بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي
إن مفهوم الإبداع وحرية الفكر والتعبير على الرغم من الاختلاف فيما بينها ، الا أنها تعتبر من القضايا المهمة في كل العصور ، فكل أمة تمر بفترات متعددة تناقش فيها هذه المفاهيم مجتمعة لأنها من الضرورات
التي تسهم في تحقيق التقدم عدا أنها حق من حقوق الانسان وهي منظومة متعددة الجوانب .
فالإبداع والحرية الفكرية هي الرغبة والموهبة في الإضافة والتطوير؛ وهي عملية بناء جديدة ومتجددة ،وفي عالمنا العربي نلاحظ أن العقل المبدع المتجدد مستهدف باعتباره مجددًا ومتجاوزًا للمألوف ويحتاج إلى الحرية التي هي الشرط الأساسي لوجود الإبداع الحر الذي يقف خلفه ذاك المبدع الذي قد يقلق أصحاب المصالح ويخالف الواقع المتعارف عليه ، ولا يمكن لهذا المبدع وغيره أن يبدع في بيئة مجتمعية مقيدة .
إن عملية الإخضاع المستمر والقهري والتقيد بنموذج الكبار ونمطية الحياة السائدة ، وقتل الروح الإبداعية لدى الانسان العربي ، أعاقت عملية
النمو وجدانيًا وعقليًا ، وشلت كل تفكير آني ومستقبلي وغرست سلوكيات
القهر الداخلي لدى الشعوب ، ما أدى بهم إلى الدخول طائعين تحت مظلة
الخضوع والقهر التي استمرت لعدة قرون .
إن الإبداع الحقيقي يتعارض مع هذا الخضوع والقهر ، والمبدع بطبيعته يضيق بكل القيود وبكل ما يحاصر عقله وذاته ، ويعيش وينطلق في عالم بلا أقفاص ، نحن بحاجة إلى المزيد من الحرية في التفكير وفي ممارسة الحرية في الإبداع كي نثري الفكر والثقافة العربية ونجددها ، وهذا يتطلب
منا المساهمة في تجفيف منابع فكر قوى الظلام ، والعمل على وقف ممارساتهم وسلوكياتهم التي يشوهون بها حقيقة الدين الذي أعطى العقل الحرية في التفكير والاختيار ، لا في القتل والتدمير ، وإنما بالحوار والاجتهاد
إن تنمية الخطاب الثقافي والتربوي بحيث تسود ثقافة الابداع والحرية الفكرية أصبح من الضروريات، كي ننتصر على الجهل والتخلف والقمع الفكري.