خلال أيام شهر رمضان الكريم يقوم الناس في هذا الوقت بإعداد الأكلات الشعبية الرمضانية والطعام المحبب لهم ، وبالأخص الحلويات الرمضانية التي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بهذا الشهر الفضيل ، وبخاصة القطايف والكنافة التي لا نستطيع الاستغناء عنهم أبدًا ، ويشتهر شهر رمضان الكريم، بتناول وإعداد الأصناف المختلفة من الحلويات الشرقية والعربية المميزة، ومن أشهرها الكنافة والقطايف، وخصوصا القطايف التي لها شعبية خاصة ، وتتناولها الأسر العربية خلال شهر رمضان المبارك ، وهي حلوى عربية معروفة في بلاد الشام و مصر وتونس في شهر رمضان الكريم ، حيث يكثر تناولها بعد الإفطار غالبا ، وخلال وجبة الإفطار في بعض الأحيان ، وقبل وجبة الإفطار عند قليل من الناس بالأخص أهل مدينة نابلس الفلسطينية ، و القطايف تتكون من فطيرة أو عجينة تسمى عجينة القطايف محشوة بأصناف مختلفة من الحشو ، وتقدم مقلية أو نيئة ، وبما ان شهر رمضان هو شهر للروحانيات والطقوس الدينية ، فإنه أيضا شهر الطقوس والعادات والأكلات الشعبية والحلويات العربية الشهيرة ، فهناك بعض المأكولات والحلويات التى دائما ما يكون لها شهرتها الواسعة خلال الشهر الكريم ، ومن أهمها بالتأكيد القطايف ، ومن خلال سلسلة مقالات ” طقوس رمضانية ” التى أقدمها لكم يوميا ، وأبحث لكم فيها عن أصل العديد من الطقوس الدينية والاجتماعية الرمضانية خلال الشهر الكريم، نتحدث اليوم عن “القطايف” ما هو أصله وما هي حكايته .
وعن سبب تسمية القطايف بهذا الاسم ، توجد العديد من الروايات حول سبب تسميتها بهذا الاسم ، حيث إن هناك رواية تعود للعصر الفاطمى، وتؤكد إن الطهاة كانوا يتنافسون على تحضير أنواع مختلفة وجديدة ومتميزة من الحلويات خلال الشهر الفضيل، وكانت فطيرة القطايف من ضمن هذه الحلويات، وتم تحضيرها بشكل جميل ومزينة بالمكسرات ، وتم تقديمها في طبق كبير، وكان الضيوف يتقاطفونها بشدة للذّتها .
وهناك روايات أخرى ، حيث يرجع بعض المؤرخين أصل تسمية القطايف بهذا الاسم ، لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة ، ولكن السبب الأرجح هو تشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة، أما السبب الأخر فهو أنها كانت تٌقطف سريعًا من قبل الضيوف فور وضعها على المائدة.
وعن أصل القطايف، اختلفت المصادر والمراجع التاريخية ، ومع تعدد الروايات التي قيلت، فلا توجد رواية واحدة أجمع عليها التاريخ حول أصل حلوى القطايف، لكن تعددت الروايات التي أكدت أن أصل حلوى القطايف كان منذ بداية العصر الأموى وحتى العصر العباسى وكذلك العصر الفاطمى .
فكانت الرواية الأولى:
بحسب كتاب “الأمثال الشعبية الشامية” لـ نزار الأسود، فإن القطايف تعود إلى أواخر العصر الأموى ، حيث إنها عرفت في العصر العباسي وفي أواخر العصر الأموي، وإن أول من تناول حلوى القطايف في رمضان كان الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك (سنة 98 هـجريا ) ، حيث كان يبحث طباخو القصر عن حلوى جديدة ولذيذة لتحضيرها في شهر رمضان الفضيل، فكان يجربون العديد من المكونات حتى يصلوا لحلوى مميزة، وظلت التجارب مستمرة حتى وصلوا إلى القطايف ، والتي أعجبت الخليفة بشدة وأراد تناولها يوميًا، ثم بدأ انتشارها في جميع أنحاء مصر، ثم البلاد المجاورة بعد ذلك .
وفي رواية أخرى أن القطايف تعود للعصر الفاطمي،
يروى أيضا أنها تعود إلى العصر الفاطمى، حيث كانت تقدم مزينة فى صحن كبير ليقطف ، أو يقطفها الضيوف، وقطفت عليه فى الشام معناها تمتعت بمنظره، ومن هنا سميت قطايف ، حيث كان صناع الحلوى يتنافسون على تقديم أجمل ما لديهم للخليفة أو السلطان لينالوا إعجابه ويحصلوا على رضائه ، ومن ثم العمل بقصر السلطان، فقرر أحد الطهاة أن يبتكر فطيرة صغيرة محشوة بالمكسرات، ثم قام بوضعها بشكل أنيق فى طبق جميل وزينه بالمكسرات ، وخرج بها على الضيوف فى القصر الملكى ليذوقوا اختراعه الجديد، فتهافت عليه الحاضرون وظلوا يقطفونها من بعضهم ، فأطلق عليه صانعها أسم ” قطايف”.
رواية ثالثة أن القطايف أصلها مرتبط بالحضارة الأندلسية :
حيث روت كتب التاريخ أن أول من ابتكر القطايف هم الأندلسيين ، وانتشرت فى مدن عربية كبيرة كغرناطة وأشبيلية، ثم انتقلت تلك الفطيرة الصغيرة المحشوة بالمكسرات إلى بلاد الشرق العربى فى ظل الحكم الإسلامى، وظلت تتطور على مدار السنوات لتصبح من أهم الأعراف المرتبطة لدى المصريين بشهر رمضان الكريم .
وفي رواية رابعة تؤكد ان القطايف مصرية 100% :
هناك رواية أخرى منتشرة بأن الفراعنة هم أول من اخترعوا حلوى القطايف ، حسب ما جاء في كتاب The pharos kitchen للباحث عمرو حسين ، أن القدماء المصريين كانوا يقدمونها كنوع من القرابين والهدايا للآلهة كتعبير عن الاحترام والتقدير لهم.
ومع بداية حلول شهر رمضان الكريم، تشتهر الأحياء المصرية الشعبية، بصناعة القطايف، الذي يخبز دوائره البيضاء الجميلة فوق سطح معدني ساخن، حيث تباع القطايف مخبوزة وجاهزة، وتُخبز يوميًا أعداد هائلة من القطايف ، يباع معظمها قبل المغرب وموعد الإفطار ، ونحن نجد انه فى كل ليالى شهر رمضان المبارك يصطف الناس حول بائع القطايف ، و يشاهدونه وهو يملأ علبته الصفيح ، و التى يفرغ منها عجينة القطايف على الصاج الذى يعتلى النيران، فتنضج أمامهم القطائف ، ويتهافت عليها الأطفال، فلا ينتظرون حشوها وطهيها ، و لكنهم يتقاطفونها وهى ساخنة بعد خروجها من تحت يدى صانع القطايف فيكون لها مذاق مختلف ومميز.
وفي العادة تقدم القطايف علي السفرة المصرية، بحشوة من المكسرات المحمصة والزبيب، وتقلى في زيت ساخن ثم توضع في قطر (شربات) مباشرة ، وتترك دقائق ثم تصفى وتقدم ساخنة، وكذلك تصنع على شكل «قرطاس» فارغ ، وتقلى ثم توضع في القطر البارد ، وتحشى بالقشدة أو الكريمة المخفوقة وتزين بالمكسرات ، وتصنع حبة القطايف على شكل هلال نسبة لهلال شهر مضان، ويتم تناولها بعد وجبة الإفطار وعلى السحور كذلك، وهى عبارة عن فطيرة مكونة من عجينة سائلة مخبوزة، محشوة بالمكسرات، أو القشطة، أوالجبنة ويمكن تحميرها أو قليها بعد حشوها.
وتطورت حلوى القطايف ، حيث مرت بمراحل عديدة منذ ظهورها وحتى الأن، فقد كانت قديمًا تؤكل دون أي إضافات مع المكسرات، ثم ظهرت فكرة حشيها بالجبن والمكسرات المختلفة مع وضعها في العسل أو الشربات ، وتحُشي الأقراص الصغيرة بالقشطة، وأحيانا يتم تقديمها نيئة ، ثم يتم وضعها في الشربات والفستق الحلبي دون تسخينها أو قليها في الزيت المغلي.