بقلم م : فتحي عفانة
لكل منا حياته الخاصة، ووقت مخصص للراحة والجلوس مع الأهل بعيداً عن صخب الحياة والعمل، لكن سرعان ما تنهار هذه الخصوصية بأشياء خارج حدود الخطط اليومية التي تضعها، ومن ذلك عشرات الاتصالات الهاتفية أو رسائل الواتساب أو الفيس بوك واتصالات المسنجر اليومية من أشخاص تعرفهم أو لا تعرفهم، وفي أوقات متأخرة من الليل أو في الصباح.
رحم الله زمن الطيبين، ذاك الزمن الذي كان رغم بساطته ثري بالتقدير والاحترام، احترام الوقت، احترام خصوصية الآخرين، وعدم إحراجهم بأي طلب .. في ذاك الزمن كانت الغاية من التواصل هي السؤال والاطمئنان .. وفي ذاك الزمن أيضاً كان الاتصال على رقم هاتف خاطئ يقابله اعتذار من المتصل وأسف شديدين.
ولعل الغريب في الأمر (الآن) هو الطلبات التي ترد من وراء الاتصالات والزيارات لمكتبي و بيتي من أشخاص لا أعرفهم، فإن أجبتها يقال لك: هل من مزيد؟! وإن اعتذرت (بسبب كثرتها) تصبح محلاً للوم والعتب.
قضاء الحوائج عمل نبيل، وواجب إنساني، وكلنا مطالبون بتقديم العون والمساعدة، بناء على تعاليم ديننا، ومن منطلق تربيتنا، وبدافع حب الخير، فالناس للناس، لكن من المؤسف أن يتحول ذلك إلى إزعاج ، وربما يصل إلى مرحلة الاحتيال ، والقصص على ذلك كثيرة .. فلكل شخص طاقة واستطاعة .. أليس من الجدير بمن يوزع رقم هاتفك أن يقوم بدلاً منك في تقديم المساعدة؟ لماذا لا يفكر باحترام خصوصيتك؟ ولماذا لا يدرك بأن أرقام الهواتف ليست سبيلاً؟
سنوات مضت، عشنا فيها ظروفاً صعبة، وكنا ندرك أن الله يرزق الإنسان الذي يسعى ويحاول ويسهر ويثابر، فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة .. كنا نصل إلى مراحل قاسية ونصبر ونجتهد ..
أكتب هذه الكلمات بعد أن تعبت من سماع و قراءة قصص تعكس السلبية و الإحباط الدائمين ، و في كل الاوقات .
تقديري و أحترامي لكل إنسان يحترم الوقت ويحترم الخصوصية ويقدر أن الآخرين لديهم التزامات .. وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول شكراً لمن يفهمون حروفنا ويقدرون ظروفنا ويلتمسون لنا العذر.