يحفل شهر رمضان بتراث مميز من الأغاني الشعبية في مصر ، وتنقضي الأعوام وتتطور الأغنيات ويدخل عالم الغناء والطرب منشدين وأغنيات أخرى للشهر الكريم ، لكن تظل هذه الأغنيات التراثية، وغيرها من التواشيح لا ينازعها منازع في وجدان وذاكرة الشعوب، وكأن الصيام لا تكتمل روعته وصفاؤه إلا بها ، فمع استقبال شهر رمضان المُبارك والذي ارتبط في أذهاننا منذ الطفولة بصوت التراويح والابتهالات بالمساجد وتناول البلح والتمر والتجمعات التي تبدأ مع أول الشهر وتستمر حتى نهايته، بالإضافة إلى أغانيه والتي أبدع فيها المؤلفين وقام بتأديتها أعظم المطربين .
فشهر رمضان المبارك ينتظره المسلمون من عام إلى عام، حتى إذا ما جاء، إحتفلوا به فرحين صانعين له روحاً وأجواءاً خاصة، لا يمكن الإحساس بروحانياتها وتجلياتها في غيره من الشهور.
ووسط تلك الأجواء، لا يكتمل المشهد الرمضاني من دون أن تصدح الإذاعات والمحطات التلفزيونية بالأغاني المرحبة والمهللة بقدوم شهر الصيام، و التي رغم أن بعضها يعود إلى أكثر من ستين عاماً، فإنها تبقى بإيقاعاتها وترانيمها ونغماتها في الشوارع ، والبيوت تعبر عن بهجة وفرحة رمضان، حيث أنه قبل حلول شهر الخير ، تبدأ المحطات التلفزيونية ببث تلك الأغاني الرمضانية التراثية ، تهيئة وإستعداداً وإحتفالاً بقدومه المرتقب والمنتظر، فتطرب النفوس بسماع “رمضان جانا”، “وحوي يا وحوي”، “مرحب شهر الصوم”، “أهو جه يا ولاد”، وغيرها من الأغاني، التي صارت جميعها مرتبطة بهويتنا وثقافتنا وذاكرتنا الرمضانية، وجزءاً لا يتجزأ من روحه ونفحاته وطقوسه، ليفوق عدد هذه الأغاني عدد أيام الشهر الفضيل.
فأغاني رمضان تعتبر أشهر ما قُدم في التاريخ الغنائي خلال سنوات زمن الفن الجميل في مصر، إذ عرف المصريون الأغنية الرمضانية منذ عهد الدولة الفاطمية، وعندما حكم المماليك مصر، حيث كان الغناء فى المناسبات الدينية على رأس ما ورثوه من مظاهر وعادات، إلي أن تحول شهر رمضان فى عهد المماليك إلى شهر عبادة وطرب.
واللطيف في الأمر هو أننا جميعًا نعرف هذه الأغاني وقد حفظناها عن ظهر قلب، ورغم ذلك ما زالت تحقق لنا الشعور بالبهجة كلما سمعناها، والحقيقة أنه رغم قيام بعضهم بغناء أغنيات جديدة لرمضان ، إلاّ أن أغلبها لا تحظى بالإقبال مثل أغاني التراث القديمة.
ويحرص كثير من الفنانين الكبار على تقديم أغان خاصة بالشهر الكريم، تتناقلها الأجيال وتبقى حاضرة، رغم الأغاني الجديدة ومحاولات مزاحمة القديم بألوان وكلمات جديدة ، لكن “القديم يكسب” دائما وهذا ما يؤكده الانتشار الواسع للأغاني الكلاسيكية القديمة التي قدمها كبار الفنانين في العالم العربي بمناسبة شهر رمضان قبل عقود، مثل “وحوي يا وحوي” و”أهلا رمضان” و”مرحب شهر الصوم” و”رمضان جانا” و”والله بعودة يا رمضان” و”يا بركة رمضان”.. وغيرها من الأغنيات الخالدة .
ومن الأغانى المحببة للجميع “أهلا رمضان” للمطرب محمد عبد المطلب ،وحالو ياحالو وأغنية “سبحة رمضان لولى ومرجان” لفريق الثلاثى المرح وفاء وصفاء وثناء ، ومن أغانى هذا الفريق أيضًا “أهو جه ياولاد” و”وحوى يا وحوى” ، وكانت معظم الحفلات وخاصة ليالى رمضان تستهل فقراتها بالثلاثى المرح، حيث يضفين البهجة والسعادة على الحفل، وغنين بالفعل أمام الرئيس عبدالناصر.
وكذلك أغنية المطربة شريفة فاضل “تم البدر بدرى” التى تدمع العيون فى وداع شهر رمضان حين تسمعها ، فالمطربة شريفة فاضل لم تحصل على مقابل نظير غنائها ، لأنها كانت نادرا ما تقدم أغنيات للإذاعة، وكانت ترى أن وجود أغنية لها فى شهر رمضان على الخريطة الإذاعية أمر يسعدها.
واليوم ونحن نذكّرك بأغنيات رمضان، ورغم معرفتنا أنك في الأغلب تحفظهم عن ظهر قلب، ولكن هدفنا أن ندخل شيئاً من البهجة والسرور على قلبك وأنت تقرأ تاريخ كل أغنية ، لتخرج من الموضوع وقد تشبّعت بالطاقة الإيجابية .
ولكل أغنية من تلك الأغنيات التي تهفو معها القلوب قصة من نوع آخر لا تقل جمالا عن كلمات هذه الأغنيات وخلودها، في الماضي كانت ملامح رمضان كلها لها طعم مختلف ، وكذلك العلاقات الأسرية والدينية والاجتماعية، بما في ذلك درجات استمتاع الناس بالحياة والمناسبات ، وما يعبر عنها مثل أغنيات رمضان التي لم تكن مجرد أغنيات ، بل كانت سلسلة موصولة في نسيج الحياة اليومية للمواطن المصري والعربي ، لأنه يعيش تفاصيله ، و نستقبل شهر رمضان من كل عام بالعديد من الأغانى الشهيرة، على الرغم من مرور سنوات كثيرة عليها إلا أنها راسخة فى الوجدان ، ومن أبرز تلك الأغانى :
أغنية وحوى يا وحوى.
وحوي يا وحوي إياحا وكمان وحوي إياحا ، أنشودة رمضان الخالدة التي تتردد جيلا بعد جيل مع مطلع شهر رمضان الكريم ، ونحن نحمل الفوانيس ابتهاجا بفرحة رمضان ، ولكن ماذا تعني وحوي ، ومَن هي إياحا التي يتغنى بها المصريون.
فنحن اعتدنا مع قدوم رمضان أن نسمع واحدة من أقدم الأغانى ، وربما هي أولى أغانى رمضان ، وهى أغنية «وحوى يا وحوى» للمطرب أحمد عبدالقادر المولود في 1916، بالشرقية، والمتوفى عام 1984، وهو أيضا ملحن الأغنية التي يعود عمرها إلى ما يزيد على الثمانين عاما ،حيث قدمت لأول مرة عام 1937 ومؤلف كلمات الأغنية هو محمد حلمى المانسترلى الذي كان يعمل بوزارة المعارف، وله قصر بمنيل الروضة كان منتدى لأهل الفن، وكتب المانسترلى العديد من الأغانى والمونولوجات الشعبية، ولاحقا أعاد صياغة كلماتها الشاعر فتحى قورة ، ووضع أحمد صبرى لحنا جديدا لها ، وتغنت بها هيام يونس في فيلم قلبى على ولدى سنة 1953، ثم أعيدت صياغتها للمرة الثالثة على يد الشاعر الراحل نبيل خلف وبألحان وليد سعد في 2009 وتغنى بها محمد منير .
وحوي يا وحوي ، إياحا كتبها الشاعر حسين حلمى المانسترلى وتغنى بها المطرب أحمد عبد القادر، وكذلك تغنى بها الشعب المصرى ، وأصبحت تعبيرًا عن الفرحة الرمضانية، ورغم أن هذه الأغنية حديثة نسبيًا إلا أن أصل كلماتها يعود إلى مدينة طيبة فى القرن الثامن عشر قبل الميلاد،
كلمة “وحوي” تعني بالفرعونية “اهلا” أو مرحبا، أما كلمة “إياحه” فهي تعني “القمر” وأصلها “أياح”، وتعود إلى «اياح حتب» زوجة الملك «سقنن رع»، الذي حكم البلاد في أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد، إذ كانت الدولة الفرعونية الوسطى قد تفككت واحتلها الهكسوس، فما كان من “إياح حتب” إلا تحريض زوجها على رفع راية العصيان في وجه الغزاة، لكنه توفي قبل أن يتحقق ذلك، فعمدت لابنها الأكبر ليستكمل مشوار أبيه، لكنه مات أيضًا، ولم تهدأ عزيمة إياح حتب فدفعت بابنها الثاني “أحمس” الذي نجح فيما فشل فيه أبيه وأخيه، وانتصر وطرد الهكسوس وحقق الاستقلال.
كان الملك أحمس قاهر الهكسوس ، وأمه الملكة “إياح حُتُب” والتي قادت جيوش مصر مع أبنائها لقتال الهكسوس وذلك بعد وفاة زوجها “سقنن رع الثاني” وهو آخر ملوك الأسرة الـ17 ، حيث يعود ذلك إلى عام 1555 ق.م ، والذي تُوفى مُتأثرًا بجراحه نتيجة للملحمة الحربية التي قام بها لتحرير مصر منذ احتلال الهكسوس ، لتستكمل من بعده زوجته هذا القتال حيث ساعدت ابنها “كامُس” بعد أن تولى الحكم على قيادة الجيش، وبعد وفاته هو الآخر تولى أخيه “أحمس” الحكم ، ليخرج هو وأمه الملكة “إياح حُتُب” الجيش ويقودان حروب دامية ، ليعودا بعدها منتصران ، ويكُن في استقبالهما المصريون حاملين المشاعل والمصابيح وهم يهتفون لها “وحوي إياحا” ومعنى الجملة باللغة الهيروغليفية القديمة “مرحبا بالقمر” أو “أهلا بالقمر”، هذا وتُعد الملكة “إياح حُتُب”هي أول امرأة تقود الجيوش في العالم وتحصل على رتبة جنرال.
ومن الجدير بالذكر أن الملك أحمس استطاع الاستيلاء على عاصمة الهكسوس “أواريس” ، وهرب الهكسوس إلى جنوب فلسطين ، وتحصنوا في حصن “شاروهين” في غزة، ليحاصرهم الملك أحمس هناك لمدة ثلاث سنوات ، حتى تمكن من الاستيلاء على الحصن بعد أن قام بهزيمتهم وشتت شملهم ، ليختفوا بعد ذلك من التاريخ ، ويقوم بعدها بتأسيس الأسرة الـ18 ، ومن ثم إنشاء الدولة الحديثة.
وقد قدمت الملكة إياح حتب زوجها سقنن رع و أبنها الأكبر كامس هدية للوطن ، وحثتهم على النضال من أجل طرد الهكسوس الغزاة، ولكن لقي الاثنان مصرعهما ، ومع ذلك لم تضعف عزيمتها وإنما حثت ابنها أحمس على استكمال مسيرة أبيه وأخيه ، وخرجت معه تتفقد الجيش فى الحروب ، وتشد من عزيمة الشعب بتفريق الحلوى على الأطفال.
وكانت تلك الأعمال سببًا رئيسيًا فى انتصار أحمس ، و تحريره لأرض مصر، و تقديرًا للتضحيات وللدور البطولي لـ«إياحة» خرج المصريون حاملين المشاعل والمصابيح وهم يهتفون لها: وحوي إياحة أي مرحبًا يا قمر، أو أهلًا يا قمر ، وهكذا أصبحت وحوي إياحة، أو أهلًا يا قمر، تعويذة المصريين وشعارهم لاستقبال كل قمر يحبونه وعلى رأسه قمر رمضان.
ما جعل الشعب المصرى يرد لها الجميل ، فقد خرجوا فى استقبالها واستقبال الجيش المنتصر حاملين الشموع والمصابيح ، ومرددين وحوي يا وحوي،إياحه ، حيث إن كلمة وحوي تعنى (أهلا) و إياحة يعنى (الملكة إياح حتب)، ويكون مجمل الكلمة أهلا إياحة . و سر ارتباط هذه العادة برمضان، فهو المعنى لاسم إياحة الذى يعنى قمر الزمان،
فكلمة إياح معناها “قمر” وحتب معناها “الزمان”، وبالتالي فالسيدة اسمها “قمر الزمان” ، وكلمة وحوي تعني مرحبا، وارتبطت جملة وحوي يا وحوي إياح بالترحيب بالسيدة العظيمة التي ضحت بزوجها وابنها
بعد الانتصار الكبير الذي حققه الملك أحمس على المحتلين وطرد الهكسوس من البلاد، حيث خرج المصريون في استقبال والدته الملكة إياح، حاملين المشاعل والمصابيح يتغنون بـ “وحوي يا وحوي.. إياحه”، أي مرحبا يا قمر، تقديرًا للتضحيات الكبيرة للملكة إياح التى قدمتها فداءً للوطن ، وهكذا أصبحت وحوي إياحة، أو أهلًا يا قمر، تعويذة المصريين وشعارهم لاستقبال كل قمر يحبونه وعلى رأسه قمر رمضان.
وأشارت بعض الروايات التاريخية إلى أن “أيوحة” المقصود بها أم “أحمس” طارد الهكسوس من مصر الملكة إياح حتب الثانية، والتى ذهب المصريون لها مرددين كلمات “واح واح إياح” أى “تعيش تعيش إياح” للاحتفال بالنصر على الهكسوس .
وأشارت روايات تاريخية أخرى إلى أن هذه الكلمات استخدمت فى العصر الفاطمى، عندما صنع المصريون أول فانوس لإضاءة الشوارع أثناء الليل واستقبال شهر رمضان بالفوانيس المضيئة، والتى تطورت بعد ذلك بين الفوانيس المصنوعة من زجاجات ملونة وأخرى مصنوعة من لعب أطفال تغنى وترقص ، لتتحول من وسيلة للإضاءة بالليل للعبة أطفال،
وفي العصر الفاطمي يخرج الأطفال لإنشادها بعد الإفطار، وهم يمسكون الفوانيس الملونة، وكلما قال أحدهم عبارة أجابوه في نفس واحد: «إياحة»، فيبدأ الغناء بقوله: «بنت السلطان»، فيردون: «إياحة»، فيكمل: «لابسة فستان»، فيجيبونه: «إياحة».
وينقل الكاتب الراحل، أحمد أمين، تلك الحكاية في كتابه «قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية» تحت عنوان «وحوي يا وحوي»، ويكمل قائلًا: «ولا أدري معناها، هل هي كلمة مصرية قديمة أم هي مشتقة من (حوى يحوي)، أي عمل كما يعمل الحواة، بدليل قولهم: لولا فلان ما جينا، ولا تعبنا رجلينا، ولا حوينا ولا جينا».
وأشارت روايات تاريخية أخرى إلى إن كلمة “وحوى” تعنى رحل، و”إياحة” معناها القمر أو الهلال، لذلك استخدمت عند الغناء لشهر رمضان، حيث تعنى الترحيب بظهور هلال شهر رمضان، ورحيل شهر شعبان.
وهكذا كرّمت مصر الملكة ”إياح” بعد مماتها ، بأن يتردد اسمها على ألسنة المصريين على مر العصور ، و تقول كلمات أغنية وحوى يا وحوى أياحة ، روحت يا شعبان ، وحوينا الدار جيت يا رمضان ، هل هلالك و البدر أهوه بان ، يالا الغفار ، شهر مبارك و بقاله زمان ، يالا الغفار ، محلا نهارك بالخير مليان، وحوى يا وحوي ، أياحة ، روحت يا شعبان ، وحوينا الدار جيت يا رمضان ، جيت فى جمالك سقفوا يا عيال، يالا الغفار، محلا صيامك فيه صحة و عال، يالا الغفار، نفدى وصالك بالروح و المال، وحوى يا وحوي ، أياحة ، طول ما نشوفك قلبنا فرحان، يالا الغفار، يكتر خيرك أشكال و ألوان، يالا الغفار، بكرة فى عيدك نلبس فستان، وحوى يا وحوي ، أياحة ، هاتى فانوسك ياختى يا إحسان ، يالا الغفار ، أه يا ننوسك فى ليالى رمضان ، يالا الغفار ، ماما تبوسك و باباكى كمان ، وحوى يا وحوي .
ويقال أيضا إن عبارة “وحوي يا وحوي إياحا” أصلها يرجع إلى اللغة القبطية، وتعني كلمة “وحوي” اقتربوا، وتعني كلمة “إياحا” الهلال أي أن معنى العبارة هو “اقتربوا لرؤية الهلال”.
ومن هنا اعتاد الشعب المصرى عبر العصور على استقبال أى مناسبة بترديد هذه الكلمات ، خاصة المناسبة الرمضانية التى يعتمد صيامها على رؤية هلال الشهر، ويعنى ذلك “أهلا رمضان”، ويقول بعض الباحثين أن الكلمة لها أصل قبطى، فكلمة وحوي أى اقتربوا وكلمة إياحة تعنى هلال الشهر، والمقصود بها اقتربوا لرؤية هلال الشهر ، وذكر المؤرخون أن ذلك لا يتعارض مع الأصل الفرعونى للكلمة ، لأن اللغة القبطية مستمدة من اللغة الفرعونية القديمة والكثير من الكلمات متشابهة .
وفي هذا الإطار، يشير أثريون إلى أن المصريين القدماء كانوا يخرجون للترحيب بالقمر مطلع كل شهر، وكانوا يغنون وحوي يا وحوي
وتعد هذه الأغنية من أشهر أغاني شهر رمضان على الإطلاق كما قال المؤرخون ، وفيها تجد من أدوات التراث ، الفانوس، فستان العيد ،رؤية الهلال، والطقوس القديمة.
وفي رواية مغايرة
لجأ بعض المؤرخين إلى رواية مغايرة، وقالوا: «وحوي يا وحوي، كلمة فرعونية بمعنى ذهب أو رحل، تقال عن وداع شعبان واستقبال رمضان، أي وحوي يا وحوي أي رحل شعبان وجاء رمضان».
وهناك من يفسرها «فرعونيًا» بأن عبارة «وحوي يا وحوي» المستمدة من «إياحة» تعني «ذهب أو رحل»، بهدف توديع شهر واستقبال غيره، وهو ما يمكن توظيفه على الأغنية الشهيرة، حيث تقول: «رحت يا شعبان.. إياحة.. جيت يا رمضان.. إياحة».
ويحكي الموسيقار عمار الشريعى أن معنى «وحوي يا وحوي» يعود إلى قاموس اللغة العربية بمعنى «احوى أو امتلك»، وفي الأغنية فالمقصود بـ«وحوي» أي «احوى إياها وامتلكها»، وهو هنا يقصد «بنت السلطان».
والمعنى يرجع للغة الهيروغليفية، وكلمة «وحوي» معناها «افرحي» أما «إيوحة» فهي أم أحمس، الذي تمكن من طرد الهكسوس، ووقتها خرج المصريون فرحين يغنون له ويخبرون أمه: «وحوي.. إيوحة»، أي «افرحي يا إيوحة».
وكان المصريون يرددون هذه العبارة عند ميلاد الهلال كل شهر، وبعد انتشار اللغة العربية في مصر، تحورت هذه العبارة وأصبحت “وحوي يا وحوي إياحا”، وارتبطت بقدوم شهر رمضان والفانوس الصفيح.
وأضاف المؤرخون أن «كلمة “أيوح” معناها القمر وكانت الأغنية قديما تحية للقمر، وأصبحت منذ العصر الفاطمي تحية خاصة بهلال رمضان ، مبررين ذلك بأن الأغنية تأتي فيها أيضا كلمة “وحوي” بمعنى اقتربوا، وبذلك تكون في الكوبليه الأول: «وحوي يا وحوي أيوحا، موجهة لهلال شهر شعبان الذي رحل»، بينما في الكوبليه التاني: «وكمان وحوي أيوحا، لهلال رمضان القادم»، أي وداع هلال شعبان واستقبال هلال رمضان.
النص الأصلي لأغنية ( وحوي يا وحوي )
يختلف النص الأصلي للأغنية الفرعونية وفقا للمؤرخين عما نسمعه الآن، حيث يقول النص الأصلي ، «قاح وي، واح وي، إحع»، وترجمتها باللغة العربية ، «أشرقت أشرقت يا قمر» وتكرار الكلمة فى اللغة المصرية القديمة يعني التعجب، ويمكن ترجمتها أيضا «ما أجمل قرفتك يا قمر»، وأغنية «وحوى يا حوى إيوحه» ، هي من أغانى الاحتفاء بالقمر والليالي القمرية، وكان القمر عند الفراعنة يطلق عليه اسم «إحع»
ولكن لا تزال الأغنية حاضرة فى أذهان الشعوب العربية ، رغم أنها نُفذت منذ 80 عامًا، وانطلقت لتعلن ميلاد مطرب جديد اسمه أحمد عبد القادر، ورغم أن المطرب الراحل كان يغنى فى الإذاعة المصرية منذ افتتاحها، إلا أنه أصبح مشهورًا عقب غنائه «وحوى يا وحوى».
أغنية ( رمضان جانا )
“رمضان جانا” التى يقول مطلعها رمضان جانا ، وفرحنا به ، بعد غيابه وبقاله زمان ، غنوا معانا شهر بطوله ، غنوا وقولوا أهلا رمضان ” ، وهى من أكثر الأغانى التى تملأ الأجواء بهجة من غناء الفنان الراحل محمد عبد المطلب وكلمات “حسين طنطاوى” ولحن “محمود الشريف”, وتقاضى عنها عبدالمطلب 6 جنيهات حيث كان فى أشد الحاجة إلى هذا المبلغ وقتها ، ولاقت الأغنية نجاحا كبيرا وأصبحت معلما ومظهرا هاما لشهر رمضان لا ينافسها فى ذلك منافس .
ويقول المؤرخ الإذاعى وجدى الحكيم، إنه سمع من عبد المطلب أنه غنى هذه الأغنية لأنه كان يحتاج هذا المبلغ ، وظل سعيدا بها لأنها حققت شهرة واسعة جعلت اسمه وصوته مرتبطا ارتباطا شديدا بشهر رمضان ، وأضاف الحكيم أن عبد المطلب كان يفخر بـ “رمضان جانا” فخرا شديدا لأنها أصبحت إعلانا شعبيا عن بداية الشهر الكريم، وكان عبد المطلب حين يتحدث عنها يضحك قائلا: لو أخذت جنيها واحدا فى كل مرة تذاع فيها هذه الأغنية لأصبحت مليونيرا .
وينقل الحكيم الذي حاور عبد المطلب أن الأخير كان يحدثه عن أن أغنيته التي غناها في خمسينيات القرن الماضي ” أهم من بيان المفتي لإعلان شهر رمضان ” حيث يقول ، أغنيتى أهم من بيان المفتى ، ولو أخذت جنيهًا واحدًا عن كل مرة تذاع فيها كنت سأصبح مليونيرًا ومن أغنى الأغنياء”.
و عندما فتحت الإذاعة أبوابها عام 1934، دخلها شاب صغير من محافظة الشرقية بنظاراته المُدوّرة وحيائه الريفي طالبا أن يكون جزءا منها، ليصير بعد ذلك هو الملحن والمغني “أحمد عبد القادر” من أوائل من انضموا إلى الإذاعة المصرية في سنواتها الأولى
و حينذلك كان يتم تخصيص خمس عشرة دقيقة لكل ملحن يختار فيها أغنيات ثلاث للبث ، وقبيل مجيء رمضان في أحد أعوام منتصف الثلاثينيات، تقدم عبد القادر بثلاث أغنيات كان منها “وحوي يا وحوي” و”رمضان جانا”، رفض المسؤولون أن يقوم بغنائها جميعا، فاكتفى بـ “وحوي يا وحوي” وصارت “رمضان جانا” من نصيب سلطان الطرب الفنان الكبير محمد عبد المطلب .
حيث إقترنت سمفونية “رمضان جانا” لسلطان الطرب الفنان الكبير محمد عبد المطلب بقدوم شهر رمضان من كل عام، والتي قادته الصدفة لغنائها، حتى صارت بمرور الأعوام أهم من بيان المفتي في الإعلان عن قدوم شهر رمضان.
فقد تمخضت وإنسابت “رمضان جانا” من إمتزاج عبقريتين معاً ، عبقرية اللحن الأخّاذ الذي تشد بدايته إليه الأذن شداً لصاحبه “محمود الشريف”، والعبقرية الثانية هي صوت محمد عبد المطلب ، الذي تتركز فيه كل جماليات الغناء الشعبي بأسلوبه المتميز، حتى إن عميد الأدب العربي طه حسين قد سمّاه “القاعدة المصرية للأغنية الشعبية”.
الفنان أحمد عبد القادر هو الأب الروحي لرائعة “رمضان جانا”، إذ هو من تنازل عنها لعبد المطلب، بعدما طُلب منه أن يغنيها، عقب الفشل الذريع الذي وقعت به عندما غناها فناناً مغموراً، إذ أن الفشل كان مصير أغنية “رمضان جانا” حين ظهرت لأول مرة على الإطلاق بصوت المطرب المغمور محمد شوقي وألحان سيد مصطفى يوم الخميس 2 رمضان عام 1362 هجري الموافق 2 سبتمبر – أيلول عام 1943 م.
هذا ما دفع الشاعر حسين طنطاوي للجوء إلى أحمد عبدالقادر، الذي كان يعمل في الإذاعة المصرية كما أشرنا، عارضاً عليه أن يغنيها بصوته، علّ الأغنية تأخذ نصيبها من النجاح. وبما أن الإذاعة في حينها كانت ترفض أن يقوم مطرب واحد بغناء أكثر من أغنية عن نفس الموضوع، فتنازل عنها عبد القادر لصالح محمد عبدالمطلب، الذي حلقت بصوته وأسلوبه إلى أقصى ما يمكن أن تبلغه أغنية من نجاح على الإطلاق، لدرجة أنها ما تزال حتى يومنا هذا وإلى أن يقضي ألله أمراً كان مفعولاً “السلام الوطني” أو (النشيد الوطني) للشهر الكريم.
ربما لم يكن عبدالمطلب ليقبل غناء “رمضان جانا” لولا الظروف التي أحاطت به، حيث كان توقيت الحرب العالمية الثانية سبباً في حالة عامة من الكساد، لذلك إضطرته حاجته إلى المال للقبول بغنائها، خصوصاً وأن معظم “الكازينوهات” قد أقفلت، ولم يعد هناك مجال رزق للفنانين سوى الإذاعة المصرية، فيأتون إليها ليختاروا كلمات المؤلفين، وبما أن “أغنية رمضان جانا” بقيت الوحيدة التى لم يخترها أي فنان، فأعجب بها عبد المطلب، وإختارها وسجلها في نفس اليوم لإحتياجه للستة جنيهات، علماً أن تسجيلها كلف عشرين جنيهاً.
كذلك، فإن تصوير الأغنية تلفزيونياً شكل عاملاً مكملاً لنجاحها الباهر وإنتشارها الواسع، وتحولها إلى “أيقونة” سمعية ومرئية لشهر رمضان.
فقد صورت الأغنية مرتين، مرة في الستينيات بالأبيض والأسود، حيث إرتدى عبد المطلب جلباب الفلاح، وخلفه فتيات يرتدين ملابس الريفيات، ويغنين بصحبة الفوانيس.
ومع نجاح الأغنية تقرر تصويرها مرة أخرى في الثمانينيات بالألوان وبمشاهد خارجية في الشارع المصري ، ولم تكن أغنية رمضان جانا هي الأغنية الوحيدة التي غناها الراحل عبد المطلب صدفة، فأيضًا أغنية “ساكن في حى السيدة” التي تُعد من أشهر أغنياته، وكان من المفترض أن يتغنى بها محمد فوزى الذي كان قد لحنها لنفسه، ولكن البعض نصحه بأنها “مش لايقة عليه”، فقرر التنازل عنها لعبد المطلب .
سلطان الطرب محمد عبد المطلب من مواليد شبراخيت بمحافظة البحيرة عام 1910، حفظ القرآن واستمع إلى الأسطوانات في مقاهي البلدة، وطلب شقيقه من دواد حسني أن يضمه إلي المذهبجية في تخته، وغنى في مسرح بديعة 1932 ، وعينه محمد عبد الوهاب “كورس” في فرقته ، وأحب غناء المواويل، ولحن له محمود الشريف “بتسأليني بحبك ليه.
بلغ رصيده ما يزيد عن ألف أغنية بداية من بتسألنى بحبك ليه ووصولا إلى “اسأل على مرة” ، وحصل على وسام الجمهورية من الرئيس عبد الناصر عام 1964. وتوفي 21 أغسطس 1980.
و لعل عبدالمطلب نفسه لم يكن يحلم بتحقيق تلك الشهرة الواسعة بهذه الأغنية ، لولا تلك الصدفة التي وضعته في طريق الشهرة ، فبمجرد إعلان رؤية الهلال يكمل اليوم بأغنية رمضان جانا ، وهي عبارة عن لقطات لشوارع مصر ، والترحاب للشهر الكريم ، والفيديو الأصلي كان أكثر من رائع ، وكان الكورس يمسكون الفوانيس ويرددون الأغنية ويقولون أهلا رمضان ، وتم عمل أكثر من فيديو لها لتكون جاهزة للعرض في الموسم الرمضاني ، فبالفعل كلمات الأغنية كانت تعبر عن تفاصيل رمضان ، وتنقل إحساس الناس برمضان وفرحتهم بقدومه ، وستظل (رمضان جانا) هي الأصل بكلماتها المتميزه .
أغنية ( هاتوا الفوانيس يا ولاد )
ومن أبرز الأغنيات التى لا تنسى أغنية الفنان محمد فوزى الشهيرة هاتوا الفوانيس يا أولاد ، والتى شاركه فى غنائها الأطفال ، ليرددوا وراءه كلمات الأغنية وهى من تأليف عبد العزيز سلام ولحنها محمد فوزى نفسه وتقول ، هاتو الفوانيس يا ولاد هاتوا الفوانيس هانزف عريس يا ولاد، هيكون فرحوا تلاتين ليله هنغني و نعمل هوليله و هنشبع من حلوياته، هاتوا الفوانيس يا ولاد هاتوا الفوانيس ، كل حبايبه راح يعزمهم متواعدين وياه هيفطرهم و يسحرهم ، و الخير جيبه معاه، هنغير ريقنا علي خشاف و الفول راح يتاكل حاف و كنافه و قطايف بيضه ، و هتكون سنتكم بيضه و الصايم يديه حسناته.
أغنية «هاتوا الفوانيس ياولاد» غناء وألحان محمد فوزى وكلمات عبدالعزيز سلام لها قصة أيضا، فقد أراد محمد فوزى أن يقدم أغنية في سياق تجربته الناجحة في أغانى الأطفال ، فكانت أغنيته هذه التي شاركه فيها الأطفال أثناء تسجيلها وأهداها للإذاعة ثم نفذها التليفزيون في فيديو كليب رمضانى ، كان فوزى يتوسط الأطفال الذين يغنون معه.
الفنان محمد فوزي غنى “هاتوا الفوانيس يا ولاد”، التي كانت تعتبر أول أغنية لفنان بحجم شهرة وانتشار فوزي آنذاك مرتبطة بشهر رمضان، وكانت الإذاعة المصرية تذيعها على مدار الشهر.
أغنية يابركة رمضان
يا بركة رمضان خليكى فى الدار ، والتى غناها المطرب محمد رشدى ، حيث كان يتمتع بذكاء فنى شديد، وكان حريصا على التجديد، وعندما أراد أن تكون له أغنية فى شهر رمضان استرجع بعض الكلمات التى كان يسمعها من نساء قريته فى دسوق وهن يجلسن أمام المنازل بعد الإفطار وقبل السحور، ويبدأن فى الدعاء مرددات يابركة رمضان خليكى فى الدار ، فكان هذا مطلع الأغنية التى غناها فى وداع شهر رمضان. ،وكلماتها ، “يا بركة رمضان خليكي.. خليكي في الدار ، يا بركة رمضان املي ، املي دارنا عمار ، يا بركة رمضان خليكي من العام للعام عايشة معانا، احنا قلوبنا بتسعد بيكي وأنت الهدى لنفوس حيرانة”.
أغنية ( حالو يا حالو ، رمضان كريم يا حالو )
أغنية «حالو يا حالو رمضان كريم يا حالو» فيعود أصلها لمنتصف القرن الرابع الهجرى ، حين خرج جوهر الصقلى في موكب من «بين القصرين» ليستقبل المعز على مشارف القاهرة ، وذلك في 7 رمضان 362هـ، وكان الموكب مهيبا، و يضم العديد من الأطفال الذين أخذوا يرددون «حالو يا حالو» للترحيب بالمعز ، كما ارتبط دخول المعز مصر بالعديد من الطقوس الرمضانية الأخرى أيضا ، وأشهرها فانوس رمضان، فحين خرج المصريون للترحيب بالمعز الذي وصل ليلا، كانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة لإضاءة الطريق له، وظلت الفوانيس تضىء شوارع القاهرة حتى آخر شهر رمضان، لتصبح بعد ذلك تقليدا رمضانيا خالدا.
وكلمات الأغنية تقول
“حالو يا حالو.. رمضان كريم يا حالو.. حل الكيس وادينا بقشيش لنروح ما نجيش يا حالو” ، وهي أغنية ارتبطت في وجداننا بشهر رمضان المعظم والتي تغنت بكلماتها النجمة الراحلة الشحرورة صباح في أغنية شهيرة تُعد من اغانى رمضان الكلاسيكية التي لطالما رددها المصريون على امتداد سنوات وسنوات، كما تتغنى بها ألسنتنا دون أن يحاول الكثير منا التفكير في معاني هذه الكلمات غير المتداولة “حالو يا حالو”.
وفي الحقيقة فإن تلك الكلمات التي شكلت عنوان إحدى أبرز اغانى رمضان اُختلف في تفسير معانيها المؤرخين ، وتعددت الأقاويل حولها ، خاصة أنها واحدة من اغانى رمضان التي شكلت وجداننا ولا تزال ساكنة فيه حتى اليوم.
أغنية( مرحب شهر الصوم )
جميع الإذاعات والمحطات التليفزيونية تبث أغنية من الأغنيات الأكثر بهجه وهي مرحب شهر الصوم مرحب،
إيذانا بحلول الشهر المبارك، وهي بمثابة جرس تنبيه يوقظ الناس للاستعداد للشهر الكريم.
حيث جاءت البداية عندما ذهب الشاعر محمد علي أحمد، للإذاعة المصرية، لعرض كلمات أغنيته مرحب شهر الصوم، على مراقب عام الموسيقى، الموسيقار محمد حسن الشجاعي، الذي أعجب بها ووافق عليها مبدئيًا لحين عرضها على لجنة الاستماع.
وافقت لجنة الاستماع على أغنية مرحب شهر الصوم، وبعدها رشح الموسيقار محمد الشجاعي، المطرب عبدالعزيز محمود لغنائها، بعدها بدأ العمل على تسجيل الأغنية، حيث خضع لعدد من البروفات في حديقة معهد الموسيقى العربية، وبعدها تم تسجيلها وطرحت عبر الإذاعة المصرية عام 1966، ولاقت نجاحًا كثيرًا، وأحدثت صدى عند المستمعين.
وتعد من الأغنيات التي جعلت لشهر رمضان طابعا مفرحا مميزا في مصر، وكانت معبرة عن الشخصية المصرية التي تميل الى البهجة وحب المناسبات والاحتفال بها ، كما تبرز الاغنية مدى الاستعداد والشوق الى الشهر الكريم.
أغنية مرحب شهر الصوم مرحب، هى أغنية يغلب عليها الطابع الصوفي، وحققت ولا تزال نجاحا كبيرا كواحدة من الأغانى الرمضانية التى تنتظرها الجماهير فى أول رمضان من كل عام، لتشع فى نفوس المستمعين البهجة والاستحسان الذى حققته أغنية رمضان جانا لمحمد عبد المطلب، الذي كان صديقا مقربا لعبد العزيز محمود، ليتقاسم الثنائي القبول الجماهيرى الواسع وترحيب كل محبيهما.
أغنية ( أهلا أهلا رمضان )
أهلا أهلا رمضان للمطرب عبده السروجى (وهو جد الفنان أحمد السقا من ناحية الأم) ، وصاحب أغنية «غريب الدار» و«على بلد المحبوب» ، وهي أغنية رمضانية والتى كتبها الشيخ محمد الفيومى، أحد مشايخ الأزهر وقدم الابتهالات والتواشيح ، ولحن هذه الأغنية محمد قاسم، ملحن أغنية «غريب الدار» أيضا ، وتعد أغنية أهلا أهلا يارمضان من أجمل الأغنيات الرمضانية ، لكنها لم تحظ بما تستحقه من الشهرة، وربما لا يكاد أحد يذكر أن السروجى قدم أغنية المسحراتى .
اغنية ( أهو جِه يا ولاد..هيصوا يا ولاد )
الأغنية المرحة للغاية والتي كانت بالفعل أكثر ما يليق بها أن تغنيها فرقة الثلاثي المرح ، المكونة من ثلاث صديقات هن سهام توفيق وصفاء لطفي وسناء الباروني عام 1959، وهي من أحلى أغاني رمضان وأكثرها خفة، ففي بعض المقاطع تشعر معها أنها أغنية أطفال عن رمضان، الحقيقة أن أغلب الأطفال ستجدهم أكثر تفاعلاً مع هذه الأغنية من أغاني رمضان خاصة مع اللحن الخفيف وصوت “الفورّيرة” التي تبدأ بها الأغنية والتي تُطلق بعد مقطع “أهو جه يا أولاد زقططوا يا أولاد”، و إن كان لديك أطفال فاجمعهم وشغل الأغنية ، وشاهد حالة الانطلاق التي ستشملهم ، و الكلمات لنبيلة قنديل واللحن المميز لعلي إسماعيل.
قد يعتقد بعضهم أن أغنية “أهو جه يا ولاد” موجهة للأولاد، ولكن لفظ أولاد يشمل الأطفال بنات وصبيان، بينما أغنية افرحوا يا بنات فيمكننا اعتبارها “فيمنست رمضاني” ومساحة صغيرة موجّهة للجنس الناعم.
الأغنية أيضًا من غناء الثلاثي المرح، وقد غنى الثلاثي أغنية “وحوي يا وحوي” أيضًا ، حيث هناك نسخة بصوتهن منها كذلك.
المسحراتي
وللمسحراتي نصيب من أغاني رمضان، فقد شدى سيد مكاوي في إحدى روائعه “اصحى يا نايم” قائلا: “اصحى يا نايم.. وحد الدايم.. وقول نويت بكرة إن حييت الشهر صايم والفجر قايم.. اصحى يا نايم وحد الرزاق.. رمضان كريم”.
رغم كونها ليست أغنية بالمعنى التقليدي ولكنها من أكثر التراثيات التي ستشعرك بالبهجة عن رمضان، و كذلك فيديوهات المسحراتي لسيد مكاوي ، حيث يقوم فيها بالأداء والألحان ، بينما تنوّع الكتاب، ولكن يبقى الأصل بها لفؤاد حداد حيث الكلمات الشهيرة “والدق على طبلي، ناس كانوا قبلي، قالوا في الأمثال، الرجل تدب مطرح ما تحب وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوّال، حبّيت ودبّيت كما العاشق ليالي طوال، وكل شبر حته من بلدى حتة من كبدى حتة من موال”، ليبدأ ويختتم دائمًا بـ
اصحى يا نايم اصحى يا نايم اصحى وحّد الدايم
اصحي يا نايم وحّد الرزاق
رمضان كريم
كما غنى محمد فوزي من كلمات بيرم التونسي “مسحراتي”، التي يقول في مطلعها: “يا عباد الله.. وحدوا الله… أنا أمدح المولي الغفور الودود.. اللي تجلت رحمته في الوجود.. الأرض والسماوات عليا شهود”.
أغنية ( فرحة رمضان )
قدمت الفنانة سعاد محمد أغنيتها الشهيرة “فرحة رمضان”، وهي من كلمات سيد عـبد الظاهر وألحان فـؤاد حلمي.
دويتو ( الراجل ده هيجنني )
ويرتبط دويتو صباح وفؤاد المهندس “الراجل ده هيجنني” بأذهان الناس في رمضان، وهو الدويتو الذي تم تقديمه عام 1967.
أغنية ( و الله بعودة يا رمضان)
من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان جمال سلامة، قدم محمد قنديل واحدة من أشهر الأغاني المرتبطة برمضان، وهي “والله بعودة يا رمضان” التي يقول في مطلعها: “رمضان رمضان .. والله بعودة يا رمضان.. يا شهر العبادة والخير والسعادة والرضا والغفران.. يا مجمع قلوبنا على سنة حبيبنا وبهدي القران.. من طلعة هلالك غمرنا جلالك آيات من جمالك من نعم الرحمن.. على صومك نوينا ودعينا وصلينا وهبت علينا نفحات الإيمان”.
أغنية ( يا شهر الصيام )
وشدت فايزة أحمد بـ”يا شهر الصيام”، من كلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى وألحان الفنان محمد فوزي، وتقول في بدايتها “غني بالمعاني ودايما كريم.. روايحك بشاير وفرحة ونعيم.. وأنوار هلالك وبدرك وقدرك”.
أغنية ( كريم يا شهر الصيام )
كما قدمت نجاة “كريم يا شهر الصيام” عام 1957، من كلمات عبد المنعم السباعي وألحان أحمد عبد القادر، وتقول في بدايتها: “كريم يا شهر الصيام والصبر والبركات.. كريم يا شهر السلام في الأرض والسموات”.
أغنية ( يا شهر الهنا )
وقدمت الفنانة شادية واحدة من أروع أغانيها “يا شهر الهنا”، التي تقول فيها “مدنة جامعنا زوقوها الليلة، وولادنا عملوا في البلد هليلة، وكل بيت اتلم فيه خلانه واتلمت العيلة وعيلة العيلة، يتهنوا ويهنوا.. ويباركوا ويغنوا يا حليلة يا شهر الهنا يا حليلة”.
أغنية ( هلت ليالي حلوة )
وهناك أغنية “هلت ليالي حلوة”، غناء وألحان فريد الأطرش وكلمات بيرم التونسي، ويأتي في مطلعها: “هلت ليالي حلوه وهنية ليالي رايحة وليالي جاية.. فيها التجلى دايم تملي ونورها ساطع من العلالي”.
أغنية ( شوفوا رمضان وخفة دمه )
كما غنت هدى سلطان “شوفوا رمضان وخفة دمه”، التي تقول في بدايتها “يا ولاد حارتنا اتلموا اتلموا.. شوفوا رمضان شوفوا خفة دمه.. بر وتقوى مدفع يضرب، طبلة في عز الليل بتطوف”.
أغنية ( خيرات رمضان )
كما قدم أسطورة الكوميديا إسماعيل ياسين أغنية “خيرات رمضان” ضمن ألبوم بعنوان “ياللي بتحسد”، وهي من كلمات مصطفى عبده وألحان عزت الجاهلي، وقدم أيضا أغنية “المسحراتي” برفقة مجموعة من الأطفال.
أغنية ( والله لسه بدري )
أما أشهر الأغاني المرتبطة بنهاية الشهر الكريم أغنية “والله لسه بدري”، غناء شريفة فاضل وألحان سيد مكاوي وكلمات عبد الفتاح مصطفى، التي تقول في بدايتها “تم البدر بدري، والأيام بتجري.. والله لسه بدري والله يا شهر الصيام”.
فهناك أربعة أقسام لأغاني رمضان
في عام 1907 كانت أول أغنية رمضانية تحقق شهرة “وحوي يا وحوي”، وتوالت الأغنيات، وتطورت وازدهرت مع نشأة الإذاعة المصرية عام 1934، التي اهتمت بتقديم الأغنية الرمضانية، التى يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام، الأول خاص بأغنيات الرؤية مثل ” وحوي يا وحوي، ابتهالات رمضان، أهه جه يا ولاد” لأحمد عبد القادر، محمد عبد المطلب، عبد العزيز محمود والنقشبندى، هيام يونس، الثلاثي المرح”.
والقسم الثاني يتضمن أغنيات عن مظاهر الشهر الكريم ومنها ” شوفوا رمضان، على نور الفوانيس، المسحراتي، سبحة رمضان لولى و مرجان ..حالو يا حالو .
والقسم الثالث أغنيات في فضائل رمضان مثل ” شهر الصيام، هلت ليالي حلوة وهنيه، سبحة رمضان ، لنجاة، وفريد الأطرش، والثلاثي المرح” .
والقسم الرابع الأغنيات الخاصة بوداع الشهر منها” والله لسه بدري يا شهر الصيام، وداع رمضان، يا بركة رمضان”
ورغم تقديم الأجيال التالية أغاني وابتهالات مرتبطة بالشهر الكريم، فإنها لم تنل نفس حضور وانتشار الأغاني القديمة التي لا تزال تحظى بمكان الصدارة، وترتبط ارتباطا وثيقا بذكريات مستمعيها من الأجيال المختلفة، حتى أولئك الذين لم يعيشوا فترة صدورها، بل توارثوها أبا عن جد، باعتبارها من علامات الشهر الفضيل والاحتفاء به.
وهكذا انتهت جولتنا ولكن لم تنتهِ الأغاني، فهناك العشرات من الأغاني التي لا تتخيّلها، فتقريبًا لم يفلت أي مطرب قديم من الغناء لرمضان، بعض الأغنيات شهيرة مثل ما عرضناه ومثل أغاني فؤاد المهندس وشويكار وصباح، وبعضها متوسط الشهرة مثل أغاني محمد قنديل، وبعضها سمعناه مرة أو لم نسمعها مثل أغاني هدى سلطان وفريد الأطرش ، لكن هناك العشرات من الأغاني الدفينة التي لا يعرفها أحد والتي ابتهجت كلها لحلول شهر رمضان المبارك .