نقلا : عن موقع مجلة كواليس
من سلطنة عمان الشقيقة والحبيبة، جاء حرفها يتراقص على جناح حمائم المحبة والسلام..
استوقفني اسلوبها المميز وكثافة الصورة التي تجعلك تمهل القراءة حتى لا يفتك تفصيل صغير فتتشوه اللوحة.
مع التكرار اصبحت انتظرها وافتقدها عندما تتأخر لبلاغة مقالاتها ولطف شكرها، فأخذ خيالي يرسم شكلها ومكانها ورغبت بالتعرف عليها متمنية ان يبقى موقع مجلة كواليس محطتها متى احبت ان تحط حمائمها فيه حاملة ذلك العبق المعرفي اللبق من بلد يزخر بتاريخه وحضارتها وسلامه.
وكان طلبي ان ارسل لها بعض هواجسي لتكتمل صورتها في ذهني ولأمتع قراء موقع مجلة كواليس بنصوص ادبية ذات قيمة ثقافية نابضة بالإنسانية .
وبذوق رفيع لبت الكاتبة العمانية مريم الشكيلية طلبي، وكان هذا الحوار، على أمل تزويدنا مستقبلاً بلوحات مقروءة عن سلطنة عمان وما تعنيه من حضارة وأخوة وسلام..
- كيف تصفين العلاقة بين الحرف والنبض؟ وهل يختلفان برأيك أم يسير الواحد منهما على وهج الآخر أم ينفصلان؟
- الكتابة ليست مجرد قلم وورق ونشر أحرف على نوافذ الصحف والمجلات والمواقع وإنما هي علاقة تفاعلية بين الحرف والنبض بين ما يخطه الكاتب وبين ما يشعر به من مشاعر في إعتقادي إنهما لا ينفصلان ابدأ..
- عندما أقرأ نصوصك ادخل في أماكن لا تعرف إلا الروح فتسعدني غزارة مشاعرك الواضحة رغم بعض من الضبابية والحزن وفي ذات الوقت السعادة والفرح فيها… فمن أنت؟
- ماذا أقول: سؤال سهل وصعب في آن لا أعلم حقاً ماذا أقول?! وإنما يمكنني أن أصف نفسي إنني هاوية حرف ومنذ البداية كنت أسعى أن أخرج الشعور من مكنونات النفس إلى فسحة الورق. هناك علاقة إذا صح لي إن أقول بين مصادفات الحياة التي تخلف مشاعر للإنسان وهذه المشاعر هي قد تكون مكملة لما نحن عليه وربما إننا ككتاب لا أقول نصتنع الشعور من أجل الكتابه لا ولكننا قد نتخيل هموم الإنسان وعلى أثره نكتب.. أتمنى أن أكون قد لامست شيء من الحقيقة..
- من خلال قراءتك هل للأدب هوية وكيف تفرق لنتعرف؟
- في إعتقادي ونظري وربما قد يختلف معها البعض أقول نعم للأدب هوية، هناك الأدب العربي وملامحه وخصائصه نعرفها من خلال ما يغرفه القلم من واقعه قد يكون الإجتماعي أو السياسي أو غيرها من الجوانب، وهناك الأدب الإنجليزي والروسي والغربي بشكل عام وهو له كتابه وبيئته ونتعرف عليه من معتقدات وبيئة وهوية ونشأته وقد يلتقي الأدب ويلغي هويته إذا تحدثنا عنه من الجانب الشعوري فمشاعر الإنسان تتشابه مهما أختلف الأجناس، فالانسانية تشترك في الألم والفرح وغيرها من المشاعر، فالكاتب العربي حين يصف الألم في كتاباته هو نفس الألم في كتابات الكاتب الغربي مع إختلاف التوصيف.. هذا في نظري..
- ماذا تحقق لك هذه الكتابات في زمن هجر الناس الكتاب والقراءة إلا ما ندر؟
- الكتابة بالنسبة لي هي في البداية كما أسلفت هواية، ثم تحولت إلى عادة، ثم إلى تعود هي أيضاً تفريغ ما في النفس عندما أكتب أشعر بأنني تحدثت بلغة الحرف، بلغة القلم والورق وهي أيضاً خيالات كاتب، هذا ما تحققه الكتابات بالنسبة لي أو علاقتي بها، ثم صحيح أصبحنا اليوم في زمن قل فيه الناس الدين يقرأون، وهذا بسبب الغزو الإلكتروني والهواتف والبرامج ووسائل التواصل والانترنت بشكل عام، مما زاحم القراءة والإطلاع لدي الناس، إلا إنه لا تزال هناك شريحة كبيرة من الناس تقرأ والدليل على هذا إتساع الصحف والمجلات رغم أن الأغلبية منها تحولت إلكترونية وهذا ليس فقط بسبب عزوف الناس عن القراءة الورقية لا هناك أيضا أسباب أخرى لهذا التوجه ليس بصدد التحدث عنها الآن..
- أشعر بأن كتاباتك تحمل هموم الروح الإنسانية التواقة للحرية.. هل أنت في سجن (العادات والتقاليد أو ما شابه)؟ أو سجن آخر؟ وبماذا تحلمين؟
- سؤال عميق.. ان القارئ لقلمي يستنتج عدة استنتاجات وهذا بسبب اللون الذي كثيراً ما أكتب به واقصد باللون هنا هو نوع الكتابة، فأنا أكتب كتابات بطابع حزين نوعاً ما وبطابع رومنسي موسيقي أيضاً، وتكثر في كتاباتي طابع المخاطب واعتمادي لهذا النوع أو الجانب من الكتابه توحي للقارئ بمعاناة الكاتب وهذا طبعاً غير صحيح، فأنا لا أقصد هنا نفسي أو أمر شخصي لا، لهذا أنا لا أعيش في صراع مع العادات والتقاليد، وإنما حياتي تسير بنسق معها، فنحن مجتمع منفتح مع الحياة والعالم وفي نفس الوقت محافظ على هويته وتفرده، كما إنني أكتب عن قضايا إنسانية حتى لا يكون قلمي في قوقعة، وإنما هو أيضاً يبحر في قضايا أخرى، مثلاً هناك خواطر ونصوص ادبية كتبتها عن فلسطين والعراق وغيرها وهكذا..
وبماذا أحلم؟ أحلم بالكثير منها: أن تصل هذه الأحرف إلى أبعد مدى أن أقدم شيئاً بسيطاً وإن كان حرفاً إلى العالم.. وهناك أحلام كثيرة ، وبأننا لدينا الرمق في هذه الحياة لا بد لنا أن نحلم فالأحلام نصف العيش وتحقيقها النصف الآخر..
- حدثينا عن النهضة الأدبية في سلطنة عُمان؟ وبماذا تهتم وما هي رسالتها؟ وكيف تتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وهل أثر عليها سلباً أو إيجاباً؟
- إن كنت أتحدث عن الأدب والأعمال الأدبية في وطني سلطنة عُمان فلن يتسع المجال في هذه السطور للحديث عن النهضة أو ما قبل النهضة الأدبية في سلطنة عُمان ولا أقول هذا لأنها وطني لا، فحقيقة أن النهضة الأدبية في عمان هي قديمة جداً والأعمال الأدبية في وطني وجدت قبل النهضة الحديثة مثالاً على هذا (الشاعرة العمانية عائشة بنت سليمان الوائلية) من أبرز شاعرات عمان عرف عنها الشعر والأدب عاشت في القرن العشرين وغيرها هذا كمثال فقط، وفي بداية النهضة الحديثة كان الأدب له نصيب من الاحتواء والحضور والرعاية من قبل جلالة (السلطان قابوس بن سعيد) طيب الله ثراه فقد وجدت الصحف والمجلات الأدبية والنوادي الثقافية والمؤتمرات والمسابقات فهناك (جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب) وغيرها من المسابقات والجوائز وإلى اليوم ونحن ندخل في عصر النهضة المتجددة بقيادة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه .
لا تزال هذه الرعاية قائمة بل والسعى لتحديثها وتوسيعها، ففي القريب هناك إنجازات أدبية عمانية منها حصول الروائية العمانية (جوخة الحارثية) فازت بجائزة (مان بوكر) العالمية عن روايتها (سيدات القمر)… كما أن النهضة الأدبية في سلطنة عُمان تهتم بالأدب والأعمال الأدبية والفنون، فدار الأوبرا السلطانية العمانية مسقط شاهدة على هذا، فهي ليست دار للموسيقى فحسب، وإنما هي دار للفنون أيضاً ورسالتها هي رسالة سامية فهي أيضاً تلتقي الحضارات…
حرصت سلطنة عُمان منذ البداية على صقل مواهب الشباب واهتماماتهم حتى يمثلوا أنفسهم ووطنهم في المحافل الخارجية.. في شتى المجالات والأدب هو إحدى هذه المجالات.. في إعتقادي وكما هو واضح إننا في سلطنة عُمان وكباقي شعوب العالم نتعامل وانغمسنا في برامج التواصل الاجتماعي بشكل كبير وهي اليوم من ضروريات حياتنا وإن كنا نتحدث عن الأعمال الأدبية وهل كانت هذة البرامج قد خدمتنا؟! فأقول نعم، اليوم نجد صحف كثيرة عمانية إلكترونية وأنا أتعامل معها ونشر لي فيها أعمال فهي تواكب العصر الحديث وتلحق بالركب الإلكتروني فهي اليوم نوافذ لنقل كل ما يجري في الساحة العمانية والغير عمانية بكل شفافية وهذه البرامج لا أقول انها لم تؤثر علينا سابياً، فهي كما يقال سلاح ذو حدين، يبقى فقط الوعي الفردي والمجتمعي لجعلها ذات فائدة لنا وتخدم بلدنا.
- كيف تصفين المرأة العمانية وماذا حققت؟ وما هي الأدوار التي تلعبها في المجتمع؟ وهل هناك تمايز بينها وبين الرجل؟
- منذ النهضة الحديثة الذي أسسها صاحب الجلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه – والمرأة شريكة مع الرجل في البناء والتنمية وهذا ما أكده جلالته – طيب الله ثراه – حين قال (الوطن لا يحلق إلا بجناحيه) حتى أصبحت اليوم في كل المجالات تبدع وتنجز وتحقق الأهداف. اليوم المرأة العمانية تتبوأ أعلى المناصب في الوطن، أصبحت المرأة وزيرة وعضوة في مجلس الدولة ومجلس الشورى والمعلمة والطبيبة والمهندسة، حتى إنها في المجال العسكري وغيره، ومن الرعاية السامية للمرأة العمانية تخصيص يوم لها وهو يوم 17من شهر أكتوبر “يوم المرأة العمانية” من كل عام يحتفل بإنجازاتها وما حققته والمكانة التي وصلت لها.. لا ابدأ ليس هناك تمايز بين الرجل والمرأة في الوطن فهي شريكة مثلها مثل الرجل وتجدها في كل الميادين فالمرأة العمانية بجانب واجبها الأساسي في تنشاة الأجيال فهي جناح آخر في التنمية ولها مكانتها في المجتمع..
- ماذا عن النوادي الثقافية في السلطنة ورعايتها وتنشيطها؟
- تأسس النادي الثقافي عام 1983 بموجب سلطاني وقد حرص منذ إنشائه على تطوير فعالياته للإسهام في اثراء الحياة الثقافية والفكرية في عمان عن طريق تنظيم المحاضرات والندوات في كافة المجالات الثقافيه والإبداعية والادبية التي يشارك ويدعى إليها المثقفين..
- متى تكتبين؟ ولماذا؟
- ليس هناك معين للكتابة فهي تعتمد على الخيال والخواطر، تحتاج إلى مخيلة خصبة، لهذا الأوقات تعتمد على متى ما توفرت المخيلة، أما المقالات فهي تعتمد على الوقت متى ما يتوفر لي الوقت المناسب مع الموضوع المناسب أكتب ولماذا أكتب؟ أكتب لأنني أحتاج للكتابة..
الشكر موصول على هذا الحوار الطيب وأنا سعدت كثيرا بتواجد قلمي في ربوع موقع مجلة كواليس اللبنانية وشكر خالص للاستاذة فاطمة رئيسة التحرير على دعمها ولطفها وترحيبها الجميل بقلمي..
وشكر خاص لشبكة هايدي نيوز الاخبارية علي إهتمامها و إعادة نشرها لحواري وكذلك على دعمها ومساندتها وتشجيعها لقلمي دائما .
تحياتي وتقديري لكم جميعاً شكراً جزيلاً.