متابعة – علاء حمدي
سلط تقريراً جديداً بعنوان “تمكين النمو الشامل” الضوء على الاستراتيجيات والمبادرات والجهود الأخيرة التي تبذلها دول المنطقة لتقليص حجم اقتصادات الظل ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وجذبها للمساهمة بدور حيوي في دعم الاقتصادات المحلية من خلال تعزيز شمولها ودمجها اقتصادياً ومالياً.
وتشير مخرجات التقرير الصادر عن شركة آرثر دي ليتل، إلى أن حجم اقتصادات الظل في دول مجلس التعاون الخليجي صغير على نحو ملحوظ مقارنةً بالمتوسط العالمي، حيث تمثل الأعمال والأنشطة غير الرسمية 18 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة. وتشير التقديرات إلى أن نشاط اقتصادات الظل يمثل 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية، و17 في المئة في مملكة البحرين، و22 في المئة في الكويت، و24 في المئة في دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. وتُعد هذه النسبة أقل بكثير مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ نحو 28 في المئة ، ويتماشى ذلك على نحو وثيق مع تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والبالغة نحو 15 في المئة . وبناءً على هذه المكانة الجيدة، تبقى مسألة دمج أعمال الظل في الاقتصادات المحلية الرسمية أولوية قصوى لدول مجلس التعاون الخليجي.
وتعليقاً على نتائج التقرير، قال ستيفان أولكاكار، مدير في آرثر دي ليتل الشرق الأوسط: ” يمكن لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تحسين عوامل التمكين الرئيسة مثل القوانين واللوائح المنظمة، والرقابة الضريبية المعززة، والخدمات المالية التي يمكن الوصول إليها بسهولة، إضافة إلى تكافؤ الفرص، إرساء أسس قوية لدفع عجلة النمو وتطوير اقتصاداتها الرسمية. ويمكن لهذه الجهود أن تساهم ليس فقط في تقليل الحوافز التي تدفع الأفراد والشركات للعمل في اقتصاد الظل، بل أيضاً خلق مشهد اقتصادي أكثر شمولاً واستدامة. ومع استمرار دول مجلس التعاون الخليجي في إظهار تقدم ملحوظ ، فإن هذه التدابير الاستراتيجية ستسهم في تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها محركاً حيوياً للنمو الاقتصادي والابتكار والمرونة، ما يساهم في النهاية في ازدهار اقتصادات المنطقة بأكملها على المدى الطويل”.
تقود دول مجلس التعاون الخليجي زمام المبادرة لتقليص حجم اقتصاد الظل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال تنفيذ سياسات وتدابير فعّالة تحفز الشركات العاملة في اقتصاد الظل على تقديم مساهمات ملموسة في الاقتصادات الرسمية للبلدان التي تنشط فيها. وتشمل هذه التدابير تحسين إنفاذ الضرائب، ودعم المشاريع الصغيرة، وتسريع وتيرة الرقمنة، وتعزيز معايير الشفافية والشمول المالي من خلال توفير الخدمات المالية وزيادة فرص الحصول على الخدمات الائتمانية.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها، وظفت الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 86 في المئة من القوى العاملة في القطاع الخاص لغاية منتصف عام 2020 مساهمة بأكثر من 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت نفسه، تستهدف المملكة العربية السعودية في مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تصل إلى 35 في المئة بحلول عام 2030، وبالمثل تستهدف مملكة البحرين نسبة المساهمة لتصل إلى 50 في المئة بحلول العام نفسه.
وأشار التقرير إلى أن حكومات المنطقة ينبغي عليها اتخاذ نهج منظم ومنسق وتقديم حلول مبتكرة تساهم في تعزيز التكامل على مستوى التصميم والتكنولوجيا والبيانات، إذا ما أرادت النجاح في تطوير منظومة متقدمة وقوية من الشركات الصغيرة والمتوسطة. إضافة إلى ذلك، تتطلب مثل هذه المنظومة أن تعمل الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة على تحديد أهداف مشتركة للتخلص من نماذج ومنهجيات العمل المنعزلة.
وتشمل عوامل التمكين الرئيسة لهذه المنظومة وجود إطار قانوني قوي، وضرائب واضحة وشفافة، إضافة إلى اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، وتشجيع الاستثمار، وتمكين الوصول إلى الأسواق، وسن قوانين عمل واضحة وفعالة، وتحسين البنية التحتية الشاملة، ودعم برامج التثقيف والتوعية.
وتمضي دول مجلس التعاون الخليجي قدماً في مسارها نحو تحقيق تحول اقتصادي تقوده الحكومات مع نهج يتمحور حول تلبية متطلبات السكان. ولكن هناك المزيد من التدابير التي ينبغي القيام بها؛ لتفعيل مساهمات الشركات الصغيرة والمتوسطة على نحو مستدام وتعزيز نمو ومرونة الاقتصاد بأكمله.