أخبار عاجلة

طقوس رمضانية  ” مشروبات رمضان “… بقلم هبه عبد الفتاح

حرصت الأمة الإسلامية على عدة طقوس وعادات خلال شهر رمضان المبارك، حتى أصبحت جزء أساسي من هذا الشهر الفضيل، وخاصة المصريين حيث أنهم يضيفون نكهة خاصة لكل مناسبة ولكل عيد، وعند ظهور هلال رمضان يبدأ المصريون في استقباله بأغاني رمضان الخاصة، والزينة، الروحانيات، أعمال الخير، مدفع رمضان، الياميش، المسحراتي، الفانوس، الخشاف، التمر والعرقسوس،… إلخ، فإن أجواء ومظاهر رمضان في مصر لا تنتهي، وجميعنا نشأنا على هذه العادات ، ولكن والكثير منا لا يعلم أصول تلك  “الطقوس الرمضانية ” ، و كيف ورثها  الأجداد  ، واعتاد عليه الأحفاد والأبناء ،حتى تصبح جزء لا يتجزأ من عادتنا بحلول هلال رمضان.

مع بداية شهر رمضان وتزامنه مع فصل الصيف ،  وارتفاع درجات الحرارة فى هذا التوقيت من العام ،  يظهر الإقبال الشديد بعد انتهاء ساعات الصيام وحلول موعد الإفطار على تناول المرطبات والعصائر ، وذلك لتعويض فترة طويلة من الصيام.

فمنذ عقود طويلة بدأ المسلمون في البحث عن مشروبات تساعدهم على تعويض نقص الغذاء والعطش الشديد طوال النهار، وبرعت كل منطقة في صنع مشروبها الخاص الذي اشتهر وامتد إلى المناطق المجاورة ، ونحن معكم في سلسلة مقالات ( طقوس رمضانية ) التي نقدمها لكم يوميا عن أصل وحكاية العديد من  العادات والطقوس الرمضانية المميزة خلال  شهر رمضان الكريم،  وفي هذا  المقال نستعرض لكم  كل مشروب من تلك المشروبات الرمضانية ، أصله وحكايته وأسباب تسميته بذلك الإسم .

( قمر الدين )

 تتربع مشروبات بعينها على مائدة المصريين فى الشهر الفضيل ،  وعلى رأسها مشروب “قمر الدين”،

فهو من بين العديد من المشروبات الرمضانية يشتهر عصير قمر الدين، كأحد أهم المشروبات الشعبية فى الشهر الفضيل، حيث إنه ضيف دائم على طاولة الطعام عند الأسرة العربية.

يعد  قمر الدين من المشروبات الرمضانية الشهيرة التي لا تخلو مائدة إفطار من تواجده ،  والذي ارتبط  بشهر رمضان لعوامل متعددة ،  منها تاريخي وآخر ثقافي.

“قمر الدين” يعد  أشهر المشروبات الرمضانية في العالم العربي، حيث  يصنع من شرائح فاكهة المشمش عن طريق تجفيف عصير تلك الثمار، ثم صبه في صحون كبيرة أو على ألواح خشبية ملساء  ، ويترك ليجف في الشمس  ، ويقطع إلى قطع مستطيلة أو مربعة،   ويحفظ فى أكياس بلاستيكية للاستعمال ، ومن ثم يٌقدم مشروبا للصائمين بعد نقعه في الماء وإضافة السكر، وتشتهر سوريا بإنتاج وتصدير “قمر الدين” .

إن أصل قمر الدين من حيث تسميته يعود إلى قرية أمر الدين الشامية، ثم تغير الإسم ليكون قمر الدين، وربما ذلك ما يفسر شهرة سوريا فى إنتاج قمر الدين منذ القدم .

بينما يعتقد بعض الخبراء أن أصول المشمش تعود إلى غرب الصين وآسيا الوسطى ،  وربما كوريا واليابان أيضا، وقد بدأت الزراعة المنظمة والمكثفة للمشمش فى الهند 3000 سنة قبل الميلاد.

ولكن اختلفت الروايات التاريخية حول الأصل التاريخى لحلوى قمر الدين، وسر  تسميتها بهذا الاسم، فيقول البعض إن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذى كان محبا للتجوال فى الغوطة، مع أقاربه وضيوفه، وفى إحدى المرات قدم له أحد الأشخاص شراب المشمش الذى أعجبه، وعرف باسم عصير المشمش، ويعتقد أنه أول من تناول مشروب قمر الدين، وجاء ذلك احتفالا باستطلاع هلال شهر رمضان،  حيث  كان يأمر بتوزيع مشروب المشمش فور ثبوت رؤية هلال رمضان فارتبط بشهر قمرى ومناسبة دينية ، وهنا جاء تسميته بهذا اسم لارتباطه بتنفيذ أمر الله فى صوم شهر رمضان ، وانتقل بعد ذلك إلى مختلف الدول العربية، وكان من المشروبات المفضلة عند المماليك، ويرجح أن سبب تسميته بهذا الاسم ، هو إنه كان يطرح فى الأسواق قبل رمضان بيوم، لذلك ربط اسمه باسم هلال الشهر الكريم، لذلك سمى بقمر الدين.

لكن هناك عدة مخطوطات صينية تثبت أن أصول المشمش تعود إلى غرب الصين وآسيا الوسطى، وربما كوريا واليابان أيضًا، وكذلك نشأة قمر الدين الصينية، يدعمها أن الموطن الأصلى للمشمش هو الصين، وكان ينبت بريا فى جبال بكين، وقد عرف فى الصين قبل ميلاد المسيح بألفى عام، وزرع فيما بعد فى الهند وإيران واليابان ، وبدأت زراعته المنظمة والمكثفة في الهند سنة 3000 قبل الميلاد.

وهناك رواية أخرى ذكرت في كتب التاريخ أن موسم جني محصول المشمش تزامن مع رؤية الهلال الجديد الذي يمثل بداية شهر رمضان في العام الذي صُنع فيه “قمر الدين”.

انتشر قمر الدين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والصومال، ويُعرف باسم (  لواشك )  في إيران، ويتم تقديمه كلفافة فواكه مجففة، وتعتمد طريقة عمله على غلي المشمش والسكر على النار وتصفيته بمصفاة خشبية مغمورة بزيت الزيتون، ثم يترك المشمش ليجف تحت أشعة الشمس، وبمجرد أن يجف، تتم تعبئته وشحنه وبيعه.

ينتشر مشروب “قمر الدين” في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو في الأصل عصير ثمرة المشمش، وأشهر أنواعه “قمر الدين السوري”، وتنتشر زراعته في سوريا وجنوب تركيا ومصر وإيران.

( السوبيا ) :

” السوبيا” أحد المشروبات الشعبية فى مصر، والتى تكتسب شهرة واسعة بشكل أكبر خلال شهر رمضان المبارك، ودائما ما تكون ضيفا على عدد كبير من الموائد الرمضانية التى تلتف حولها الأسر المصرية خلال الشهر الكريم ،  فلا تخلو مائدة رمضان في البيوت المصرية والوطن العربي من مشروب السوبيا، الذي يعد الأول بلا منازع، لكثرة محبيه من الصائمين، وذلك لأنه يمنح الجسم ترطيب عالي، بالإضافة إلى احتوائه على نسبة عالية من السكر ، وهنا سنعرف كل شيء  عن “السوبيا” أصلها وبداية ظهورها.

يصنع شراب السوبيا من مكونات “اللبن والماء المثلج، وجوز الهند، والفانيلا” ،  ووفقا لبعض المراجع التاريخية ،  فقد تم التعرف على السوبيا منذ عصر المماليك ، وتم اختراعها فى أوقات الشدة، حيث كان بيت المال لا يكفى المحتاجين ، وبدأت ثورات الثائرين، فكانت حصة الفرد من الدقيق تقل وتزيد ، وكذلك السمن والسكر والأرز ،  وكانت الهند تبعث الجزية جوز هند وتوابل، وهنا تمت لأول مرة صناعة السوبيا،  و من هنا جاءت فكرة صناعة مشروب السوبيا، الذي يحضر من القليل من الدقيق الأبيض والسكر والماء وجوز الهند، وفي البداية تم حصره كمشروب للأغنياء فقط،  ثم عرفته ربات البيوت،  و أصبح لعامة الشعب بعد فترة طويلة من الوقت .

تعتبر السوبيا مشروب بارد، و اشتهر في مكة والمدينة المنورة، ثم ذاع صيته في مصر  ، وأصبح من أولى المشروبات على مائدة الإفطار الرمضانية، وهو في الأساس أبيض اللون كما يقدم في مصر، لكن في بعض الدول العربية يضاف إليه لون طبيعي لكي يعطيه لونًا آخر.

من الإضافات التي يمكن أن تضاف على مشروب السوبيا، هو الزبيب والكركدية ليصبح أحمر اللون، حيث تتم صناعته بعد تصفية منقوع الشعير ، و يضاف إليه الهيل والقرفة، ثم يصفى ويضاف له السكر ويغلف ويتم تبريده قبل بيعه .

وحين يهل شهر رمضان على المسلمين بطقوسه وعاداته الاجتماعية المتنوعة، فلا تكاد تخلو موائد الإفطار السعودية منه ،  وقد بات مشروب  السوبيا منتشراً في كل أنحاء البلاد .

وتوارث أهل مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة شراب السوبيا عن أجدادهم، وأصبح الإفطار مرتبطاً بهذا المشروب ليكون سيد المائدة الرمضانية، والذي يتكون من الشعير وحبات الهيل والقرفة أو الشوفان أو الزبيب وفواكه أخرى.

وهو شراب بارد يصنعه أهل الحجاز من الشعير أو الزبيب أو من بقايا الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض، ينقعونه في الماء يوما أو ليلة، أو أكثر من ذلك بقليل، ثم يصفونه، ثم يحلونه بالسكر، وقد يضيفون إليه قليلا من القرفة ،  وتعد السوبيا من المشروبات الرمضانية الشعبية في مصر والحجاز، المشهور تناولها في شهر رمضان حيث تعتبر من المرطبات. وتشتهر بعملها عائلة الخشة بالمدينة المنورة، وعائلة الخضري وعائلة الحسيني في مكة المكرمة.

ويعتبر هذا المشروب مثير للجدل دائماً عند النظر إلى الصفوف الطويلة التي تواجه محلات بيعه، وما إذا كان الأمر مرتبطاً بإدمان من نوع ما نتيجة لطرق إعداده المرتبطة بالتخمير، وهل يمكن أن يتم التعامل معه على أنه خمر فعلاً؟

هذا الجدل يدفع للبحث وراء طريقة إعداده، وهذا ما قام بتوضيحه أحد أشهر بائعي “السوبيا” في جدة، الذي أمضى 38 عاماً في إعداد وبيع مشروب “السوبيا”، بحسب قوله، “كانت بدايتي مع والدي الذي تدربت على يديه في كيفية تجهيز هذا المشروب” ، وأضاف حول طريقة الإعداد “نحضر الشعير ونضيف حبات الهيل والقرفة أو الشوفان أو الزبيب على هذا المشروب ونخلطها بمقادير موزونة” ، وأردف ” ثم نقوم بتصفية منقوع الشعير بعد يوم من إعداده حتى لا يخمر، ويضاف له السكر ويغلف ويتم تبريده قبل بيعه”، مبيناً أن السوبيا في الأصل لونها أبيض، ويتم إضافة لون طبيعي عليه لكي يعطيه نكهة وشكل مختلف ، وأوضح أن الطلب على السوبيا يكون في رمضان عالياً بحكم العادات والطقوس الرمضانية المتعارف عليها ، وكذلك في يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع في بقية أشهر العام لموافقته صيام النافلة.

كذلك ايضا لا يمكن أن  تخلو مائدة رمضانية فى البيوت المصرية من مشروبها  الرئيسي وهو السوبيا ، فيعتبر من المشروبات الأولى بلا منازع ومكانته بارزة على مائدة الإفطار ، فشراب السوبيا من المشروبات المحببة لدى كثير من الناس، خصوصًا في شهر رمضان المبارك ،  لما يعطيه من ترطيب وإنعاش للجسم، وهذا الشراب مشهور في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، فهناك بعض العائلات المتخصّصة بالعمل في تحضيره وبيعه للناس ، حيث يباع في كابينات صغيرة في الشوارع العامّة.

وعن أصل السوبيا ، فإن  المشروب ظهر في مكة المكرمة منذ أكثر من نصف قرن ،  حيث نشأت من فكرة (حفظ النعمة)  ، فكانت السيدات يجمعن بقايا الخبز لتوظيفه في صنع مشروب السوبيا تجنباً لرميه، ومن ثم انتشر في بقية مناطق السعودية ، حيث توجد في مكة وجدة معامل متكاملة ومجهزة بالمكائن والآليات لصنع وتعبئة السوبيا ، مشيراً إلى أن المشروب عرف للمرة الأولى عن طريق أهل المنطقة الغربية في السعودية ، وتحديداً أهل مكة المكرمة الذين يحرصون على شربه في رمضان.

وقد عرفت  السوبيا بأنها “شراب رمضاني في الحجاز، يتبردون بشربه على الإفطار وبعده ويطفئون به ظمأهم، وهو نوع من الأنبذة المباحة، التي كان الرسول محمد صل الله عليه وسلم  يشربها ، وقال العوني إن السوبيا معروفة بهذا الاسم منذ القدم، فقد جاء في  كتاب “النهاية في غريب الحديث والأثر” لابن الأثير 606 هجرية ،  ” في حديث ابن عمر  ، ذكر (السوبيا ) بأنها نبيذ معروف يتخذ من الحنطة، وكثيراً ما يشربه أهل مصر”، مضيفاً “لذلك فقد تكلمت عنها المعاجم العربية، كـ(لسان العرب) لابن منظور، والزبيدي في (تاج العروس) ، ومع أنه قيل إنها فارسية، إلا أنني لم أجدها في  المعاجم الفارسية العربية، ولا في المعربات الفارسية”.

وأشار العوني إلى أنه كان هناك  محلٍ دائما يقصده لشراء السوبيا في العادة، ومر به يوماً ما، فإذا به “مغلقاً بالشمع الأحمر من الجهات المعنية، فسأل عن السبب، فقيل له إنه يبيع سوبيا وصلت إلى حد الإسكار”، ويستدل بذلك على كونها خمرة بمستويات تخمير منخفضة.

وأما  من الناحية الشرعية، فقد ربط رجال الدين في السعودية الأمر بالإسكار من عدمه، إذ يتوجب ألا تتجاوز مدة التخمير 24 ساعة، وما زاد عليها فهو “محرم شرعاً” ويدخل في دائرة المسكر، كما ذكره كبار رجال الدين في السعودية مثل عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين.

فيما أكد الباحث الشرعي عبدالله الظفيري، إنه إذا “زادت نسبة تخمير أي مشروب من شعير أو عنب أو غيرهما ووصل إلى حد الإسكار وذهاب العقل فهو حرام”، مضيفاً “الحكم على الشيء يدور مع علته، وعلة تحريم هذه المشروبات الإسكار وزوال العقل، فالعنب والشعير الأصل فيها الحل ما دامت لم يصل تخميرها إلى الإسكار”.

 وبالتالي فقد أكد خبراء التغذية على  أن  زيادة عملية تخمير مشروب السوبيا على ثلاثة أيام يزيد من إنتاج الكحول التي تؤثر في الجسم، موضحين أن شرب السوبيا بطريقته الصحيحة بعد تخميره لمدة يوم أو يومين ، يمد الجسم بالطاقة كونه مصنوعاً من الشعير الغني بالكربوهيدرات.

وأضافوا  أنه  “يعتبر مشروب السوبيا من المشروبات الباردة التي تصنع من الشعير أو الزبيب أو بقايا الخبز المصنوع من الطحين الأبيض، حيث يتم نقعها في الماء لمدة يوم أو يومين، وبعد ذلك يضاف إليها السكر والقرفة، ويؤدي التخمير عندما يزيد على ثلاثة أيام إلى تصنيع أو إنتاج كمية أكبر من الكحول، بالتالي كلما زادت عملية التخمير تزيد نسبة الكحول، ويزداد التأثير في الجسم”.

( التمر هندي )

يعتبر التمر هندي من أكثر المشروبات التي يُميز شهر رمضان، وأهمهما عند المصريين ولا تخلو موائد الإفطار منها لكسر الصيام مع البلح، والتمر هندي واحد من المشروبات الأكثر تداولا وحضورا على سفرة الإفطار فى شهر رمضان، يرتبط به الصائمون فى الشهر الكريم، حتى أنه يكون أحيانًا أول ما يتم الإفطار عليه .

 ولكن  ما هو أصل وسبب تسمية   “التمر هندى” ، التمر هندى هو ثمرة موجودة داخل قرن يعمل حافظا مثل القشرة وبداخلها بذر، الموطن الأصلى للتمر هندى فى الهند وشرق أفريقيا الاستوائية، كما يزرع حاليا غرب الإنديز جنوب شرق آسيا، وبحسب كتاب “أسرار العلاج بالنباتات الطبية والمكسرات والتوابل” للدكتور حمزة الجبالى، فإن العرب أول من أخرج التمر إلى بلادهم وإلى العالم، وأسموه “التمر الهندى” وهو الترجمة العربية للاسم الهندى الموجود فى الميثالوجيا الهندية، وحيث يعتقد بالديانة الهندوسية أن التمر هندى يصاحب ويرمز إلى زواج الإله كريشنا، الذى تجرى احتفالاته كل عام فى شهر نوفمبر بالهند.

ويأتي سبب ارتباط التمر هندي بشهر رمضان، جاء منذ عهد المماليك، حيث استعانوا بمنقوع التمر الهندى كشراب بديل عن الخمر على مائدة الإفطار فى رمضان، وذلك لقدرته المعروفة على كسر العطش، وتخصص فلاحو مصر بالصعيد فى زراعته، كما يشار إلى أنه  من ضمن فوائده أنه يمنع الغيبوبة الناتجة عن تناول الكحول.

ربما يرتبط التمر هندي برمضان بسبب فوائده المرطبة وطعمه اللذيذ، إلا أن سبب ارتباطه برمضان قديمًا يختلف تمامًا، حيث كان الناس في عهد المماليك يستبدلون به الخمر الذي كان شائع ذلك الوقت، ويعود اصل التمر هندي إلى أفريقيا الإستوائية ، ثم انتشر بعدها في مصر،  وانتقل إلي أوروبا عن طريق التجار العرب في الفتوحات الإسلامية ، وهناك من يقول انه كان يزرع في عهد الفراعنة حيث عثر بعض العلماء على بذوره في أحد المقابر الملكية باعتباره كان يستخدم كوصف علاجية لديدان الامعاء قبل أن يصبح مشروب ويقدم بارد .

قال عنه أبو بكر الرازي عن التمر هندي عصارة التمر الهندي تقطع العطش لانها باردة طرية.

أما ابن سينا قال: “التمر الهندي ينفع مع القيء والعطش في الحميات ويقبض المعدة المسترخية من كثرة القيء ، ويسهل الصفراء والشراب من طبيخه  ،  قريب من نصف رطل ينفع الحميات.

وقال عنه ابن البيطار: “التمر الهندي أجوده الطري الذي يذبل وهو يكسر وهيج الدم، مسهل وينفع من القيء والعطش  ويسيل الصفراء”.

كلنا كنا نعتقد أن التمر هندي يعود أصله إلى بلاد الهند بسبب اسمه، لكنه اعتقاد خاطئ، فقد ارتبط الاسم بالهند، لأن الهنود هو الشعب الذي قدس هذا المشروب، وعرفوا مدى أهميته الطبية، وأصبح جزء أساسي في أطباقهم اليومية، كما أنهم استخدموه لعلاج الزكام والبرد ومشاكل المعدة والصداع أيضُا ، التمر الهندي ويطلق عليه اسم  العرديب أيضا ، حيث  تختلف مسميات التمر الهندي، بالرغم من موطنه الأصلي في إفريقيا الاستوائية، إلا أنه سمي بالتمر الهندي نسبة إلي الهند  ، لأنهم أضافوه إلي طبقهم اليومي ،  واهتموا به واستخدموه في علاج كثير من الأمراض، ولا يزال الهنود منذ قرون يستخدمون صلصة التمر الهندي لعلاج الزكام  ،وهذا هو  السبب الأساسي  في تسميته بهذا الإسم  ( التمر هندي )  ، و الذي غير اسم هذا النبات إلى التمر الهندي، رغم أن الهند لم تكن المصدر الأول له ، إلا أنهم كانوا أول من آمن به في الصحن اليومي، فبات جزءًا من طعامهم، ثم آمنوا بأهميته الطبية التي مازالت مستعملة لديهم في الطب الشعبي .

ما سبق جعل من التمر الهندي مطلوب بشكل كبير في الهند، فباتت البلاد الأكثر استهلاكا له، وقامت بعد ذلك بانتاجه بغزارة، لتصبح المنتج الأكبر له، فبات المستوردين له يسمونه بالتمر الهندي نسبة لمصدره.

ارتبط مشروب التمر هندي في مصر بشهر رمضان الكريم، فتجده يتوسط كل الموائد وقت الإفطار، ويحبه ويقبل عليه الكبار والصغار، ولن نتحدث فقط  عن فوائده ولا طعمه اللذيذ، بل سنتحدث عن تاريخه الطويل في حياة القدماء، ورحلته في العالم حتى قلوب المصريين في رمضان، والتمر الهندي هو نبات يتبع الفصيلة البقولية، وهو عبارة عن لب ثمار قرنية لنبات شجري دائم الخضرة سريع النمو، يصل ارتفاعه إلى ثلاثة أمتار، وثماره حين تُجمع تزال قشورها الصلبة، ثم تعجن مكوناتها فتتكون كتل داكنة اللون لاذعة الطعم، وقد تخلط بالسكر ليساعد على حفظها وعدم فسادها.

ويعود تاريخه بحسب مؤرخ المصريات محمود إسماعيل في كتابة موسوعة الفولكلور، إلى مصر القديمة، حيث تمت زراعته في مصر  سنة 400 قبل الميلاد، وتم توثيق ذلك في البرديات الطبية القديمة، حيث شملت استخداماتها الأولى في مصر في علاج بكتيريا المعدة، وكان هذا سبب في العثور على التمر هندي في مقابر ملوك الفراعنة، ولم يخطئ المصريون القدماء، حيث أن للتمر هندي حقًا فوائد مضادة للأكسدة، الأمر الذي يجعله مفيدًا في مشاكل الجهاز الهضمي والمعدة.

وبسبب فتوحات العرب للدول الأوربية، دخل التمر هندي هناك، واحتل مكانة كبيرة بسبب فوائده، وكان أول استخدام له في أوروبا في عام 1615 بالمكسيك، ثم إلى بلدان العالم وجزر الكاريبي، التي كانت تقدمه للبحارة في عام 1797 كعنصر غذائي أساسي ،  لمساعدتهم على تعويض السكر والأحماض التي فقدوها جراء رحلاتهم الطويلة.

وكانت فوائده المميزة سببًا في شهرته، حيث كان من الشائع استخدامه في علاج مشاكل الإمساك والهضم، الذي يسببه الصيام الطويل في رمضان، وارتبط بموائد الإفطار في كل البيوت المصرية منذ وقت طويل.

يحتوي التمر الهندي على العديد من الأحماض والأملاح المعدنية، كما أنه غني بالفسفور، والكالسيوم، والحديد، والبوتاسيوم، ويحتوي على الكثير من الفيتامينات مثل، فيتامين “ب”، وفيتامين “سي”، ويقضي على أنواع البكتيريا المختلفة، لأنه يحتوي على العديد المضادات الحيوية، وملين ومضاد لحموضة المعدة، ويعمل علي خفض درجة حرارة الجسم، والتخفيف من انتفخات البطن، ويساعد في التخلص من الإمساك ، كما أن الألياف التي يحتوي عليها تقلل نسبة الدهون في الدم، ويعمل على إنتاج الكمية الكافية للجسم من خلايا الدم الحمراء ، وذلك لاحتوائه على الحديد.

وللتمر الهندي فوائد متعددة خاصة في شهر رمضان الكريم، وذلك لأنه يزيد من رطوبة الجسم، مما يعوض الجسم عن السوائل التي يفقدها خلال فترة الصيام، وله قدرته على الحماية من مشاكل الجفاف التي تنتج بسب بالعطش، ويمد الجسم بالفيتامينات، والمعادن التي يحتاجها، والتي قد تقل نسبتها في جسم الإنسان خلال ساعات الصيام، ويقلل من حالات الكسل والخمول، وينعش الجسم ويزيد نشاطه، ويقلل من تراكم الغازات في المعدة.

( العرقسوس )

العرقسوس واحد من أشهر المشروبات المصرية، والرمضانية بالتحديد، ويعتبر شخصية بائع العرقسوس أحد الفلكولورات المصرية القديمة، ودائما ما تظهر عربات وبائعى المشروب بالشوارع فى شهر رمضان المبارك ، ولكن ما هو “العرقسوس” وأصله وسبب تسميته.

العرقسوس أو ( أصل  السوس) عبارة عن نبات شجرى معمر ينبت فى كثر من بقاع العالم، مثل سوريا وآسيا الصغرى وأواسط آسيا وأوروبا ومصر ، أوراقه ملساء وأزهاره زرقاء, يستخرج من بذوره شراب سكري المذاق يميل إلى اللون الأسود, وتميل رغاويه إلى اللون الأصفر, والأمريكيون أكثر شعوب العالم استهلاكا للعرقسوس ، و تحتوي جذور العرقسوس على مادة صابونية تعرف باسم جلسرايزين ، ذات طعم حلو تفوق درجة حلاوتها اكثر بخمسين مرة من السكر الناتج من قصب السكر، وعسل النحل، والجزء المستخدم  منها الجذور، والاسم العلمي: Glycyrrhiza glabra وتستخرج من جذور الشجرة مادة العرقسوس، وهي أكثر حلاوة من السكر العادي.

 ويكاد لا يخلو بيت دمشقي قديماً من إبريق السوس ،  وقد تربع على مائدته الرمضانية كرمز عريق من رموز التقاليد المعروفة في شهر رمضان المبارك ، حيث يعتبر عرق السوس  مشروب الملوك ،  وأحد أبرز الألغاز الطبية التي حيرت الكثيرين منذ عهود الفراعنة وحتى عصرنا الحالي .

وبحسب كتاب “معجم الأعشاب والنباتات الطبية” للدكتور سهام خضر، عرف المصريون القدماء والرومان والعرب قديما هذا النبات، وورد وصفه فى كثير من المراجع القديمة، وأن منقوعه يفيد حالات القىء والتهيج المعدى، وعرفت جذور نبتة العرقسوس لأول مرة منذ أكثر من أربعة آلاف سنة عند البابليين كعنصر مقوى للجسم ومناعته، وعرفه المصريون القدماء وأعدوا العصير من جذوره، ووجدت جذور العرقسوس فى مقبرة الملك توت عنخ آمون التى اكتشفت عام 1923.

أما بداية ارتباط العرقسوس بشهر رمضان، فجاء منذ العصر الفاطمى، حيث اعتبر العرقسوس شرابا ملكيا ، حتى جاء الفاطميون إلى مصر فأقبل عليه الناس ،  ليصير مشروب العامة خاصة فى شهر رمضان، فيتناوله المسلمون بعد أذان المغرب لأهميته فى القضاء على الإحساس بالعطش.

تختلف الروايات في أصل المشروب المستخرج من نبات شجرة “العرقسوس” المنتشرة في سوريا ومصر وكثير من دول آسيا وأوروبا، ويحكى أن الصينيين هم أول من اكتشف صناعته وتحويله لشراب قبل آلاف السنيين، حيث طلب الإمبراطور الصيني شينونغ إنتاج شراب من نبات السوس، وعدّها نبتة سحرية فوائدها لا تضاهى لما تكتسبه من مناعة للمسنين وتقويهم، وفي رواية ثانية فإن المصريين القدماء والبابليين يعدون أول من فك طلاسم هذه النبتة ليصنعوا منها شراباً ويخلطوها مع الأدوية من النباتات ذات المذاق المرّ لتحسين طعمه.

ينتشر نبات العرقسوس في عدد محدود من دول العالم ومنها سورية ،  إذ ينمو على أطراف نهر الفرات ويزداد إقبال الناس عليه في شهر رمضان المبارك ،  ويتميز شرابه بنكهة خاصة ومذاق لذيذ ، إضافة إلى العديد من فوائده الطبية التي تعرفت عليها الكثير من الحضارات القديمة، فكان لغزاً محيراً يستخدم على نطاق واسع دون معرفة آلية عمله في شفاء ومعالجة العديد من الأمراض ،  ويبدو أن جذور السوس كان لها رمزية دينية وطبية ، حيث استخدمه المصريون القدماء لطرد الشياطين من الجسد ،  واقتصر شربه على ملوك الفراعنة دون العامة  ، حيث اعتبر شرابا ملكيا، وبقي هذا المشروب يقتصر على الطبقات المالكة، حتى جاء الفاطميون فأقبل عليه عامة الناس.‏‏

واعتبر هذا النبات ذو قيمة علاجية عالية لدى المصريين منذ قديم الأزل، وأعدوا العصير من جذوره, وقد وجدت جذور العرقسوس في قبر الملك توت عنخ أمون الذي تم اكتشافه في عام 1923 ، فقد كان الأطباء المصريون القدماء يخلطونه بالأدوية المرة لاخفاء طعم مرارتها ، وكانوا يعالجون به أمراض الكبد و الأمعاء، كماعرفت جذور نبتة العرقسوس منذ أكثر من أربعة آلاف سنة عند البابليين كعنصر مقوي للجسم و مناعته ، و كان الطبيب اليوناني الشهير آنذاك ثيوكريتوس يعالج به السعال الجاف والربو والعطش الشديد.‏‏

كما أن تجارة العرقسوس ازدهرت خلال القرن الثالث عشر في أوروبا ،  نتيجة اشتهار النبات كدواء شعبي ضد السعال ومادة محلية في الأدوية والأغذية ، ينمو نبات العرقسوس وهو نبات حراجي بدرجة حرارة تتراوح بين 6 و 25 درجة مئوية وتربة مناسبة وينمو برياً في معظم بلدان حوض البحر المتوسط  ، إلا أن قيمته الطبية جعلته يزرع في مساحات واسعة في تركيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا والعراق وسورية ،  إضافة إلى الصين ، وتجود زراعته عموماً في الأجواء الدافئة والتربة الخفيفة أو العميقة الخصبة.‏‏

و يوجد نبات السوس بشكل أحراج في أملاك الدولة في سورية ، وانخفضت كميات إنتاجه في الفترة الأخيرة بسبب الفلاحة الجائرة لجذور نبات العرقسوس ، حيث يتم إنتاج حوالي ألف طن في سورية في السنوات الأخيرة ، إضافة إلى استيراد ألف طن من العراق ،  ومعظم هذه الكميات تستهلك محلياً والتصدير يتم على كميات قليلة من الأطنان  ، بالرغم من تميز مذاق العرقسوس السوري عن غيره من المنطقة.‏‏

وعن أشكال تصنيع شراب العرقسوس تستعمل جذوره كمادة خام على شكل عيدان ، يتم تقطيعها بأطوال تتراوح بين 8 و 18 سنتيمتراً ، و يتم تصديرها إلى شركات أدوية في أوروبا ، كما تستخدم للمضغ وتطهير الفم ، وتستخدم أيضا للتخفيف من عادة التدخين ، أو تطحن الجذور للاستخدام المنزلي أو للسواس الذي يقوم بتحضيره كشراب طبيعي ، ويستخدم المركز السائل من العرقسوس في الصناعات الغذائية مثل السكاكر والحلويات والبوظة والعلكة والمرتديلا وبعض أنواع الشوكولا وحب السوس والجلي ، كما يستخدم كيماوياً في تركيب بعض مواد التجميل والكريمات ومعجون الأسنان  والأغذية الخاصة بالأطفال، ويستخدم أيضا مع رغوة الفوم لطفايات الحريق ، كما يستخدم في إزالة السموم والروائح الكريهة في معامل الزنك والتوتياء .

ويقوم السواس باستخلاص شراب العرق سوس بترطيب الجذور حتى يتحول لونها من اللون الأصفر إلى البني المحمر ، حيث تتخمر خلال نصف ساعة بعدها توضع في قطعة من القماش ويتم سكب الماء عليها ببطء حتى لا تتعكر بحيث تحل البودرة شيئاً فشيئاً ويكرر الماء المستحلب لمدة نصف ساعة ، ويتميز شراب العرقسوس بأنه طبيعي خال من الملونات الصناعية والمنكهات الكيماوية ،  فهو يحمي الجسم من الكثير من الأمراض ، ويؤخذ الشراب ساخناً أو بارداً وخصوصاً في شهر رمضان لأنه يروي ظمأ الصائم.‏‏

الصينيون اعتبروه أحد أعمدة طب الأعشاب والأميركيون الأكثر استهلاكاً‏‏ ، عرفه الأطباء العرب كطعام و دواء ، ويقول عنه ابن سينا في القانون: إن عصارته تنفع في الجروح ، وهو يلين قصبة الرئة وينقيها،  وينفع الرئة والحلق ، وينقي الصوت،  ويسكن العطش ، وينفع في التهاب المعدة والأمعاء وحرقة البو.‏‏

وقال عنه ابن البيطار: أنفع ما في نبات العرقسوس عصارة أصله وطعم هذه العصارة حلو كحلاوة الأصل وهي تصلح لخشونة قصبة الرئة إذا وضعت تحت اللسان وامتص ماؤها ، وإذا شربت وافقت التهاب المعدة والأمعاء وأوجاع الصدر وما فيه والكبد والمثانة ووجع الكلى، وإذا امتصت قطعت العطش وإذا مضغت وابتلع ماؤها تنفع المعدة والأمعاء ،  كما ينفع كل أمراض الصدر والسعال ويطري ويخرج البلغم ويحل الربو  ، وأوجاع الكبد والطحال ،  وحرقة البول ، ويدر الطمث ، ويعالج البواسير.‏‏

وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن العرقسوس يحتوي على مادة الجلسرين Glycerrhizin والمشتق منها مادة كاربن أوكسالون التي تساعد على التئام قرحة المعدة والأمعاء.‏‏

 وتحتوي جذور العرقسوس على  تسعة مركبات لها تأثير مقشع للبلغم بالإضافة إلى مركب عاشر له تأثير مضاد لسموم الجسم ،  ويستعمل الآن العرقسوس لتحضير مستحضرات صيدلية مختلفة تفيد في علاج قرحة المعدة ، ومنها عقار الكاميتداس وهو علاج قوي لقرحة المعدة مستخرج من نبات العرقسوس.‏‏

أما آخر الأبحاث عن قدرة الجلسرين، وهو أحد مكونات خلاصة العرقسوس على شفاء مرضى الالتهاب الكبدي عامة وخاصة الالتهاب الكبدي الناتج من فيروس سي، وقام اليابانيون بنشر أبحاث توضح فاعلية هذه المادة في وقف نمو السرطان الذي يصيب الكبد، لكن يفضل عدم تناول العرقسوس في حالات فرط ضغط الدم؛ لأنه يسبب احتباس السوائل ، فيما اعتبره الدستور الطبي الألماني مع بعض الدساتير العالمية الأخرى أحد الأعشاب الهامة في علاج أمراض كثيرة ، ومن المعروف ان المادة التي تشبه الكورتيزون في العرقسوس هي جلسراتيك لا تسبب الأضرار الجانبية التي يسببها الكورتيزون مثل زيادة الوزن وسوء الهضم واضطراب النوم وضعف المناعة تجاه العدوى ،  كما وجد أن العرقسوس يحتوي على 125مركباً مضاداً للفطريات ويعتبر أكثر النباتات المسجلة غنى بهذه المركبات .

كما نجد أن هذا النبات يعمل بطريق غير مباشر على تحفيز خلايا النخاع على تكوين كرات دم حمراء، ما يساعد على علاج الأنيميا ويخفف تقلصات الأمعاء الناتجة عن استخدام بعض أنواع الملينات، ويستخدم العرقسوس في علاج بلهارسيا المستقيم، لأن المواد الصابونية الموجودة به تساعد على قتل بويضات البلهارسيا.‏‏

وكذلك فإن  شرب هذا السائل يساعد في الشفاء من القرحة بالمعدة وإزالتها وترميم الكبد  ، وإذا شرب ساخناً له فوائد بالشفاء من السعال والرشح ونزلات البرد، علاوة عن احتواء هذا النبات على الكثير من المواد مثل الكالسيوم ومادة الهيدركورتيزون ما يفيد في حالات الروماتيزم”.

وفي المقابل له أضرار  لا بد من معرفتها، فالعرقسوس يرفع ضغط الدم ويخفض مستوى البوتاسيوم بالجسم، كما أن  شربه بكميات كبيرة غير صحي، فالحامل يحفز الكثير منه على الولادة، كما لا ينصح لمرضى القلب والضغط  ، إذ لا يناسبهم إذا ما تناول بشكل مفرط.

بائع العرقسوس مثل الكثيرين من نجوم شهر رمضان، له طقوسه الخاصة، وعاداته وأساليبه ليس فقط في صنعته وملبسه، وإنما أيضاً في الترويج لها بما يضفيه على مشروبه من صفات لها أصولها التي ترويها كتب الطب والتاريخ معاً، حركاته رشيقة وسريعة، رغم أنه يحمل أثقالاً فوق صدره، يجوب بقربته الجلدية أو إبريقه الزجاجي أو النحاسي الضخم الشوارع والحارات ،  أو يتخذ له مكاناً استراتيجياً كشارع مزدحم أو مفرق ملتقى شوارع يعرض سوسه على المارة المسرعين إلى بيوتهم قريباً من ساعة الإفطار في شهر رمضان، وبائع السوس المحترف لهذه الصنعة يتميز بلباس خاص، سروال أسود واسع من منطقة الحجر، يضيق عند القدمين، وبسترة مزينة بنصف ياقة، وطربوش فوق الرأس، وصاجات وجلاجل نحاسية لامعة كما الذهب، بإحدى يديه ترن رنات محسوبة، وفي اليد الأخرى زمزمية ماء بلاستيكية يغسل فيها أكوابه التي يصب فيها العرق السوس للمارة مردداً عباراته التي يحفظها الجميع.. شفا وخمير ياعرقسوس.. بارد وخمير ياعرقسوس..هذه العبارات التي يرددها بائع العرقسوس تشبه شريط التسجيل الذي يدور ويدور بإيقاع ونغمات ثابتة طيلة أيام شهر رمضان المبارك، التي يحل فيها بائع العرقسوس نجماً لمواجهة العطش بعد نهار الصيام.

يباع السوس  بشكل كثيف في شهر رمضان، ويزداد الطلب عليه كطقس رمضاني لا تخلو المائدة منه، و يقبل الصائمون عليه بفترة الإفطار أو وقت السحور، ولا يكتفي من عرضه وتعبئته بأكياس بلاستيكية شفافة مع جملة من المشروبات،  كالتمر الهندي والجلاب وقمر الدين بطريقة تقليدية بعد أن يغرف من براميل ذات أحجام كبيرة فحسب، و يحافظ بائع العرق سوس على زيه التقليدي المستوحى من التراث العربي ، مثل الطربوش الأحمر والسترة المطرزة والمزركشة بالخيوط المذهّبة.

ويحاول بائع العرق سوس المراهنة على طريقة عرض أحبها الناس، إن كان عبر لباسه التراثي أو بقرع كؤوس نحاسية اللون “الطاسة” ببعضها، ومعها عبارات كـ (شفا  وخمير يا عرقسوس )، لعل طريقته بالنقر والضرب على الطاستين والغناء بأسلوب احترافي تستقطب المزيد من المارة وتشدّ انتباههم ،  تذكيراً بـأن بائع العرقسوس هنا لمن يسهو عن أخذ ما يكفيه من الشراب لبيته .

بائع العرقسوس الهابط إلى السوق قبل ساعة أو اثنتين من أذان المغرب حاملاً “براميله ” المحملة بشراب أسود اللون، تعتليه رغوة بيضاء تزينه، عاشق لمهنته لا يتخلى عنها، فهي مصدر رزقه الوحيد .

 يمكن صناعة العرق سوس في البيوت، حيث  أن تحضيره سهل جداً ، عن طريق جلب كيس  ويوضع مسحوق العرقسوس بداخله، ويضاف إليه كربونات الصوديوم مع مسحوق السوس، بعدها لا بد من ربط الكيس بشكل جيد ووضع وعاء أسفله، ويضاف فوق الكيس الماء، ويترك لمدة يوم كامل، في اليوم التالي يكون جاهزاً للشرب”.

ويطلب الدمشقيون نبات العرقسوس كمسحوق من أسواق المدينة القديمة “البزورية” وغيرها من أسواق العطارة لما للعرقسوس الدمشقي من لذة لا تضاهى ،  تأتي من بساتين الغوطة القريبة من العاصمة وعلى حافة الأنهار، ويقول أحد العطارين “يتوفر لدينا السوس ونبيعه بكثرة في الأيام العادية، لكن الطلب عليه يتضاعف عشرات المرات في شهر رمضان، لهذا نحاول زيادة الكمية تلبية لطلب الزبائن ممن يصنعونه.

( الكركديه )

يعتبر الكركدية من المشروبات المنتشرة فى مصر، والبعض يفضلونه ساخنا والآخر يفضلونه باردا، وقد ارتبط مشروب الكركديه بارتفاع ضغط الدم ولكن قد لا ينتبه البعض أن الكركدية يعمل على خفض الضغط ، لذلك يفضلونه فى رمضان وعلى وجبة الإفطار.

أكد الدكتور خالد مصيلحى أستاذ ورئيس قسم العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة جامعة مصر الدولية، أن الكركديه يحتوى على أحماض عضوية مثل الماليك والطرطريك والستريك، كما يحتوى على بعض المواد المخاطية ،  وكذلك على مواد جليكوسيدية وأملاح (أكسالات الكالسيوم)، وفيتامينC ، كما أنه يحتوى على مواد فينولية مثل الفلافونيدات  ، ومادة الأنثوسيانين(Anthocyanin) ، وهى صبغه تكسب الزهره اللون الأحمر خاصة فى الوسط الحامضى ويتغير لونها فى الوسط القلوى.

وقال: تعتبر المواد الفينولية والفلافوندية والصبغة الحمراء الأنثوسيانين (Anthocyanin) هى المواد الفعاله المسئولة عن الكثير من التأثيرات الطبية للكركديه، فهى مواد مضادة للأكسدة وتحمى الأنسجة من التلف، وتؤخر أعراض الشيخوخة، وتحفز جهاز المناعة، كما أكدت بعض الأبحاث قدرتها على إيقاف تكاثر بعض الخلايا السرطانية مثل سرطان المعدة وعنق الرحم، وسرطان الدم (Leukemia).

وأثبتت الأبحاث قدرة المواد الفينولية بالكركديه على خفض نسبة الدهون الضارة بالدم (LDL)، ونظرا لاحتواء الكركديه على مواد حمضيه ،  فهو قاتل لمعظم أنواع البكتيريا ،  كما تمتاز المواد الفلافوندية بقدرتها على تنقية الجسم من السموم.

الكركديه المعروف باللاتينية باسم (Hibiscus sabdarriffa) شجيرة ذات أزهار حمراء، والجزء المستعمل منها كمشروب هو السبلات (الأوراق) التى تحيط بالزهرة وتكتسى باللون الأحمر الداكن أو الفاتح بعد تجفيفها.

وأحدث الدراسات على الكركديه أثبتت أن خلاصة الكركديه المائية أسهمت بطريقة ملحوظة فى تقليل الوزن بالنسبة للمصابين بالسمنة.

كما أكدت دراسة أخرى فى عام 2012 قدرة خلاصة الكركديه المائية فى إدرار البول وتقليل نسبة الصوديوم  ، مما يكون له تأثير ايجابى فى خفض ضغط الدم المرتفع.

وفى مارس 2013 أجريت دراسة بولاية أريزونا الأمريكية اثبتت قدرة المواد الفينولية فى الكركديه على خفض نسبة الكولسترول والدهون الضارة بالدم، كما أن هذه المواد البوليفينولية لها تأثير إيجابى فى حماية ووقاية خلايا الجسم من التلف والوقاية من الأورام السرطانية.

ونظرا لقدرة صبغة الأنثوسيانين على تغيير لونها تبعا لحامضية أو قلوية الوسط المذابة فيه ،  فقد أصبحت بديلا طبيعيا لصبغات الشعر وتلوينه بعدة درجات ويستخدم كصبغة ملونة طبيعية فى الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل.

ولكن هل الكركديه يخفض ضغط الدم المرتفع أم يرفع الضغط؟

والسؤال المتداول الآخر هل الكركديه المحضر على الساخن يرفع ضغط الدم ، والمحضر بالنقع على البارد يخفض الضغط؟

أكدت الدراسات والأبحاث التى أجريت على الكركديه وعلاقته بضغط الدم بعد إجراء دراسة حديثة على 70 مريضا بضغط الدم المرتفع ، أن نصفهم أخذ دواء معروف لعلاج ضغط الدم المرتفع (Captopril) والنصف الآخر تناول الخلاصة المائية للكركديه ، فكانت النتائج متقاربة لحد كبير حيث انخفض ضغط دم 79% من المجموعه التى تناولت الكركديه، وفى المقابل انخفض ضغط دم 84% من المجموعة التى تناولت (Captopril).

وأكدت الأبحاث أن المواد المخفضه لضغط الدم تذوب فى الماء بسهولة ، ونفت الأبحاث الاعتقاد الخاطئ أن تحضير الكركديه على الساخن قد يرفع ضغط الدم، كما أكدت الأبحاث أن الخلاصه المائيه للكركديه سواء على البارد أو الساخن كلاهما لهما تأثيرا خافض لضغط الدم المرتفع، ولكن أوصت كالعادة دائما فى تحضير المشروبات العشبية على الساخن بضرورة اضافة الماء الساخن على سبلات الكركديه وتركه 5 دقائق قبل شربه، أو يمكن تحضيره بالنقع على البارد لمدة 12 ساعة ولا نحاول غلى الكركديه مع الماء حتى لا تتكسر وتفسد المواد الفعاله.

 والتأكيد على أن خلاصة الكركديه المائيه لها تأثير خافض لضغط الدم المرتفع سواء باردا أوساخنا نحذر الفئات التى تعشق الكركديه لأنه محظور استخدامه على مرضى ضغط الدم المنخفض ،  لأنه سيزيد من انخفاض ضغط الدم.

ونظرا لقدرته فى خفض ضغط الدم يفضل عدم تناول كميات كبيره منه خاصة بعد السحور ، حتى لا يتسبب فى هبوط فى ضغط الدم والكسل خلال فترة الصيام، كما أن الكركديه محظور استخدامه للحوامل والمرضعات، وكثرة تناول الكركديه قد يكون سببا فى تكوين بعض حصوات الكلى ، نظرا لاحتوائه على نسبه من أملاح الأوكسالات، لذلك لا ينصح بتخزين الكركديه المحضر أكثر من 24 ساعة حتى لا يحدث ترسيب لأملاح الأوكسالات ،  مما يضر بالكلى وتكوين الحصوات.

( الخروب )

شراب الخروب يكثر وجوده في موسم الصيام في  شهر رمضان وخلال فصل الصيف كشراب منعش ولذيذ ومفيد ، ويعتبر عصير الخروب أحد المشروبات التى تتواجد على سفرة الإفطار خلال شهر رمضان، فهو مشروب يعشقه الكثير من الناس ، ويفضلون تناوله على مائدة الإفطار من أجل تعويض السوائل المفقودة خلال الصيام ،  وكذلك السعرات الحرارية ،  فضلًا عن طعمه اللذيذ .

الخروب أو الخرنوب ثمرة جافة لشجر الخروب الذي يتبع الفصيلة البقولية ، وهي كبيرة الحجم دائمة الخضرة تنمو في الأراضي الصخرية الجافة ، وقد استخدم لب الثمرة كطعام حلو ، تعتبر ثمار الخروب مغذية وملينة معتدلة ويساعد في تطهير الأمعاء.

بعد جمع القرون وقبل موسم الأمطار  ،يتم نشرها في الشمس لمدة يوم أو يومين حتى تجف نسبة الرطوبة من 75% إلى 80%، وتخزن القرون في مكان جيد التهوية وجاف وتوضع على حوامل خشبية بحيث لا تلامس الأرض.

فوائد الخروب

يحتوي لب قرون الخروب على مواد غذائية عدّة من أهمها السكر بنسبة 55% ، وبروتين عالي الجودة بنسبة 15%،  ودهون بنسبة 6%  ، أمّا مسحوق البذور فيحتوي على 60% بروتين،  وكميات وافرة من الزيوت الخالية من الكوليسترول ،  كما يوجد في ثمار الخروب فيتامينات (أ، ب1، ب2، ب3، د) ،  وعناصر معدنية مهمة مثل: البوتاسيوم، والكالسيوم، والحديد، والفسفور، والمنغنيز، والباريوم، والنحاس، والنيكل، والمغنيزيوم، وغيرها، وتخلو الثمار من حمض الأوكساليك (Ox) ، الذي يحول دون امتصاص الكالسيوم والعناصر المعدنية الأخرى ، وهذا من شأنه تسهيل عملية امتصاص الأمعاء لهذه المعادن والإفادة منها بشكل كبير، ويتميز بكتين الثمار بعدم تسببه بظهور أعراض الحساسية.

الخروب الفلسطيني دائما  في الوجدان الشعبي:

وجد الخروب واستخدم في فلسطين منذ أكثر من 4000 سنة قبل الميلاد منذ عهد الكنعانيين.

يقال في المثل الشعبي: “زي قرن الخروب لا ببينعض ولا بينمضغ”  ، أو “أنت زي قرن الخروب”،  أي كل ما طال عمر (من يضرب فيه المثل) اسود وجهه وانحنى ظهره”.

ويقول الدكتور توفيق كنعان في مقالته بعنوان فلكلور النبات في الخرافات الفلسطينية ،  يعتبر المكان المفضل لاجتماعات الجن شجر الخروب والتين لاعطائهم ثماراً سوداء اللون ،  ولذلك يحاول الفلاح تجنبهم بقوله: “النوم تحت الخروب غير ممدوح” ،  ويعتقد أيضا بأن شجرة الخروب هي ملك لكوكب زحل ذو الفأل السيء، وكل شيء له علاقة بهذا الكوكب فهو ينتمي إلى الأرواح الشريرة.

ويعتقد أن أرواحاً شريرة وصالحة يمكن أن تسكن سويا في الينابيع ، بينما لم يسمع بتاتا عن وجود تلك الأرواح في الأشجار، ومن نفس المصدر فإن الخروب في الأحلام وتفسيراتها يعني مصيبة، وهدم وموت وضياع، ويرتكز التحليل على التلاعب في الكلمات، وعلى بعض الخرافات الشائعة والاشتقاق لكلمة خرب أي يهدم.

وتغني نساء فلسطين للخروب:

هب الهوا ورماني ع الخروبة *** ست الصبايا لفلان مخطوبة

أما الرجال فيرددون هذه الأهزوجة:

هبت النار في رأس الخروبة *** أبو فلان يا حامي العروبة

كان العرب يسمون بذور الخروب (عيون الديكة) لأنها صلبة جدا، مبططة لونها بني، ويقال أنها في الأصل لوزن القيراط المستعمل في وزن الأحجار الكريمة كالماس ، وهي تساوي 0.2 غرام للحبة أي قيراط .

 واستخدمها الكنعانيون قديما في فلسطين كأداة للوزن ، وربما للعدد ،  حيث اكتشفت جرار بذور الخروب في جلجوليا وكفر ثلث ،  ومن أشهر الأماكن التي تهتم بزراعة الخروب قرى عزون وكفر ثلث والكفريات، وتنتج بلدة كفر ثلث لوحدها ما يزيد عن 200 طن.

ويرتبط الخروب بقصة النبي يحيى، فتقول الرواية أنه اختبأ في خروبة في قرية سبسطية الفلسطينية ،  وقد تبعه جنود القائد الروماني هيرودس ،  وشاهدوا رداءه من الخروبة التي لم تستطع حمايته ، فنجحوا في قتله من خلال منشار أو جازور، قبل ان يقذف برأسه في نهر الأردن.

الخروب في الطب القديم

ذكره الرازي في كتابه الحاوي فقال:

“انه اذا دلكت الثآليل بالخروب الفج دلكا شديدا أذهبتها البتة” ، وقال صاحب المرشد: “ومن أعجب ما فيه قوة القبض، وإذا طحن ونقع في الماء واتخذ من مائه الرب المسماة (رب الخروب) ، كان ربه مطلقا للبطن.

وقد وصف بأن اليابس منه حابس للبطن، رديء للصدر والرئة، مقوٍ للمعدة، اما عصيره (دبسه) فهو يطلق البطن ، وينشط إفراز المرارة، وكان يستعمل في النزلات الصدرية والحميات ويحمص وتصنع منه قهوة.

وكتب عنه بعد الأطباء الأوائل كابن سينا حيث يقول: “اصلحه الخرنوب الشامي وهو قابض، والرطب منه يطلق البطن”.

الخروب في الطب الشعبي الحديث

يستخرج من الخروب دبس يشبه العسل الأسود ويأكل مع الطحينة، ويفيد كعلاج جيد لما فيه من قيمة غذائية  ، ويوصف لوقف إسهال الرضع والأطفال ويصنع منه مركبات خاصة ومعروفة ،  أما الكبار فيسبب لهم إمساكا إذا أدمنوا تناوله ،  والمقادير الكبيرة منه تساعد في علاج الدزنطارية والإسهال، والخروب قلوي لذلك يعالج الحموضة ويمتص السموم من الأمعاء ويقضي على الجراثيم، ويعمل على تخفيف السعال الحاد ، ويوسع الشعب التنفسية، وينشط وظائف الكلى، ويخلص الجسم من الماء الزائد، ويساعد المرأة المرضعة في إدرار اللبن وزيادة قيمته الغذائية، ويقلل حالات القيء، وينشط الدورة الدموية، ويقوي جهاز المناعة ، كما يثبط نمو بعض الجراثيم ، ويفيد ذلك الثآليل عدة مرات بثمار الخروب الفجة في إزالتها من جذورها.

الخروب طعام وغذاء

هذه وصفات للأكلات الشعبية وما يصنع منه  الخروب من حلويات ومشاريب لذيذه:

1- المكيكا كما تلفظ باللهجة العامية، في الربيع تكون قرون الخروب خضراء والحليب متوفر بكثرة وهذا موسم المقيقة ، وهي عبارة عن الحليب الطازج الفاتر مضافاً إليه عصير قرون الخروب الخضراء بعد دقها واستخلاص عصارتها مع التحريك، ومن الطريف أنهم يقومون “بالتنقير” بالفم واللسان أثناء التحريك كي يقوم الخروب بمفعول تخثير الحليب جيداً.

والتنقير هو إخراج صوت نقرات يستمتع بسماعها الأطفال وهم يرقبون إعداد هذا الشراب الموسمي والذي كانوا يستسيغونه ويقبلون عليه،  وهو وسيلة للتنويع في طعم ونكهة الحليب، وهو شراب لذيذ يمكن ان يؤكل معه الخبز أو بدونه، ويمكن أن يحلى بالسكر أو بالعسل وكله حسب المتيسَر وحسب الرغبة.

طريقة تناول ثمار الخروب

تمضغ ثمار الخروب الجافة والغضة لمذاقها الحلو، وأثناء عملية المضغ تتنشط اللثة وتنجلي الأسنان وتطيب رائحة الفم ، وتصنع من الثمار الغضة حلوى لذيذة ومغذية تشبه المهلبية ،  تسمى في بعض المناطق (خبيصة) ،  ويتم ذلك من خلال غلي القرون الغضة مع الحليب المحلى بالسكر، ويحرك الخليط باستمرار إلى أن يصبح ذا قوام ثخين ويؤكل بارداً أو ساخناً حسب الرغبة.

يصنع من القرون الجافة شراب منعش وذلك خلال غلي القرون أو تكسيرها ونقعها بالماء بعد ذلك يجري هرسها ويصفى المنقوع باستعمال قطعة قماش، ثمّ يضاف إلى هذا الشراب قليل من ماء الزهر ، وقد قامت أفران كثيرة بإضافة مسحوق ثمار الخروب إلى طحين القمح لتعزيز قوة الخبز الغذائية.

يحتوي لب ثمار وبذور الخروب على العديد من المواد الفاعلة منها  ، صمغ الخروب الذي يحتوي على المانان بنسبة 85% ،  والغالتكان بنسبة 29% ، والبنتوزان بنسبة 0 ،5  ، كما يحتوي على خميرة الأكسيداز وأنزيم السيراتونياز، ويفيد صمغ الخروب في وقف الإسهال خصوصاً عند الأطفال، ولهذا تضيف الأمهات ملعقة من مسحوق الخروب إلى حليب الأطفال.

وفي الوقت نفسه يمنع الإمساك ،  وذلك لقدرته على حفظ الماء في الأمعاء ،  ولهذا يكون الخروب منظماً لحركة الأمعاء والسوائل الموجودة فيها، ولصمغ الخروب فوائدة طبية أخرى منها ، معادلة الحمضية أو القلوية في الأمعاء وامتصاص بعض السموم والأعفان الموجودة فيها.

كما ينصح المرضى المحتاجين للتخلص من الماء الزائد في أجسامهم بتناول الخروب والأطعمة المصنوعة منه وذلك لزيادة إدرار البول ، وحيث إن الخروب قلوي فإنه يستعمل لعلاج حموضة المعدة والطريقة أن تسحق ثمار الخروب بعد إزالة بذورها ثم تنقع في ماء بما يعادل حجم الكمية المأخوذة، تغلي لمدة 10 دقائق وتصفى وتعبأ في زجاجات ،  ويشرب منه في جرعات كل جرعة ثلاث ملاعق أكل قبل الوجبة الغذائية أو عند الشعور بالحموضة، يصنع مشروب الخروب من مسحوق القرون الجافة وهو مشروب ملطف ومرطب في الصيف ،  وهو مفيد للمغص ومدر للبول وطارد للديدان ويستخدم لمضمضة الأسنان واللثة ويعالج الإسهال والدوسنتاريا وذلك بسحقه وسفه.

وكذلك فهو مفيد لمرضى السكر اذا خلط مسحوقه مع الترمس والحلبة ويؤخذ سفا ،  يعادل حموضة المعدة وقلويتها ويمتص بعض السموم الافرازات الضارة بالأمعاء.

ويحتوي ثمار الخروب على نوع من الصمغ gum يعرف باسم تراجا سول ،  يتركب كيمائيا من وحدات من السكر المانوز والجليكوز ، والذي يعادل الحموضة القلوية الموجودة في الأمعاء ،  كما يمتص بعض السموم والإفرازات الضارة الموجودة فيها ،ويهدئ من الحركة الزائدة لعضلات الأمعاء ،  ويجعل قوام البراز نصف جاف ،  فيقلل من فقدان الأملاح وعدم توازنها بالجسم ،  أيضا ينصح بإضافة خلاصة الخروب إلى لبن الأطفال الرضع كي ينظم عملية الإخراج ويقلل من حالات الإسهال عندهم.

ويعالج الخروب  القولون العصبي بفاعلية كبيرة ، هذا إلى جانب أن لشراب الخروب فائدة كبيرة في الحفاظ علي نضارة الجسم وحمايته من الجفاف ،  لأنه يقلل من فقد الجسم للسوائل ،  وبالتالي يحافظ علي توازن نسبة الأملاح في الجسم .

وتنمو أشجار الخروب في مصر وغيرها من بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط خاصة سوريا وقبرص.

يعتبر شراب الخروب البارد مرطبا جيدا في حرارة الصيف ومجدداً للنشاط ومقويا للمعدة كما ينشط إفرازات المرارة  ، مما يقلل مشكلاتها التي يعاني منها نسبة كبيرة من المصريين كما يهدئ من الحركة الزائدة للأمعاء.

ويستعمل لحاء شجرة الخروب في وقف النزيف   وذلك لاحتوائه على التانين القابض للأوعية الدموية، وقد اشتهر عرق السوس في معالجة قرحة المعدة لكن الكثيرين من مرضى القرحة ممن واظبوا على تناول شراب الخروب أفادوا بتحسن حالتهم وشفائهم من القرحة، ويعود السبب في ذلك إلى أن الخروب قلوي التأثير ،  فيعادل حموضة المعدة، كما أن الصمغ الموجود فيه يقلل من نشاط الجراثيم  ، ويشكل طبقة عازلة فوق القرحة ، مما يحول دون وصول أحماض وأنزيمات المعدة إليها ويعطيها فرصة للالتئام.

فيما يلى تعرف على فوائد عصير الخروب على مائدة الإفطار فى رمضان:

1- الخروب غنى بالألياف

محتواه العالى من الألياف يساعد فى الشعور بالشبع والأمتلاء لفترة طويلة، كما أنه يمنع الإمساك عن طريق زيادة حركة الأمعاء، بجانب خفض مستويات الكوليسترول الضار والتحكم بنسبة السكر فى الدم.

2- الخروب يحتوى على الكالسيوم وخالى من الأكسالات

يساعد محتوى الكالسيوم المتواجد فى الخروب فى الحفاظ على صحة العظام ،  كما أن هذا المعدن مفيد لصحة القلب والأعصاب والعضلات، وعدم احتوائه على الأكسالات مهم ،  حيث أنها تمنع امتصاص الجسم للكالسيوم ،  وتزيد من تكوين حصوات الكلى.

3- خالى من الجلوتين

وهو البروتين الموجود فى القمح، حيث يسبب هذا البروتين العديد من المشاكل الهضمية لدى بعض الأشخاص، لذلك يعتبر الخروب مشروب مثالى لتحسين عملية الهضم بعد الإفطار فى رمضان.

4_  خالى من الكافيين

الخروب مشروب خالى من الكافيين ، لذلك يفضل تناوله بدلًا من الشاى والقهوة خلال شهر رمضان من أجل تهدئة الجهاز العصبى والشعور بالراحة والاسترخاء.

5- يحارب السموم

يساعد الخروب فى طرد السموم من الجسم ، وتنشيط الدورة الدموية ، ومد الجسم بالطاقة والحيوية خاصة أثناء الصيام.

6_ تنشيط الكلى

تناول عصير الخروب فى رمضان يساعد فى تنشيط عمل الكلى ،  والحد من تأثر عملها بسبب قلة نسبة السوائل فى الجسم أثناء الصيام.

7- تعزيز الجهاز المناعى

يساعد عصير الخروب فى تعزيز الجهاز المناعى للجسم ومنع التعرض لأى مشاكل متعلقة بالمناعة نظرًا لأنه غنى بالعديد من العناصر الغذائية.

( الخشاف )

دائما ما نرى على مائدة الطعام الرمضانية كل ما لذ وطاب من أطعمة مختلفة من رقاق ومحاشى ومكرونة ولحوم بجانب الحلوى الشرقية المختلفة ذات الطعم اللذيذ ، ولعل أشهرها والأكثر ارتباطاً بالشهر الكريم هى الكنافة والقطائف والبسبوسة .

لكن تظل المرطبات المختلفة لها مكانة خاصة على المائدة لتروي عطش الصائمين بعد يوم طويل من الصيام والشعور بالتعب والإرهاق والعطش، لذلك تحرص الكثير من الأسر المصرية منذ مئات السنين على تحضير مشروب “الخشاف”، الذي يتكون من قطع فواكه مجففة مع التمر ويساعد على ترطيب الجسم وتجديد النشاط والحيوية.

و عندما يوضع أمامك طبق من الطعام الشهي الذي تفضله وتبدأ في التهامه ،  هل فكرت أن وراء هذا الطبق حكاية طويلة تضرب بجذورها أحياناً عبر آلاف السنين؟! ،  فوراء كل نوع طعام يتناوله الإنسان الآن في مصر والعالم قصة لا تقتصر على تطور أدوات وأساليب الصيد والقنص والطهي ، بل يتأثر في محطات عديدة بالتاريخ السياسي والاجتماعي والديني للشعوب.

فمنذ عقود طويلة بدأ المسلمون البحث عن مشروبات تساعدهم على تعويض نقص الغذاء والعطش الشديد طوال النهار، وبرعت كل منطقة في صنع مشروبها الخاص الذي اشتهر وامتد إلى المناطق المجاورة.

ومع بداية شهر رمضان وتزامنه مع فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة فى هذا التوقيت من العام يظهر الإقبال الشديد بعد انتهاء ساعات الصيام وحلول موعد الإفطار على تناول المرطبات والعصائر لتعويض فترة طويلة من الصيام.

تتربع مشروبات بعينها على مائدة المصريين فى الشهر الفضيل وعلى رأسها مشروب “الخشاف”، الذي يعد من المشروبات الرمضانية الشهيرة التي لا تخلو مائدة إفطار من تواجده ، والذي كان لارتباطه بشهر رمضان عوامل متعددة منها تاريخي وآخر ثقافي.

و تكاد لا تخلو أي مائدة مصرية من «الخشاف» في شهر رمضان، وخاصة في وقت الإفطار، حيث اعتاد عليه المصريين وفضلوه لما فيه من فوائد، حتى أن الأطباق التي يقدم فيها أصبحت لها قدسيتها ، فتجد «طقم الخشاف» مكونًا أساسيًا من أدوات المنزل، ومخصصًا لشهر رمضان لارتباطية الخشاف بالصيام و التي تكونت على مدار السنين ، ولكن ما هو أصله وحكايته ، ولماذا سمي بـ«الخشاف»؟

في البداية يتكون الخشاف من قطع فواكه مجففة مثل التين والمشمش والزبيب والقراصية معا، وتضاف إليها قمر الدين والبلح، والمكسرات بأنواعها في طبق واحد، وقد تتخلى الطبقات الإجتماعية الأقل دخلًا عن بعض مكونات الخشاف، حتى أن هناك من يكتفي بالبلح المبلل بقمر الدين فقط.

  • الرواية الأولى

أغلب الروايات تؤكد أن هذا المشروب أصله تركي أو فارسي، ولكنه مزيج من حضارات بلدان قريبة جغرافيًا من بعضها، و بحسب كتاب “شهر رمضان فى الجاهلية والإسلام” للكاتب أحمد المنزلاوى، فإن كلمة الخشاف هى كلمة تركية أو فارسية، تطلق على منقوع التمر المضاف إليه التين والزبيب وغيره من الإضافات السابق ذكرها، فكلمة «خشاف» في اللغة التركية تعني التمر المنقوع، وفي الفارسية تنطق«خوش آب» وتعنى الشراب الحلو أو العصير، كما أن الكلمة لها أصل فى اللغة العربية وتعنى الثمار الجافة أو اليابسة، كالتمر والتين ونحوهما ، أم كلمة «الياميش» هي مصرية الأصل تعود للعصر الفاطمي، وتعني الفاكهة المجففة.

  • الرواية الثانية

وهناك بعض الأقاويل الأخرى التي ترجع أصل كلمة خشاف إلى عهد الدولة الفاطمية التي حكمت مصر لمدة قرنين، وكلمة الخشاف مشتقة من الخشف أي الشيء الناشف، ومن هنا جاءت فكرة تسميته بهذا الاسم ،  ومن اشهر أسواق بيع منتجاته في مصر منطقة الجمالية، وبعدها بدأت كل بلد عربي تضيف ما تفضله إلى عصير الخشاف.

  • الرواية الثالثة

وبحسب كتيب “دمشق.. أقدم عاصمة فى العالم” ، فإن الخشاف ظهر فى العصر العثمانى، وكان يطلق على من يبيع الخشاف لقب “الخشيفاتى” وهى كانت منتشرة وقتها، وكانت هناك أسواق مشتهرة بها كسوق باب الجابية بدمشق ، وبعدها قام الشعب المصري باقتباس هذا المشروب وأصبح عادة رمضانية.

اعتاد المصريون منذ زمن على أن يكون لشهر رمضان عادات وتقاليد تميزه، لما لهذا الشهر من فضائل ،  ومن أهم من يواظب عليه المصريين هو تناول مشروبات بعينها على مائدة الافطار على رأسها يأتي “الخشاف”، الذي يعد من المشروبات الشهيرة التي لا تخلو المائدة من تواجده .

ونقل المصريون عن العثمانيين طريقة إعداد الخشاف، حتى بات المشروب الرسمى لشهر رمضان في مصر وعند حلول آذان المغرب ، حيث أن  أغلب العامة يقومون بتناول مشروب الخشاف ، حيث اعتاد المصريون تناول كوب خشاف مع أذان المغرب، حيث يتبركون بالبلح ويكسرون به صيامهم ،  ومنذ عقدين، بدأ البعض يفطر على كوب الخشاف، ثم يتوجه لصلاة المغرب فى المسجد ،  ومن  ثم العودة للبدء فى وجبة الإفطار الأساسية ، فالمكونات التي يحويها هذا الطبق العظيم مليئة بكم من الفوائد والعناصر الغذائية التي من شأنها إعطاء الجسم الطاقة الكافيه لكسر إفطاره مؤقتًا.

معظم مكونات الخشاف الحالية لم يعرفها المصريون منذ القدم ، فشهد الطبق تطوراً بمرور الزمن ، وكان في البداية مقتصراً على نقع التمر والزبيب وإضافة اللبن عليه ، ثم أضيفت له المكونات الأخرى الأغلى ثمناً نتيجة ازدهار التجارة بين مصر والشام منذ العصر المملوكي ، حيث لم تكن الفواكه المنتجة محلياً في مصر تكفي للتجفيف وبعضها لم يكن يصلح .

وحتى اليوم  تعتبر سوريا المورّد الرئيسي لهذه الفواكه المجففة إلى مصر، لكن الحرب الأهلية التي تحدث هناك طوال الوقت ،  انعكست على كم الإنتاج الزراعي والصناعي هناك وأضر بهما، فقل وجودوها في السوق المصرية وأدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع أسعارها، فلن تجد قمر الدين السوري، بسعر لفة قمر الدين من اي بلد أخرى، السوري دائما ما كان أغلى وأطعم ،  وكذلك القراصية والتين.

الغردقه - شارع الشيراتون القديم بجوار فندق روما علي البحر - تليفون  0653447115  موبايل  - 01020238453

عن 1

شاهد أيضاً

حياتي كشريط فيلم

بقلم: آية شريف تم النشر بواسطة:عمرو مصباح يتضمن مشاهد متنوعة، من فصول الطفولة البريئة إلى …