كتب:خالد خشبة
ساعات الحياة بتتقلب في لحظة، لحظة بتحس فيها إن الدنيا كلها وقفت، وكل حاجة بعدها بتتحول لجحيم ما بينتهيش. ده اللي بيحصل لناس كتير بعد ما يمروا بتجربة صعبة، وده اللي بيخليهم يعيشوا في دوامة من المعاناة اسمها إضطراب ما بعد الصدمةلما الشخص يعيش حدث عنيف زي اعتداء أو حادثة خطيرة، بيبدأ يدخل في دوامة مش بيعرف يخرج منها، رغم إن الموقف نفسه انتهى، لكن الذكريات بتفضل تطارده، الكوابيس المتكررة بتسرق منه النوم، وكل ما يغمض عينه، يلاقي نفسه في نفس المشهد المرعب كأنه بيعيشه من أول وجديد. حتى وهو صاحي، الذكريات مش سيباه في حاله وبترجعه لنفس المكان، والأحداث بتتعاد قدامه بكل تفاصيلها، لدرجة إن جسمه بيبدأ يستجيب كأنه في خطر حقيقي، الخوف بيسيطر عليه، وضربات قلبه بتزيد.لكن الموضوع مش بس كوابيس أو flashbacks، لأ ده أي صوت أو مكان ممكن يذكره باللي حصل. الشوارع، الأماكن، أو حتى الناس اللي كانوا حواليه وقت الحادثة بقى كلهم زي شرارة بتولع الذكريات من أول وجديد وتفتح الجرح تاني. اللي عنده اضطراب ما بعد الصدمة بيبقى صعب عليه إنه يرتاح أو يحس بالأمان، حتى في الأماكن اللي المفروض تكون مريحة. هو دايماً عايش في حالة ترقب وخوف إن اللي حصل ممكن يحصل تاني.مع مرور الوقت، حياة الشخص بتتحول لكابوس متواصل، بيبقى عنده صعوبة في النوم، ولو قدر ينام، الكوابيس بتصحيه مفزوع. والأعراض مش بتقف عند الجانب النفسي وبس ، ده كمان الجسم نفسه بيبدأ يعاني: صداع مستمر، ضربات قلب متسارعة، آلام في المعدة والصدر، وارتفاع في ضغط الدم. الجسم بيكون في حالة طوارئ، كأنه طول الوقت مستني خطر جديد.الجانب النفسي كمان بيزيد سوء، الشخص بيبدأ يحس إنه مش هو، غريب عن نفسه وعن حياته. الحاجات اللي كانت بتفرحه زمان بتفقد معناها، وكأن الدنيا كلها بقت ضلمة مفيهاش أي بصيص أمل . والأصعب من كده هو الإحساس بالذنب، رغم إنه الضحية، لكن بيبدأ يلوم نفسه، ويحس إنه هو السبب في كل اللي حصل، رغم إن الحقيقة غير كدهووسط كل الألم والذكريات اللي بتلاحق الشخص، دايمًا بيكون فيه نور صغير في آخر الطريق. اللي بيعاني من اضطراب ما بعد الصدمة ممكن يحس إن الدنيا ضلمة وإنه محبوس جواها، لكن الحقيقة إن اللي بيعدي بيه مجرد مرحلة صعبة، مش نهاية الرحلة. مع الوقت، ومع الدعم من الناس اللي بتحبه وبتفهمه، هيقدر يتجاوز كل الآلام دي ويفتح صفحة جديدة في حياته، صفحة مليانة أمل وحياة أحسن بكتير من اللي عاشها قبل كده