بقلم _ د/ وليد ناصر الماس _ اليمن
عندما تسأل ماهو أعظم إنجاز حققته البشرية في العصر الحديت؟..تجد أجوبة متباينة لا تتفق فيما بينها، ولكنها تدور حول ابتكارات مادية توصل لها الإنسان عن طريق العلم، إلا أنها تبعد تماما عن حقيقة الواقع.قد تجد قائل يقول لك: أعظم إنجاز تحقق للبشر، اختراع الكهرباء.آخر يقول: ظهور آلة الطباعة.ثالث يقول: استكشاف الفضاء.رابع يقول: اكتشاف الالكترون.خامس يقول: ظهور الوقود الأحفوري.سادس يقول: صناعة الطيران.سابع يقول: ابتكار الحاسوب والاتصال اللا سلكي.ثامن يقول: اكتشاف الطاقة النووية. تاسع يقول: ثورة المعلومات والاتصالات.عاشر يقول: اختراع الروبوت.في حقيقة الأمر كل ما ذكر لم يغير حياة البشر بشكل جوهري، رغم ما لذلك من أهمية وتأثير، إلا ان أعظم إنجاز تحقق للبشر في العصر الحالي على الإطلاق هو ظهور (الدولة المدنية الحديثة) ذلك المفهوم الذي غير شكل الحياة على وجه الأرض، ولذلك يُعزى العدل والمساواة بين بني البشر وفق قوانين عادلة وموضوعية، أسست للسلام والاستقرار المستدام، وما لحق بذلك من نهضة معرفية واسعة، ساهمت في تحقيق الرفاه والتنمية للإنسان.يرجع هذا الابتكار العصري أي الدولة المدنية لأفكار الفيلسوف والمفكر الإسلامي الكبير ابن رشد (1126م – 1198م)، وذلك قبل ظهور عصر التنوير، وعنه انتقلت الفكرة إلى أوروبا التي كان لها السبق بتبني هذا المفهوم عمليا، حيث نادئ عدد من الفلاسفة في أوربا أمثال جون لوك وديكارت وإيمانويل كانت وهيجل وغيرهم لتبني مفاهيم حديثة تقود لتحرير الإنسان، وتأسيس دولة مدنية تقوم على مبدأ المساواة واحترام الآخر.