كتبت: نانيس هنري
نقلا عن لواء أركان حرب عبد المنعم إمام مدير كلية القادة والأركان السابق وعضو مجلس الشيوخ الحالي
تم النشر بواسطة:عمرو مصباح
منذ أيام قليلة مرت الذكرى السادسة والسبعين منذ أن احتلت إسرائيل أرض فلسطين، وتأتي هذه الذكرى في ظروف استثنائية، ظروف عنوانها الرئيسي هو العقاب الجماعي من إسرائيل لقطاع غزة، وانتهاك الاتفاقيات الدولية، سواء الثنائية بينها وبين مصر، أو قواعد القانون الدولي الإنساني، ومنذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ يأتي ملف غزة على رأس أولويات الدولة المصرية.على مدار أكثر من ٧٥ سنة كانت القضية الفلسطينية أحد أهم ثوابت الدولة المصرية، لم تتوان لحظة واحدة في الدفاع عنها، قدمت من أجلها أكثر من ١٠٠ ألف شهيد، ومنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية ولم يقتصر دور مصر على الجهود الدبلوماسية فقط، فقد أخذت الدولة المصرية على عاتقها التعامل في سياق متعدد الأطراف ففي عام 2021 وجه الرئيس بنقل مصابي العدوان الإسرائيلي إلى القاهرة وتقديم مساعدات إنسانية وطبية إلى الأشقاء في قطاع غزة، وحينها جهزت وزارة الصحة المصرية 3 مستشفيات لاستقبال مصابين، إضافة إلى الدفع بـ50 سيارة إسعاف مجهزة إلى معبر رفح، كما نجحت مصر في تحقيق الهدنة في غزة مرتين، الأولى في عام 2021 والثانية في عام 2022 حيث نجحت في وقف إطلاق النار بعد 3 أيام من اندلاعها،وأطلق الرئيس السيسي مبادرة لإعادة إعمار غزة وقدمت مصر 500 مليون دولار من أجل إعادة الإعمار.تتعامل مصر مع قطاع غزة -وقطاع غزة بالأخص- من منطلق قيمي شديد الإنسانية، فعلى الرغم أن مصر قدمت أكثر من ٧٠٪ من المساعدات المقدمة للقطاع منذ بداية الحرب- إلا أن هذا لم يكن أبدا ورقة للدعاية السياسية أو للاتجار باسمها على المستوى الدولي، فالقضية الفلسطينية بالنسبة ليستكما هي بالنسبة لآخرين، وخيار مصر الأول دوما في التعامل مع القضية هو مصلحة الشعب الفلسطيني، وأهم مصلحة لهذا الشعب هو الحفاظ على حياته من الأساس!، مع الحفاظ على ما تبقى من أرضهم، ولهذا يعتبر مخطط التهجير خط أحمر بالنسبة لمصر، حفاظا لما تبقى من أرض القطاع في أيدي أصحابها، لكن لو نظرنا إلى خيار التصعيد مثلا، خاصة بعد الاستفزازات المستمرة من الجانب الإسرائيلي حيث يمكن تدفع الجميع إلى حافة الهاوية، وتحول المنطقة إلى أرض كبرى محروقة، وتزيد من أزمة الاقتصاد العالمي التي يحاول التعافي منها بعد جائحة كورونا، فوفقا لنظرية الدومينو ما يحدث في الشرق الأوسط له تأثير هائل على سائر العالم، خاصة أنها قلب العالم استراتيجيا وأحد أهم محاوره الاقتصادية.تتعامل مصر مع القضية بمنطق الكبار، والكبار يملكون دوما القدرة على الفعل لكن أيضا لديهمالحكمة في استخدام هذه القوة بدون تهور أو تراخي.وأتوجه برسالة واضحة للشعب المصري، إن الدولة المصرية على الرغم من التحديات التي تواجهها قادرة على حماية أمنها القومي بكافة مستوياته، بما يتماشى مع عدالة القضية التي تدافع عنها، قضية أمنها القومي، واستقرار الشرق الأوسط، فمصر تتعامل من منطلق الدولة التي تحترم التزاماتها الدولية، الثنائية والأممية، لكنها أيضا لديها القدرة على اتخاذ أي خطوات إذا تطلب الأمر لحماية سيادتها الكاملية على أرضها، أنتم في قلب عملية صنع القرار، وكل جهود الدولة المصرية وخطواتها تحاول ألا تؤثر على حاجاتكم الأساسية، خاصة وأننا نمر بفترة من أصعب الفترات في تاريخ مصر الحديث، لذلك فالدولة تتعامل من بحذر شديد، حذر الخائف على أهله ووطنه، ونهايةاطمئنوا فإننا نوجه النداءات للجميع ونوجه لهم التحذير من التصاعد، لكننا أيضا لدينا مخالب قادرة.