كتبت : هاجر سمير
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهد قصر الثقافة إفتتاح أعمال الدورة الخامسة والعشرين من جائزة الشارقة للإبداع العربي الإصدار الأول، والتي تنظمها إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، بحضور سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، الأمين العام للجائزة، والفائزين في الدورة الحالية وعددهم 18 فائزا وفائزة من مختلف الدول العربية، وأدباء إماراتيين وعرب.
في البداية، رحّب الاستاذ محمد القصير بالفائزين والضيوف، وألقى كلمةً أكّد فيها أن الجائزة حظيت منذُ انطلاقِها برعايةٍ كريمةٍ من صاحبِ السموِّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي عضوِ المجلسِ الأعلى حاكمِ الشارقةِ، للاهتمامِ بالأدباءِ الشبابِ العربِ، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنها تسهم في إثراءِ المشهدِ الثقافيِّ العربيِّ بمبدعينَ من الوطن العربي. وتابع الأمين العام للجائزة، بقوله:” لا يعرفُ معنى الاحتفاء بالفوز بجائزةٍ عربيةٍ مرموقةٍ، والإصدار الأدبي الأول إلّا الكاتبَ نفسهُ في بداية حياتهِ الإبداعية، إنها الدفعةُ المعنويةُ الأولى نحو مستقبلِ الكاتب.. لذا نجتمعُ اليوم للاحتفاءِ بالفائزينَ في هذه الدورة التي تُكمل عامها الخامس والعشرين”.
الورشة العلمية استهل أعمال الورشة العلمية المشرف العلمي الناقد د. صالح هويدي، مؤكداً في البداية أن جائزة الشارقة للإبداع العربي تفردت بها الشارقة بفكرة أساسها أن تتيح للشباب حيّزاً من المنافسة بين الشباب لإبراز إبداعهم، وهو فعلٌ تكريمي نبيل يُحسب للجائزة.
وفي محورها الأول الذي يحمل عنوان “في الرواية التفاعلية”، بدأت الورشة أعمالها مع المتحدثين: الحسين بن بادة، من المملكة المغربية، ووليد الشواقبة، من اليمن، وميثم هاشم طاهر، من العراق، وسجاد النبي السلمي، من العراق. وقبل أن يستهل بن بادة الفائز بالمركز الأول في حقل النقد الأدبي حديثه حول ورقته البحثية، وجّه كلمة شكر إلى الشارقة، قال فيها: “في زمن اختناق المعنى وانحصاره، وفي زمن زيف بات يتباهى بلباس الحقيقة ووجهها..
في هذه الأزمنة بالذات، تأبى الشارقة إلّا أن تخلد لمدة ربع قرن خلودَ أم رؤوم لا تتوانى عن بسط ذراعيها للمبدع العربي المحبوس في عزلته لتنير له درب المعنى وتشق له قبسا في مسار النهضة والتحديث الفكري والثقافي، ذلك القبس الذي تبقى الشارقة بكل من وما فيها، إحدى دعائمه التي لا ترضى إلا بالبناء لانسان شامخ، جنب بناء مادي اخر له الشموخ شهودا وامتثالا”. وقدّم الحسين بن بادة قراءة اقتفى عبرها تجليات التمثيل للعالم الافتراضي داخل أعطاف الرواية الرقمية التفاعلية لدى الكاتب المغربي عبد الواحد استيتو.
وسعى في ذلك إلى ارتياد وجهة قرائية تقحم المقروء ضمن نصيته الثقافية، وتنصت لأصداء التمثيل من خلال تعاضد المؤشرات والعلامات، وعبر فعل تأويلي يفتح النص على ممكنات التدليل وأنسابه الجوارية. وبُنيت قراءة بن بادة على تصور يعتبر أن خلفيات النص الرقمي ووسائطه التعبيرية الجديدة تستوجب تغيير مواقع القراءة النقدية الكلاسيكية على نحو يساعد على إجلاء خصوصيات هذا الأدب ويسمع أصواته الغائبة. وهي المواقع التي تسمح بتجاوز حالة التردد والنفور في التعامل مع تجارب هذا الأدب، والتجسير، بالمقابل، لتواصل فني ومعرفي يؤَصِّل هذه الإفرازات الثقافية ضمن شرطها الزمنيّ، ويفتح المجال لإنتاج وعي نقديّ ينصت لهذه الأشكال الترميزية الطارئة. وذكر وليد الشواقبة في ورقته أن الرواية الرقمية تعد أنموذجًا من نماذج تطور العملية الإبداعية الأدبية، حيث تتجلى في هذا الشكل الفني الجديد مظاهر التطور فيه بأنه يستفيد من ممكنات العصر التقنية، من صور ومقاطع صوتية ومرئية، مشيرا إلى أن هذا الشكل الفني لا يتم إلا من خلال الشبكة العنكبوتية. وقال:” إذن تعد “رواية الواقعية الرقمية” من أهم الأجناس الأدبية الجديدة، التي تشربت المعطيات الرقمية والمعلوماتية، والتقنيات التكنولوجية، وجندتها لتشكيل وبناء المتن الروائي، ولم تقف عند هذا الحد بل تعدته إلى مضمونها؛ لأنها تعالج القضايا المعاصرة في ظل واقع رقمي افتراضي، بالإضافة إلى رصد التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي”.
وأبرزَ ميثم طاهر أن العالم الافتراضي في الرواية الرقمية يمكن عدّه استجابة معاصرة جمالية لتحديات العصر المعلوماتي، ورؤية جديدة للعالم، كما أن الرواية الرقمية عموما تمثّل تطورا جديدا للأجناس الأدبية لاسيما الشعر والرواية، إذ ان بدائلها البنائية عززت الأفق الرحب للاجناس الادبية، ليس في تطوير مؤشراتها الاجناسية بالنسبة للمؤلف، وافاق الانتظار والتوقع بالنسبة للقارئ، بل من النظرية الاجناسية عموما، مشيرا إلى أن الرواية الرقمية اصبحت نوعا روائيا جديدا يسهم في حقيقة ان الاجناس الأدبية يمكن أن تتطور لا من حيث التجديد البنائي والاسلوبي داخل النظام الكتابي، انما يمكن أن تعبر عبورا سلسا من نظام إلى اخر، من النظام الكتابي الورقي، إلى النظام الكتابي الإلكتروني وبذلك سيكون السؤال مطروحا باتساعه وشساعته على نظرية الاجناس الأدبية والكتابة عبر الانظمة اللغوية المتعددة.
من جهته، أشار السلمي في ورقته إلى أن أنماط الكتابة تغيرت ولم تعد الكتابة الورقية هي اللاعب الرئيسي على الساحة الأدبية؛ فثمة أنماط فرضتها الوسائط الحديثة على الأدب مُستفيدة مما تتيحه من مميزات وتقنيات لم تكن موجودة من قبل، ومن ثم ظهر الأدب الرقمي التفاعلي فارضا نفسه على الساحة الأدبية وواضعا شروطا جديدة لكتابته وتلقيه وحتى في التعاطي النقدي معه.
وعلل السلمي بقوله لهذا برزت في الفترة الاخيرة العديد من الكتابات تحت مسمى ( الأدب الرقمي ) اتخذت من الإنترنت وسيطا للنشر كبديل عن الكتاب في شكله الورقي المعتاد، مستفيدة مما تتيحه شبكة الإنترنت من مميزات.