يقوم بناء الاسره على رغبة صادقة في الزواج ويتم التخطيط والإعداد له بناء على أهميته النفسية والاجتماعية والبيولوجية وهذا يشكل في حد ذاته دعامة أساسية للزواج بعد أن يكون قد حدث قبول بين الطرفين ويعتبر القبول مشروع حب فهو البذرة الأولى التي يتم غرسها في ارض جاهزة للزرع المثمر فالاختيار لا بد أن يكون متوفر فيه الشروط الأساسية التي يرغب بها كل طرف مع مرعاه التوافق الاجتماعي والثقافي والبيئي والمادي والعُمري والروحي حتى تتحقق السكينة والمودة والرحمة.
ولكن لماذا أصبح بعض ممن يقدم على الزواج ….يتردد ألف مرة ….كمن يقدم على عملية انتحارية …..اهو زمن اللهو والعبث في المشاعر …أم زمن النزوات التي يطلق عليها حب
وكأن الزواج قد أصبح لغز من الألغاز المحيرة حتى على أصحاب العلاقة أنفسهم فكل طرف يرى أن من كامل حقوقه أن يرتاح وتقدر عواطفه وأحاسيسه ولا يملك القدرة على العطاء ولا يرى من الزواج سوى وجهه الجميل ورومانسيته الحالمة.
فالفتاة المقبلة على الزواج تختلط في أعماقها مشاعر التفاؤل والأمل وتهيئ نفسها لحياة تغمرها السعادة وتحلم بحياة مريحة بلا عناء ولا كفاح وتراودها أحلام وردية وتنطلق لترسم صوراً لفارس الأحلام الذي ينطق بعبارات رومانسية لا يقولها فطاحل الشعراء وفي نفس الوقت عليه أن يحقق لها طموحها المادي والعلمي والاجتماعي والعاطفي خاصة إذا كانت تحيا في بيئة وفرت لها كل متطلباتها وتعودت على عدم تحمل المسئولية ولا تعرف من تفاصيل الحياة المقبلة عليها سوى المنزل الجديد وحياة الحرية رعلى فوالدتها لم تحدثها وتشرح لها مفهوم الزواج ولم تعلمها ما لها وما عليها من حقوق وواجبات.
كما أن الشاب الذي يحيا في منزل يكون فيه مجرد زائر لا يعرف إلا الدراسة والسهر والأصدقاء ولم يتحمل المسئولية يوماً فهو يسافر ويلبس ويأكل ويتنزه على حساب والدة مثل هذا الشاب لو تزوج سيجد بأن الزواج يتصادم مع رغباته ويحد من حريته ويستنزف وقته وجهده.
إن جهل كل طرف لواجباته وحقوقه يجعله يعيش في عناد وامتناع واندفاع ولامبالاة التي قد تولد لديه النديه والمنافسه وتتلاشى بعدها تدريجياً المودة والآلفه وتصل العلاقة إلى مرحلة الشقاق والتنافر والسقوط في هاوية الطلاق…. لأن كل طرف يريد أن يفرض نوع حياته على الآخر .
وأصحاب العقول الناضجة والنفوس المطمئنة تعلم تمام المعرفة بأن الاحترام يسبق الحب وتعرف بأنه لا مجال لتحقيق السعادة إذا ظن كل طرف بأنه خالي من العيوب لأننا بشر ولدينا أخطائنا وهفواتنا .
فالزواج شراكة تتطلب وعي وإدراك لحجم المسؤولية ومعرفة الحقوق والواجبات….الزواج احترام وثقة وتفاهم متبادل واستيعاب للمشاكل واحتوائها والاحتفاظ بالخصوصيات وكتمانها
والاختلافات لا بد من وجودها فهذه هي الحياة ولكن مع ترسيخ المعاني الحقيقية للزواج من تسامح وعطاء وتضحية وإيثار …
ويتطلب ذلك من الزوجين الكثير من التفاهم والتجاوز والتنازل أحياناً والتغافل دون تصيد للأخطاء ودون إثارة للزوابع .
ويجاهد كل طرف إلى قتل العاصفة في عقر دارها ويتحاور ويتناقش عن كل ما يضايق شريكة ويزعجه دون أن يجرح كرامته أو يمس نواحي معينة يعرف بأنها تثير أعصابه وتستفزه …ويبادر المخطئ بالاعتراف والاعتذار …ويسعى كل منهما إلى استمرار العلاقة بمد الأيدي لتتصافح …والقلوب لتتعانق …والإرادة تسبقهم إلى آفاق الأمان لتعيش الحياة في أحضان السكن والمودة والرحمة والألفة .