متابعة – علاء حمدي
في إطار التحضيرات التي تجريها معظم اللجان المكلفة بإعداد المؤتمر العلمي الدولي الأول للجامعة الأفروآسيوية والذي تنظمه كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، أجرى عبدالله العبادي المنسق العام للمؤتمر حوارا مع الباحث والأكاديمي عبدالحكيم الفيلالي عضو اللجنة العلمية للمؤتمر، حول قضايا المناخ والمؤتمر المرتقب في شهر أكتوبر ما بين 13 و15.
شكرا الأستاذ عبدالحكيم لقبولك هده الدعوة وإجراء هذا الحوار.
أولا، كيف ترون توقيت عقد المؤتمر الدولي؟
مما لا شك فيه أن اختيار توقيت عقدالمؤتمر كان ذكيا وتم بعناية كبيرة، لكونه سينعقد قبل حوالي شهر ونصف من لقاء الأطراف بأبو ظبي (مابين 30 نونبر و12 دجنبر)، وبالتالي فإن مخرجات وتوصيات هذا المؤتمر الدولي سيكون له دورا كبيرا في قمة الأطراف 28. لذلك فهذا المؤتمر سيشكل فرصة خاصة للدول العربية لتشخيص وتحليل مختلف التحديات البيئية المشتركة، ومن ذلك من المرتقب أن يتم دعم ذلك بتوصيات عملية يمكن تنفيذها إقليميا (شمال افريقيا والشرق الأوسط)
ماهي أسباب تغير المناخ؟
أولا حينما نتحدث عن المناخ، فيقصد به حالة الجو في مكان معين لمدة لا تقل عن 30 سنة، وبالتالي فعناصر المناخ (الحرارة، التساقطات، الرطوبة…) يمكن أن تعرف نزعة تطورية معينة (الارتفاع-التراجع) وهذا ما نسميه بالتغيير المناخي، وذلك يختلف عن التغايرية المناخية التي يقصد بها تغير حالات الجو في مكان لمدة قصيرة (1 إلى أقل من 30 سنة).في هذا السياق يجب أن نميز بين التغيرات المناخية بعيدة المدى التي وقعت منذ ملايين السنين، والتغيرات المناخية متوسطة المدى (آلاف السنوات) والتغيرات المناخية القريبة المدى.
فالتغيرات المناخية بعيدة المدى وقعت منذ حقبة ما قبل الكبري (الكبري: أول حقبة في الزمن الجيولوجي الأول) والى حدود بداية الزمن الرابع أي قبل خلق الانسان، كانت بفعل عوامل طبيعية فلكية، تم تفسيرها بنظرية ميلان كوفيتش كتغايرية ميل محور الأرض.. الذي يتم كل 40 الف سنة، أما التغيرات المناخية التي نعيشها اليوم فترتبط في معظمها بالعوامل البشرية، حيث ان الثورة الصناعية التي انطلقت من إنجلترا منذ منتصف القرن 18 وامتدت لتشمل أوربا الغربية و.م.أ خلال القرن 19 ساهمت في ارتفاع من نسبة تركز الغازات الدفيئة وبالتالي ارتفاع درجة الحرارةكما أن النمو الديمغرافي ساهم بشكل كبير في الضغط على الموارد الطبيعية بما في ذلك الغطاء الغابوي والمساحات الزراعية (معظم المدن الحديثة كانت بنيت فوق أراضي زراعية خصبة…)
إن تحديد طبيعة مناخ معين تتحكم فيه عدة عوامل أهمها الموقع العرضي، فتركز النطاق الحار بالمناطق البيمدارية ( بين مدار السرطان ومدار الجدي) يفسر بسقوط أشعة الشمس على هذه المجالات بشكل متعامد، عكس ما يحدث بالمناطق القطبية. ثم عامل الارتفاع، إذ عادة ماتنخفض الحرارة مع الارتفاع بينما تزداد كمية التساقطات. إلى جانب دور الرياح والكتل الهوائية: تعد هذه الأخيرة من أهم العوامل المتحكمة في المناخ فرياح الشرݣي التي تتردد على المغرب صيفا تساهم في ارتفاع درجة الحرارة عكس الرياح التي تهب عليه خلال فصلي الخريف والشتاء والتي تساهم في خفض درجة الحرارة والرفع من نسبة الرطوبة التي وبالتالي التساقطات. بالموازاة مع عاملالقرب او البعد عن سطح البحر والتيارات البحريةوكذا الانبعاثات الناتجة عن البراكين. عموما فإن تغير طبيعة سطع الأرض مثال : من مجال غابوي إلى سطح عاري أو مبني) يؤدي بشكل مباشر الى تغير عناصر المناخ.
ماهي المشاكل التي تواجه البشرية بفعل تغير المناخ؟
من الصعب حصر المخاطر والتحديات التي تواجه البشرية جراء تغير المناخ، لكون حياة الانسان وباقي عناصر الكائنات الحية ترتبط ارتباطا وثيقة بعناصر المناخ.
التساقطات: يساهم تغير المناخ في ظهور أحداث مناخية متطرف كالفيضانات التي تخلف خسائر مادية وبشرية كبيرة كما وقع بباكستان في السنة الماضية.ثم الجفاف الذي يساهم في تراجع الموارد المائية وتراجع الانتاج النباتي والحيواني وتراجع جودتها ومدى تأثير ذلك على صحة الإنسان إلى جانب ارتفاع التزود بالماء بغض النظر عن طبيعة استعمالاته.
تطرف درجات الحرارة: سجلت مختلف محطات الرصد الجوي قياسات حرارية متطرفة خلال العقد الأخير، هذا له تأثير مباشر على صحة الإنسان (وفاة ازيد من 3000 مواطن برتغالي واسباني في السنة الماضية بفعل ارتفاع درجة الحرارة)
بالإضافة الى الخسائر البشرية الناتجة عن العواصف الثلجية بالولايات المتحدة الأمريكية (وفاة ازيد من 70 فردا في فصل الشتاء الماضي)
تهديد الأمن الغذائي، وتزايد التضخم وتهديد الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
التحدي السياسي تزايد احتمال وقوع حروب بفعل مشكل الماء بين الدول التي تتوفر على أنهار مشتركة، في هذا السياق يجب أن نعي أن 80 بالمائة من الموارد المائية بالعالم العربي تأتي من دول الجوار.
ماذا يمكن ان تقدم الدول الصناعية كحلول للتغير المناخي:
حينما نقول الدول الصناعية فإننا نشير بشكل مباشر الى الدول المسؤولة عن أكثر من 80 بالمائة من الانبعاثات الغازية وعلى راسها الصين والولايات المتحدة الأمريكية ثم الاتحاد الاوربي
ما يجب ان تقدمه هذه الدول هو الوفاء بالالتزامات والشعارات التي ترفعها في مختلف المؤتمرات المناخية (لقاءات الأطراف) من خلال تمويل صندوق المناخ، وتسريع وثيرة الانتقال الطاقي والوصول إلى الحياد الكربوني (صفر انبعاث كربون مابين 2040 و2050)، والتحلي بروح المواطنة العالمية من خلال الإيمان بالمصير المشترك وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والحد من استنزاف موارد الدول النامية،
وفي الأخير يجب أن نعترف أن التغير المناخي له أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية لا يجب إغفالها في كل المحاولات الرامية الى التكيف مع التغيرات المناخية.
شكرا جزيلا الباحث والجامعي الدكتور عبدالحكيم الفيلالي على هذه الأفكار القيمة والأجوبة الغنية.