تحليل للدكتورة/ نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إجبار مصر على الدخول فى حرب إقليمية ضد إيران لصالح دول منطقة الخليج العربى وتل أبيب، ومن هنا باتت الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها الآخرين فى المؤسسات النقدية والمالية الدولية تمارس ضغوطاً على القاهرة فى هذا الشأن وذلك عبر السياسات التعسفية لصندوق النقد الدولى وكبار مساهميه، وعلى رأسهم: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، كمحاولة لإلزام القاهرة بالإتفاق معهم على مواجهة إيران. ومع إضطرار مصر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولى للمرة الرابعة منذ عام ٢٠١٦، وذلك بعد تلك اللعبة الإستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية والغربية فى مواجهة الجيش المصرى لإجباره على مواجهة إيران، بعد لعبة سحب عدد من كبار المستثمرين الدوليين من البلاد لأسباب إستخباراتية وسياسية وعسكرية بحتة لصالح هدف المواجهة مع نظام طهران. وتزامن ذلك مع ممارسة واشنطن والقوى الغربية عن طريق أذرعها فى القاهرة لعدة أزمات إقتصادية مفتعلة، كأزمات نقص العملة الأجنبية فى السوق المصرى، وضعف الجنيه، وإرتفاع معدلات التضخم، وغيرها.
ومن جانبها تحاول الولايات المتحدة جمع عدد أكبر من الحلفاء فى حربها ضد إيران. وفى هذا المضمار تحاول إقناع الإتحاد الأوروبي للإنضمام إلى حلفها للحرب ضد طهران. ولعل الثغرة الكبيرة فى جبهة الولايات المتحدة الأمريكية تبقى هى الإتحاد الأوروبى، حيث يريد النظام الإيرانى أن ينفذ من خلاله لإضعاف الموقف الأمريكى والإسرائيلى الدافع والحاشد فى إتجاه خطر الحرب. وربما بسبب رفض بلدان الإتحاد الأوروبى ودول حلف الناتو العسكرية للرضوخ للمطالب الأمريكية والإسرائيلية للدخول فى مواجهات عسكرية مباشرة ضد إيران، كانت هى السبب الرئيسى المباشر لتهديد الرئيس الأمريكى السابق “ترامب” بالخروج الأمريكى من عضوية حلف الناتو وإبقاء أوروبا وحيدة أمام الخطر الروسى، مما قد يرغم دول الإتحاد الأوروبى من وجهة نظر “ترامب” وقتها على تعديل وجهات نظر بلدان الإتحاد الأوروبى وبلدان حلف الناتو العسكرى.
ومن وجهة نظرى التحليلية، فإن ما يحدث فى المنطقة من محاولة الحشد الأمريكى والإسرائيلى ضد إيران بدعم خليجى، ومحاولة جر الجيش المصرى للقتال بغير مصلحة مباشرة له فى الوقت الحالى للمواجهة أساساً مع طهران، لهى حرب ذات أوجه مختلفة ولاعبين متعددين، ولكن تبقى إيران هى الميدان الرئيسى للصراع فى حرب وقودها البنوك المركزية والبنية الإقتصادية والنفط والبنوك والتجارة على جميع الأصعدة.
وفي المقابل تبدو الخيارات المتاحة أمام إيران محدودة للتصدى لشبح الحرب الأمريكية – الإسرائيلية – الخليجية فى مواجهتها، فضلاً عن حالة الحرب الإقتصادية الدائرة والتهديدات المتزايدة ضدها. فالخيارات ضد طهران تبدو كلها مصحوبة بالمخاطر والمجازفات. فداخلياً على إيران، بات عليها أن تقنع شعبها بتحمل سياسة التقشف، وخارجياً يعول النظام الإيرانى على دعم كلاً من الصين وروسيا والميليشيات المسلحة التى تدعمه فى دول المنطقة، ربما للتهديد من خلالها بإشعال الموقف فى كل أنحاء المنطقة والتلويح بخطر المضائق والممرات البحرية فى البحر الأحمر، وعلى رأسها مضيقى باب المندب وهرمز وخليج عدن. وهو الأمر الذى قد يجعل الموقف أكثر تعقيداً أمام أمريكا وإسرائيل وحلفاؤهم الآخرين فى حال الدخول فى أى مواجهات عسكرية غير محسوبة مع إيران، وهو ما تدركه مصر جيداً والرئيس “السيسى” بفداحة الدخول فى أى صدامات محتملة مع نظام طهران.
وتكمن وجهة نظر الرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى” كرجل إستخبارات عسكرية سابق، والجيش المصرى وتصديهم لأى محاولات للدخول فى مواجهات عسكرية مع طهران ومحاولة إقناع دول الخليج العربى بذلك، هو (تكلفة الحرب)، بمعنى ما ستتكبده دول منطقة الخليج بأسرها والمنطقة بخوضها حرب شبيهة بحرب العصابات والميليشيات المسلحة. حيث باتت قضية إنشاء ودعم الميليشيات المسلحة في دول المنطقة أمراً يعرفه الجميع ولا يحتاج إلى براهين. والأمر لا يقتصر على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، مثل: (حزب الله اللبنانى، والحوثيون فى اليمن) فحسب، بل ستجد إيران أيضاً فى حالة دخول أمريكا وإسرائيل والخليج مواجهات عسكرية معها، دعماً كبيراً ومباشراً من تنظيم القاعدة، وحركة طالبان القريبة فى أفغانستان على الحدود مع طهران، كما أن هناك تقارير تشير عن تواطؤ النظام الإيرانى مع تنظيم تنظيم داعش الإرهابى، وسيتم إستخدام كل تلك التنظيمات مرة واحدة فى حال المواجهة العسكرية مع إيران، كما ستلجأ إيران حتماً لإعادة تخصيب اليورانيوم بسرعة كبيرة وتطوير الأسلحة الباليستية والصواريخ لمواجهة الحرب الوشيكة شدها، وسيتم تدمير الخليج والمنطقة بالكامل، فضلاً عن تأثر حركة المضائق والممرات البحرية وشل حركة التجارة الدولية كاملة، والتأثير على أمن مصر والمنطقة وقناة السويس، مما سيعطل حركة التجارة العالمية.
وفى ظل إشتعال أى حرب ضد إيران، سيضطر هنا صانع القرار الإيرانى إلى اللجوء وإستخدام هذه الميليشيات والجماعات المسلحة، كورقة ضغط على دول الجوار والولايات المتحدة الأمريكية والخليج. وبالإستناد إلى هذا الخيار، من المحتمل أن تزداد وتيرة العمليات الإرهابية فى دول المنطقة فى الفترة الزمنية المقبلة. وهذا ما يدركه بوضوح الرئيس السيسى والجيش المصرى، لذا ينأى بنفسه عن الدخول فى أى مواجهات أو صدامات مع إيران لعدم الدفع نحو تدمير المنطقة بالكامل لصالح إسرائيل بالأساس، بإعتبارها هى المستفيد الوحيد من تلك الحرب، لإشاعة الفوضى والإضطرابات فى كافة أنحاء المنطقة بما فيها بلدان الخليج العربى الداعمة للحرب فى مواجهة إيران.
ولعل تلك الأزمة الإقتصادية المفتعلة غربياً فى مواجهة مصر، كانت نتيجتها غير المباشرة هى تلك الدعوة الأمريكية والغربية عبر مؤسساتهم النقدية، بضرورة إستعادة الاستثمار الأجنبى المباشر كمخرج حقيقى من الأزمة الحالية بعد هروب إستثمارات تقدر بحوالى ٢٠ مليار دولار من الإستثمار فى الدين المصرى، وفقاً لأسباب إستخباراتية بحتة كما ذكرت فى تحليلى بسبب محاولة اليمين المتطرف والمتشددين فى إسرائيل الدخول فى مواجهات عسكرية مباشرة مع إيران بدعم سخى من بلدان الخليج، ومحاولتهم جر الجيش المصرى وإشراكه عنوة للدفاع عن أحلام تل أبيب الخبيثة فى إدخال القاهرة فى مواجهات عسكرية جدية مع نظام طهران. ولعل ذلك ما أعلنه صندوق النقد الدولى صراحةً لصالح واشنطن بالأساس ودعماً لسياسات تل أبيب اليمينية المتشددة، بالإعلان عن تضرر مصر من التداعيات العالمية للغزو الروسى لأوكرانيا، مع وجود فجوة تمويلية قدرها ١٧ مليار دولار على مدى السنوات المقبلة. وهو ذاته ما أعلنته “إيفانا هولار” رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى فى مصر، من “أن برنامج الإصلاح لدى السلطات فى مصر يجب أن يعطى دوراً أكبر للقطاع الخاص، وهو الأمر الملح، ومن المهم للغاية أن تتم المصادقة على سياسة ملكية الدولة على أعلى المستويات، بما فى ذلك من قبل الرئيس”.
وهو ما فهمه الرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى” بعقلية رجل المخابرات العسكرية كرئيس سابق لجهاز الإستخبارات العسكرية فى مصر بمحاولة ممارسة ضغوط أمريكية وإسرائيلية قصوى على القاهرة من أجل الدخول فى مواجهة غير مأمونة العواقب لمواجهة إيران، بإعطاء “السيسى” أوامره بتشكيل “لجنة أزمة” لمتابعة الموقف أسبوعياً بمجرد بدء الغزو الروسى لأوكرانيا، فضلاً عن الأحداث الجارية. كما أصدر الرئيس “السيسى” تعليماته للجيش بتوفير السلع الغذائية للمواطنين، بعد أن تسببت حرب الرئيس “بوتين” ضد أوكرانيا فى أكبر أزمة عالمية فى الغذاء، إذا ما أضفنا لها تلك المحاولات الأمريكية والإسرائيلية البغيضة لإجبار الجيش المصرى على الدخول فى مواجهات عسكرية مباشرة مع طهران. ولعل ذلك كان أحد الأسباب الرئيسية من وجهة نظرى التحليلية وقراءتى للمشهد السياسى والإقتصادى العام فى مصر، وراء تلك الجولات التى قام بها الرئيس المصرى “السيسى” فى منطقة الخليج العربى، وتحديداً تلك الجولات الرئاسية إلى (السعودية، الإمارات، قطر).
ثم أصدرت الحكومة المصرية ممثلة فى “مجلس الوزراء المصرى”، لتقرير رسمى صادر، بناءاً على توجيهات وأوامر رئاسية من الرئيس السيسى لمخاطبة الشعب المصرى، وذلك فى إطار من الشفافية للتطرق فى هذا التقرير حول أهم القضايا المرتبطة بالوضع الإقتصادى العام فى الدولة المصرية خلال عام ٢٠٢٢ تحديداً، وفى سياق التقرير الرسمى الصادر عن مجلس الوزراء المصرى، تم الرد على ١٧ إدعاء وزعماً رئيسياً، من حيث (حجم الدين الخارجى، الموازنة العامة للدولة، سعر الصرف، التصنيف الإئتمانى للدولة، فضلاً عن جدوى المشروعات القومية وشروط قرض صندوق النقد، وإرتفاع الأسعار، وتأزم الأوضاع فى البنوك)، وغيرها من القضايا التى شغلت الشارع المصرى خلال الفترة الماضية.
وهذا ينقلنا للمشهد السياسى العام فى تل أبيب، وذلك الضغط الإسرائيلى المتوالى على أنظمة دول الخليج العربى لهجوم محتمل ووشيك على إيران، ولعل ذلك هو السبب الرئيسى للإستعانة بحكومة يمينية إسرائيلية متطرفة فى الوقت الحالى، والتى سهلت لرئيس الوزراء الإسرائيلى “بنيامين نتنياهو” تشكيل تحالف هو الأكبر من نوعه فى تاريخ تل أبيب من أحزاب اليمين المتطرف والمتدينين المتطرفين، الذين يدفعون فى إتجاه المواجهة الحتمية مع نظام طهران حمايةً لمصالح تل أبيب.
حيث يرفع اليمين الإسرائيلى المتشدد بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلى “بنيامين نتنياهو” العديد من الشعارات فى فى إتجاه الحرب ضد إيران، منها: الحفاظ على أمن المنطقة، ومساعدة الدول الخليجية التى طبعت مع إسرائيل عبر إتفاقيات سلام وغيرها، كالإمارات والبحرين وكدعم غير مباشر للسعودية على أثر تلك الهجمات الحوثية المتعددة على المنشآت النفطية السعودية، وإستهداف ميليشيات الحوثى المدعومة من إيران لمنشآت شركة آرامكو السعودية فى البحر الأحمر، وهو ما نفته إيران، فضلاً عن ترويج حكومة “نتيناهو” فى إسرائيل فى إتجاه الحرب لدى غالبية فئات المجتمع الإسرائيلى، تحت مزاعم عديدة ومتنوعة، كوقف إيران عن إمتلاك السلاح النووى، والترويج بأن ذلك بات من أهم أولويات إسرائيل فى سياستها الخارجية.
وفي حال تفجرت المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، فإن الإضطرابات المنبعثة من سوريا وسيطرة تنظيم داعش، والتى إجتاحت الجزء الأكبر من المنطقة، ستصل مباشرة إلى الحدود المصرية. وهذا التطور بالذات أثاره الرئيس “السيسى” فى خطاب رسمى وشعبى جماهيرى له، بالتأكيد على:”نحن لا نحتاج إلى تعقيدات إضافية تتعلق بإيران وحزب الله”، مضيفاً:” أنا ضد الحرب، فالأزمات يمكن حلها من خلال الحوار”. وهذا يؤكد سعى الرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى” لتفادى أن تشهد المنطقة أى توترات، خاصةً بين الخليج العربى وإيران، أو أن تشهد مزيداً من التصعيد بمساعدة واشنطن وتل أبيب، وإعتمد الرئيس السيسى فى موقفه على سياسة بلاده الخارجية المتحفظة إزاء نشوب أى صراع بين أى طرف. كما لم يترك الرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى” شكوكاً حول موقفه، بتأكيده على أن “الشرق الأوسط ليس بحاجة إلى مالأمن في الخليج يشكل خطاً أحمر. نعتقد في مصر أن أي تهديد لدول الخليج يمس أيضاً أمننا القومي”. مع إقرار الرئيس السيسى فى عدة خطابات رسمية له، بأن: “الأمن فى الخليج يشكل خطاً أحمر، ونعتقد فى مصر بأن أى تهديد لدول الخليج يمس أيضاً أمننا القومى”.
كما باتت تل أبيب ومعها واشنطن فى الترويج بين بلدان المنطقة والخليج بالأساس فى المقام الأول عن جدوى الحرب العسكرية ضد إيران، وتصدير ملف خشية إسرائيل من تدخل إيران فى الدول القريبة من حدودها، مع وجود تسريبات بتزويد طهران لمجموعة من الصواريخ الباليستية والذخائر الدقيقة لوكلائها فى “جماعة حزب الله” بلبنان وفى سوريا كذلك. لذا تعلن إسرائيل عن تخوفها من الأجندة النووية لإنتاج السلاح النووى لإيران والمعدات الناقلة لها كتهديد لأمن وسلامة المنطقة كلها والخليج بالأخص كحليف لنظام تل أبيب عبر إتفاقيات تطبيع وسلام معه. ومن هنا فإن محاولات الإستخبارات الإسرائيلية وجهازها للموساد لضرب عدد من المفاعلات النووية فى مدينة “أصفهان” الإيرانية، لهى محاولات يروج لها الإسرائيليين داخلياً وإقليمياً ودولياً، على أنها “جزء من محاولات إسرائيل لضرب القدرات الإيرانية ومنعها من دعم الجماعات الوكيلة لها فى المنطقة”.
ويبقى التساؤل الجوهرى هنا، بالحديث عن كيف تنظر كل الأطراف الإقليمية والدولية لمعرفة مدى الدعم الذى يمكن أن تقدمه الصين وروسيا للنظام الإيرانى فى حالة الحرب مع إسرائيل والخليج بدعم أمريكى غربى مباشر؟ والإجابة عن هذا السؤال، سيجعلنا نحلل أسباب سعى واشنطن لكسب ود ومغازلة النظام السياسى فى مصر بالأساس، عبر زيارة وزير الخارجية الأمريكى “أنتونى بلينكن” إلى القاهرة ثم توجهه إلى تل أبيب كجزء من لعبة التحركات وجس النبض الأمريكية لمصر وبلدان المنطقة. ولعل التعويل على الدعم الصينى والروسى لإيران، سيكون من أقوى الأوراق التى يراهن عليها الإيرانيون، خاصةً بالنظر لوجود مصالح مصرية وخليجية حيوية وضرورية مع الصينيين والروس بالأساس. وهو ما صرحت به الصين مباشرةً، بأنها من المحتمل أن تستمر بشراء النفط الإيرانى بعد إبرام المرحلة الثانية من العقوبات ضد طهران فى نوفمبر ٢٠١٨. كما جاء تأكيد “محسن كريمى”، كنائب لمحافظ البنك المركزى الإيرانى فى تصريحات رسمية منشورة له فى وسائل الإعلام الفارسية يوم الإثنين ٣٠ يناير ٢٠٢٣، بأن (إيران وروسيا) ربطتا أنظمة الإتصال والتحويل لبنوكهما ببعضهما البعض، للمساعدة فى تعزيز المعاملات التجارية والمالية فى ظل خضوع طهران وموسكو لعقوبات غربية.
وهذا الدعم المالى والإقتصادى الروسى لإيران تم بالأساس منذ إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران فى عام ٢٠١٨، وذلك بعد إنسحاب واشنطن من الإتفاق النووى المبرم بينهما لعام ٢٠١٥، والذى تم بالأساس بين طهران والقوى العالمية، حيث تم بعدها فصل إيران عن شبكة “سويفت” المالية العالمية للتحويلات المصرفية، والتى تتخذ من بلجيكا مقراً لها. وتم فرض قيود مماثلة على عدد كبير من البنوك الروسية منذ هجوم موسكو على أوكرانيا فى فبراير ٢٠٢٢. وهذا نفسه ما أكده “محسن كريمى”، نائب محافظ البنك المركزى الإيرانى، فى تحدى علنى لواشنطن والغرب بمساعدة الصين وروسيا، بالتأكيد على “أن البنوك الإيرانية لم تعد بحاجة إلى إستخدام نظام سويفت للتحويلات والمعاملات المالية مع نظيرتها من البنوك الروسية، وهو ما يمكن كل الأطراف من فتح خطابات للإئتمان والتحويلات أو الضمانات المشتركة بين الطرفين”.
وهو ما أكده البنك المركزى الروسى بالإتفاق مع نائب محافظ البنك المركزى الإيرانى “محسن كريمى”، بالتأكيد على أنه “سيتم ربط نحو ٧٠٠ بنك روسى و ١٠٦ بنوك غير روسية من ١٣ دولة مختلفة بنظام إئتمانى ومصرفى جديد”. وذلك من دون الخوض فى تفاصيل حول أسماء البنوك الأجنبية التى ستقبل بمثل هذا التداول المصرفى والمالى بعيداً عن نظام سويفت المالى العالمى للتداولات المالية والنقدية والمعتمد رسمياً دولياً.
وهذا يفهم منه تحديداً عدم ترك الصينيين والروس لإيران وحيدة فى مهب خطر أو ريح أى حرب عسكرية وشيكة ضدهم. وربما ستحاول روسيا فى هذه الحالة الإنتقام من واشنطن وتل أبيب بدعم سخى عسكرى وإقتصادى لإيران، خاصةً فى ظل مواجهتها لعقوبات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبى.
وهذا ينقلنا للمشهد السياسى فى مصر وبشكل أكثر دقة وموضوعية، بالتأكيد على رؤية النهج المصرى فى القاهرة بسلاسة ووضوح، وبأن مصر فعلياً لا تشاطر دول الخليج قلقها من الإتفاق النووى للغرب مع إيران، كما أن مصر لم تتبنى التقييم الذى عبرت عنه الولايات المتحدة الأمريكية بأن إيران تدعم الإرهاب، إضافةً إلى أن مصر تقوم بدور متحفظ جداً فى التحالف الذى تقوده المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين المتعاطفين مع إيران.
ومن هنا نستنتج، وبناءً على قراءتنا وتحليلنا للمشهد العام، بأن تلك الأزمة الإقتصادية فى مصر مفتعلة أمريكياً وإسرائيلياً وغربياً بل وخليجياً، لدفع الجيش المصرى كأقوى جيوش المنطقة لتحمل تكلفة وعبء الحرب غير الجوهرية بالأساس بالنسبة للمصالح المصرية نيابةً عن الجميع، لذا تأتى حملة الهجوم الخليجى غير المسبوق على مصر، فضلاً عن إنسحاب عدد من المستثمرين الأجانب بالأساس فجأة ومرة واحدة، وفى نفس التوقيت الدقيق الحساس من السوق المالمصرىى إطار “الضغط على النظام المصرى، لكى يستجيب لشروط صندوق النقد الدولى، والقائمين عليه سياسياً وإقتصادياً بالأساس، وهم واشنطن وحلفاؤها فى الغرب، كجزء من حملة ممنهجة ضد مصر وجيشها لتحمل تكلفة وعبء الحرب ضد إيران نيابةً عن إسرائيل والخليج والجميع ولصالح المنافسة بين واشنطن وبكين وموسكو كحلفاء لإيران فى منطقة الشرق الأوسط.