أخبار عاجلة

أميمة عبد العزيز زاهد .. تكتب “سامح جهلي”؟

 

رغم زخم الأحاسيس التي تضخ بأعماقي والتعابير التي تكمن في عقلي والمشاعر التي تفيض من كياني، إلا أن قلمي يعاندني ويأبى الاسترسال في البوح، وكأني أمسكُ قلمي لأول مرة في حياتي، لا أعرف من أين أبدأ ولا كيف… فأنا من هدمت بيتي بيدي.. نعم هو لم يفعل شيئًا، هو استجاب فقط لطلبي ونفّذ رسالتي المتكررة التي كانت تنبع من واقع هزيمتي التي أحيا بها.. نعم لقد أحبني، فنظراته كانت تحمل كل حب وحنان وأمل وشوق ولهفة بذلك، وما أعرفه أكثر أني استغللت هذا الحب لصالحي وكنت أنانية لأبعد الحدود، فكم تدللت عليه وكم حرمته من حقوقه، وكم أثرت الزوابع بينه وبين أهله لكي يبتعدوا عن حياتي، وكم كان كريمًا وصابرًا معي.. نعم إني أصارح ذاتي الآن والدموع تملأ عينيَّ والأسى نار تتأجج في صدري، فقد كانت مشاعره نبيلة يغدق علي بأجمل وأرق الأحاسيس.

بإرادتي كنت أسهر مع صديقاتي وأغيب خارج منزلي وأعود لأواجه أسئلته بكل وقاحة، وإن اعتذرت فبكل عجرفة وغرور، واثقة بأن حبه سيشفع لي.. كم جعلته يقلق عليَّ حتى ينتابه الفزع من ادعاءاتي فيجزع حين أغيب عنه، وأشعر بلهفته حتى يسمع صوتي.. وكم كنت أتعجب أكثر من قوة احتماله وصبره على تصرفاتي، كان يحافظ على بيتنا من الدمار، ولم أفكر إلا في نفسي ومن بعدي الطوفان.

ورغم كل ما كنت أفعله كان متمسكًا بي، وكلما بعدت اقترب مني أكثر، كنت أطلب وهو ينفذ، وكلما بكيت يتألم لحزني، وكلما أسأت برر أخطائي حتى شعرت بمدى عمق مكانتي في نفسه وتماديت في جهلي، وظننت أنه رجل ضعيف وزوج لا شخصية له، رجل عاطفي يعيش في زمن تداعت فيه كل تلك المشاعر، ووصل حد غروري إلى نفوري من تصرفاته وسلبيته، وطلبت منه الانفصال، وبعد إلحاح مني وتردد وتمنع منه، وبعد أن وسّط البعيد والقريب لأتراجع عن قراري، استسلم في النهاية ووافقني، والآن بعد مرور وقت قليل على فراقه شعرت بمدى حبي له واحتياجي لوجوده إلى جانبي، أحسست بحرقة الفراق، فقد فقدت قلبًا عطوفًا وزوجًا متسامحًا، وحياة كانت جنة وارفة الظلال لم أحافظ عليها، ولم تنفعني الآن صديقاتي وسهراتي ولا استهتاري، وأحاول الآن أن أنزع صورته من قلبي، وأن ألغي صوته من ذاكرتي.. وأمحو من عقلي طيبة قلبه وتسامحه، وأن أخمد في كياني السعادة التي كانت تتغلغل في أعماقي كلما لاحت ذكرياتي معه، وأعترف أنني في كل محاولة مني لنزع أي خاطر من وجداني أجدني أستسلم، وتخرج صورته من أعماقي، ثم أبدأ بالحوار معها فيسمع لي، وأنا أستسمحه وأطلب منه الصفح، وأهمس له ليقرأ معي ما خطَّه المبدع فاروق جويدة:

 

«ماذا أقول وقد صرت بعضي أراك بقلبي..

جميع البشر

 

وإن طال فينا خريفُ الحياة 

فما زال فيك ربيعُ الزهرْ

 

بعيدان نحن ومهما افترقنا 

فما زال في راحتيك الأمان

 

فلا البعدُ يعني غيابَ الوجوهِ ولا الشوقُ يعرفُ..

قيدَ الزمان 

وبعد تجربتي التي أنا السبب في فشلها، أعترف بأنني خدعت نفسي حين ارتديت العديد من الوجوه المقنعة، وجوه مرسوم عليها التعالي والكبر والغرور واللامبالاة، وكأني أعيش في مؤامرة وانقلاب ضد سعادتي، وهناك مظاهرة في جميع حواسي وفي دمي وقلبي وكل جزء في جسدي يرفضني، بعد أن حفرت بإرادتي شقائي وصنعت فجوة باعدت بيني وبين أقرب الناس لقلبي وفصلت بيننا في المكان والزمان، لكن مهما بُعدت بيننا المسافات إلا أن أنفاسه أستشعرها تحتويني في كل كلمة وموقف وسلوك تعلمته بفضله.. أستشعر وجوده في كل حرف وسطر وجملة أقرأها، أستشعر بها في كل لفتة ولمحة وهمسة، أراها أمامي، فقد حفر أجمل وأرق التصرفات في سجل ذاكرتي وسيكون دائمًا معي في حلِّي وترحالي، وأدعو ربي في كل وقت أن يسمع ندائي ويغفر زلاتي ويسامح جهلي.. ترى هل سيفعل؟

أنين امرأة

إنها كذبة وعليَّ أن أواجه نفسي بها… أتراني خدعت ذاتي… أم كنت أنا ضحية؟ أم أني كنت أبحث عنها وأعددت وجهزت نفسي لها وسجلت أسبابها وأهدافها وبنيت بنيانها بنفسي يومًا بعد يوم حتى اكتملت؟!

أميمة عبد العزيز زاهد

من مواليد المدينة المنورة مدربة تربوية ومستشارة إعلامية لديها العديد من المؤلفات الاجتماعية معروفة بكتاباتها الرومانسية والواقعية المؤثرة في مجتمعها خاصة من الجيل الجديد.

الغردقه - شارع الشيراتون القديم بجوار فندق روما علي البحر - تليفون  0653447115  موبايل  - 01020238453

عن 1

شاهد أيضاً

حياتي كشريط فيلم

بقلم: آية شريف تم النشر بواسطة:عمرو مصباح يتضمن مشاهد متنوعة، من فصول الطفولة البريئة إلى …