كتبت : هبة عبدالفتاح
- 11 مارس يوما للعلم.. تجسيدا لقيمته الوطنية الممتدة عبر تاريخ الدولة السعودية
- التوحيد والسلام والعدل والقوة والرخاء.. أبرز دلالات راية العز والشموخ
انطلاقاً من قيمة العلم الوطني الممتدة عبر تاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها في عام 1139هـ الموافق 1727م، وإيماناً بما يشكله من أهمية بالغة بوصفه مظهراً من مظاهر قوة الدولة وسيادتها، ورمزاً للتلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله- مرسوما ملكيا يقضي بأن يكون يوم 11 مارس من كل عام يوماً خاصاً بالعلم، باسم (يوم العلم)، وهو اليوم الذي أقرفيه الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ في العام 1973 العلم بشكله الحالي يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء.
وكان مجلس الشورى السعودي قد وافق بالأغلبية في يناير من العام الماضي على مشروع تعديل نظام العلم الصادر بالمرسوم الملكي بتاريخ 10/2/1393هـ، لمواكبة التطور الذي تشهده السعودية، ولحماية شعار الدولة عبر تحديد العقوبات وسدّ الفراغ التشريعي المتعلّق بعدم وجود نظام للنشيد الوطني الرسمي.
مراحل تطور تصميم العلم السعودي
علم إمارة الدرعية
بدأت قصة العلم السعودي عام 1750، عندما كان يُطلق على المملكة العربية السعودية وقتها إمارة الدرعيّة، وكان العلم مستطيل الشكل وذا قاعدة خضراء داكنة يتوسّطه شكل هلال مرسوم باللون الأبيض، وظل العلم على هذا الشكل بين الأعوام من 1750 إلى 1818م.
علم إمارة نجد
تطوَّر شكل العلم بعد ذلك عندما بدأت رحلة الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- إلى نجد عام 1902م، استطاع حينها السيطرة عليها وضمَّها للبلاد، ووضع بعض التعديلات على شكل العلم، فأزال رسم الهلال مستبدلًا إياه بكلمة لا إله إلا الله، وبقي العلم على هذه الحال لنهاية عام 1921م.
علم مملكة نجد
ضمَّ الملك عبد العزيز في الفترة بين 1921 و1926م مزيدًا من المقاطعات لإمارة نجد، وصار يُطلق عليها اسم مملكة نجد، وقتها تغيَّر العلم بعد أن كتبت كلمة (لا إله إلا الله) بخط أكبر على المساحة الخضراء، وأصبح الجزء الأبيض الطولي موجودًا إلى يمين العلم، كما أضيفت علامة السيف باللون الأبيض أسفل كلمة التوحيد.
علم مملكة نجد والحجاز (1926- 1932م)
مع توسيع أطراف المملكة لتشمل منطقةَ الحجاز كاملة، شهد شكل العلم تغييرًا جديدًا، فأزيلت علامة السيف، وأُحيطت الراية الخضراء باللون الأبيض، تتوسّطها كلمة التوحيد باللون الأبيض.
تغيراتٌ جديدةٌ طرأت على العلم بعد توحيد البلاد في الفترة بين الأعوام 1932- 1973م، إذ صارت أرضية العلم خضراء بالكامل، وكُتبت عليها علامة التوحيد بخطٍّ أبيض كبير، ووضعت تحتها علامة السيف، والذي اتصلت نهايته ببداية كلمة التوحيد.
شكل العلم الحالي ودلالات رموزه
وفي عهد الملك فيصل عام 1973م حصلت أيضًا بعض التغييرات الطفيفة على شكل العلم، وهو لا يزال الرسم المعتمد للمملكة إلى وقتنا الحاليّ، حيث أصبح المقبض أسفل بداية كلمة التوحيد وينتهي بنهايتها نحو السارية كناية عن انتهاء القتال وأصبح رمزا للقوة والمنعة.
أما عن دلالات الرموز، فإن شهادة التوحيد التي تتوسطه نرمز إلى رسالة السلام والإسلام التي قامت عليها هذه الدولة المباركة، فيما يرمز بالسيف إلى القوة والأنفة وعلو الحكمة والمكانة.
وأشارت دارة الملك عبدالعزيز إلى أن أسماء العلم هي «الراية، والبيرق، واللواء»، مبينة أن دلالات العلم السعودي تتمثل في ما يلي: عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» تعبر عن وحدانية الله وعلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله وخاتم النبيين، و«السيف» يرمز للعدل والقوة.
راية لا تنكس
على مدى نحو ثلاثة قرون كان هذا العلم شاهداً على حملات توحيد البلاد التي خاضتها الدولة السعودية، واتخذ منه مواطنو ومواطنات المملكة راية للعز شامخة لا تُنكّس. والعلم السعودي يتميز بأنه الوحيد في العالم الذي لا يُنكَّس أو ينزل إلى نصف السارية في الحداد أو الكوارث والأحداث الكبيرة التي تعبر عن موقف الدولة والمراسم الدولية، وتحظر ملامسته للأرض والماء النجس والدخول به إلى أماكن غير طاهرة أو الجلوس عليه، لما يحمله من دلالة دينية بإضافة كلمة التوحيد الإسلامية إليه، والسيف العربي الذي يرمز إلى الوطنية.
وبهذه المناسبة، أكد معالي أمين عام دارة الملك عبدالعزيز المكلف الدكتور فهد بن عبدالله السماري، أن الأمر الملكي الكريم، يعد امتدادًا طبيعيًّا لمسار أئمة وملوك حرصوا منذ تأسيس الدولة السعودية حتى عهدنا الزاهر اليوم برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ـ حفظهما الله ـ، الذي أنبت في الكيان الثقافي والوطني بذرات عظيمة منها هذه المبادرة. كما يمثل الأمر الكريم تأكيدًا لثقافة سعودية أصيلة تنظر للعلم السعودي نظرة فخر وتكريم، لما يحمله من معانٍ إيمانية سامية، ولما يمثله من كيان عظيم هو المملكة العربية السعودية.
وأفاد أن الراية السعودية، التي تسمى أيضًا بـ (بيرق التوحيد)، تحتوى قيمًا ومعاني تميزها عن أي راية ترفع على هذه البسيطة، ما يدفع الإنسان السعودي إلى الفخر والزهو لانتمائه إلى وطن يرفع هذه الراية تحديدًا، ولعيشه الرغيد تحت ظلالها الوارف، وعلى رأس تلك القيم الاحترام والتعظيم الذي يحظى به العلم السعودي.
وأكد أن قيمة الانتماء ضمن القيم المهمة التي يضفيها (العلم) إلى النفوس الصحيحة في أفئدة الشعب السعودي الأبي، كما أن قيمة (الفداء) تعد قيمة مضافة يؤديها العلم السعودي، فالعلم هو رمز الدولة الذي يلزم كل من ينتمي إليها حمايته.
وعن قيمة (السلام)، أشار الدكتور السماري إلى أنها تأتي كقيمة ناتجة بشكل طبيعي من وجود دولة تمكنت من امتلاك سيادتها على كل شبر من أنحائها الشاسعة، وأن تنشر السلام والسلم على كل بقعة مكانية وخلال كل لحظة زمانية، لتتحول راياتها المرفوعة في أرجائها إلى رمز للسلام يشعر به كل من يراها، ويأنس بلونها الأخضر الذي يرمز إلى السلام وهدوء النفس واستقرارها.