بقلم د. شيرين العدوى
مازلت معك عزيزى القارئ أقدم لك مجموعة من الشاعرات التى تلقيت أعمالهن مؤخرا ورأيت أن من واجبى أن أقدمهن بما يليق بتجاربهن المميزة. من هؤلاء الشاعرات الشاعرة هاجر فايد من مواليد محافظة الغربية عام 2000 فازت بالمركز الأول فى مسابقة إبداع الجامعات عام 2022 وصدر لها ديوان بالعامية بعنوان: زهرة وعكاز، وديوان قلب بركانى فى جسدها المبقع، الديوان يصور تجربة مكتملة الجوانب باللغة العربية الفصحى، مع قدرة على الكشف، وما يتنازعها من أحاسيس وأفكار.وهناك وحدة عضوية، لها جوانبها المتعددة التى يكمل بعضها بعضا كقطع الفسيفساء التى تتجاور لتصنع أيقونة من الجمال.
والتجربة فى صورتها المقدمة تكشف عن تصوير لمعاناة فتاة قدرعليها أن تولد بمرض جلدى (البرص) الذى يرفضه المجتمع، مشعرا إياها بالعجز محاكما لها؛ وكأنها هى السبب المباشر فى مرضها هذا الذى ترك بقعا ونقشا على جسدها الطاهر. واستطاعت ببراعة أن تعبر بصدق فنى فريد. وقد آثرت الشاعرة أن تعبر بكلمة المبقع وهى كلمة فصيحة واسم مفعول من الفعل بقّع، ومعناها فى القاموس: أى خالط لونَه لونٌ آخر.
واستخدمت اسم المفعول لتواجه المجتمع بما يقول فجسدها مفعول به ولم تكن هى التى بقعته واختارت اللفظ المستهجن مبقع لتظهر قسوة المجتمع وقبحه. والتجربة فريدة لم يسبق التعبير عنها فى الشعر من قبل، وبها جدة وطرافة ترصد مشاعر الآخرين إزاءها، وترصد كذلك مشاعرها كفتاة تحمل بين جوانحها أحلاما وآمالا تود تحقيقها. الصور بها جدة، وقدرة على الكشف عن دخيلة الذات الشاعرة. الموسيقى ترتكز فى جمالها على إيقاع الدلالة، والصور الجزئية المدهشة كقولها: هذا الصباح أسود كئيب/ لا شىء أبيض سوى بقعة جديدة على كفى، وتعتمد قصيدة النثر بشكل كبير على إيقاع الأفكار الذى يدهش القارئ.
ولكن الديوان به بعض الهنات اللغوية التى لا يحق لشاعرة مثلها أن تقع فيها مثل أن تقول: لو أن فى عالمك أناس أسوياء والصحيح أناسا لأنها اسم أن مؤخر. والشاعرة قادرة على اجتياز مثل هذه الهنات فنحن أمام شاعرة مكتملة الأدوات. يدل نفسها الشعرى على تمكن فريد رغم صغر سنها. ومما تقوله فى قصيدتها: لم أعد فى الخامسة يا أمي: صورة لى فى سن الخامسة/علقتْها أمى فى إطار المرآة/ لتذكرنى – بخيبة أمل-/كلما مررت من أمامها/ كم كنت جميلة/ أتفقد هاتفي/ أعلم / لم يراسلنى أحد منذ زمن بعيد لكنى هروبا من الموقف/أفتح صور فساتين الزفاف وأقول/ ربما سأصبح أجمل عروس فى الجنة/ رغم أننى كل صباح /أضع قلبى بين فكى أفكارى /إلا أنه أفلت يوما /لم أخبر أحدا بهذا الأمر/ذلك لأننى حين قلت لأسرتى ذات مرة/ إن شابا تغزل بى /ضحكوا كثيرا /وأنا أيضا ضحكت!/وأدركت حينها أن الحب لمن مثلى /مجرد مزحة.