متابعة – علاء حمدي
استمرارا للحملة الاعلامية التى ينظمها قطاع الاعلام الداخلى بالهيئة العامة للاستعلامات نفذ مركز إعلام حلوان حلقه نقاشية تفاعلية بعنوان (مشاركة الشباب الفعالة واجب دينى وانتماء للوطن ) بمقر المركز لطلاب الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان .
حاضر فضيلة الشيخ محمد شهدى محمد الملاح إمام وخطيب باوقاف القاهره . حيث بين أن حب الوطن غريزة إنسانية وفطرة دينية أودعها الله في قلوب عباده جميعاً دون النظر إلى معتقداتهم أو أصولهم والوانهم وبين أن الله ذكر ذلك في كتابه الكريم فقال تعالى (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ». واقترن في موضع آخر بالدين: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المقسطين)
فبين سبحانه أنه عند طلب ترك الديار والأوطان لا يقبل هذا الطلب ولا ينفذ. وكذلك جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا لتثبت ذلك وهذا واضح عندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار ليلا مهاجرا إلى المدينة من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة وإلى مولده ومولد آبائه. فأنزل الله عليه: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ» الى مكة. ثم قال مخاطبا مكة: ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك. ويقول الله سبحانه وتعالى: «إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا».
قال العيني: ابتلى الله سبحانه وتعالى نبيه بفراق الوطن. وعن عائشة، رضي الله تعالى عنها، قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعك أبو بكر وبلال واصيبوا بالحمى واشتكى الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد. ولما قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، فدخل على عائشة، رضي الله تعالى عنها، فقالت له: يا أصيل كيف عهدت مكة؟ قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها! فقالت: يا اصيل لا تحزنا. فقال النبي صلى لله عليه وسلم: ويها يا اصيل دع القلوب تقر.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في الرقية: باسم الله، تُرْبَةُ أَرْضِنا، ورِيقَةُ بَعْضِنا، يَشْفَى سقيمُنا بإذن ربنا. والشفاء في شم المحبوب، ومن ألوان الدواء لقاءُ المحبِّ محبوبَه أو أثرًا من آثاره؛ ألم يُشفَ يعقوبُ ويعود إليه بصره عندما ألقَوْا عليه قميصَ يوسفَ؟! قال الجاحظ: كانت العرب إذا غزَتْ، أو سافرتْ، حملتْ معها من تربة بلدها رملًا وعفرًا تستنشقه! وقد استجاب الله دعاء نبيه، فكان يحبُّ المدينة حبًّا عظيمًا، وكان يُسرُّ عندما يرى معالِمَها التي تدلُّ على قرب وصوله إليها؛ قال أنس: كان رسول الله إذا قدم من سفرٍ، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقتَه – أي: أسرع بها – وإن كانت دابة حرَّكَها، من حبِّها؛
وعن انس رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قدم من خيبر، حتى إذا أشرفنا على المدينة نظر إلى أحد فقال: هذا جبل يحبنا ونحبه. وكان عليه السلام يدعو الله أن يرزقه حبها فيقول: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد. وذلك لاستشعاره بأنها أصبحت بلده ووطنه الذي يحن إليه، ويسر عندما يرى معالمها التي تدل على قرب وصوله إليها. فكان إذا أقبل على المدينة قال: اللهم اجعل لنا بها قرارا وزرقا حسنا. قال الحافظ الذهبي مُعَدِّدًا جملة من محبوبات رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان يحبُّ عائشةَ، ويحبُّ أَبَاهَا، ويحبُّ أسامةَ، ويحب سبطَيْه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أُحُدٍ، ويحب وطنه.
وفى القرآن من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من دعا لوطنه ومكانه وذلك حبا فيه ولذلك قال أحد العلماء: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوانات: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيداً، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدباً، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعاً. وأيضاً مصرنا العزيزة ومكانتها وتكريم ربنا لها في كتابه الكريم وذكره إياها في أكثر من موضع وذكر سيناء المقدسة لما فيها من المقدسات الدينية فهى بلد الأمن والأمان وإذا كان الله قد كرم مصرنا وأرضها هذا التكريم فيجب علينا أن نضعها فوق رؤوسنا ونحافظ على ترابها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها .وفى هذا كله وغيره مما لم يسع المجال لسرده دليل على حب الوطن والانتماء إليه فهو فطرة وغريزة وأمر أقره الدين وصدق عليه الواقع
وبين فضيلته بعد هذا العرض أن من كان عنده هذا الحب والانتماء وجب عليه أن يدلل على هذا الحب فلا يجب ألا يظل حبيسا في الصدور ومكنونات النفس، ونحصره في الشعارات والهتافات، وإنما ينبغي أن يترجم إلى واقع ملموس، وأفعال حقيقية تعبر عن صدق الانتماء، وتسهم فعليا في إعلاء مصلحته العليا ونهضته والعمل على رفعته.ومن بين هذه الأعمال أن يشارك الإنسان في كل ما يحدث من حوله وعلى رأس ذلك المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية وغيرها من الأعمال التي تعود بالنفع على بلدنا الحبيب وأن يحاول أن يكون عنصراً فعالا في مجتمعه .