بقلم – سحر الزارعي
تعدد الزوجات، كتشريع إلهي، جاء لتحقيق العدالة ومعالجة تحديات اجتماعية في ظروف خاصة. ومع ذلك، فإن تطبيقه في واقعنا المعاصر يتطلب فهماً أعمق للسياق الاجتماعي والاقتصادي الذي نعيش فيه. ففي زمن يشهد تغيرات جذرية، مثل تقنين بعض العلاقات الجديدة كالمساكنة، يبدو أن النقاش حول التعدد يتجاوز حدود التشريع ليصبح فرصة لإعادة تقييم الأولويات الأخلاقية والمجتمعية.
المجتمع اليوم منقسم بين مؤيد يرى التعدد وسيلة لتعزيز التركيبة السكانية وتحقيق الاستقرار الأسري، ومعارض يرى فيه عبئاً إضافياً يُثقل كاهل الأسرة والمجتمع. المؤيدون يستندون إلى النصوص الشرعية وإلى تاريخ اجتماعي عالج فيه التعدد مشكلات واقعية، بينما يركز المعارضون على تحديات العصر الاقتصادية والاجتماعية.
اقتصادياً، يشكل التعدد ضغطاً كبيراً على الموارد الفردية والوطنية. نفقات الأبناء، التعليم، الصحة، والإسكان في ظل غلاء المعيشة والتضخم، تجعل التعدد مسؤولية ثقيلة قد تتجاوز إمكانيات الكثيرين. إلى جانب ذلك، فإن تحقيق العدالة بين الزوجات، وهو شرط أساسي في التشريع، يتطلب قدرة مادية ونفسية كبيرة قد لا تكون متاحة للجميع.
الحل ليس في القبول المطلق أو الرفض القاطع، بل في النظر إلى التعدد كجزء من منظومة اجتماعية متكاملة تحتاج إلى تقييم دقيق. يجب أن ننظر إليه بوعي يعكس التوازن بين النصوص الشرعية ومتطلبات العصر، مع وضع آليات تشريعية تعزز استقرار الأسرة والمجتمع.
تعدد الزوجات ليس مجرد تشريع، بل مسؤولية عظيمة تتطلب وعياً عميقاً من الأفراد، ومراجعة شاملة من المجتمع والدولة لضمان تحقيق التوازن بين القيم الدينية والواقع الاجتماعي.
فما رأيكم؟ هل ترون أن التعدد يمثل حلاً واقعياً لتحدياتنا الاجتماعية والاقتصادية أم أنه يزيد من تعقيداتها؟