متابعة – علاء حمدي
أطلقت “آرثر دي ليتل”، للاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، تقريرها العالمي لمؤشر التميّز في إدارة الابتكار لعام 2023، والذي أشار إلى أنه رغم الاستثمارات التي تضخها الشركات في مجال البحث والتطوير والبالغة ترليوني دولار، إلا أن العوائد المالية الناتجة عن الابتكار انخفضت عبر مختلف قطاعات الأعمال منذ عام 2012، كما سجلت الشركات انخفاضاً بنسبة 33% في معدل الرضا عن أداء مؤشر الابتكار لديها خلال الفترة نفسها.
وتتيح الأبحاث التي تقدمها “آرثر دي ليتل” وتركز على ممارسات التميّز في مجال الابتكار، وذلك منذ 25 عاماً حتى الآن، للشركات تقييم ومراجعة وقياس تقدمها على صعيد أدائها في مجال الابتكار مقارنةً بنظرائها، ما يسمح لها بالتالي بالحصول على رؤى جديدة وإجراء التغييرات المناسبة في للمجالات الرئيسة التي يمكن أن تعزز بشكل كبير مؤشر الابتكار لديها. وأشار التقرير إلى أن الشركات التي تتغلب على التحديات الرئيسة في مجال البحث والتطوير وتنجح في تطوير ممارسات متقدمة لإدارة الابتكار ستحقق فوائد على المدى الطويل وستنجح في زيادة العائد على الاستثمار في البحث والتطوير 30% في المتوسط.
وقال بين ثوريو أليمان، شريك في آرثر دي ليتل: “ينصب تركيز دول مجلس التعاون الخليجي على تنويع اقتصاداتها وتسريع وتيرة النمو المدفوع بالابتكار. ورغم تحسّن قدرات إدارة الابتكار في السنوات الأخيرة، إلا أن الشركات لم تواكب دائماً أفضل الممارسات الدولية في مجال الابتكار. ويمكن للشركات في دول الخليج تحسين ممارساتها في مجال الابتكار من خلال تطبيق التقنيات الجديدة وتوظيف الإمكانيات التي تتمتع بها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمؤسسات والشركات تحقيق قفزات نوعية في رحلة الابتكار من خلال تسخير منظومة الابتكار وتعزيز أوجه التعاون والشراكات بدلاً من التركيز بشكل كامل على تعزيز البحث والتطوير الداخلي والابتكار”.
وتشمل النتائج الرئيسية لأحدث تقارير مؤشر الابتكار من “آرثر دي ليتل” ما يلي:
1. تؤدي الممارسات الابتكارية التقليدية إلى نتائج ضئيلة للشركات، وذلك بالرغم من التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، والتغيرات الديناميكة في السوق، والتي تتطلب من الشركات التمتع بقدرات ابتكارية متقدمة لمواكبة التحولات وتعزيز المكانة التنافسية.
2. يُمكن للشركات التي تمتلك ممارسات متطورة في مجال إدارة الابتكار أن تُحدد بدقة العوامل التي تعرقل تقدمها، وتجاوزها وتحقيق عوائد كبيرة من الإنفاق في مجال البحث والتطوير”.
3. تُعد زيادة الإنفاق في مجال البحث والتطوير فكرة سيئة وتتسبب في انخفاض عوائد الابتكار – إلا في حال كانت ممارسات الشركة في مجال إدارة الابتكار تحظى بتصنيف ضمن المراتب المتقدمة في مؤشر آرثر دي ليتل؛ إذ يمكن لثلاثة أرباع الشركات أن تحقق نسبة أفضل من العوائدمن خلال تحسين قدراتها في مجال إدارة الابتكار.
ومن جانبه قال عدنان مرحبا: شريك ومسؤول ممارسات قطاع الطاقة والمرافق في «آرثر دي ليتل» الشرق الأوسط: “يمكن للشركات تحقيق قيمة كبيرة من خلال تحديد الملكية الفكرية أو إجازة أو تسويق الملكية الفكرية (براءات الاختراع وغيرها من أشكال الملكية الفكرية) في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، من خلال تبسيط اللوائح والاجراءات الأخرى في المنظومة الأوسع للابتكار”.
وتشمل العوامل المعززة الأكثر شيوعاً لأداء الابتكار ما يلي:
1. التحلي بالجرأة فيما يتعلق بالابتكارات الثورية، تفضل الشركات الاستثمار في التحسينات التدريجية، بينما تتحلى الشركات التي تحقق قدراً كبيراً من العائدات نتيجة ممارسات الابتكارية بالجرأة لدخول مجال جديد تماماً في السوق، أو اتباع نموذج جديد للأعمال والاستثمار بقدر أكبر نسبياً في ذلك المجال. وأضاف مرحبا: “هذا مجال يمكن القول إن الإمارات خطت فيه خطوات كبيرة من خلال إطلاق المزيد من المشاريع الطموحة المبنية على رؤى مستقبلية مقارنةً ببقية دول العالم لأنها تمضي بوتيرة متسرعة نحو الانتقال بعيداً عن الاقتصاد القائم على الموارد”.
2. تبني نماذج الأعمال الابتكارية، فالعمل مع المنظومة، أو إيجاد قطاعات جديدة في السوق، أو دمج المنتجات والخدمات بطريقة جديدة، أو العمل على تطوير القدرات التي تتصدى لـ “احتمالية ظهور منافس يربك السوق” بهدف حماية الشركة من المخاطر المستقبلية، ليست سوى بعض الأساليب القليلة لإدارة نموذج الأعمال الابتكاري وتعزيز قيمته، لا سيما في القطاعات التقنية سريعة النمو.
3. سد فجوة إدارة الابتكار في الشركات، رصدت آرثر دي ليتل اختلافات واسعة النطاق بين قدرات أداء الابتكار في وحدات الأعمال المختلفة لدى للشركات؛ ما يدل على عدم مشاركة أفضل الممارسات فيما بينها. وقد يسهم اتباع نهج موحد على مستوى الشركة بأكملها، مع تطبيق الحوافز ومؤشرات الأداء الرئيسية لدعم هذا النهج، في غرس ثقافة الابتكار المشتركة التي ستؤدي بدورها إلى تعزيز عائدات الاستثمار من البحث والتطوير.
4. انبثقت منهجية الإدارة المرنة للأعمال من مجال تطوير البرمجيات، الذي يعد فيه شعار “افشل في أسرع وقت ممكن بأقل تكلفة ممكنة” دافع أساسي للبحث والتطوير. ورغم عدم إمكانية تطبيق الإدارة المرنة على مستوى جميع القطاعات، إلا أن هذا النوع من الإدارة يُعد في الوقت الراهن واحداً من الأنواع المستخدمة بانتظام على مستوى القطاعات المختلفة، مثل الإلكترونيات الاستهلاكية والاتصالات ووسائل الإعلام، وحتى المنتجات الصيدلانية. على سبيل المثال، تشكل السرعة التي جرى خلال تطوير لقاح كوفيد – 19 دليلاً على النجاح الذي يمكن أن تحققه المنهجية المرنة في إدارة الأعمال ولاسيّما عندما تتفوق مخاطر التطوير السريع تلك المرتبطة بالإحجام عن اتخاذ الإجراءات.
5. تبني خمس مهارات رئيسة في الراادة الابتكار الحديثة، مع التسارع المتزايد لدورات الأعمال وتقارب التقنيات والقطاعات، أصبح القادة اليوم بحاجة إلى خمس مهارات أساسية لدفع عجلة الابتكار في مؤسساتهم، وهي: الإيمان بالرؤية، وتعزيز المعرفة (الميتامعرفة)، ومهارات التواصل، وأصالة الرؤية، ونهج الاعتماد على البيانات والتقنيات الرقمية.
وأضاف ثوريو أليمان، قائلًا: “لدى جميع الشركات المُدرجة في دراستنا المعيارية القدرة والإمكانيات التي تخولها التحول إلى شركات عالية الأداء في مجال الابتكار”. وتشهد الشركات عبر مختلف القطاعات توجهات نحو تعزيز اسراتيجيات الابتكار، ويمكنها خلق المزيد من القيمة من خلال تبني عوامل تعزيز الابتكار الخمسة المُحددة في هذا التقرير”.
تقدم المقارنات المعيارية في مجال الابتكار على الصعيد العالمي التي تجريها شركة آرثر دي ليتل رؤى ملهمة حول كيفية النجاح في تعزيز إدارة عمليات البحث والتطوير، بالإضافة إلى القيمة التي يمكن تحقيقها.