أخبار عاجلة

طقوس رمضانية “مقاهي القاهرة زمان في رمضان” .. بقلم هبه عبد الفتاح

القاهرة القديمة مليئة بالحكايات والأسرار ، ومعظم  والمقاهى القديمة أحتوت على العديد من تلك الحكايات والأسرار منذ قديم الزمان إلي وقتنا الحالي ، فعرفت مصر  الترفيه اللهو والمرح في المقاهي  مع الفاطميين ثم الأيوبيين ،  وبنى المصريون المقاهى وحافظوا على التراث ،  وفي رمضان بالتحديد  كانت له احتفالات متميزة في المقاهي ، و أناشيد ومدح وذكر ، وجميعها تختلف في المنهج وعمر كل مقهي عن الآخر، فمنها مقاهي المثقفين القدامي أمثال نجيب محفوظ ،  وأخري مقاهي جديدة لا يسكنها إلا شباب هذا الجيل ،  وكل واحد يحاول أن يستفيد بتاريخه الطويل  ، فيعلق صور زبائنه سواء كانوا فنانين أو علماء وكتاب ومثقفين كي يفتخر بهم ويعرف باقي رواده عليهم.

فمازالت القاهرة ،  العامرة ، الساهرة ، الساحرة ،  لها من عبق الماضى و تاريخ يمتد لقرون من الزمان، وقد مر عليها العديد من الغزاة  ، منهم من بنى وعمر  ، ومنهم من خرب ودمر، ومع ذلك لم يستطيعوا إطفاء قناديل البهجة فى صدور المصريين.

فقد عرفت مصر اللهو والمرح مع الفاطميين ثم الأيوبيين  ، وقاهرة المماليك والعثمانيين كانت تفرح وتطرب، وعند نزول نابليون وجنوده القاهرة عام 1798م ، وجد أعراسا بالطبول والمزامير فقال: “عجبت لهذا البلد الذى لا يعرف الحزن أبدا”، فاختلط جنود الحملة الفرنسية بالمصريين ،  حتى ترسخت عادات الفرنجة  ، و التى تمثلت فى إنشاء أماكن الرقص وشرب الخمر، و حتى الاحتلال الإنجليزى لمصر عام 1882م لم ينجح فى تحطيم عشق المصريين للترويح عن أنفسهم، فهم لم يتوقفوا عن تشييد أماكن مخصصة للهو والرقص، أماكن ظلت صامدة محتضنة بعض مقتنيات الذين شيدوها من الأجانب، حتى بعد أن غادروا مصر المحروسة،  وهنا ضمن سلسلة  طقوس رمضانية نستعرض روعة وجمال تلك المقاهي المصرية على مر العصور ، والشاهدة على العادات والتقاليد الرمضانية الرائعة في مصر .

فما أحلي السهر في الليل وسط شلة وصحبة، وشاي بالنعناع ،  وشيشة ومعها الدخان ، تجلس بضحكة وابتسامة، وايضا يغلف المكان صوت كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد  عبدالوهاب،  حيث تشاهد الأطفال يلعبون في حي الحسين، وتسمع القرآن  ، وتلاقي روحانيات رمضان  تضرب قلبك في كل مكان ، عندما تشعر بكل ذلك  ، أذن  أنت بالتأكيد في مصر ، و بالتحديد في حي الحسين، حيث المساجد والأنوار والتاريخ والأنغام والإنشاد والمدح فكل ذلك موجود في مقاهي لها تاريخ عريق ، و كانت شاهدة علي الأحداث سنوات وسنوات , ومرت عليها وأكل الدهر من جدرانها ،  ولكنه فشل في إزالة تاريخها، فعندما تجلس على تلك المقاهي ستجد  أشخاص كبار في العمر ، وعندما  تنظر في وجوههم ستقرأ تاريخ مصر ،  وستشاهد صورًا لرجال كتبوا أسماءهم بالدم في تاريخ هذا البلد ، و  ما بين مقاهي الزهراء والدراويش والفيشاوي والشيخ شعبان ونادي الشباب وكوكب الشرق ستقرأ كل هذا هنا في المقال ، الأجواء رائعة في المقاهي عموما، خصوصا عند مشاركة الأصدقاء والمعارف جلسات السمر الرمضانية، على  اعتبار أن  المقاهي قبلة للكثير من الفئات، خصوصا الشباب، حيث يمثل ذلك الطقس أحد الطقوس الضاربة في القدم، و التي اعتاد عليها المصريون منذ مئات الأعوام  ،  و في نهار رمضان تغلق المقاهي أبوابها، وفي ليله تشهد كتلة من النشاط، حيث تستقبل روادها وزبائنها ،  وذلك لأن وسط البلد أحد أكثر المناطق ازدحاما وأكثرها عدداً من حيث المقاهي مثل  «البورصة وريش والندوة الثقافية والتكعيبة وعلي بابا والكوزموبوليتان وأم كلثوم والحرية»

تاريخ المقاهي في مصر

في كتابه “ملامح القاهرة في ألف سنة” يسرد الكاتب الراحل جمال الغيطاني خصوصية المقاهي في مصر، وأهميتها التاريخية منذ عصور طويلة، قائلا  “حرم البعض القهوة لما رأوه فيها من الضرر، وخالفهم آخرون ومنهم المتصوفة، وفي 1037 للهجرة زار القاهرة الرحالة المغربي أبو بكر العياشي  ،  ووصف مجالس شرب القهوة في البيوت وفي الأماكن المخصصة لها”.

وتابع الغيطاني  قائلا  “في مطلع القرن الـعاشر  الهجري حسمت مشكلة تحريم القهوة أو تحليلها، وانتشرت في القاهرة الأماكن التي تقدمها، وأطلق عليها اسم المقاهي، ويبدو لنا أن هذه الأماكن كانت موجودة من قبل ذلك بمئات السنين ، ولكن لم يطلق عليها اسم المقاهي؛ لأن القهوة نفسها لم تكن قد دخلت إلى مصر”.

وقد يغفل الكثيرون عن التاريخ الدموي للقهوة ولأماكن شربها، حيث قام  السلطان العثماني مراد الرابع بإصدار   أوامر بإعدام من يشرب القهوة، ويغلق أماكن شربها بدعوى حُرمة المشروب التي تحولت إلى فتنة ، قبل أن تنتصر القهوة في النهاية بإباحتها وإتاحة تناولها .

حيث دخل  البن إلي  مصر في القرن الـسادس عشر ، ومن بعدها ظهرت المقاهي  ، والتي انتشرت بالتدريج بعد أن قام العثمانيون بتعيين مفتٍ في مصر أجاز شرب القهوة لوأد الفتنة، والتي حدثت بين المشايخ وتجار البن بعد أن كان هناك اعتقاد سائد بأن القهوة مشروب محرم.

وقد عرف المصريون المقاهي فى العصر العباسى ،  وكانت تخضع للإشراف المباشر من قبل رئيس يشترى لنفسه حق التزامها،  وتدفع كل مقهى رسمًا صغيرًا فى بداية السنة الهجرية.

 وكانت المقاهي للمشروبات فقط لا غير  ، ولكن  عرفت الدخان بعد ذلك  أيام الوالى ، ورفض العثمانيون  غلق أبوابها فى نهار رمضان ،  فتصدى لهم المصريون ، ويذكر عبد الرحمن الجبرتي (1756- 1825) أن من تقاليد القهاوي أن تغلق أبوابها في نهار رمضان، وتفتحها بعد المغرب، غير أن عساكر العثمانيين كانوا لا يصومون ويرفضون هذا النظام، فتحدُث  دائما معارك ومشاحنات بينهم وبين الأهالي.

و كذلك كان يجلس عليها الرجال هربا من قيود  الحرملك .

حيث كانت نشأة القهاوي الأولى، انعكاساً لعصر الحريم، الذي كان يراعي بصورة كبيرة حرمة البيوت وبروتوكولاتها المتحفّظة، فاتّجه الرجال والشباب إلى الخروج واللقاء في أماكن عامة تسمح لهم بالتحلل من التقاليد القاسية داخل المنازل المغلقة بمشربيات ورواشين ،

كما أن المقاهي  كانت البديل الشعبي للخمّارات والسفن النيلية التي كانت يمتلكها بعض المماليك، ويمارسون فيها حياتهم المترفة بعيداً عن سلطة المجتمع ونظام الحسبة.

وسُمّيت  المقهى بذلك الإسم  لأن مشروب القهوة هو الأساس، إضافة إلى شُرب الدّخان الذي عُرفَ في أيّام الوالي العثماني “علي باشا الخادم” سنة 1558 ،  والقهوة المعروفة في مصر هي القهوة التركية.

وكان العصر الذهبي لمقاهى القاهرة فى النصف الأول من القرن العشرين، خاصة فى العشرينيات، والثلاثينيات، وكانت القاهرة تزخر بالعديد من المقاهى ،  منها “مقهى نوبار” الذى توجد مكانه الآن مقهى المالية، وكان مجمعًا للفنانين، وكان عبده الحامولى يقضى أمسياته فيه.

وفى شارع محمد على يوجد مقهى “التجارة”  ، وهو من أقدم مقاهي القاهرة، ويزيد عمره الآن عن مائة وعشرين سنة، ومازال قائمًا حتى اليوم، ومعظم رواده من الموسيقيين العاملين فى فرقة  “حسب الله”.

وفى نهاية شارع محمد على أمام دار الكتب، يوجد مقهى “الكتبخانة” وكان من روادها  الشاعر حافظ إبراهيم، وسلطان الطرب  محمد عبد المطلب، والشيخ عبد العزيز البشرى، وحتى أربعينيات القرن العشرين كان يوجد عدد كبير من المقاهى فى روض الفرج.

وبالقرب من مقهى ريش فى وسط البلد، يوجد مقهى آخر يلتقى فيه عدد كبير من المثقفين والأدباء والصحفيين، وهو مقهى “الندوة الثقافية”.

و لم يغفل المؤرخون والمستشرقون عن ذكر القهاوي القاهرية ومريديها، فذكرها مؤلفو كتاب “وصف مصر” من علماء الحملة الفرنسية (في الفترة من 1809-1822)، وإدوارد لين (1801-1876) في كتابه “المصريون المحدثون ، شمائلهم وعاداتهم”، كما أن علي مبارك باشا (1823- 1893) حصر أعداد القهاوي سنة 1880، فكان عددها 1076 قهوة.

وحظي حي الأزبكية بنصيب الأسد بعدد 252 قهوة، ثم بولاق بـ 160 قهوة، والجمالية بـ142 قهوة، وحي عابدين بـ 102 قهوة.

حيث ان المقاهي تعتبر واحدة من اهم العادات الاجتماعية التي امتازت بها مصر منذ قرون  مع اختلاف أشكالها، فكانت حاضنة للثقافة الشعبية إلى يومنًا هذا، وتحظى طوال أيام السنة بحضور  كبير ، ويتزايد مع حلول  شهر رمضان المبارك .

فقد ضمت القاهرة العديد من المقاهي والتي وصل عددها قبل قرنين من الزمان إلى 1000 مقهي وفقًا لما يرصده كتاب «ملامح القاهرة في 1000 عام للكاتب الراحل جمال الغيطاني»، و منها  مقاهي ريش، والفيشاوي، والدراويش، وغيرها من المقاهي.

خصص الغيطاني في كتابه «القاهرة في ألف عام » جزءًا عن المقاهي في القرن التاسع عشر ، نقلًا عن المستشرق الإنجليزي، إدوارد وليم لين، في كتابه «المصريون المحدثون»، والذى يقول فيه «إن القاهرة بها أكثر من ألف مقهى، والمقهى كانت عبارة عن غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية على شكل عقود، ويقوم على طول الواجهة، ما عدا المدخل مصطبة من الحجر أو الآجر، تُفرش بالحصر ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثا وعرضها كذلك تقريبًا، وفي داخل المقهى مقاعد متشابهة على جانبين أو ثلاثة، ويرتاد المقهى أفراد الطبقة السفلى والتجار، وتزدحم بهم عصرًا ومساءً، وهم يفضلون الجلوس على المصطبة الخارجية، ويحمل كل منهم شبكه الخاص وتبغه، فيما يقدم (القهوجي) القهوة بخمسة فضة للفنجان الواحد، أو عشرة فضة للبكرج الصغير الذى يسع ثلاثة فناجين أو أربعة».

وكان يوجد بالقاهرة فى العصر العثمانى أكثر من ألف مقهى، وفى أيام الحملة الفرنسية كانت قد وصلت عدد المقاهى قرابة 1200 مقهى، بخلاف مصر القديمة وبولاق، حسب ما جاء فى كتاب وصف مصر.

لكن أغرب هذه المقاهي  ، كانت مقهى يشترط نكته مقابل الدخول ، فوفقًا لـ«ملامح القاهرة في 1000 عام للكاتب الراحل جمال الغيطاني يقول: «فى نهاية شارع محمد على كان هناك مقهى يسمي «المضحكخانة»، وهو مقهى يشترط لدخوله أن تضع رسالة في التنكيت والقفش ، حتى إذا حازت قبولا عند صاحب المقهي ومجلس النادي يتم الموافقة على دخولك».

ويضيف الكتاب :«جمع الشيخ حسن الآلاتي كثيرًا من نوادر المضحكخانة في كتاب طبع نهاية القرن الماضي ويحمل نفس الاسم المضحكخانة».

هناك نوعان من المقاهي

بعد الحملة الفرنسية، عرفت القاهرة نوعين من المقاهي العامة، إحداهما المقاهي البلدية المعروفة، والثانية المقاهي الإفرنجية، وهي التي ابتدعها الجنود الفرنسيون يوم افتتحوا ملهى “كيغولي” بالأزبكية، وهي أماكن مغلقة اشتهرت بالرقص، يقف على بابها شخص وظيفته أن يسمح بدخول الزبائن ويسمونه “الخلبوص” ،  وقد انتقد الجبرتي ارتياد بعض علماء الأزهر لها، ووصف ذهابهم إليها، بأنّه رجسُ من عمل الشيطان.

وقد عرفت معظم الفنون طريقها إلى الناس عبر المقاهي  ، و التي كانت تستضيف بعض محترفي الفنون الشعبية، مثل الغناء الذي كان يقدمه بعض مشاهير المطربين، فقد بدأ بعض شيوخ الغناء العربي، مثل عبده الحامولي مغنيا في قهوة عثمان بحي الأزبكية ،  كما كان هناك بعض الهواة الذين يتخذون ركناً في القهوة يغنون فيه ويسمون “الصهبجية” ، كما دخلت النساء إلى الغناء بالمقاهي مبكراً، وكن يُسمين “العوالم” (مفردها عالمة بكسر اللام وتسكينها)، وكان يقول المستشرق البريطاني، إدوارد وليم لين، الذي عاش في أحياء القاهرة كأحد المصريين وسمّى نفسه “منصور أفندي” عن غناء العوالم “وقد سمعت أشهر عوالم القاهرة، فأطربتني أغانيهن، بل وأستطيع أن أضيف بحقّ ” ومن أي موسيقى أخرى تمتعت بها ،  ويخطئ من يخلط بين العوالم والغوازي ، فالغوازي هن  اللاتي ينتسبن إلى بعض القبائل التي احترفت نسائهن الرقص، و كن يدرن في الموالد، وتستضيفهنّ بعض المقاهي بالأزبكية ” .

ومن هنا انتشرت المقاهي وبات استخدامها وسيلة من وسائل قضاء وقت الفراغ وجلسات السمر، كما تحولت لمكان مثالي للأمسيات الرمضانية، التي كان يتخللها الغناء والشعر وعرض قصص ألف ليلة وليلة في صورة حكايات ،  والتي كان يقصها الحكاؤون داخل هذه المقاهي.

حيث أن  المقهى عند المصريين  كان عبارة عن وسيلة لتغيير الجو وقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء، وخصوصا  الذهاب خلال شهر رمضان إلى المقاهي الموجودة بمنطقة الحسين ، حيث  يعطي ذلك  شعورا مختلفا في ظل جو من الروحانيات، والشعور بعبق الماضي الممزوج بالحضور الكبير من المواطنين هناك .

أبرز المقاهي في رمضان

ولا ينحصر دور المقاهي على مر التاريخ في تقديم المشروبات المختلفة للحاضرين فحسب، وإنما كانت مكانا لحضور متنوع ومختلف، فتجد مقاهي خاصة بالمثقفين، وأخرى بالكتاب والأدباء، وتارة بالسياسيين، وأخرى لعامة الشعب خلال شهر رمضان أو غيره من الشهور الأخرى ، غالبًا ما كانت مقاهى القاهرة تخصصت وفقًا لمهنة عملائها ، على سبيل المثال، انتشرت مقاهى الحرفيين فى منطقة القلعة، وكانت مقاهى الموسيقيين فى شارع محمد على، بينما كانت مقاهى المثقفين فى حى الأزهر، وكان مقهى الفيشاوى أحد الأمثلة القليلة التى ما زالت موجودة حتى الآن .

ويذْكَر أن الشيخ، أبو العلا محمد، اصطحب الطفلة أم كلثوم، في أول ظهور فني لها بالقاهرة إلى بعض المقاهي، وكانت ترتدي العقال ، حتى تعاقد معها صاحب مقهى ريش لتقدم فيه أمسيات منتظمة ، وذكر علماء الحملة الفرنسية أن المقاهي  كانت تشهد أيضاً وصلات من الإنشاد الديني والمدائح النبوية، وشاعر الربابة الذي يحكي السير الشعبية ، والحكواتي ،  وخيال الظل ، والأراجوز ،  والزجالون ،  والأدباتية ،  وغيرهم.

و لجأت المقاهي  أيضاً، إلى توفير أنواع بسيطة من ألعاب التسلية، يمارسها الزبائن أنفسهم، وهم جالسون على طاولاتهم، مثل الكوتشينة والطاولة والدومينو والشطرنج ، وفي بعض المقاهي  المتحررة كانت ألعاب القمار عنصراً أساسياً، يجذب نوعية معينة من الزبائن، الذين كانوا يستبدلون بعض أنواع الخمور الرخيصة بالقهوة ،  فيما تميزت بعض القهاوي بألعاب خاصة مثل  ، صراع الديوك الهندية والمقامرة عليها، مثلما يصفها عبد المنعم شميس في كتابه “قهاوي الأدب والفن في القاهرة”.

وبعد ظهور الراديو، كان الناس يجتمعون بالمقاهي لسماع الخطب السياسية الرسمية والأخبار، حيث كان يندر توافر ذلك في بيوت الناس ، وحدث الأمر نفسه مع دخول التلفزيون في  البلاد ، وفي الوقت الحاضر، أصبحت المقاهي مركزاً لتجمع الشباب، لمشاهدة المباريات الرياضية المشفرة.

مقهى الفيشاوي

من زار القاهرة، ولم يزر قهوة الفيشاوي، فكأنما لم يزر مصر.. رغم مرور مائتي عام عليها إلا أنها ما زالت تمتلك الريادة بعد أن انسحبت مقاه شهيرة أخرى من حلبة المنافسة.

خان الخليلي الشهير الذي زادت في شهرته الرواية الرائعة التي خطتها براعة الروائي الكبير نجيب محفوظ ، الذي وشحها بالاسم ذاته (خان الخليلي) ونحن وآباؤنا والجيل الذي سبقنا من الذين نهلوا من كتاب مصر ، طه حسين ،  وعباس محمود العقاد ،  وزكي مبارك ،  واحمد حسن الزيات ،  واحمد شوقي ضيف ،  ومحمد عبد المنعم خفاجي ،  وعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)  ، ولويس عوض ،  ومصطفى لطفي المنفلوطي ،  ويحيى حقي ،  واحسان عبد القدوس  ، وتوفيق الحكيم ،  وإبراهيم عبد القادر المازني  ، وعلي ادهم ،  ومحمود امين العالم  ، وعبد الرحمن بدوي ،  ونجيب محفوظ ،  وسهيل ادريس ،  ومصطفى محمود ،  ومصطفى صادق الرافعي  ، وخالد محمد خالد ،  ورجاء النقاش ،  والشيخ علي عبد الرازق ، ومصطفى سويف ،  و. و. و.القائمة تطول.

لذا كنا دوماً نهفو لزيارة خان الخليلي ومقهى الفيشاوي في الخان التي كان يرتادها الأديب نجيب محفوظ وجمهرة من كتاب مصر، فضلا عن مقهى (ريش) و (جروبي) ،  او زيارة حديقة الازبكية حيث الكتب والمجلات، مما يقترب من ظاهرة الجمعة في متنبي بغداد.

يُعدّ مقهي الفيشاوي الأكثر شهرة في العالم العربي، ويمثل أسلوبًا اجتماعيًا تقليديًا من الاسترخاء مع الأصدقاء والزملاء، داخل محور مزدحم كثيرًا بالزائرين في منطقة القاهرة الإسلامية والمؤسسات التاريخية، مثل سوق خان الخليلي والمسجد الأكثر شعبية مسجد سيدنا الحسين عليه السلام والأزهر الشريف.

المقهى جلب شهرته من الأديب الراحل نجيب محفوظ، حيث كتب أجزاء من ثلاثيته الحائزة على جائزة نوبل في الغرفة الخلفية للمقهى، وأيضًا من جلوس الشاعر الغنائي أحمد رامي  ، والذي كتب أغاني مازال العالم يذكرها للراحلة أم كلثوم، وغيرهم من الشخصيات التي أثرت في التاريخ الثقافي والفني المصري والعربي.

مقهى الفيشاوي هو أحد مقاهي القاهرة الشهيرة  ، ويقع بحي الأزهر ويعد من أقدم مقاهي القاهرة، حيث يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1797م ، و  اتخذ المقهى شهرته وبريقه، بفضل الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ الذي كان «الفيشاوي» مقهاه المفضل، حيث شهد المقهى الكثير من المسودات الأولى لرواياته، وكان بمثابة فضاء حي يلتقي فيه مع أصدقاءه ومحبيه من الكتاب والفنانين وبسطاء الناس ، وأول ما يشد انتباه الشخص داخل المقهى، غرفة صغيرة أشبه بمتحف وأثر معماري، اعتاد الجلوس بها الأديب نجيب محفوظ والعندليب عبد الحليم حافظ، تحوي بداخلها مرآة ثلاثية فريدة وساعة حائط كبيرة، يرجع تاريخها إلى العصر التركي، إلى جانب راديو أثري قديم جدا، بالإضافة إلى (نجفة) ضخمة يرجع تاريخها إلى عام 1800م، تزين هذه الغرفة، ولا يستطيع أحد دخول الغرفة أو الجلوس بها، إلا لمن اعتاد التردد عليها، وتميز عن غيره.. أمثال العندليب ومحفوظ.

نجيب محفوظ في قهوة الفيشاوي

أجمل الأوقات تلك التى نمضيها حول فنجان القهوة فى «مقهى الفيشاوى» ، تزول مرارة البن بصحبة الناس الطيبة ،  من يمتلكون قلوبا نقية بلون الحليب ،  ناس صحبتهم أحلى من السكر.

واجهة أنيقة ،  دهليز طويل تزينه المرايا ذات الأطر الذهبية ، طاولات نحاسية وكراسى خشبية ، يمر النادل بين زحام زبائن المقهى، حاملا أكواب الشاى بالنعناع، والكركديه، واليانسون ، يتحرك بين كتلة البشر بخفة ورشاقة متناهية  ، كأنه يرقص فالسا رائعا من مؤلفات تشايكوفسكي.

لا يخلو المقهى من الباعة الجائلين ببضائعهم من كل لون ،  كما ينتشر حاملو المباخر بوجوههم السمحة ليباركوا المكان ويشيعوا فيه عطر البخور الفوّاح ، أما قارئة الطالع وبائعة الحنّة، فإن جمهورهن فى الغالب من الفتيات ، يجلسن فى الركن بعيدا عن الأعين يستمعن إلى التنبؤات والتحذيرات من الآت ،  الأحاديث والضحكات لا تتوقف ،  أحاديث ودّ وضحكات من القلب.

«مقهى الفيشاوى»، ارتاده – فى السابق- القائد الفرنسى «نابليون بونابرت»، والملك فاروق، والرئيسان الجزائريان أحمد بن بيلا وهوارى بومدين، وغيرهم من الزعماء ، وقد ذاع صيته بعد أن أصبح المكان المفضل للأديب الكبير نجيب محفوظ، والذى كتب منه الثلاثية الخالدة: (بين القصرين)، و(قصر الشوق)، و(السكرية) ،  وهو حاليا محطة أساسية يتردد عليها الأشقاء العرب طلية العام، خاصة فى شهر رمضان ليتنسموا فيه عبق التاريخ وسحر الشرق ،  على أنغام موسيقى هواة العازفين على العود والناى.. سهرة حب وطرب تمتد حتى منتصف الليل.

يقول الحاج “أحمد متولي” حفيد الحاج فهمي الفيشاوي، أن نجيب محفوظ كان محبوبا ويفتقد الجميع أفكاره من المترددين على المقهى سواء عامل، أو بائع عرقسوس، أو مواطن وكان يضيف خبرته كأديب، وكانت كتاباته دائما صادقة خاصة مُعبّرة عن الحارة الشعبية، لأنه واحد من أهالي حارة الجمالية حتى حصل علي جائزة نوبل.

وأضاف الحاج متولي إن نجيب كان دائما يحب يجلس بجوار العمال والفقراء، ليستمع إليهم، حتى يجمع رصيده من المعلومات في كتابة القصص ومنهم السكرية، وسي السيد، وأمينة، وكان المقهي ملتقي للفنانين والأصدقاء واستمر به سنوات عديدة.

أخذ مقهى الفيشاوي شهرته من موقعه في حي الحسين، قريبا من جامع الحسين والأزهر، وعلى امتداد خان الخليلي السوق الأشهر في مصر والعالم العربي ، ومن نوعية رواده ، فالمقهى يقبع في أحد الأزقة الضيقة المتاخمة لمسجد الإمام الحسين بمنطقة الأزهر، في قلب القاهرة ، بمنطقة خان الخليلي ، ويرتاده مزيج من المصريين والسياح العرب والأجانب من كل الجنسيات الذين يبهرهم جو المقهى الشرقي الخالص، بموائده الخشبية المشغولة، ومقاعده الأشبه بالأرائك العربية الوثيرة، والمرايا المعلقة على جوانبه ذات الأطر الخشبية المشغولة بالصدف.

ولعل مقهى الفيشاوي، من أشهر المقاهي في مصر والذي يحمل عبق  التاريخ في كل ركن من أركانه، و يوجد المقهى بقلب حي الحسين المتاخم لخان الخليلي.

وأنشئ المقهى عام 1797، وهو أحد أبرز المقاهي في شهر رمضان، حيث اكتسب شهرته من خصوصية المكان الذي يوجد فيه ، بجانب اعتباره قبلة لعدد من المشاهير والساسة ، بداية من نابليون بونابرت الذي قصده لتناول مشروب الحلبة ، ومرورا بشخصيات مصرية مشهورة مثل جمال الدين الأفغاني،  ومحمد عبده ،  والكاتب الراحل نجيب محفوظ ، وأحمد زويل، ويكتظ مقهى الفيشاوي  بالحضور خلال شهر رمضان بشكل خاص ، نظرا لموقعه المتاخم لمسجد الحسين، ناهيك عن خصوصية المنطقة، التي تتسم بكونها قبلة للسياح نظرا لتاريخها القديم.

مقهى الفيشاوي هو  المقهى الأشهر في مصر، مر على تأسيسه أكثر من مائتي عام، وبفضل تردد الأدباء والمشاهير أمثال عباس محمود العقاد والمازنى والشاعر أحمد رامي ونجيب محفوظ، أصبح مقهى الفيشاوي  قبلة المصريين والسياح العرب والأجانب الآتية إليها للاستمتاع بليالي رمضان هناك، وسط أجواء الحسين والازهر فى قلب القاهرة الفاطمية.

فبمجرد دخولك لمقهى الفيشاوي سوف تشم عبق التاريخ بلون الخشب البني المحروق وحوائطه الصفراء بفعل دخان الشيشة وآثار الزمان، جعلت منه مزارا لعشاق الأصالة والتراث ، كما أن وجوده في قلب القاهرة الملئ بالبازارات والمزارات السياحية الأثرية جعل رواده مزيجا مختلطا بين المصريين والسياح العرب والأجانب من كل بلدان العالم الذين أصبحوا من عشاق المقهى وجوها الشرقي الخالص.

يتولى إدارة مقهى الفيشاوي الحاج ضياء الفيشاوي حفيد الحاج فهمي الفيشاوي، حيث يقول: إن جده كان معلم بمعنى الكلمة ينصت إليه الجميع زعيما لمنطقته يصلح بين المتخاصمين.

وبالعودة إلى التاريخ وكما نشرت مجلة «بناء الوطن» عام 1964 في موضوع موسع عن الفتونة في مصر  قالوا  فيه: إن أشهر فتوة في حي الحسين كان المعلم فهمي الفيشاوي، الذي تبوأ عرش الفتونة في الحي بعد معركة حامية الوطيس مع فتوة الحي السابق مهدي العجمي، بعدما أنزل به الفيشاوي هزيمة منكرة وطرده خارج الحي، ولم يستقر له الحال في منطقة الحسين إلا بعد تأكده من أن مهدي العجمي سافر بلا رجعة لموطنه الأصلي بالإسكندرية، وارتقى الفيشاوي عرش الفتونة في حي الحسين.

هنا مقهى الفيشاوي العريق، أو “قهوة الفيشاوي” كما يطلق عليها المصريون، المكان الذي نسج فيه الأديب المصري نجيب محفوظ ثلاثيته الشهيرة “بين القصرين” و”قصر الشوق” و “السكرية” لكن هذا ليس كل شيء عن المقهى. فهناك الكثير الذي نحب ان نعرفه  عن المكان الذي جلس فيه المفكر جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي، وهنا كذلك جلست كوكب الشرق أم كلثوم وغيرها من الشخصيات التي صنعت تاريخ مصر الحديث.

البداية طاولة خشبية

وبدأ الفيشاوي حياته ببوفيه صغير، ثم أهدته إحدى الأميرات مساحة من الأرض عام 1760  ، وتم الترخيص له عام 1798 لبناء مقهى، وكانت المقهى في بداية نشأتها تتكون من ثلاث حجرات على مساحة 400 متر ، أول غرفة تسمى غرفة البسفور، وهي مبطنة بالخشب الأبنوس، وأدواتها من الفضة والكريستال، وكانت مخصصة للملك فاروق وكبار الضيوف.

وهي أرقى  غرفة «الباسفور» ، وهي مليئة بالتحف والكنب العربي المكسو بالجلد الطوبي، وأدواتها من الفضة والكريستال والصيني، وكانت مخصصة للملك فاروق، آخر ملوك أسرة محمد علي، خلال شهر رمضان، وكبار ضيوف مصر من العرب والأجانب.

غرفة التحفة

والغرفة الثانية تسمى «التحفة»، وهي مكسوة بالجلد الأخضر، ومزينة بالصدف  وكانت مركزا لأهل الأدب والفن، ولطالما شهدت مناقشات فنية وجلسات الغناء والطرب ،  وهي اسم على مسمى، وهي مزينة بالصدف والخشب المزركش والعاج والأرابيسك والكنب المكسو بالجلد الأخضر وهي خاصة بالفنانين.

غرفة التحفة

أما أغرب الغرف فمخصصة للقافية، وهى تختص بالطبقة الشعبية التي كانت تشهد مسامرات أبناء الأحياء الشعبية ،  ففي كل خميس من شهر رمضان تتبارى عن طريق شخص يتميز بخفة الظل والسخرية وطلاقة اللسان ويتولى القافية يتولى القول فيرد عليه زعيما من حى آخر وهكذا فى منازلة كلامية مضحكة ، وكانت الأحياء الشعبية بالقاهرة في النصف الأول من القرن العشرين تتبارى كل خميس من شهر رمضان في القافية، عن طريق شخص يمثلها من سماته خفة الظل وسرعة البديهة وطلاقة اللسان وقابلية السخرية، فكان يبدأ ثم يرد عليه زعيم آخر يمثل حيا آخر، ويستمران في المنازلة الكلامية حتى يُسكِتَ أحدهما الآخر .

وتميزت المقهى بتقديم مشروب الشاي، فبعد مائة عام من إنشاء المقهى أصبح مشروب الشاي من أشهر علاماتها، خاصة عندما انفردت بتقديم الشاي .

قد لا تعرفون أن بداية المقهى كانت مجرد طاولة خشبية رخيصة دُشنت في زقاق (حارة ضيقة جداً) بمنطقة خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة القديمة، نصب هذه الطاولة الحاج فهمى على الفيشاوي قبل أكثر من مئتي عام، حيث أراد من خلالها أن يصنع بعض المشروبات لرواد الخان، ثم بدأ يضع بعض المقاعد ليجلس الناس عليها.

كان للفيشاوي طموح كبير، فلم يكتف بالطاولة الخشبية الصغيرة، واستطاع أن يشتري بعض المتاجر المجاورة، وكان حلمه أن يصنع مقهى ضخماً مكوناً من ثلاث حجرات، وكانت فكرته الأساسية أن يشبه المقهى المنزل العادي، كي يشعر الناس فيه بالراحة.

مقهى مكون من ثلاث غرف

المقهى أقرب لمنزل مكون من ثلاث غرف، والفكرة أن يشعر الزائر أنه في بيته وليس في مقهى مثل باقي المقاهي، وكانت هناك فكرة مختلفة تعبّر عنها كل غرفة من غرف المقهى، فالغرفة الأولى يطلق عليها غرفة الباسفور، وهي مبطنة بالخشب المطعم بالأبنوس، وتحوي أدوات مصنوعة من الفضة والكريستال والصينى، وهذه الغرفة كانت مخصصة بشكل أساسي للملك فاروق، وضيوفه فى شهر رمضان.

أما الغرفة الثانية فيطلق عليها التحفة، والسبب أن صاحب المقهى أراد أن تكون فعلاً أقرب لتحفة فنية منها لمساحة في مقهى، فجعل جدرانها مزينة بالصدف والخشب المزركش والعاج والأرابيسك، أما أرائكها فهي مبطنة باللون الأخضر، وهذه الغرفة خاصة بالفنانين.

لكن أغرب غرفة في هذا المقهى هي غرفة القافية، وهي أقرب للعبة ساخرة، يطرح فيها فرد سؤالاً على شخص آخر، فيرد عليه بكلمة “اشمعنى” فيرد عليه صاحب السؤال بإجابة كوميدية، وبعدها يطرح الشخص الثاني سؤالاً فيرد عليه الأول بنفس الكلمة “اشمعنى” وهكذا يستمر الشخصان في المنازلة الكلامية حتى يسكت أحدهما الآخر.

وكان هدف هذه اللعبة الساخرة إظهار أي منهما يتميز أكثر بخفة الظل وسرعة البديهة وطلاقة اللسان والسخرية، وكانت لعبة القافية تدار كل خميس من شهر رمضان.

ممنوع دخول غرفة القافية

يمكن للجميع زيارة المقهى، لكن ممنوع دخول غرفة القافية، التي تعد أكبر غرف المقهى، لأنها تحوي بعض الكنوز الأثرية، مثل مرآة تاريخية فريدة من نوعها وساعة حائط كبيرة، يرجع تاريخها إلى العصر التركي، وراديو أثري يقال إنه أول راديو عرض للبيع في مصر ،  تحوي الغرفة أيضاً نجفة ضخمة تعتلي الحجرة يرجع تاريخها إلى عام 1800م.

كان يجلس في هذه الغرفة الأديب نجيب محفوظ والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وفي العصر الحديث فتحت الغرفة أبوابها لشخصيات مهمة مثل السياسي المصري عمرو موسى، والعالم المصري الراحل أحمد زويل.

قهوة الفيشاوي  تعد من أهم قهاوي القاهرة، ورمز من رموز الحسين، كان يجلس  فيها كبار الكتاب والمغنيين والمفكرين والسياسيين، و مازالت الي الآن لها رونقها الخاص، ومهما ظهرت قهاوي جنبها ستظل اهم قهوة من حيث  السير والسمعة والشهرة “الفيشاوي” مستمرة وإلي الأبد.

من خلال السير خلال شارع ضيق عبر سوق “خان الخليلي” في القاهرة يبدو مقهى “الفيشاوي” مبدعًا وملفتًا للنظر، مجاوراً المشهد الحسيني، إذ تشاهد تلبيسة المشربية الخشبية والجدران المطلية باللون الأصفر، فتجلس منتشياً وتطلب كوباً من الشاى بالنعناع الأخضر المشروب الشهير للمقهى ورواده.

ويأتى إليك المشروب ساخناً، في أقداح زرقاء داكنة، وصواني ذهبية كبيرة، وتصب في أكواب مزخرفة، في حين تظهر الثريات الضخمة والمرايا مؤطرة في الخشب، في هذه اللحظة يعتريك شعور أنك في حضرة مئتي عام مضت.

قبل نحو 240 عامًا، كان هناك رجل أسمه  “فهمي علي الفيشاوي”، بدأ بتقديم القهوة فقط إلى أصدقائه والزائرين لمنطقة الحسين في زقاق حي “خان الخليلي” في القاهرة، مساء كل يوم بعد صلاة العشاء، حتى أصبحت تعرف باسم “قهوة الفيشاوي”.

وبداخل المقهى تجد الفيشاوي الكبير ينظر إليك ويرحب بك من خلال صورة ضخمة وضعت في إطار يحكي أصالة وعمارة المقهى، وهو يمتطي جوادًا يختال به فخرًا، حيث يومئ الفيشاوي إلى ناظره بالنظر في مرآة عتيقة تأخذ جانبًا كبيرًا من المقهى، أبدع صانعها في تزيينها بالأرابيسك النادر، تشد الناظر إليها فيتأملها من جوانبها الأربعة، ولكل جانب منها عبق كلاسيكي مميز يعكس شكلا آخر لمرآة أخرى، وضعت في آخر الممر توهم الجميع أن هناك ممرًا آخر، حتى تصطدم به فتتوقف لتتأملها، فهي عبارة عن أثر تاريخي يندر وجوده، ورائع في تصميمه.

تأسست قهوة  منذ عام 1779 بحي خان الخليلي لتكون شاهدة على العصر بها قاعة “البسفور” التي كانت مخصصة للملك فاروق وضيوفه من أهم رو ادها رؤساء مصر والجزائر والسودان واليمن ، و كانت شاهدة على ولادة أهم وأشهر أعمال الكاتب العالمي نجيب محفوظ في منطقة الأزهر وبالتحديد في حي خان الخليلي  ،حيث يقبع أشهر وأقدم مقهي في قاهرة المعز “قهوة الفيشاوي”، والتي أسسها الحاج فهمي الفيشاوي عام 1797، والذي لقب آنذاك بـ”فتوة الجمالية”.

“قهوة الفيشاوي”، لا تقل شهرة عن متاحف ومعالم مصر السياحية فقد لقب بالمقهي العالمي  ، ويرجع أهميته إلى الشخصيات الهامة التي كانت تحرص على الجلوس عليه، وأيضا بأثاثها العتيق ومقتنياتها التي تحمل في تصميماتها أصالة المنتج المصري، كما أنه يعكس تاريخا ثريا من الفن المصري الأصيل، لذا تعتبر من أهم علامات الاحتفال بقدوم شهر رمضان، ففيها يتم تأصيل الطقوس الخاصة بالشهر المبارك.

ولم تقتصر المقهي على تقديم المشروبات والنارجيلة “الشيشة، بل كانت بمثابة ملتقي للادباء والفنانيين والكتاب ،  وأيضا للرؤساء والأمراء العرب، فقد جلس عليها الرئيس جمال عبد الناصر، الجزائري بوتفليقة، أنور السادات، اليمني علي عبد الله صالح، السوداني جعفر النميري، وسعد زغلول.

وكانت المكان المفضل للملك فاروق وحاشيته، يقضون فيها طقوس شهر رمضان ، ففي المقهي يوجد قاعة “البسفور” وهي مخصصة للملك وضيوفه وبها أروع أنواع الأثاث وأفخمها، جدرانها مبطنة بالجلد الطبيعي، وكل مقتنياتها تحمل الأصالة وطعم التراث المصري العربي القديم المطعم بالصدف والأرابيسك، فكانت بذلك مفخرة للضيوف والرؤساء الأجانب ولذا اصطحب فيها إمبراطورة فرنسا الامبراطورة “اورجين”.

و في أركانها، تجد عبق الأحداث التاريحية الشعبية، والتي دار حولها معظم الأعمال الروائية للأديب العالمي نجيب محفوظ، وقد شهد المقهي العديد من المسودات الأولي لرواياته الشهيرة، فكانت مصدر إلهام للكاتب وكان يحلو له التردد عليها ولقاء أحبائه من الوسط الفني مثل الكحلاوي، و عبد المطلب ، و كان نجيب محفوظ طواقا لسماع أغانيهم ،  بل إنه في بعض الأحيان كان يشترك معهم في الغناء ودندنة لبعض المقاطع.

وكان الشاي الأخضر لا يحلو للعالم المصري أحمد زويل، إلا من مقهي الفيشاوي فعندما كان يأتي إلى القاهرة كان حريصاً علي الذهاب إلي المقهي لينال منها رصيداً كافياً من عبق التاريخ المصري وتراثها العتيق.

وتحمل المقاهي عادة تاريخ ونبض البشر، وتلخيصاً جذرياً لحياتهم ،  فكانت مقهي الفيشاوي شاهدة علي العصر، فعندما تم تعيين الدكتور بطرس غالي أمينا عاماً للأمم المتحدة ،  قام التليفزيون الفرنسي بإجراء لقاء هام له ، و كان هذا اللقاء بين أركان المقهي .

وبذلك اعتبرت، مقهي الفيشاوي ملجأ لكثير من الفنانيين ، فكانت بمثابة ملتقي لهم يقيمون بها سهراتهم الرمضانية، ولقاءتهم يتبادلون فيها الآراء والخبرات، يعرضون أفكارهم وألحانهم، بل في كثير من الأحيان يبدأوا بروفاتهم الأولية، ورؤيتهم لأعمالهم من خلال هذا المقهي  ، وكان يهوي ويعشق التردد عليها نجوم الزمن الجميل مثل كمال الشناوي، شادية، فريد الأطرش ويوسف وهبي، ام كلثوم، عبد الحليم حافظ، وعبد الوهاب.

وساهمت الفيشاوي في ازكاء الروح الوطنية لدي الشباب المصري، وتعظيم قيمة الانتماء والذود عن الوطن ، فقد كانت ملتقي للحركات الوطنية الطلابية السرية التي تناهض الاحتلال الانجليزي  ، فكان يجتمع فيها الطلاب تحت ستار،”المذاكرة وتحصيل الدروس”، ليخططوا للمظاهرات ضد الانجليز والتي كان لها صدي تاريخي مازال يذكر الي الان .

بداية هذا المقهي الشهير كانت عبارة عن “بوفية” صغير كان يقدم فيه الشاي للسياح والاجانب، ولكن مع ازدياد  ضيوفه ورواده فكر مالك المقهي الحاج فهمي الفيشاوي علي توسعته بضم احد المحال بجواره ليصل مساحته الي 400 مترا ثم جاء قرار محافظ القاهرة ليتقلص مساحته الي 150 مترا فقط الامر الذي احزن صاحب المقهي وكان من ضمن اسباب التي سرعت لوفاته لحسرته علي حلم عمره.

في عام 1961 تعرض مقهى الفيشاوي لاستقطاع جزء كبير من مساحتها ،  بسبب توسيع ميدان الحسين، فتقلصت مساحة المقهى الشهيرة وكما يقول ضياء الفيشاوي ، إن هذا كان سببا في إصابة جدي بجلطة في القلب، وقام وقتها الأدباء والكتاب والصحفيين بنشر مقالات تطالب محافظ القاهرة بعدم الشروع في إزالة جزء من المقهى ،  على اعتبار أنه ذو تاريخ طويل ويحمل عبق الماضي ،  لكن محافظة القاهرة لم تبالي وأزالت جزءا كبيرا من المقهى ، ليصبح مساحة المقهى 150 مترا بدلا من 400 مترا ،  فتوفي الفيشاوي الكبير متأثرا بصدمة الهدم.

وقد  أسس القهوة كان الحاج فهمي الفيشاوي، وهو رحمه الله  توفى حزنًا عليها، بعد ان اتخذت الحكومة قرارا بهدم جزء كبير منها من أجل  تطوير منطقة خان الخليلي، واصبحت مساحتها 150 متر بدلا من   400 متر، وتوفي الحاج فهمي بعد أن  عمل تاريخ عظيم بدء بطاولة خشب منذ  200 عام ، يجهز عليها  المشاريب لزوار خان الخليلي والمحلات، والطاولة اصبح لها   كراسي، والكراسي اشترى لها طقاطيق للطلبات، وبعد فترة نجح في أن  يشتري محل واتنين، وأصبحت  أخيرًا “الفيشاوي” التي نعرفها حاليا ، وهي مكونة من 3 أجزاء، وديكوراتها كانها بيت قديم من عصر الأتراك أو المماليك.

ولابد ان نذكر ان الكاتب والروائي الكبير نجيب محفوظ كان مرتبط بيها جدًا، واشتهرت بيه واشتهر بوجوده عليها، وكتب عليها ثلاثيته “بين القصرين، قصر الشوق، السكرية”.

كما توجد سجادة حريرية، رسمت عليها مشكاة تطل منها الزهور، أهداها ملك الأفغان للمقهى، بالإضافة إلى الأواني النحاسية المزخرفة المصنوعة بيد أمهر حرفيي مصر والفناجين والأواني الخزفية التركية، و التي جاءت من بلاد شرق وأواسط آسيا.

أجواء مقهى الفيشاوي

وفي أعلى سقف الغرفة تشهد الإثارة الكلاسيكية والثقافية، حيث تجد قناديل تفنن الصانع في إبداعها، وتبهرك أجواء المقهى، فتجعلك لست في عجلة من أمرك، أثناء انتظارك لمشروبك، تتنقل عيناك بفضول في محتويات غرفة يطلق عليها غرفة “البوسفور”، وهي مبطنة بالخشب المطعم بالأبنوس، وأدواتها من الفضة والكريستال والصيني كانت مخصصة للملك فاروق، وكبار ضيوف مصر من العرب والأجانب.

وينتابك شعور خفي بأنك ربما تجلس على مقعد الشاعر الساخر “عبد الحميد الديب”، الذى كان من رواده الدائمين في الأربعينيات، حيث كان يلتقي بشاعر النيل حافظ إبراهيم ويجلسان لتبادل الأحاديث والنوادر والقفشات مع رواد المقهى من البسطاء والدراويش.

ويذكر رواد المقهى دائمًا، أديب نوبل “نجيب محفوظ” والذي كان من عاداته اليومية، بعد خروجه من عمله في إدارة القرض الحسن، التابعة لوزارة الأوقاف، أن يمر على المكتبة المجاورة للمقهى، ليشتري ما جد من الكتب والدوريات، ثم يصل إلى المقهى في تمام الثانية والنصف ظهرًا، ليلتقي بأصدقائه وتلاميذه، من أمثال الأديب جمال الغيطاني، ويوسف القعيد، ورجاء النقاش وغيرهم.

كما تطرقنا آنفاً فقد اكتسب مقهى الفيشاوي جزءاً من شهرته من الأديب العربي – نجيب محفوظ- الذي بدأ فيها مسيرته الأدبية كما سجل في مذكراته، فقد أعتاد أن يجلس وحيداً في أحد أركان هذا المقهى وهو يتأمل، أمامه كوب الشاي الأخضر الذي يحتسيه، وبيده القلم، فقد أدرك أن مهد الفكرة ومنشأها هناك، ونصوص محفوظ الروائية مليئة بالأقاصيص عن عالم المقاهي التى استلهمها من إحدى أركان مقهى الفيشاوى، الذي أصبح مسرح العديد من روائعه الأدبية كالثلاثية وزقاق المدق وخان الخليلي، إضافة إلى الأعمال التى استحقت فيما بعد نيل جائزة نوبل للآداب.

و تحاك الأساطير ويلف الغموض صاحب المقهى، المعلم “فهمي على الفيشاوي” وعلاقته بالإمبراطورة “أوجيني” زوجة الإمبراطور “نابليون الثالث” إمبراطور فرنسا، أثناء زيارتها لمصر، وأثناء حفلات افتتاح القناة.

ففي أثناء جولة الإمبراطورة بالمنطقة القديمة، ومشاهدتها للجوامع الأثرية بشارع المعز لدين الله، ألمت بها وعكة خفيفة من شدة الحر، ولم يكن هناك مكان قريب لتستريح فيه الإمبراطورة المتوعكة غير مقهى الفيشاوي، وبالفعل هرع الحرس إلى المقهى لتنظيفه وتهيئته لاستقبال الإمبراطورة.

واقترح الحرس على المعلم “الفيشاوي” إحضار أطقم للشاي والقهوة من القصور الخديوية لتليق بمقام الزائرة، لكن المعلم رفض ذلك، وقال إن لديه مقتنيات من الأطقم الخزفية والأكواب الزجاجية ليس لها مثيل في أعظم القصور الخديوية، ووقف المعلم ابن العشرين ربيعًا والذي كان يعرف بالألفي “لمضاجعته ألف امرأة منذ بلوغه”، على باب المقهى، لاستقبال الإمبراطورة والترحيب بها في المقهى.

وفي اليوم التالي، طلبت الإمبراطورة أن يتم إحضار المعلم صاحب المقهى كي يعد لها الشاي الأخضر المعطر بالنعناع في قصرها، وذهب الرجل إلى القصر وأعد لها الشاي الأخضر المعطر بالنعناع وسقاها بيديه أيضًا.

ماذا قال المعلم “الفيشاوي” للامبرطورة “أوجيني”؟.. هذا ما أرادات الإذاعة البريطانية أن تعرفه حينما أرسلت مندوبًا له إلى القاهرة، وجاء إلى المقهى ليعرض على المعلم “شيكًا على بياض” مقابل أن يخبره عما دار من حديث مع الإمبراطورة “أوجيني” عندما التقاها منذ 70 عامًا؟، ولكن المندوب كان قد  ألقي خارج المقهى، بعد أن أتم سؤاله على العجوز الذي قارب المائة من العمر، دون أن يتلقى إجابة.

وكان من رواد الفيشاوي منذ إنشائها جمال الدين الأفغاني، عمر مكرم، عبدالله النديم، عبد العزيز البشري، عمرو موسى، جعفر نميري، أم كلثوم وأحمد زويل الذي كان يرتادها لتناول الشاي الاخضر، ونجيب محفوظ الذي تم إطلاق اسمه على أحد أركان المقهى المصمم من الأرابيسك، وهو نفس الركن الذي كان يجلس به لكتابة أشهر رواياته.

وفى حوار مع الأديب نجيب محفوظ حول ذكرياته في رمضان قال فيه: القهوة هي المكان الذي كنت التقى فيه بأصدقائي الخصوصيين، وهي بعد ذلك مكان التقاء المثقفين والصحفيين والأدباء بعد أن اشتغلت بالأدب، و أيضا هي المكان الذي أجلس فيه وحدي لاتأمل من يمرون بالشارع أمامى، وهى في بعض الأحيان المكان الذي كنت أرتاده لكي أدخن الشيشة التي لا أستطيع تدخينها بالمنزل ، وقد كان بإمكاني أن أمكث يوما كاملا مع الشيشة.

وتابع الأديب الكبير: فى الحالة الأولى كان رفيقي في القهوة هم الأصدقاء، وفي الحالة الثانية كان الأدباء وفي الحالة الثالثة كان المارة في الشارع، وفي الحالة الرابعة كانت الشيشة، وفي بعض الأحيان كانوا يجتمعون جميعا في جلسة واحدة، وأعمالي الأدبية لا أستطيع كتابتها إلا على مكتبي، لكنى كنت أتوصل إلى بعض أفكارها أثناء جلوسي على القهوة، وكنت أنتظر حتى عودتي إلى البيت لأدونها، وأكثر قهوة استلهمت فيها أفكار وحوادث رواياتي كانت مقهى الفيشاوي بالحسين.

صور كثيرة معلقة ما زالت تزيّن جدران قهوة الفيشاوي تحتفظ بمشاهير الفنانين والشخصيات البارزة فى المجتمع وهم يجلسون على “قهوة الفيشاوي”، من أشهرهم جمال الدين الأفغاني أحد أعلام الفكر الإسلامي، والشيخ محمد عبده، والرئيس الجزائري بوتفليقة، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، والرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، وعمرو موسى الذي اصطحب معه عددًا من وزراء الخارجية العرب ،  كما قامت إحدى المحطات التلفزيونية الفرنسية بتسجيل لقاء مع الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بالمقهى ،  كما يحرص العالم المصري الحائز على جائزة نوبل الدكتور أحمد زويل على زيارة المقهى ، وذلك  كلما كان في القاهرة لتناول الشاي الأخضر ، ومن زبائن المقهى من الفنانين، أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وسميحة أيوب وكمال الشناوي وعزت العلايلي وفاروق الفيشاوي وليلى علوي ومحمود عبد العزيز ونور الشريف وعادل ادهم واحمد زكي ومحمد هنيدي ومنى زكي وحنان ترك واحمد السقا واحمد حلمي وغيرهم.

يقول الحاج أكرم الفيشاوي الذي يدير المقهى حالياً وهو من الجيل السابع من أحفاد الفيشاوي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية: “إن مقهى الفيشاوى محبب للكثير من المصريين خاصة في شهر رمضان ،  فمنهم من يعزف على العود والكمان مستمتعاً بالجو والمكان التراثي الأصيل.”

ويضيف الفيشاوي أن المقهى يبدأ في الازدحام بعد الإفطار مباشرة وحتى السحور، حيث يستمتع رواده بروح المكان، الذي تخطت شهرته مصر والوطن العربي، رغم من انتشار الكثير من المقاهي المتاخمة لمسجد الحسين، حيث يقف الكثيرون انتظاراً لدورهم.”

ويشير الفيشاوي إلى أن “الكثير من الشخصيات المشهورة قامت بزيارة المقهى ومن بينهم الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالى ،  والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسي  ، والشاعر الراحل أحمد رامي  ، والكاتب والروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ ،  والذي كتب ثلاثيته الشهيرة بالمقهى، بالإضافة إلى العديد من الأدباء والفنانين والرؤساء والوزراء ، ” ورغم تقليص مساحة مقهى الفيشاوي وتغير بعض ملامحه، فلا زال يشكل مقصدا لكل فئات المجتمع المصري من الذكور والإناث من مختلف الأعمار ، كما يقصده السياح العرب والأجانب لمعايشة جانب من أجواء الحياة الشرقية الأصيلة ، كما لازال مقهى الفيشاوي يشكل مزارا لبعض الأسماء الوازنة في مجال الإبداع الأدبي المصري والعربي، في مقدمتهم الروائي الكبير جمال الغيطاني الذي يعد واحدا من المرتادين الأوفياء لهذا المقهى.

وأما عن أهم أصدقاء نجيب محفوظ علي قهوة الفيشاوي فيقول الحاج “أحمد” منهم الشيخ إبراهيم بائع الكتب، والذي كان رجلا كفيفا يبيع للمشايخ كتب دينية  ، لان أغلبهم من طلاب في جامعة الأزهر، وكان عندما يسأله أحد الزبائن عن كتاب معين يشير بأصبعه علي اسم الكتاب، وكان من أقرب الأصدقاء لنجيب محفوظ علي قهوة الفيشاوي والذي اشتهرت صورته مع نجيب محفوظ.

يشتهر المقهى بالشاي الذي يقدمه، سواء الأسود منه أو الأخضر، حيث يقدم في إبريق معدني صغير، تفوح منه رائحة النعناع، على مائدة معدنية صغيرة، كما تقدم فيه النارجيلة (الشيشة) بنكهات مختلفة، وهو أكثر شيء يقبل عليه مرتادو «الفيشاوي» خاصة من الشباب والسياح الأجانب.

ويعتبر  أفضل وقت تستمتع فيه بشرب براد الشاي الذي اشتهرت به قهوة الفيشاوي، هو وقت الفجر لأن فترة الليل تكون مزدحمة كثيرا ،  ومن الممكن إلا تجد مكان في القهوة .

رغم أن منطقة خان الخليلي باتت مليئة بعدد ضخم من المقاهي، ذات المستويات المختلفة، ومنها مقاهي تطل مباشرة على مسجد الإمام الحسين، لم ينجح أي مقهى في القاهرة في منافسة الفيشاوي، حتى يمكن أن تجدوا أغلب المقاهي الأخرى في المنطقة خاوية على عروشها، وعمالها يسعون لإقناع الزبائن بالجلوس بشتى الطرق، بينما لن تجدوا مقعداً خالياً في الفيشاوي، وفي كل مرة ستضطرون للانتظار حتى تخلو طاولة فيه.

هل نقول لكم سراً؟ لا تذهبوا في المساء، فالزحام شديد، أفضل وقت للجلوس في المقهى والتمتع بمشروب الشاي الشهير فيها هو الفجر.

مقهى الزهراء

مائة  عام من الذكريات في مقهي «الزهراء» ، وفي شهر رمضان يحلي السهر في الليل، ويبحث الكبار قبل الشباب عن مكان ليقضوا فيه سهراتهم، وتكون المقاهي هي المكان الوحيد فيزداد الإقبال علي المقاهي، و من بين تلك المقاهي ستجدون مقهي «الزهراء»، أقدم المقاهي المصرية، يشهد علي أحداث رمضان عبر سنوات طوال، حيث  أنشئ عام 1907م وأسسه المعلم بدر الدين عبده وأخواته، وبعدها تنقل المقهي من جيل لآخر.

و المعلم محمد جابر قضي حياته في هذا المقهي ، حيث  بدأ يعمل به منذ أن كان عمره 11 عامًا لتمر عليه الأيام والسنوات ، حيث قال ( أهالي  الحسين كانوا يضحكون دائما ، و الابتسامة لم تكن تفارق وجوههم، والآن الأهالي هجروا مساكنهم ليسكنوا في الأحياء الراقية، و  انتشرت المقاهي الشبابية، ولكن الشيء الجميل هو ظاهرة مقاهي العائلات ، ففي  أيام زمان كان عمالقة الفن والأدب يأتون إلي هنا ليقيموا ندوات ومناقشات تستمر حتي يدق المسحراتي بطبلته  ، فيعود كل منهم لمنزله بعد سهرة رمضانية رائعة ، وكان من بينهم الأديب نجيب نحفوظ والشيخ محمد متولي الشعراوي.

ومن أغرب المواقف التي قابلته في شهر رمضان منذ 12 سنة  ، حيث وجد أكثر من وزير يجتمعون عنده في المقهي للإفطار مع حرسهم الخاص، وكان ميدان حي الحسين غارقاً برجال الأمن والرتب الكبيرة ، فضحك المعلم جابر وهو يروي مواسم نشاط المقهي ،  فهو يقسمها إلي موسم للعرب في شهر يونيو حيث تكون معظم زبائنه من أثرياء العرب، الذين جاءوا للاستمتاع بالإجازة في مصر، وموسم الأجانب في شهر نوفمبر  ، حيث يمتلئ حي الحسين بهم وينتشرون في الكافيهات القديمة لإحساسهم بقيمتها ،  وأخيراً مواسم الموالد خاصة مولد سيدنا الحسين ،  وازدحامه بأهالي الأقاليم والصوفيين علي المسجد وجلوسهم علي المقاهي طوال فترة الاحتفال بالمولد.

المقاهي الثقافية في رمضان

ونجد مقاهي أخرى كانت وما زالت قبلة للمثقفين والأدباء والساسة مثل مقهى ريش، الذي تأسس عام 1908، وشهد أحداثا سياسية ساخنة، مرورا بكونه مكانا سريا لكتابة وطبع منشورات ثورة 1919 التي قادها سعد زغلول.

وكذلك مقهى بترو، الذي تعرف فيه نجيب محفوظ الأديب المصري الراحل على الأديب الراحل توفيق الحكيم، وكان يقضي فيه بعضا من وقته كما هو الحال بالنسبة لمقهى قصر النيل ومقهى عرابي.

ونجد أيضا مقهى زهرة البستان بمنطقة وسط البلد، وهي جميعها مقاهٍ ثقافية، اعتاد روادها من الكتاب والأدباء والفنانين على حضور الأمسيات الرمضانية الثقافية، التي كانت تعقد فيها، لتتحول إلى قبلة للعائلات ومختلف الأطياف الشعبية بمرور الوقت .

 مقهى  ( الدراويش )

مقهي «المجاذيب» سابقا و«الدراويش» حاليا ،  هو أشهر مقاهي منطقة الحسين، يربط الماضي بالحاضر ويحتفظ بالأصالة وطقوس شهر رمضان رغم مرور مائة عام علي إنشائه  ، ويتوارثه الأبناء جيلا بعد جيل.

والحاج أشرف سعيد هو صاحب المقهي الحالي  ، ويعتبر  الحفيد الثالث لجده محمد يوسف الذي أنشأ ذلك المقهي، و يذكر أن جده كان حريصا علي إحياء الليالي الرمضانية خلال الشهر الكريم، من خلال جلب المنشدين والمداحين الذين يبدأون أناشيدهم بعد صلاة التراويح حتي الساعة الثانية عشرة ليلا ، ومنذ عشرين عاما فإن المترددين علي المقهي لإحياء الليالي الرمضانية بداية من أول ليلة للشهر الكريم، هم الشيخ ياسين التهامي  ، والذي يحضر دون أن يغني والمنشد محمد طه ، ومحمد خضر  ، وعبد العزيز محمود ،  والشيخ يوسف شتا ، والشيخ رمضان عويس  ، والحاجة فايقة نور.

ومن الفنانين أحمد عدوية ،  وشعبان عبدالرحيم رحمه الله ،  وعبدالباسط حمودة ،  وخلال السنوات الماضية كان المسؤولون الكبار يحضرون الليالي الرمضانية ،  ويجلسون في الصوان الذي تم إنشاؤه بجوار المقهي بمناسبة شهر رمضان ، ولكن توقف ذلك الصوان عام 1979 .

وكان من بين هؤلاء المسؤولين  ، محافظا القاهرة والقليوبية  ، وبعض من محافظي باقي المحافظات وأيضاً مدير الأمن ،  وطبقا لتوارث الأجيال فقد أصبح والد الحاج سعيد  المسؤول عن المقهي حاليا ،  هو المسؤول منذ بداية الثمانينيات ،  وقد حرص علي أن تظل عادات والده بإحياء الليالي الرمضانية ،  وبعدها أصبح الحاج سعيد هو المسؤول عن إدارة المقهي والفرق الموسيقية، التي تأتي منذ عشرين عاما، و مازالت تأتي حتي الآن ،  والمسؤول عنها الشيخ رمضان  ، ويأتي معه جمال المحمدي وسيد إمام مغني الأغاني الشعبية.

وكانت المقاهي قديما مقتصرة علي الشاي والقهوة، أما الآن فيوجد كل أنواع المشاريب التي ترضي ذوق الزبون  سواء كانت كاكاو وكابتشينو وسحلب ونسكافيه ومشروبات غازية والشيشة التفاح التي أصبحت مطلب الزبائن، و يأتي الزبائن يوميا بعد صلاة التراويح وأغلبهم من أهالي الحسين والجمالية والسيدة زينب لحضور الأناشيد والمداحين  ، حيث يعد  مقهى الدراويش هو  المقهي الوحيد في الحسين الذي يحمل تصاريح لإحياء الليالي الرمضانية ، حيث تأخذ صورة من كارنيه كل منشد والصادر عن المهن الموسيقية ، ولا يوجد عوائق تواجه المقهي ،  ومن أشهر الشخصيات التي كانت تأخذ المشاريب هو الشيخ الشعراوي ،  والذي كان يأتي في آخر عشرة أيام من رمضان ،  ويأخذ أسماء العمال ويرسل لهم الزكاة  ، حتي بعدما تدهورت حالته الصحية وجلس في منزله بالسيدة نفيسة ، كان يرسل أحد معارفه ليأخذ أسماء العمال ويرسل الزكاة ، وأيضا حضر المقهى الفنان يوسف شاهين.

ومن  أكبر الملحنين والمنشدين هو الشيخ رمضان فرج عويس المسؤول عن الأناشيد والمداحين ،  وله فرقة كاملة في المدح والذكر ، و يبلغ من العمر 65 عاماً ،  وبدأ مجال العمل في المدح والذكر وكان عمره 17 سنة ،  حيث كان يهوي المدح والذكر  ، وبدأ يأتي إلي المقهي في رمضان ،  وذلك في الستينيات وكان معه سيد عزب رحمه الله  ، فكون فرقة وأصبح المسئول عنها  ، وهذه الفرقة تسمي «فرقة نجوم الحسين».

مقهى ( كوكب الشرق )

في مقهي «كوكب الشرق» نرى صوت وصورة لأم كلثوم ، وعلي أنغام تلك الكلمات «رجعولي عنيك.. أيامي اللي راحت.. علموني أندم علي الماضي وجراحه .. أنت عمري» يجلس الكبار والصغار والشباب علي مقهي كوكب الشرق أم كلثوم بوسط القاهرة ،  ويجلس الحاج سمير عوض صاحب المقهي بالجلباب البلدي، يتذكر فيه أول يوم ارتاد فيه المقهي عام 1972 ،  في الوقت الذي كان يعمل فيه تاجراً بسوق قطع غيار السيارات بالمنطقة نفسها، و كان وأصدقاؤه يستغلون أوقات الراحة للجلوس علي المقهي لتناول الطعام وشرب الشاي علي صوت السيدة أم كلثوم.

وقال الحاج سمير عوض، «صاحب المقهي»  أن المقهي قديما  كان عبارة عن دورين فقط، أما الآن فهو مكون من أربع طوابق، الطابق الأول بمثابة المطبخ الذي يخرج منه كل طلبات الزبائن ، ويجلس عليه غالبا كبار السن ،  والطابق الثاني ذو الإضاءة الخافتة يجلس عليه الشباب ،  أما الطابق الثالث مصمم علي الطراز العربي القديم حيث المشرابيات والكراسي والدكك الخشبية المشغولة بالأرابيسك ، وأكثر رواده من العرب والأجانب ،  في حين أن الطابق الأخير (  السطح )  لمن يرغب بالجلوس في الهواء الطلق ،  ويختار كل زبون الجو والمكان المناسب له ، ولا يخلو أي طابق من الطوابق من صور وصوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم .

يعود تاريخ المقهي إلي عام 1936 عندما أنشأ الحاج عبدالعزيز المقهي ، وأطلق عليه إسم  مقهي توفيق  ،  نسبة إلي اسم شارع الخديو توفيق ،  إلي أن مرت به السيدة أم كلثوم عام 1948 عائدة من بروفة لإحدي حفلاتها بدار الأوبرا  ، وقررت وقتها التوقف والنزول إلي المقهي لتناول فنجان من القهوة ،  ولم يصدق الحاج عبدالعزيز أن السيدة أم كلثوم تجلس علي مقهاه  ، فطلب منها أن يطلق علي المقهي مقهي أم كلثوم فوافقت ، ولم تكن هذه الزيارة الأخيرة لها فكانت أم كلثوم تمر علي المقهي في طريقها لمكتب الموسيقار محمد عبدالوهاب في العمارة 55 بنفس الشارع ،  ونظرا لموقع المقهي المميز وقربه من العديد من شركات الإنتاج السينمائي  ، فكان يرتاده الفنانون أمثال الفنان توفيق الدقن  والمخرج هشام أبوالنصر ،  وأوضح الحاج سمير أن السبب الحقيقي وراء ارتباط الزبائن بالمقهي هو عشقهم الأول والأخير لأم كلثوم قائلا ، إن الزبائن تأتي  من لبنان وسوريا والكويت وتونس لأم كلثوم، مؤكدا أن زبون المقهي في رمضان هو نفسه زبون المقهي في الأيام العادية ، لأن زبائن القهوة معروفين ،  ففي الأيام العادية يفتح المقهي في الثامنة صباحا حتي الواحدة مساء ، أما في رمضان فيفتح المقهي في الرابعة عصرا حتي الرابعة صباحا، وأرجع  الحاج سمير تميز مقهاه إلي إذاعة كل أغاني أم كلثوم بالإضافة إلي أغاني عبدالمطلب وسيد درويش  ، وتمني الحاج سمير أن يري مقهي أم كلثوم «قهوة مصر الأولي».

مقهى الشيخ شعبان

رواد مقهي الشيخ شعبان كانوا نجيب محفوظ وفريد شوقي وتوفيق الحكيم ، و بين كراسيه تسمع حكايات الأجداد وعاداتهم وطقوسهم في شهر رمضان، وعلي جدرانه تشاهد صورا لرجال عظام أثروا في تاريخ البلد، و هناك علي مقهي الشيخ شعبان ستجد العراقة وكبارا تنظر في وجوههم تقرأ تاريخ مصر.

تأسس مقهي الشيخ شعبان في عام 1919، يرتبط بثورة الزعيم الراحل سعد زغلول ، وكان يجلس عليه السياسيون منذ تسعين عاما، فيقول  أحد العاملين بالمقهي ”  أيام زمان راحت وراحت معاها حاجات حلوة كتير ، حيث كان هذا المقهي يجلس عليه كبار مسئولي البلد  ، ويتحدثون في السياسة وأحوال البلد حتي تناول وجبة السحور ، ومنذ أكثر من عشرين عاما كان الكاتب الراحل نجيب محفوظ والفنان فريد شوقي وأصحابهما وأصدقاؤهما يحضرون إلي المقهي ،  ويتحدثون حتي السحور وأيضا الشيخ الشعراوي كان يأتي للمقهي ” .

مقهى ( نادي الشباب )

مقهي «نادي الشباب» هو أول مقهي تقابلك عند الدخول إلي الممر الذي يدخلك إلي سلسلة من المقاهي الأشهر منها مثل البورصة ،  و مقهي نادي الشباب هو  حديث لا يزيد عمره علي خمسة وأربعين عاما ، لكنه يحمل خمسة وأربعين عاما من الذكريات لآلاف من الزائرين بل ملايين الزائرين ، ورغم أنه يوجد علي ناصية الشارع ،  إلا أن المثقفين لم يترددوا عليه لأنه الأكثر ضوضاء عن غيره ، و رغم أن المقهي لا يزيد عمره علي خمسة وأربعين عاما ، فإن له شهرة كبيرة ويحرص كثير من الفنانين علي الجلوس فيه ،  رغم ابتعاد الكتاب والصحفيين والأدباء عن الجلوس فيه ،  لأنه أكثر ازدحاما وضجيجا بسبب قربه من الشارع،  كما أنه تم تصويره في أكثر من فيلم سينمائي وإعلان.

و كان الحاج صاحب المقهي كغيره من أصحاب المقاهي الأخري يعلق صور الكتاب والأدباء الذين كانوا يداومون علي الحضور إليه، لكنه رأي أن المقهي دائما ما يستقبل حضور  من البشر ، وعندما يركز علي أفراد بعينهم دون الآخرين فإنه لا يعطيهم حقهم ، كما أن حوائط المقهي الأربعة لا تكفي لكل صور الزبائن المشهورين الذين مروا بالمصادفة أو كانوا من المترددين عليه.

أما عن أجواء رمضان ، فالمقهى  يختلف عن كل شهور العام ،  فبالرغم من أن المقهي يغلق أبوابه طوال النهار،  فإن نسبة الإقبال عليه عالية جدا في رمضان ،  نظرا للإقبال أثناء فترة المساء وبحجم أكبر.

مقهى ( زهرة البستان )

اما مقهى زهرة البستان الموجود خلف مقهى ريش من شارع صبرى أبو علم  ، يوجد على مدار 80 عامًا هو تاريخ هذا المقهى الشهير، و  الذى كان يعتبر  نافذة للقاء الأدباء والشعراء، وملتقى تجمعاتهم، ومازال، ويقع المقهى قرب ميدان طلعت حرب، خلف مقهى ريش الشهير بندوات نجيب محفوظ الأسبوعية، فتجد فيه ناس من مختلف الطبقات والمجالات العملية والفكرية.

و كان يجلس على المقهى فى وقت سابق الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى، وخيرى شلبى، وعلاء الأسوانى، وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم، حيث تجدهم يجلسون بين الناس ومع الناس دون حواجز وعلى طاولة واحدة دون قيود.

وتجد فى مقهى البستان أحلام الشباب تبدأ من هناك، فى جلسة سمر، أو جلسة نقاش أو جلسة منفردة فى قراءة كتاب، أو تلحين أغنية، أو أى عمل أدبى أو فنى، فتجد الأفكار تتعدد وتتكاثر، ويملأوها التفائل والحماس، بما يتمتع به المقهى من أجواء خيالية، حيث يجتمع فيه كبار الأدباء بالشباب الصغير الذى يحلم ويمتلك أفكار .

مقهى ( سانتي )

اما المقاهى القديمة فى القاهرة الخديوية كان لها نصيب كبير لعامة الشعب من العمال ، ففى ميدان العتبة، خلف الأوبرا الخديوية كانت تقع مقهى سانتى فى حديقة الأزبكية، وكان له نكهته الخاصة.

مقهى (  ماتاتيا )

وكذلك مقهى ماتاتيا الأسطورى، الذى سمى على اسم المالك اليونانى  ، وكان يُعرف مقهى Mattatia فى الأصل باسم Post Café ، وكان يتردد عليها شخصيات تاريخية مثل جمال الدين الأفغانى ،  وعبدالله النديم ،  والشيخ محمد عبده ،  ويعقوب صانو ،  وسعد باشا زغلول ، و عباس العقاد ،  ونجيب محفوظ وغيرهم ، اما ادوار عمارة متاتيا فقد هدمت بعد تصدع هذه العمارة التاريخية فى زلزال1992/10/12 ،  وبقيت الدكاكين على الجوانب الاربعة يشغلها اصحابها  ، الى أن قامت محافظة القاهرة في1999/4/21 بإخلائها وتعويض اصحابها والبدء فى هدمها ،  تنفيذا لقرار  الحكومة  بمناسبة تنفيذ مشروع نفقى شارع الازهر .

مقهى ( مختلطة)

وبجانب ماتاتيا كان هناك مكان شهير آخر إسمه مقهى مختلطة  ، وقد سمى بهذا الاسم  على اسم مبنى المحاكم المختلطة الذى كان موجودًا فى الساحة حتى الثلاثينيات .

مقهى ( إسترا )

اما ميدان التحرير والشوارع المتفرعة منه كانت موطنًا للشباب الذين يتجمعون على مقهى أسترا، الكائن فى المبنى البحرى الشهير الذى يطل على ميدان التحرير منذ الثلاثينيات .

مقهى (  إيزايويتش ) 

ومقهى إيزايويتش، الذى سمى على اسم مالكه، وذلك حسبما ذكر كتاب مقاهى الصفوة والحرافيش “مقاهى الاختيار” للمخرج عيد عبد الحليم.

مقهى ( التحرير )

وهو المقهى التقليدى الوحيد المتبقى فى ميدان التحرير  ، ومكانه  مقابل المتحف المصرى، هو مقهى التحرير، الذى أسسته عائلة محروس عام 1933، والغريب أنه يُعرف بأنه مكان تجمع للمثقفين والمرشدين السياحيين وعلماء الآثار فى المتحف.

مقهى وبار (  الخديوية  )

وفى شارع التياترو المعروف حاليا بشارع حمدى سيف النصر فكان يوجد مقهى وبار جراسمو، ثم اصبح اسمه مقهى وبار الخديوية، نسبة الى دار الاوبرا الخديوية ،  وكان من رواده عبدالرحمن الكواكبي, الشيخ محمد عبده, و الزعيم سعد باشا زغلول، و أحمد زكى باشا وهو الملقب بشيخ العروبة ، كما أنه صاحب المكتبة الزكية الموجودة بدار الكتب، والشاعر حافظ ابراهيم، و رجال وزارة المعارف ، فيما استمر مقهى وبار الخديوية حتى النهاية بعكس مقهى متاتيا المجاور له.

فقبل عصر دور السينما وأجهزة الراديو، كانت المقاهى التقليدية فى الشرق الأوسط تقدم شكلًا من أشكال الترفيه الخفيف.

و فى مثل هذه الأماكن، لم يكن من غير المألوف العثور على خيال الظل “دمى الظل”، والغوازى “راقصات الشوارع” والحكواتى “رواة القصص” ، وفيه يروون قصة السيرة الهلالية “ملحمة هلالية الشعبية” والظاهر بيبرس وعنترة بن شداد “الأسطورة العربية الشعبية” ،  وذلك على الربابة ، تلك  الآلة الموسيقية الشعبية التى كانت تصاحب رواة القصص عادة لتقديم خلفية موسيقية لحكاياتهم .

وبدأت ثقافة المقهى الحديث المصمم على الطراز الغربى فى حى الأزبكية وسط القاهرة ، و  تُظهر الصور الفوتوغرافية في تلك الفترة أن هذه المقاهى عادةً ما كانت لها واجهة مماثلة تتميز بحاجز خشبى يفصل بين المساحة الداخلية ، حيث يتم إعداد المشروبات ،  والمساحة الخارجية حيث يجلس العملاء ويدخنون الشيشة أو يلعبون طاولة الزهر، وذلك حسبما ذكر كتاب مقاهى القاهرة لعبد المنعم شميس.

 ويختلف الاحتفال برمضان في المقهي الآن عن رمضان قديما ،  فتسمع الأغاني الآن  بالعود والرق والطبل ،  وأيضا يأتي أشخاص من مختلف المحافظات يجلسون علي المقهي و  يتناولون وجبتي الإفطار والسحور ومعهم أفراد أسرهم ،  فالجلوس في مقاهي الحسين شيء مختلف  ، وذلك للجو الروحاني  وإقامة الملتقي الفكري الإسلامي  ، حيث نجد  غالبية المقاهي تجمع في شكلها  بين التراث القديم والأرابيسك ، وبين الشكل الحديث ،  حيث يوجد في أغلبها «رمالة» يصنع عليها المشروبات  ، ونجدها موجودة في المقاهي منذ سنوات وسنوات ، ومرت عليها أجيال متعددة ، ولكن الشيء الوحيد الذي اختلف في المقاهي هو الزحام  والناس أنفسهم.

الغردقه - شارع الشيراتون القديم بجوار فندق روما علي البحر - تليفون  0653447115  موبايل  - 01020238453

عن 1

شاهد أيضاً

د شيرين العدوي تكتب : ألف

هل نحن مستعدون للتفكير فى حياتنا، وقراراتنا، وما نخفيه داخل أعماقنا؟! هل نعيش حياتنا بصدق؟ …