كتبت: خديجة محمود
تم النشر بواسطة :عمرو مصباح
تعتبر مسألة القوامة من الموضوعات البالغة الأهمية في الفكر الإسلامي والحياة الاجتماعية، حيث يتم تناولها غالباً ضمن إطار تنظيم العلاقات الأسرية والاجتماعية في الإسلام. إن مفهوم القوامة، المستمد من النصوص الدينية الإسلامية، يُعد محورًا رئيسيًا يُظهر كيفية تعامل الإسلام مع مسائل السلطة والمسؤولية داخل الأسرة الواحدة والمجتمع ككل. تعد هذه المقالة محاولة لاستكشاف أبعاد هذه المفاهيم، مع التأكيد على الجوانب الدينية والاجتماعية التي تشكل جوهر القوامة وتطبيقها في المجتمع الإسلامي.مفهوم القوامة وأصولها الدينيةيقوم مفهوم القوامة على أساس إسلامي قوي، حيث يشير إلى مسؤولية الرجل وسلطته في الأسرة وذلك وفقاً لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية. تُعطى القوامة للرجل باعتباره مسؤولاً عن الإنفاق والحماية واتخاذ القرارات الهامة ضمن النطاق الأسري، الأمر الذي يستند إلى القدرات والمسؤوليات المختلفة بين الجنسين. إن فهم أصول القوامة الدينية يُعتبر أساسيًا لتقدير دورها ومعناها في الإسلام.أبعاد القوامة في المجتمع تتجاوز القوامة مجرد كونها مفهوماً نظرياً لتشمل أبعاداً مختلفة تؤثر في تكوين المجتمع وتنظيمه. من هذه الأبعاد العلاقة بين الرجل والمرأة في الزواج، وكيف يمكن لهذه العلاقة أن تُمثل توازناً بين الحقوق والواجبات بما يخدم مصلحة الأسرة والمجتمع. كما تشمل القوامة كذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة على أهمية الدور الذي يلعبه الرجال في توفير الحماية والاستقرار للأسرة.دور الرجال في العائلة يشكل الرجل حجر الزاوية في بناء الأسرة داخل المجتمع الإسلامي، حيث يحمل مسؤولية كبيرة في توفير الرعاية والحماية والقيادة الرشيدة لأسرته. إذ يتوقع منه أن يكون مثالاً للعدالة والاعتدال، وأن يُدبر شؤون الأسرة بحكمة ورفق، مقدماً مصلحة الأسرة على اهتماماته الشخصية.حقوق المرأة في ضوء القوامةرغم ما قد يبدو عليه الأمر من تفضيل للرجل في جانب القوامة، يؤكد الإسلام على أهمية توازن هذه القوامة بمنح المرأة حقوقها كاملة وحمايتها من أي شكل من أشكال الظلم أو التهميش. الإسلام يحث على إكرام المرأة واحترامها ويعتبرها شريكة للرجل في مسيرة الحياة، مع الحفاظ على كرامتها وحقوقها في كافة مناحي الحياة.التوازن بين القوامة والمساواةيُعتبر التوازن بين القوامة والمساواة قضية رئيسية في النقاشات المعاصرة. يسعى الإسلام إلى تحقيق توازن عادل يُراعي مصلحة الأسرة والمجتمع مع ضمان الحقوق والواجبات لكلا الجنسين. تُشكل هذه المقاربة أساساً لفهم كيفية إدارة العلاقات الأسرية والاجتماعية بما يحترم الأسس الدينية مع قبول التحديات والفرص التي يطرحها العصر الحديث.الجدل المعاصر حول مفهوم القوامةتتواصل النقاشات بشكل مستمر حول تطبيقات القوامة في العصر الحديث، حيث يرى بعض النقاد أن بعض التطبيقات التقليدية للقوامة قد لا تتماشى مع مبادئ العدالة والمساواة. من جانبها، تسعى العديد من الحركات الإسلامية الإصلاحية إلى إعادة تفسير مفهوم القوامة بما يتوافق مع المتغيرات المعاصرة ويحقق التوازن المطلوب بين الأدوار الأسرية دون التفريط في الأصول الدينية والقيمية.يظل مفهوم القوامة في المجتمع موضوعاً يُثري الحوار الفكري والاجتماعي، مقترحاً نموذجاً للعلاقات الأسرية والاجتماعية يُحاول الجمع بين الأصالة والمعاصرة. في ظل التحديات التي تواجه الأسرة والمجتمع، يبقى البحث عن فهم أعمق للقوامة وتطبيقاتها ضروريًا لتحقيق التوازن والعدالة، مع الأخذ بعين الاعتبار لمتطلبات العصر وحقوق الإنسان التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الرؤية الإسلامية للعدالة الاجتماعية.