتجنيد للصينيين فى جيش الدفاع الإسرائيلى. نعم، وجدت هناك من يرسل تلك الصور لى ويطالبنى برأى فيها كأكاديمية مرموقة، وخبيرة معروفة بشؤون اليهود فى الصين.
وبعد مرور سنوات على تلك الواقعة الخاصة بركن التعبد والصلاة فى مطار بكين الدولى، وبعد توقيع “إتفاقيات ما يعرف بالسلام الإبراهيمى بين إسرائيل وعدد من دول الخليج”، لدمج الأديان الثلاث سوياً فى دين إبراهيمى واحد، وهذا ما تصديت له بشدة، لأنه عبث لا يليق بجلالة ووقار الأديان الثلاث ولا بقدسيتها. تذكرت فجأة، وقفز إلى ذهنى تلك الواقعة الخاصة بالإهتمام الإستخباراتى الإسرائيلى على وجه الخصوص، بهذا الركن الخاص بالتعبد فى مطار بكين الدولى، وكيفية إستغلاله من قبلهم، على غرار “الصلاة الإبراهيمية بين أصحاب الديانات الثلاثة”، كحل لإشكالية الصراع العربى الإسرائيلى، من وجهة نظر إستخباراتية إسرائيلية.
وحتى أكون أمينة مع الجميع، وصادقة اليوم أكثر مع نفسى، فلقد سألت وقتها عدد من المشايخ ورجال الفتوى، عن: مدى مشروعية صلاتنا كمسلمين بجوار اليهود فى ركن التعبد الذى وجده الإسرائيليين فى مطار بكين الدولى، والذى أرفق للجميع صوره؟ فجاءت إجابة المشايخ المسلمين ورجال الدين الإسلامى فى الغالب، بأنه لا غبار مادمنا فى موضع سفر، وإضطررنا للصلاة فى ركن التعبد فى أى مطار.
ولكن بعد توقيع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لإتفاقيات ما يعرف بالسلام الإبراهيمى مع عدد من بلدان الخليج. قفزت فجأة إلى ذهنى حادثة “ركن التعبد فى مطار بكين الدولى”، وأدركت فوراً ما يخطط له جهاز الإستخبارات الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء. لذا، توصلت اليوم يقيناً وعن ثقة شخصية وداخلية، وكمسلمة متفتحة، بأنه:
“نعم يمكننى الصلاة بدون قطعها فى أى ركن خاص بالتعبد، ولكن هذا فى الظروف العادية، ولكن فى ظل ظروف إستخباراتية غير طبيعية، لرصد ردود فعل المسافرين، خاصةً من المسلمين وتصويرهم، سواء فى مطار بكين الدولى أو غيره، فالأمر إذن يتطلب وقفة صارمة من الجميع”
كما أننى اليوم، أنقل تجربتى وما حدث لمشيخة الأزهر الشريف ولفضيلة الإمام الأكبر الشيخ “أحمد الطيب”، ولحكومة المملكة العربية السعودية، ولجلالة الملك “عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود” ولسمو ولى العهد السعودى الأمير “محمد بن سلمان”، بأن أكشف للجميع تجربتى وما عاصرته من أحداث فيها، أنقلها أمانة لسيادتكم وللجميع، كواجب دينى ووطنى وأكاديمى وأخلاقى. أقول لكم فيها:
نعم لا غبار فى أن نصلى جميعاً فى أى مكان طيب وطاهر ونتعبد لرب العالمين، ولكن الضرر كل الضرر فى أن يتم إستغلال صور صلاتنا وتعبدنا من قبل جهاز الموساد الإسرائيلى والمخابرات المركزية الأمريكية، للترويج لخططهما فى السلام الإبراهيمى والديانة الإبراهيمية الجديدة الموحدة، وغيرها من تلك الأمور، والتى شجبها وإستنكرها الأزهر الشريف فعلياً فى بيان عاجل عدة مرات، لذا لابد من وقفة دينية صارمة إزاء تلك المسأل
لذا، فمن باب أولى، ووفقاً لفهمى لطبيعة القضية المثارة، حول: ركن التعبد لصلاة المسلمين بجوار اليهود فى مطار بكين الدولى أو غيره، بأن أطالب حكومة المملكة العربية السعودية وقياداتها الأجلاء، وسمو الأمير “محمد بن سلمان” ومشيخة الأزهر الشريف، ودور الإفتاء الأزهرية والإسلامية جميعاً، بالوقوف بحزم والتصدى لهذا العبث الإسرائيلى فى مطار بكين الدولى وكافة المطارات الدولية حول العالم، للبحث عن كيفية حل تلك الإشكالية، ويبقى الأقرب من وجهة نظرى – ولتفويت الفرصة على جهاز الإستخبارات الإسرائيلية “الموساد” والمخابرات المركزية الأمريكية فى إستغلال أركان التعبد الخاصة بالصلاة فى أى مطارات دولية، وبالأخص مطار بكين الدولى – بأن تتدخل حكومة المملكة العربية السعودية كأرض طاهرة للمسلمين، ومشيخة الأزهر الشريف، للتنسيق مع الحكومات المعنية حول العالم، لبناء ركن تعبد صغير خاص فقط بالمسلمين فى مطار بكين الدولى أو أى مطار دولى آخر، لتفويت الفرصة على أى ملامح إستغلال لصلاة المسلمين إستخباراتياً بجوار اليهود أو أى ديانة أخرى لصالح الموساد الإسرائيلى والمخابرات الأمريكية. وهذا أمر لا يليق بجلالة وعظمة صلاتنا كمسلمين أمام المولى عزوجل، مع ضرورة الحفاظ على دين الله وصلاته من عبث العابثين.
ولعل ذلك يذكرنى تحديداً، بإستنكار المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى، الشيخ “محمد حسين”، يوم الثلاثاء الموافق ٦ سبتمبر ٢٠٢٢، بقيام المتطرف الإسرائيلى “يهودا غليك”، بالنفخ بالبوق والموسيقى فى ساحات المسجد الأقصى، وبث ذلك عبر عدد من وسائل التواصل الإجتماعى، إضافةً إلى قيام أحد المتطرفين بإقتحام المسجد الأقصى، وأداء طقوس تلمودية بلباس توراتى. وهذا الأمر، شبيه بما حدث من إستغلال لصور ركن التعبد فى مطار بكين الدولى، وغيرها، للترويج فقط لصلاة المسلمين بجوار اليهود بأى شكل.
وهنا جاء تأكيد المفتى العام للقدس وخطيب المسجد الأقصى، فضيلة الشيخ “محمد حسين”، بأن هذه الإنتهاكات خطيرة وغير مسؤولة، وتسوق المنطقة والعالم بأسره نحو (حتمية صراع دينى، فأى مساس بالمعتقدات والمقدسات هو إزدراء وتعالٍ على حقوق الشعوب والأمم، ولن يجلب معه إلا الخراب والدمار لكل من تحدثه نفسه بأن وعداً باطلاً أو مجرد حلمٍ واهٍ أو خرافة بالية قد تحقق له مطامع إستعمارية إحتلالية، مغلفة بغطاء دينى فى بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك)، مع التأكيد على أن المسجد الأقصى إسلامى، وسيبقى كذلك رغم محاولات أعدائه الحاقدين بسط نفوذهم عليه.
ونحن ننوه هنا، إلى خطورة إستمرار الإحتلال الإسرائيلى فى إستهداف المسجد الأقصى أو غيرها من دور العبادة، ومحاولة وضع اليد عليها، حيث أن تاريخ مدينة القدس وفى قلبها المسجد الأقصى يعرفه القاصى والدانى، وتعرفه الهيئات الدولية والرسمية، وهما من الأرقام الصعبة التى تأبى القسمة والمشاركة.
ونطالب هنا المجتمع الدولى دولاً وحكومات وهيئات ومنظمات مختصة، بضرورة التدخل لوقف هذه الإعتداءات على مقدسات المسلمين، ومنع السلطات الإسرائيلية من التمادى فى عدوانها على البشر والحجر والشجر فى مدينة القدس والأقصى الشريف فى القلب منها.
وحتى لا أطيل عليكم، فقد كتبت فعلياً فى عام ٢٠١٧، مقالة وتحليل، بشأن تلك الواقعة الخاصة بصلاة المسلمين بجوار اليهود فى مطار بكين الدولى، وأعيد تذكيركم بها على النحو التالى، حتى تتضح الصورة كاملة أمام الجميع، إستكمالاً للفكرة السابقة، كالآتى:
شنت جمعيات وشخصيات إسرائيلية ويهودية مقيمة فى بكين، حملة واسعة، إستمرت شهرين متتاليين، عقب إكتشاف أحد المسافرين الاسرائيليين اليهود فجأة وجود “ركن للصلاة” فى “مطار بكين الدولى” دون إشارة سلطات المطار الصينية لنوعية الصلاة المقامة عليه، وهل هى تخص المسلمين أم المسيحيين أم اليهود؟
بدأت الحملة من قبل مواطنيين إسرائيليين ويهود مقيمين فى بكين بشأن، متسائلين: هل يمكن لليهود الصلاة بجوار المسلمين فى ركن الصلاة فى مطار بكين الدولى؟ وهل هناك عوائق لذلك مادامت السلطات الصينية لم تحدد صراحةً الفئات المستهدفة بالصلاة؟ وبدء الإسرائيليون واليهود المقيمين فى بكين وعموم الصين بنشر وعرض تلك الصور الخاصة – التى إلتقطوها بعناية ودقة بالغة – بركن الصلاة فى مطار بكين الدولى لتوضيح وجهة نظرهم.
الباحثة المصرية المتخصصة فى الشأن اليهودى والإسرائيلى فى الصين الدكتورة نادية حلمى قالت إنها تابعت تلك الحملة بإهتمام شديد، ولفت نظرها أنها متصاعدة وبها نوع من الإصرار من قبل جهات يهودية لخلق نوع من الحرج ضد المسلمين، بسبب توقعات رفض المسلمين لهذا الأمر، لأسباب شرعية.
لهذا، إختارت الباحثة أن تطرق الأمر من منظور شرعى بالفعل لمعرفة الرأى من المختصين بالعلوم الشرعية، لا سيما بعد أن سألها صينيون ويهود منظمون للحملة عن رأيها الشخصى فى مسألة صلاة اليهودى بجوار المسلم، أو من يخالف المسلم فى الديانة، فى مكان واحد، لكنها إعتبرت أنها لن تكون رأياً حتى تستشير المتخصصين فى الفقه.
كان تحمس الباحثة المصرية كبيراً للبدء فى القراءة حول هذا الموضوع الشائك، بإمكانية وجواز صلاة المسلمين مع غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى – وعلى رأسهم اليهود – فى مكان واحد وركن واحد للصلاة يجمعهم.
بدأت “حلمى” فى سؤال كل من تعرفهم بصراحة: هل تقبل كمسلم الصلاة بجوار يهودى فى مكان واحد؟ مع شرح مغزى السؤال حتى لا يكون غريباً، وجاءت الإجابات متفاوتة بين الرفض القاطع، والتأييد على إستحياء، وهناك طرف أخذ الموضوع بشكل بسيط، قائلاً إنه لو كان يصلى فى هذا الركن وجاء يهودى ووقف بحواره ليصلى صلاة اليهود، فإنه كمسلم سيكمل صلاته ولن يقطعها.
هناك من أخبر الدكتورة نادية برأى آخر قائم على حقيقة مفادها أن الجنود الأمريكيين الذين يقومون بمهمات عسكرية في الخارج، تخصص لهم وزارة الدفاع الأمريكية “ركن” للصلاة والتعبد يتشارك فيه الجميع، بغض النظر عن الديانة.
هنا قررت الباحثة المصرية أن تنقل السؤال للمختصين مباشرةً، فى هذا الإطار تقول إنها طرحته بدايةً على صديق لها يعمل مدرساً للعلوم الفقهية والشرعية بمعهد أزهرى فى مدينة الزقازيق المصرية، فأكد لها عدم جواز الأمر، لأن المكان سيكون به نجاسة وغير طاهر من الناحية الدينية والشرعية والفقهية، وبالتالى فلا تجوز صلاة المسلم مع غير المسلم بما فيهم اليهودى بالطبع.
بمزيد من البحث في الموضوع، وجدت د.نادية الفتوى رقم (٢٧١٢) الصادرة من دار الافتاء بالمملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ ١٥ أكتوبر ٢٠١٢، تحت تصنيف “الدعوة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر”، ونوع الفتوى بحثية بإعتبارها تدخل ضمن المسائل والأمور البحثية الفقهية والشرعية، كانت الفتوى المشار إليها من قبل أحد المسلمين الذى توجه لدار الافتاء فى الأردن بسؤال عن: صلينا العيد في أحد الأماكن، وكان قد شاركَنا فى هذه الصلاة أشخاص غير مسلمين، فهل تجوز صلاة غير المسلمين معنا؟
وجاءت إجابة دار الافتاء الأردنية – تتركها الباحثة للقراءة بلا أدنى تعديل من جانبها – كالآتى:
“لا حرج عليكم في صلاة غير المسلمين معكم، ولا يجوز لكم الإنكار عليهم، بل الواجب تتشجيعهم وتقريبهم إلى الإسلام والمسلمين، لعل ذلك يكون سبباً فى هدايتهم”
ومع ذلك فصلاة غير المسلم غير صحيحة، لأن من شروط صحة الصلاة أن يكون المصلى مسلماً، ولذا فلا تُقبل الصلاة من غير المسلم. ولكن ذلك لا يعنى منعكم لهم من إقامة الصلاة معكم، خاصةً أن بعض هؤلاء قد يكونون من المسلمين الذين لم يعلنوا إسلامهم، فإن كانوا كذلك فصلاتهم صحيحة يؤجرون عليها”.
فى السياق ذاته، وجدت الباحثة فتوى أخرى صادرة عن مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية تحمل ذات المغزى والمعنى بشأن جواز صلاة المسلم مع الكافر أو غير المسلم عموماً – المجلد السابع عشر – من فتاوى (العقيدة) تحت تصنيف: فتاوى وأحكام، بتاريخ ١٠ ذو القعدة ١٤٢٧ هجرياً، أو بتاريخ الأول من ديسمبر ٢٠٠٦ ميلادياً.
وكان السؤال المطروح على لجنة الإفتاء السعودية تحديداً: ما حكم دخول غير المسلم مسجداً أو مصلى للمسلمين سواء لحضور الصلاة أو للإستماع إلى محاضرة؟
وجاءت إجابة دار الإفتاء السعودية صريحة وصارمة – بلا أى تعديل من قبل الباحثة – بأنه “حرم على المسلمين أن يمكنوا أي كافر من دخول المسجد الحرام وما حوله من الحرم كله؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا)… الآية (٢٨) من سورة التوبة، أما غيره من المساجد فقال بعض الفقهاء: يجوز، لعدم وجود ما يدل على منعه، وقال بعضهم: لا يجوز قياساً على المسجد الحرام، والصواب: جوازه لمصلحة شرعية، ولحاجة تدعو إلى ذلك كسماع ما قد يدعوه للدخول في الإسلام، أو حاجته إلى الشرب من ماء فى المسجد”.
وبعد هذا الإستعراض، تساءلت الباحثة: هل إختيار التوقيت الآن لبدء هذه الحملة اليهودية فى الصين لصلاة المسلمين معهم فى مطار بكين الدولى هو إختيار ينم عن مغزى وتحليل سياسى أم مجرد مسألة فقهية وشرعية ودينية بحتة؟ وهل ستقبل السلطات الصينية صراحةً أن يصلى الجميع بجوار الجميع مع إحتمالية أن يسبب ذلك أى مشاكل أو صدامات ما؟ وأخيراً، هل سينجح اليهود فى الصين فى حملتهم ولفت الأنظار إليهم أم أن حملتهم ستظل مقصورة داخل جدران الصين فقط؟
وتختتم د.نادية حلمى بالقول: “هل بكتابتى لهذا التقرير أكون قد أثرت نقطة خلافية جديدة بين المسلمين وغيرهم، أم أطلقت صيحة تحذيرية بشأن كيف يفكر العالم من حولنا ونحن غافلون؟”.