كتبت.. هاجر سمير
قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد إنه عندما نفتح الباب أمام إدماج ومشاركة المرأة في عمليات السلام والأمن، فإننا نتخذ خطوة عملاقة إلى الأمام في منع الصراع وبناء السلام.
جاء حديث السيدة أمينة محمد خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي عقدها يوم الخميس في إطار بند جدول الأعمال “المرأة والسلام والأمن”.
وقد تزامن انعقاد جلسة مجلس الأمن مع مرور الذكرى الـ 22 لاعتماد القرار رقم 1325، والمعني بالمرأة، والسلام والأمن، وجاءت تحت عنوان “تعزيز قدرة المرأة على الصمود وقيادتها كوسيلة لتحقيق السلام في المناطق المتضررة من الجماعات المسلحة”.
ويمثل الاجتماع فرصة لجميع الدول الأعضاء لتبادل أمثلة محددة حول كيفية دعمها لقدرة المرأة على الصمود في البلدان المتضررة من النزاعات وقدرتها على المساهمة في السلام والأمن.
وعلى الرغم من عقود من الأدلة على أن المساواة بين الجنسين توفر طريقا للسلام المستدام ومنع الصراع، حذرت السيدة أمينة محمد من أننا “نتحرك في الاتجاه المعاكس”.
وشددت على أننا بحاجة إلى تحقيق تكافؤ كامل بين الجنسين – بما في ذلك من خلال نظام الحصص الخاصة (الكوتا النسائية) للإسراع بإدماج المرأة – عبر مراقبة الانتخابات، وإصلاح قطاع الأمن، ونزع السلاح، والتسريح، وأنظمة العدالة.
تحديات اليوم ترتبط بالاستهانة بحقوق المرأة
وأكدت نائبة الأمين العام على ضرورة أن نتبع استراتيجيات مجربة من أجل تحقيق السلام والاستقرار، في هذا الوقت المحفوف بالمخاطر والصراعات والأزمات، مشيرة إلى أن حماية حقوق المرأة وتعزيز إدماجها هي استراتيجية من هذا القبيل.
ودعت إلى إعادة الالتزام بوضع مشاركة المرأة في صميم كل ما نقوم به – في كل مكان.
وقالت إن التحديات التي نواجهها اليوم – من انتشار الصراعات إلى الاعتداءات المتفاقمة على حقوق الإنسان – ترتبط من نواحٍ عديدة بالاستهانة بحقوق المرأة وكراهية النساء المتأصلة في جميع أنحاء العالم.
وحثت على ضرورة أن نتصدى لكراهية النساء هذه لأنها تتجلى في الإساءة والتمييز التي تواجهها النساء في الشارع وفي المنزل وفي العمل وكذلك عبر الإنترنت.
كما شددت السيدة أمينة محمد على أهمية أن نقف بحزم ضد الجماعات المسلحة التي تستخدم العنف كسلاح في الحرب – وكراهية النساء كجزء من تكتيكاتها الدعائية والتجنيدية وجمع الأموال.
“غالبا ما تكون النساء والفتيات الهدف الأساسي للعنف وسوء المعاملة في حالات النزاع. يجب أن يكنّ في طليعة استجابتنا”.
وأشارت نائبة الأمين العام إلى الدراسات المتعددة التي تبين أنه عندما نعزز قدرة المرأة وقيادتها، يستفيد الجميع – بما في ذلك الرجال والفتيان.
“من المرجح أكثر أن تتبنى النساء أساليب شاملة للحكم والتعايش؛ وهن أكثر احتمالا لبناء السلام وإسكات البنادق؛ وهن الأكثر احتمالا للاستثمار في التنمية المستدامة – وهن حجر الزاوية بالنسبة للمجتمعات والمجتمعات المسالمة والمزدهرة”.
إحصائيات محبطة بشأن مشاركة المرأة في جهود السلام
بين عامي 1995 و2019، أفادت نائبة الأمين العام بارتفاع نسبة اتفاقيات السلام التي تتضمن أحكاما تتعلق بالمساواة بين الجنسين من 14 إلى 22 في المائة.
ولا تزال أربع اتفاقيات سلام من أصل خمس تتجاهل المساواة بين الجنسين. ولا يزال يوجد بون في مستويات صنع القرار.
في نفس الفترة الزمنية تقريبا، شكلت النساء في المتوسط 13 في المائة فقط من المفاوضين و6 في المائة من الوسطاء و6 في المائة من الموقعين في عمليات السلام الرئيسية.
ولم تتضمن سبع من كل عشر عمليات سلام أي وسيطات أو موقعات من النساء، وفقا للسيدة أمينة محمد:
“لا تزال مشاركة المرأة في عمليات السلام، وتأثيرها على القرارات التي تؤثر على حياتها، متخلفة كثيرا، مما يخلق حاجزا حقيقيا أمام السلام الشامل والدائم والمستدام”.
خطوات عملية
وقالت السيدة أمينة محمد إن النساء المشاركات في عمليات بناء السلام يتوسطن في النزاعات ونزع فتيل التوترات وإنقاذ الأرواح في الأماكن التي يصعب الوصول إليها، ومع ذلك لا يزال عملهن في الخطوط الأمامية يعاني باستمرار من نقص التمويل.
وفي سبيل تغيير ذلك، دعت نائبة الأمين العام إلى:
إزالة الأعراف الأبوية التي تستبعد النساء من السلطة،
نشر المزيد من الوسيطات والمفاوضات،
الانخراط على نحو نظامي ورسمي أكثر مع النساء الوسيطات من أجل تحسين نهجنا باستمرار،
تأمين تمويل أكبر وأكثر قابلية للتنبؤ به.
المدافعات عن حقوق الإنسان يتعرضن لحوادث مروعة
من جانبها، قالت الدكتورة سيما بحوث المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إننا نشهد إهدارا للمكاسب التي تحققت على مر أجيال في مجال حقوق المرأة، مشيرة إلى أن زيادة التهديدات التي تواجه الأمن، والنزاعات العنيفة والنزوح وتداعيات الجائحة وزيادة المخاطر المناخية تؤثر كلها على المرأة أكثر من غيرها.
وحذرت من أن تقويض حقوق المرأة والانتكاسات التي نشهدها تفاقم هذه التحديات وتحول دون تطبيق النجاحات.
وقالت إن تقرير الأمين العام يسلط الضوء على التقهقر التي شهدناه في خطة المرأة والسلام والأمن.
وركزت المسؤولة الأممية على مجالات ثلاثة:
أولا، لابد من دعم المدافعات عن حقوق الإنسان بصفتهن قوة دافعة للسلام.
ثانيا، تقديم الدعم المادي والسياسي للمدافعات عن حقوق الإنسان ومنظماتهن.
ثالثا، فيما يتعلق باللجوء أو النقل المؤقت أو وضع الحماية المؤقت بسبب الاضطهاد القائم على النوع الاجتماعي، ينبغي تحديث التشريعات والتدابير اللازمة.
وأشارت الدكتورة بحوث إلى الحوادث المروعة التي تواجهها الناشطات في مجال حقوق الإنسان في مناطق مثل تيغراي وأوكرانيا وأفغانستان والسودان والنساء من الشعوب الأصلية في كولومبيا.
“أفاد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مؤخرا بأن 60 في المائة من حوالي 350 حالة فردية من حالات الترهيب أو الانتقام بسبب التعاون مع الأمم المتحدة في العام الماضي كانت تتعلق بالنساء. تُظهر لنا استطلاعات هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن ما يقرب من ثلث ممثلات المجتمع المدني اللواتي قدمن إحاطات لهذا المجلس قد تعرضن أيضا لأعمال انتقامية”.
وأشارت بحوث إلى أننا بعيدون كل البعد عما كان ينبغي تحقيقه في المجالات الثلاثة.
تدخلات الأمم المتحدة تنقذ الحياة
أكدت المسؤولة الأممية أن الأمم المتحدة كثفت من إدانتها العلنية لهذه الأعمال الانتقامية، وأجرت زيارات للمدافعات عن حقوق الإنسان المعرضات للخطر، وسهلت إنشاء شبكات للمدافعات عن حقوق الإنسان، ودعمت تطوير السياسات والقوانين التي ترفع مستوى الحماية.
وقالت إن هذه التدخلات تنقذ الأرواح وتساعد على خلق مساحة لترجمة شجاعة المدافعات عن حقوق الإنسان إلى تغيير.
ولكن لا يزال هناك الكثير مما يمكننا القيام به، مبينة أن تقرير الأمين العام يشير إلى ما يتعين علينا القيام به.
وشددت على ضرورة أن نأخذ التوصيات الواردة في تقرير الأمين العام على محمل الجد، داعية إلى متابعة التدابير اللازمة لحماية وتمكين المدافعات عن حقوق الإنسان “لأنهن موجودات في الخطوط الأمامية، ولا تستحق شجاعتهن وقيادتهن سوى دعمنا الكامل”.
ودعت الدكتورة سيما بحوث الدول الأعضاء إلى المطالبة بتمثيل المرأة بشكل صحيح في عمليات السلام. وحثت على اتخاذ القرار الذكي بالتمويل وتحديد أولويات الموارد للمرأة والسلام والأمن.
النساء يمثلن هدفا رئيسيا لطالبان
تحدثت أيضا زهرة نادر رئيسة تحرير زان تايمز، وهي غرفة أخبار نسائية تغطي انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان، وتركز على النساء وأفراد مجتمع الميم وقضايا البيئة.
واستهلت إحاطتها بالإشارة إلى التفجير الانتحاري الذي وقع قبل أسابيع قليلة في مركز كاج التعليمي وأسفر عن مقتل 55 شخصا بينهم 51 فتاة وامرأة من الهزارة، وجرح 124 آخرين على الأقل.
وبصفتها من طائفة الهزارة، قالت إن هذا الهجوم سبّب لها ألما مضاعفا “لأنه استهدف مجتمعي المحلي وتعليم الفتيات في الوقت نفسه”.
وقالت إن هذا الهجوم هو مثال صارخ على انتهاك حقوق النساء والفتيات والجماعات العرقية كالهزارة والفئات المهمشة الأخرى في ظل سيطرة طالبان.
وأشارت التحذيرات الصادرة عن خبراء من أن أفغانستان تنزلق نحو الاستبداد والتمييز العنصري ضد النساء:
“اليوم، أصبح قرابة 20 مليون امرأة وفتاة أفغانية كن يذهبن إلى المدارس والعمل ويستطعن ارتياد الأماكن التي يشأن والتعبير عن أفكارهن بحرية، محرومات من حقوقهن الإنسانية الأساسية بسبب النوع الاجتماعي. وأجبرت النساء على البقاء في منازلهن. ومنعت الفتيات من الذهاب إلى المدارس بعد الصف السادس. ومنعت النساء والفتيات من السفر بمفردهن، بل حتى ركوب سيارات أجرة دون محرم (مرافق ذكر)”.
“النساء المحتجّات بمثابة أعداء”
وقالت إن النساء يمثلن الهدف الرئيسي لطالبان، “فقد شهدنا العام الماضي عمليات قمع عنيفة استهدفت المشاركات في الاحتجاج على السياسات المعادية للنساء”.
وأضافت أن طالبان تعتبر النساء المحتجّات، بل وجميع الأفغانيات اللواتي يعبرن عن آرائهن، “بمثابة أعداء لأنهن يفضحن عمق وحجم انتهاكات طالبان بحق الشعب الأفغاني. ولقد أصبحن عائقا رئيسيا أمام تحقيق هدف طالبان الأكبر وهو الحصول على اعتراف المجتمع الدولي”.
فجوة كبيرة بين الأقوال والأفعال
ومنذ استيلاء طالبان على السلطة في آب/أغسطس 2021، اجتمع مجلس الأمن 11 مرة لمناقشة أوضاع أفغانستان، وأصدر بيانين عامين، وأصدر ثلاثة قرارات للتأكيد على أهمية حقوق النساء، وفقا للسيدة زهرة نادر.
لكن هذه الجهود فشلت حتى الآن في الضغط على حركة طالبان لتغيير سلوكها، وفقا للناشطة الأفغانية التي أشارت إلى ما وصفتها “بالفجوة الكبيرة بين أقوال الأمم المتحدة وأفعالها عندما يتعلق الأمر بالنساء والسلام والأمن. وطالبان لا تحترم الأقوال”.
وقدمت السيدة زهرة نادر أربع توصيات لمجلس الأمن:
مطالبة طالبان باحترام حقوق الإنسان لجميع الأفغان بمن فيهم النساء والفتيات وأفراد مجتمع الميم والفئات المهمشة الأخرى.
عدم منح طالبان اعترافا رسميا وضمان تحميلها عواقب الانتهاكات التي ترتكبها ضد حقوق الإنسان.
مطالبة جميع كبار قادة الأمم المتحدة بمن فيهم الأمين العام والممثلة الخاصة للأمين العام عدم تفويت أي فرصة للضغط على طالبان من أجل احترام حقوق النساء والفتيات والفئات المهمشة الأخرى.
العمل المجدي مع المجتمع المدني النسائي في أفغانستان ودعمه بقوة ليس مجرد عمل تضامني مع جميع المدافعات الشجاعات عن حقوق الإنسان اللواتي يناضلن دون كلل من أجل حقوق مجتمعاتهن.
دعم إنشاء آلية إضافية للأمم المتحدة لضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
الأزمة الثلاثية تفاقم الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمرأة الأفريقية
بدورها، قالت بينيتا ديوب، المبعوثة الخاصة للاتحاد الأفريقي المعنية بالمرأة في السلم والأمن، إن مكتبها يعمل بلا كلل من أجل إعلاء صوت المرأة في منع نشوب النزاعات وفضها وفي إعادة الإعمار في فترة ما بعد النزاعات فضلا عن ضمان حماية النساء في سياق النزاعات العنيفة.
وسلطت الضوء على تقرير رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، السيد موسى فكي محمد، مشيرة إلى أنه بعد 22 عاما من اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325، لا تزال المرأة تواجه التمييز وسوء التمثيل والتحديات المتصلة بسوء الحماية والأزمة الثلاثية المتمثلة في جائحة كورونا والتغير المناخي والنزاعات.
وقالت إن هذه الأزمات فاقمت الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمرأة، مؤكدة أنه بات من الملح تعزيز قدرة المرأة على الصمود وقيادتها.
وتطرقت السيدة بينيتا ديوب إلى الوضع في بحيرة تشاد، مشيرة إلى أن وجود حركة بوكو حرام وتآكل البحيرة فضلا عن عوامل أخرى أضرت جميعها بالمرأة من خلال تآكل مصادر العيش وكذلك الاختطاف والتجنيد القسري، “والكثير من النساء خبرن العنف الجنسي ولذلك فهن يهربن وبالتالي يصبحن لاجئات ونازحات داخليا”.
وعلى الرغم من أن مشاركة المرأة في عمليات السلام ترمي إلى ضمان نجاح هذه العمليات واستدامتها إلا أن النساء يبقين خارج هذه العمليات.
وفي هذا الإطار، رحبت المبعوثة الخاصة بتعيين الدكتورة فومزيلي ملامبو-نكوكا، المديرة التنفيذية السابقة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة عضوة في لجنة الاتحاد الأفريقي للحكماء وعضوة في فريق الوسطاء بشأن المفاوضات السلام في إثيوبيا، داعية إلى مشاركة المزيد من النساء في مثل هذه الحوارات.
وقالت إن خطة المرأة للسلم والأمن تظل أولوية بالنسبة للاتحاد الأفريقي، مسلطة الضوء على بعض المبادرات مثل شبكة النساء الأفريقيات لمنع نشوب النزاعات والوساطة والتي واصلت تدريب ونشر النساء في عمليات الوساطة والعمليات الانتخابية.