متابعة – علاء حمدي
بطل الأسبوع الحالي، إعلامي كبير، يتميز بحضوره الطاغي على شاشة التلفزيون، وثقافته العالية ولغته العربية السليمة.. حرص خلال مسيرته المهنية الحافلة بالإنجازات، على تقديم محتوى إعلامي محترم وهادف واحترافي، حيث ترك جدران الاستديوهات، ونزل إلى الشارع، ودخل مع المواطن المصري في موضوعات شيقة وجميلة وتتسم بالسهولة، خطف بها قلوبهم وعقولهم، وبات الشارع علامة مسجلة باسمه لدرجة أن أطلق عليه الجمهور لقب “جمال الشارع” وليس الشاعر.. فتعالوا بنا نتعرف على السيرة الذاتية للإعلامي جمال الشاعر.
وُلد جمال الشاعر في مدينة دكرنس التابعة لمحافظة الدقهلية، وفى طفولته كان يشارك في الإذاعة المدرسية بشكل منتظم، الأمر الذى ساعده فى اكتشاف موهبته فى الإلقاء والتواصل مع الناس، وبعد إتمامه مرحلة الثانوية العامة، التحق بكلية التجارة، وحصل على بكالوريوس إدارة الأعمال في جامعة طنطا سنة 1978.
وتقدم لاختبارات الإذاعة ضمن 100 متسابق من أجل العمل بها مذيعا، ونجح ضمن 22 متسابقا، وتم تدريبه لمدة 6 أشهر على تقديم موجز الأنباء أو تقديم أغنية، وتميز الشاعر خلال فترة تدريبه بالإذاعة بموهبته فى الشعر والإلقاء، وكان مثار إعجاب أساتذته، وبعد انتهاء فترة التدريب عمل مذيعاً بإذاعة صوت العرب خلال الفترة (1980 – 1983)، وكانت “صوت العرب” بالنسبة له مدرسة نموذجية لاستيعاب كافة الخبرات الإذاعية من: “كتابة وتحرير وإلقاء وتعليق وترجمة وإذاعة خارجية”
وتميز ظهور جمال الشاعر في هذه الإذاعة بمذاق خاص أُعجِبَ به المستمعون والمسؤولون عن الإعلام، ومنهم الأستاذة سامية صادق، رئيس التليفزيون آنذاك، والتي عرضت عليه أن يكون مقدما للبرامج في التليفزيون، فوافق دون تردد، وأصبح مذيعاً بالتلفزيون منذ عام 1983، وكان برنامج “نقط على الحروف”، أولى برامج جمال الشاعر التليفزيونية، وفيه تحدث عن عدد من الأزمات التى حاصرت المواطنين مثل ” رغيف العيش – أنبوبة البوتاجاز – السكن”، ولكن صدر قرار بوقف البرنامج بعد إذاعة 3 حلقات منه بسبب الصداع الذي سببه البرنامج للمسئولين.
بعدها قدم بطلنا برنامج “شعر وشعراء” فى محاولة منه لاستعادة مكانة الشعر على خريطة الإعلام، بعد ذلك قدم برنامجا ثقافيا آخر “الأوبرا” عَرَّفَ فيه الجمهور فنون الغناء الأوبرالي وقيادة الأوركسترا وفنون الرقص الحديث والفنون التشكيلية والباليهات العالمية.
وفي بداية التسعينات من القرن الماضي قدم الشاعر برنامج “أماني وأغاني”، وفى هذا البرنامج ترك استديوهات ماسبيرو، ونزل بالكاميرات إلى الشارع من أجل إفساح المجال أمام المصريين كي يعبروا عن أنفسهم ويُظهروا مواهبهم، وأحدث البرنامج تغيرا جذريا في مفهوم ساعات الذروة على خريطة التليفزيون، لأنه كان يحقق أعلى نسبة مشاهدة في وقت الظهيرة وليس كالمعتاد في السهرة، نتيجة الإقبال الجماهيري المتزايد على مشاهدة البرنامج، حيث لم يكن هناك وسيلة في ذلك الوقت للاستماع للأغاني الجديدة، إلا بشراء شرائط الكاسيت أو مشاهدة برنامج “أماني وأغاني”، وقد توالى على تقديم هذا البرنامج بالإضافة إلى الشاعر، كل من: أحمد مختار، وجميلة إسماعيل، وعلاء بسيوني.
كذلك يعتبر الإعلامي جمال الشاعر أحد أبرز الوجوه التى ارتبط بها المصريون في شهر رمضان الكريم بسبب برنامجه “الجائزة الكبرى”، وهو عبارة عن مسابقة في الثقافة الدينية، وقد ساهم هذا البرنامج في تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة وتشجيع التنافسية في الاطلاع والمعرفة، وظل البرنامج يعرض على الشاشات لمدة 15 عاماً، قدم فيها ما يقرب من 1500 جائزة حج وعمرة للمسلمين داخل مصر وخارجها.
وبجانب “الجائزة الكبرى”، كان برنامج “بين الناس”، أحد العلامات الفارقة فى مسيرة جمال الشاعر المهنية، وقامت فكرة هذا البرنامج على مناقشة المشاكل الاجتماعية فى المجتمع المصري، وذلك من خلال مجموعة الخطابات التى يرسل فيها المواطنون شكواهم، ويتم تصويرها فى مسلسل درامى تبلغ مدته 30 دقيقة، ثم تستعرض بعدها أسرة البرنامج آراء الجمهور فى المشكلة والتعليق عليها. وبالإضافة إلى هذا قدم بطلنا مجموعة من البرامج التليفزيونية المتميزة مثل: “كُتُب ممنوعة، كَلِّم مصر، الشوارع حواديت”.
وفي يونيو 2013 استقال الإعلامي جمال الشاعر، على الهواء مباشرة، من تقديم برنامج “كَلِّم مصر” على شاشة التليفزيون المصري، بعد أن أبلغه مخرج البرنامج بصدور أوامر بإنهاء الحلقة على الهواء رغم وجود أربعة ضيوف ممثلين للجالية المصرية في أوروبا والعالم العربي، وقال الشاعر وقتها إن :”حديثي في الحلقة لم يعجب وزير الإعلام الذي يسعى لأخونة الإعلام المصري”، مسجلا احتجاجه على ما يدور في “ماسبيرو”، بقوله “أرفض أن يعامل مذيع أو إعلامي بهذا القمع”.
وبجانب ظهوره على شاشة التلفزيون، عمل جمال الشاعر رئيساً لقسم الشباب بالقناة الأولى بالتلفزيون المصري، وتولى عضوية لجنة النصوص باتحاد الإذاعة والتلفزيون منذ 1983، وعضوية لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة، كما دفع تميزه الإعلامي إلى اعتلاء العديد من المناصب المهمة منها: رئيس لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، ووكيل الهيئة الوطنية للإعلام،ورئيس قناة النيل الثقافية، ورئيس الفضائية المصرية، ونائب رئيس قنوات النيل المتخصصة، ونائب رئيس التليفزيون، ورئيس معهد الإذاعة والتليفزيون.
كما أصبح عضوا في العديد من المجالس منها: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمجلس القومي للشباب، والمجلس القومية المتخصصة، واتحاد الكتاب، ومؤسسة روزاليوسف، وحصل على منحة زائر دولي من الولايات المتحدة الأمريكية.
كذلك حصل الشاعر على درجتي الماجستير والدكتوراه فى إدارة الأعمال من جامعة “ماستريخت” الهولندية، وكان موضوع رسالة الدكتوراه حول تأثير نمط الملكية على أسلوب الإدارة ومستوى الأداء فى المؤسسات الإعلامية والتطبيق على تجربة التليفزيون المصرى قبل ثورة 2011، وما بعدها ومستقبل ماسبيرو فى ظل المنافسة الشرسة عالميا وعربيا ومن القنوات الخاصة، وشملت الدراسة مناهج بحثية فى التحليل النوعي والكمي ومقارنة مع تجارب دول العالم وتأثيرات العولمة والتكنولوجيا، والدستور الجديد 2014، على مستقبل التلفزيون.
وبالإضافة إلى تاريخه المهني الحافل بالبرامج التلفزيونية المهمة، فإن لجمال الشاعر عدة مؤلفات نذكر منها: «سياسي يتذكر، تجربة في العمل السياسي»، و«أصفق أو لا أصفق»، و«ضحكت فأشعلت الحرائق»، و«المماليك يأكلون البيتزا»، و«أحجز مقعدك في الجنة»، و«كذا مذا»، و«حبيبتي.. أينشتاين لا يعض»، و«.. إيه؟!»، و«اعمل عبيط» و«رئيس لمدة دقيقة»،
ومن الإسهامات الاجتماعية والثقافية للإعلامي جمال الشاعر تأسيسه “بيت الشاعر” عام 2008، وهو مؤسسة خيرية ليست هادفة للربح موجودة في شارع “المعز لدين الله الفاطمي” هدفها نشر الثقافة وتشجيع الفنون والترويج للإبداع وتشجيع المبدعين ، ولهذه الأغراض أنشأ مسرحا لتقديم الحفلات الغنائية والموسيقية ومسرح العرائس والفرق الأجنبية التي تقدم عروضها في الشارع ، ومن إنجازاته المهمة أيضا، قيامه بتأسيس قناة النيل الثقافية، أول قناة متخصصة في العالم العربي في مجال الثقافة.
وبعد ابتعاد عن الشاشة الصغيرة بضعة سنوات، عاد مؤخرًا إلى العمل الإعلامي، لتقديم برنامج “أجمل ناس”، على فضائية “النهار”.