كتبت : هبة عبدالفتاح
دأبت المملكة العربية السعودية على أخذ زمام المبادرة في العديد من المجالات التي تهم البشرية، وتؤثر في حياتهم، ومن تلك المجالات قضايا البيئة والتغيرات المناخية، حيث قدمت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – مبادرات متنوعة في سبيل مكافحة ظاهرة تغيّر المناخ ومعالجة التحديات البيئية.
وتشاطر المملكة دول العالم فيما تواجهه من تحديات بيئية متنامية نتيجة للتزايد السكاني وتسارع الوتيرة الصناعية والاقتصادية والعمرانية والزراعية، فسعت جاهدة للحد من مسببات التغير المناخي، والوفاء بالتزامها بالمعايير والاتفاقيات الدولية في إطار البرامج الدولية المنبثقة عن المنظمات المتخصصة، ومنها اتفاقية باريس للتغير المناخي، الرامية لتجنب التدخلات الخطيرة الناشئة عن أنشطة بشرية في النظام المناخي.
واستشعاراً بأهمية التكاتف والتآزر الإقليمي والدولي لتعزيز العمل المناخي العالمي وخفض الانبعاثات الكربونية، بما يسهم في تحسين جودة الحياة ويهيئ مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة؛ أُطلقت “مبادرة السعودية الخضراء”، و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” لرسم توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعتهما في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، حيث تسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية.
يقول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء: “إنه بصفتنا منتجًا عالميًا رائدًا للنفط ندرك تمامًا نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة”.
وتعزيزاً لهذه الجهود الرامية إلى الحفاظ على البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، أعلن سمو ولي العهد في أكتوبر 2021م، عن استهداف المملكة العربية السعودية للوصول للحياد الصفري في عام (2060م) من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوُّعها الاقتصادي، بما يتماشى مع “خط الأساس المتحرك”، ويحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية، في ظل نضج وتوفر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات.
وتسعى المملكة إلى تحقيق أهداف طموحة في مجال العمل المناخي، بحلول عام 2030م؛ تتمثل في تحويل 30% من مساحاتها البرية والبحرية إلى محميات طبيعية، وزراعة أكثر من 600 مليون شجرة.
وتعكف المملكة على تطبيق نموذج الاقتصاد الدائري للكربون؛ بهدف تنفيذ تعهّداتها لتقليل الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030م. وتماشياً مع طموحاتها لرفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50% بحلول عام 2030م، أعلنت المملكة عن 13 مشروعاً جديداً قيد التطوير في مجال الطاقة المتجددة بقدرة إجمالية تبلغ 11.4 جيجاوات. وتقدّر قيمة الاستثمارات في هذه المشاريع بنحو 34 مليار ريال سعودي (9 مليارات دولار). ومن المتوقّع أن تسهم هذه المشاريع عند بدء عملياتها التشغيلية في إزالة 20 مليون طن تقريباً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
ودعماً لتحقيق هدف خفض الانبعاثات الذي حددته مبادرة السعودية الخضراء والإسهام في تعزيز الطموحات الوطنية بأن تصبح المملكة أكبر منتج ومصدر للهيدروجين النظيف منخفض التكلفة في العالم، يجري العمل حالياً على إنشاء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم، مع التوقعات بأن يبدأ عملياته الإنتاجية بقدرة تصل إلى 600 طن يومياً في عام 2026م. كما حصلت كل من شركة “أرامكو السعودية”، و”سابك”، و”معادن”، على أول شهادات مستقلة في العالم كمنتجين معتمدين للهيدروجين الأزرق والأمونيا؛ مما يعزز البنية التحتية لتصدير الوقود النظيف في المملكة العربية السعودية.