مريم الشكيلية / سلطنة عُمان
ليس حقل مكتضاً بالأعشاب، والحشائش اليابسة عندما يهطل السيل، ويغرق الجذور الممتدة إلى حدود عواطفنا.
هل تتخيل ذاك الشعور الذي يعتريني كلما انسكب البرد على سواحل خدي، ويتمدد الحنين فارداً ذراعيه نحوي؟
وكلما بزغ خيط من خيوط الشمس هارباً من ركام الغيوم الرمادية المتراكمة في أفق السماء يصطف شريط الذكريات المنسية على رف مخيلتي مقلباً صفحاته الصفراء كاصفرار خريف ورق.
إنني لازلت أبحث عن نص بنكهة فصل خامس يعيدني إلى بدايات الندى الصباحي لا إلى تلك السطور المتأرجحة التي تذكرني بفواصل الشعور.
وإنني امرأة تحيك معاطف شتوية محكمة الأزرار بجر حرف ممطر على زجاج نافذتك، وتوقد في الأبجدية حديث دفء طويل، وتطعم النار طيش رسائلها الكتابية الصماء.
أتعلم أنني على مشارف السكون، والاكتفاء من انتظار ضجيج حرفك الذي يجوب معالم الوجوه، ويتسلق الورق باحثاً عن ظلي … بعد ذاك الالتحام الصادم في مفردات كتاباتنا، وغريب أن يتلبسني هذا الشعور وأنا أتعثر بحديثك في تمام السادسة صباحاً.
إن المعطف الذي أرتديه وأنا منعزلة في كتابة رسائلي يتسرب الدفء إلى فوهة القلم، ويصهر كتل الجليد الحبرية، ويحولها إلى بحيرات على سطح الورق.