الرياض – زبيدة حمادنة
كشف تقرير جديد صادر عن بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) بالتعاون مع شركة ميتا، أن المملكة العربية السعودية تتمتع بأرضية خصبة للاستفادة من عشر حالات استخدام في عصر “الميتافرس” مثل تقنية التوائم الرقمية، والأنشطة السياحية المعززة، والفعاليات الحية المدعومة بالواقع المعزز، والألعاب وغيرها. وأشار التقرير إلى أن السوق المتقدمة في المملكة يمكن أن تلعب دوراً رئيساً في توسيع نطاق الاستفادة من الإمكانات التي يوفرها عالم “الميتافرس”. كما يوضح التقرير الاعتبارات الرئيسية وأفضل الممارسات التي يمكن أن تساعد في تعزيز التبني المسؤول لاتجاهات وتقنيات عصر “الميتافرس”.
تمتلك المملكة البنية التحتية الأساسية اللازمة لعالم “الميتافيرس”، فهى ثاني أكبر قطاع ألعاب على مستوى المنطقة. وقد التزمت المملكة – من خلال رؤية 2030 – بأن تصبح وجهة ترفيهية رائدة على مستوى المنطقة. ونجحت في ضخ استثمارات كبيرة لتحويل هذا الهدف إلى واقع ملموس. وتتمتع المملكة اليوم بفرص وإمكانات واعدة للاستفادة من حالات الاستخدام الداعمة لعالم “الميتافرس”، خاصةً وأن 98٪ من الأفراد في المملكة يستخدمون الإنترنت، كما أن شبكة الجيل الرابع للهاتف المحمول – على الأقل – تغطي 98٪ من سكان المملكة، إضافة إلى أن متوسط الاشتراكات النشطة في النطاق العريض المتنقل يبلغ 1.2 لكل فرد.
وقالت الدكتورة ليلى حطيط، مدير مفوّض وشريك أول في شركة بوسطن كونسلتينج جروب: “تُظهر المملكة مستوى عالياً من الجاهزية والاستعداد لتبني تقنيات وحالات استخدام “الميتافرس” عبر عوامل التمكين الرئيسية، وذلك رغم استمرار وجود بعض الفجوات على مستوى جاهزية الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمواهب والكفاءات المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعملات المشفرة. وفي الحقيقة تشكل التكنولوجيا أمراً بالغ الأهمية في عصر “الميتافرس”، لكنها ليست سوى جزء من المنظومة الواسعة والمطلوبة لإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لعالم الميتافيرس، وتندرج ضمن مجموعة من الركائز الأساسية: وهي بنية تحتية موثوقة يسهُل الوصول إليها، وتكنولوجيا أرخص وأفضل، ووجود قاعدة مستخدمين تتبنى الابتكارات الجديدة، وإنشاء المحتوى، ووجود اقتصاد يدعم استخدام المنتجات، إضافة إلى الركيزة الأهم والمتمثلة في وجود لوائح تنظيمية قوية”.
واستناداً إلى حجم السوق وإمكانات النمو والتركيز الحكومي، يستكشف التقرير الذي يحمل عنوان “خلق واقع جديد: الميتافيرس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا”، حالات الاستخدام العشر الأكثر صلة بسوق المملكة. وتشمل حالات الاستخدام هذه التعاون الافتراضي، والمهارات الرقمية / التدريب؛ والتعليم المعزز، والرعاية الصحية عن بُعد؛ وتقنية التوائم الرقمية، والأنشطة السياحية المعززة والفعاليات المدعومة بالواقع المعزز؛ والألعاب، والتسوق المدعوم بتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، إضافة إلى الأصول الافتراضية.
وقالت جوال عواد، رئيسة برامج السياسة العامة في الشرق الاوسط و شمال افريقيا و تركيا في ميتا: “نتعاون مع شركات أخرى لبناء عالم “الميتافرس” ليكون عالماً يستفيد منه مليارات الناس. نحن نستثمر في إنشاء منظومة متكاملة لعالم “الميتافرس” ودعم البرامج والأبحاث التي تركز على جعل هذا العالم وما يوفره من إمكانات في متناول أكبر عدد ممكن من الناس. لهذا نتعاون ونعزز شراكاتنا مع العديد من الشركات والمؤسسات بالقطاع والقطاع العام والأوساط الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني، وشركات رائدة مثل بوسطن كونسلتينج جروب. ويتيح لنا هذا النهج التعاوني العمل معاً لصياغة المبادئ والتوقعات التي يمكنها المساعدة في توجيه هذه التقنيات الجديدة خلال مرحلة بنائها وتطويرها وتحديد المجالات التي يمكننا من خلالها المساعدة في تعزيز تقدم هذه المنظومة. ونسعى معاً لضمان الحماس لهذه الإمكانات الجديدة وتشجيعها مع تركيز كبير على تطويرها بشكل تعاوني ومسؤول”.
وتتخطى تطبيقات المنصات المبتكرة لعالم “الميتافرس” بالفعل تجارب الألعاب، وتتوسع على نحو سريع لتشمل قطاعات أخرى عالية التأثير مثل التدريب على الرعاية الصحية والتعليم والسياحة. وعلى المدى الطويل، يجب أن تتوفر عدة أنواع من عوامل التمكين لكي تساهم مجتمعة في تطوير منظومة “الميتافرس” وضمان عملها بشكل أفضل وأوسع، وخلق المزيد من الزخم.
إمكانات عالم “الميتافرس”
يتوقع قادة الأعمال والمتخصصون التقنيون والمستثمرون إمكانات اقتصادية هائلة في عالم “الميتافرس”. وكما هو الحال مع العديد من جوانب “الميتافرس”، تختلف الأرقام الدقيقة بشكل كبير اعتماداً على المصدر. وتقدر بوسطن كونسلتينج جروب أن يصل إجمالي قيمة الفرص التي يوفرها سوق “الميتافرس” حول العالم إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2025. وسوف تتركز معظم هذه الفرص في اقتصاد الأصول الافتراضية، ومن المتوقع أن ترتفع قيمتها من 90 مليار دولار في عام 2021 إلى ما بين 150 و300 مليار دولار في عام 2025، فيما تشكل تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع الهجين أو المختلط (47 مليار دولار)، والخدمات السحابية (28 مليار دولار)، والشبكة (19 مليار دولار) والمنتجات والخدمات ذات الصلة ما يتبقى من سوق عالم “الميتافرس”. وإلى جانب نمو الإيرادات، من المتوقع أن يوفر عالم “الميتافرس” مجموعة من الفوائد لجميع أنواع المستخدمين إضافة إلى شركات التكنولوجيا التي تدعم جانب العمليات.
وتُعد المملكة من الأسواق الاستثمارية الناشئة الرئيسية. وسجلت خلال عام 2021 أكبر عدد من استثمارات رؤوس الأموال الاستثمارية (5 من 10 صفقات) في الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقارنة مع أي دولة في المنطقة. كما استثمرت المملكة مليار دولار أمريكي في منصة ميتافيرس الإدراكية ضمن مشروع “نيوم”، إضافة إلى استثمارات حكومية كبيرة إضافية في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك الاتصال عالي السرعة والخدمات السحابية.
وبهدف تطوير حالات الاستخدام الأولية، يحتاج القادة إلى معرفة أن حالات الاستخدام هذه تندرج عموماً ضمن ثلاث فئات رئيسية وهي تجارب العملاء، وتجارب الموظفين، والدعم القطاعي/ العملياتي. وستستفيد شركات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات بشكل مباشر من خلال توفير عوامل التمكين التكنولوجية، مثل شبكات الجيل الخامس وشبكات الاتصال اللاسلكي الحديثة Wi-Fi أو شبكات النطاق العريض وأنظمة التشغيل الجديدة ومتاجر التطبيقات والمنصات لتعزيز إمكانيات إنشاء المزيد من المحتوى.
السياحة المعززة
وفقاً للتقرير، يأتي عالم “الميتافرس” عند تقاطع ثلاث تقنيات ناشئة، الأولى هي M-Worlds، والتي تشير في تحليل بوسطن كونسلتينج جروب إلى الأنظمة أو المنصات الغامرة المستخدمة لأغراض تشمل الألعاب والتفاعل الاجتماعي والعمل. أما الثانية فهي تقنية الواقع الممتد (XR)، والتي تشمل تقنيات الواقع المعزز (AR)، والواقع الافتراضي (VR)، والواقع المختلط (MR)؛ والتوسع في استخدام أصول شبكة “الويب”3 والتي يتم تمكينها بواسطة تقنية بلوك تشين.
ومن فوائدها العديدة، يمكن للسياحة المدعومة بالواقع المعزز والتي يتم تمكينها في عالم “الميتافرس” تعزيز وتعميق تجارب السياحة الشخصية، بما في ذلك من خلال المحاكاة الواقعية، أو المعلومات الإضافية، أو تمكين المسافرين من مشاركة تجاربهم مع الآخرين عبر المسافات. وتعمل هذه التقنيات أيضاً على زيادة الوصول من خلال التكلفة المنخفضة والمزيد من الراحة للأشخاص ذوي الهمم.
وتقدم مدينة العلا التاريخية في المملكة بالفعل تجارب سياحية مدعومة بتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، بما في ذلك رحلة افتراضية مدتها 15 دقيقة يتم الوصول إليها باستخدام “كبسولات” متخصصة مدعومة بتقنية الواقع الافتراضي وجولات ثلاثية الأبعاد على الموقع الإلكتروني يمكن الوصول إليها عبر سطح المكتب إضافة إلى تجارب سياحية بتقنية الواقع المعزز.
مخاطر العالم الحقيقي في العالم الافتراضي
يفرض عالم “الميتافرس” مجموعة من الاعتبارات التي يجب معالجتها بشكل استباقي وتعاوني من خلال اللوائح التنظيمية والسياسات المسؤولة.
ويجب دراسة هذه الاعتبارات المحددة بشكل تعاوني من جانب المشرعين والأكاديميين والمطورين والشركات التي تجهز عملياتها وأنظمتها لعالم “الميتافرس” للتأكد من تلبية متطلبات خصوصية البيانات الشخصية وسياسات مكافحة إساءة الاستخدام؛ ومتطلبات الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية بما في ذلك سرقة الهوية الافتراضية، والتزييف العميق، وانتهاكات / وهجمات البيانات، والمضايقات الإلكترونية والتنمر في الواقعين المعزز والافتراضي إضافة إلى التحلي بالوضوح حول حقوق الملكية والمتطلبات والاختصاصات القضائية المختلفة، على سبيل المثال، التمثيلات الرقمية وغيرها.
وقال تيبور ميري، مدير مفوّض وشريك في بوسطن كونسلتينج جروب فيينا: “ما زلنا في المراحل الأولى، لكن علمتنا التجربة أنه يجب توقع التطورات التكنولوجية الرئيسية بعناية واعتمادها بمسؤولية لتكون أدوات مفيدة بالنسبة لنا، وليست ضارة. ومع ظهور المزيد من تطبيقات ومحتوى “الميتافرس” الجديد والجريء، حان الوقت الآن للمملكة العربية السعودية لتقييم الفرص والاعتبارات والقدرات المطلوبة والآثار والسياسات اللازمة لتحديد المسار الصحيح الذي ستنتهجه بشكل استباقي”.
وأضافت الدكتورة ليلى حطيط: “تحتل المملكة المرتبة 47 في مؤشر الثقة بالتكنولوجيا الرقمية، وهو معدل متوسط بالنسبة للمنطقة. ولكن مع البيانات التي تشير إلى أن 36٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تمتلك وجوداً في الفضاء الرقمي، من الواضح أن بعض الفجوات لا تزال قائمة، لا سيما بالنسبة لمستخدمي تقنيات “الميتافرس” من الشركات”.
تتعاون شركة بوسطن كونسلتينج جروب مع مجموعة واسعة من الشركاء في مختلف قطاعات الأعمال والمجالات الاجتماعية والاقتصادية لمساعدتهم في تحديد التحديات وإيجاد حلول لها واغتنام أفضل الفرص المتاحة لهم، وتعتبر شركة بوسطن كونسلتينج جروب رائدة على مستوى العالم منذ تأسيسها في عام 1963م، وتعمل الشركة اليوم بصورة وثيقة مع عملائها لتبني نهج تحوّلي يهدف إلى إفادة جميع الأطراف المعنية؛ وذلك من خلال تمكين المؤسسات من تحقيق النمو وتبني مزايا تنافسية مستدامة وإحداث أثر اجتماعي إيجابي وملموس.
وتتميز فرقها العالمية المتخصصة والمتنوعة بخبرات عريقة ورؤى ثاقبة على مستوى مختلف القطاعات والمجالات لإحداث التحول اللازم، وتقدم حلولاً متقدمة في مجالات الاستشارات الإدارية الرائدة والتكنولوجيا والتصميم إلى جانب المشاريع المؤسسية والرقمية. وتتميز الشركة بنموذج عملها التعاوني الذي يغطي جميع المستويات والمتطلبات التي يحتاجها العملاء، ويتم تعزيز هذا النموذج بالسعي المستمر لدعم العملاء على الازدهار والنمو وتمكينهم من جعل العالم مكاناً أفضل للعيش ومزاولة الأعمال.