الكاتب والمحلل السياسي/ رامي الشاعر
صرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لدى وصوله موسكو اليوم الأربعاء لحضور الاجتماع الرباعي لوزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا، بأن إيران وروسيا جعلتا التسوية الدبلوماسية للقضية السورية ممكنة.
وبعد لقاء وزراء الخارجية للدول الأربعة صباح اليوم الأربعاء، والذي سبقته إجراءات مضنية بذلتها الدوائر الدبلوماسية في الدول الأربعة، يمكننا القول بأن كل الإجراءات قد تم إنجازها تمهيدا للقاء الرئيسين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان، لا سيما البيان الذي صدر مؤخرا عن وزراء الخارجية العرب بخصوص المسار الجديد للتعامل مع سوريا وأزمتها، وعودة سوريا إلى أحضان الجامعة العربية، بعد تعليق عضوية سوريا لأحد عشر عاما، وذلك كله يبشر ببدء بذل الجهود في مساعدة سوريا للخروج من محنتها والتعافي في جميع المجالات وعلى رأسها الاقتصادي، والذي شملت تداعياته عامة الشعب السوري الذي لا زال يعاني مأساة إنسانية حقيقية بسبب العقوبات الجماعية المجحفة بحقه من قانون “قيصر” وغيره.
لقد انطلق قرار جامعة الدول العربية التاريخي من حرص الدول الأعضاء على أمن واستقرار الجمهورية العربية السورية، وعروبتها، وسيادتها، ووحدة أراضيها، وسلامتها الإقليمية، وسعيا لإيجاد مخرج للأزمة السورية يرفع المعاناة عن الشعب السوري، ويحقق تطلعاته المشروعة في الانطلاق نحو المستقبل، ويضع حدا للأزمة الممتدة التي تعيشها البلاد، وللتدخلات الخارجية في شؤونها، ويعالج آثارها المتراكمة والمتزايدة من الإرهاب والنزوح واللجوء وغيرها.
اليوم أصبح المطلوب من جميع السوريين التجاوب مع جميع الجهود المخلصة التي تبذل من أجل مساعدة بلدهم المأزوم، وتجاوز كل العقبات التي نتجت خلال 12 عاما، والعمل سويا من خلال الحوار السوري السوري لتجاوز وحل تلك العقبات كافة، وعدم وضع أي شروط مسبقة، فلا يجوز أن يكون بين السوريين، ممن اكتووا بنير الحرب الأهلية أن يضعوا اشتراطات أمام هذه الفرصة لعودة الدور العربي في مساعدتهم وعودة العلاقات السورية التركية.
إن عامة الشعب السوري يريد أن يعيش في أمان واستقرار وازدهار، ولا أعتقد أن تعنيه أي شعارات تطرح بتحميل المسؤولية والمحاسبة وغيرها. دعونا ننسى جراح الماضي، ولنفتح صفحة جديدة، يتم فيها مراعاة مصالح جميع مكونات وأطياف الشعب السوري، ونراعي في الوقت نفسه متطلبات حماية السيادة السورية ووحدة التراب السوري، ولنشرع في عملية تاريخية مهولة للتعافي الاقتصادي الذي يعد حجر الأساس للدولة السورية الجديدة، التي قررت البلدان العربية جنبا إلى جنب مع صيغة أستانا مساعدتها.
لا أعتقد أن بإمكان أي أحد في واشنطن أو تل أبيب اليوم الوقوف أمام إرادة الشعب العربي، في وسطه الشعب السوري، في عودة سوريا إلى حضن الأسرة العربية، أو عودة العلاقات التركية السورية إلى علاقات الجوار الطبيعية، ولا عودة العلاقات الدبلوماسية بين طرفي الخليج المملكة العربية السعودية وإيران، وليكن اسمه من الآن فصاعدا لا الخليج الفارسي أو العربي، بل خليج السلام والأمن والاستقرار.
إن ما نراه الآن هو تبعات الزلزال السياسي الذي نجحت فيه الصين وروسيا بجهودهما الدبلوماسية، ونجحت فيه تركيا وإيران وكذلك سوريا، ولقاء وزراء خارجية الدول الأربعة: روسيا وسوريا وإيران وتركيا هو خطوة شديدة الأهمية ستطال تداعياتها كل السوريين والعرب ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها، وهو دعم حقيقي للقرار العربي الذي اتخذ قبل عدة أيام بمساعدة سوريا وشعبها، ودعم للمصالحة السعودية الإيرانية، وربما يكون مؤشرا لمنطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وخالية من القواعد الأمريكية، وخالية من الصراعات والأزمات والحروب، وإيذان بالبدء الحقيقي لعالم جديد متعدد القطبية يتخلص من الولايات المتحدة الأمريكية بعقوباتها وتهديداتها وهيمنتها غير المبررة.
نأمل أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد هو أول المهنئين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفوز مستحق في الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة.