كنت اصبر نفسي وأهمس لها بأن الزمن هو الوحيد الذي يحرك الأحداث ويصنع المعجزات ويداوي ويحاكم وينتقم ويسامح ويعفو .. كنت اطوي هواجسي وأدرب نفسي على التجاهل كلما حاولت أن تمر عبر خيالي ذهاباً أو إياباً…
فأنا لا أريد أن أفسح لهواجسي مكاناً تأوي إليه في كياني حتى لا أتعودها وتتعود ني ولا أريد أن أوقظ في صدري ما لا أريده أن يستيقظ وأثير بهواجسي ما لا أريده أن يثار فطالما حلمت وتعاون الواقع المرير مع الحلم البعيد في إيهامي لتحقيق الحلم كل ذلك يتداعى في بالي ويرسمه خيالي كلما رأيت نظرة الدهشة والاستغراب من البعض وهم يتهموني بالضعف أو بالسلبية …لم يعلموا هؤلاء باني لم أكن يوماً ضعيفة أو سلبية ولكن كنت مسالمة ومسامحة ولدي ضمير مطمئن ومرتاح فلم أحب يوماً أن أقفز لتحقيق انتصار على كل من هزمني وليس لدى أسلحة استخدمها حتى اضغط عليها لتعجيل انتقامي فما وجه السرعة مادام الله هو المطلع ودائما كان يقيني بأن الله سبحانه هو من يقيني …
ورغم ذلك أعترف أن بداخلي كانت هناك مئات من الصور والذكريات والمشاعر التي أغرقتني في التفكير بسبب الواقع المؤلم الذي بلغ ذروته وأحياناً كثيرة كنت انزع أوراق النتيجة ورقة بعد ورقة واعزي نفسي بنفسي وكأني غائبة عن حركة الزمن حتى وصلت لمرحلة لم اعد اعرف أسماء الأيام التي مرت ولم يعد يعنيني مولد يوم جديد أو كان بداية الشهر أو نهايته كنت أرى وجوه تقترب وأخرى تبتعد أيادي ترتفع وتهبط مزيج من عتمة اليأس وإشراقه الرجاء اغلب الوعي مرة ويغلبني مرات ووصلت لمرحلة تساوت في نظرتي لكل الأشياء ووقفت علاقتي بالعالم الخارجي أنها محاولات لمقاومة ظروفي التي قفز الإحباط عليها ليمارس هوايته في أعماقي كأنه أله تحفر وتشق وجداني…
وسرحت في غيبوبة عقلية خطفتني من الواقع ووجدت نفسي أمتنع بلا أراده منى عن لقاء كل من حولي وتصاعد في نفسي الإحباط الذي تحول إلى رغبة عارمة في الانتقام لهزيمتي التي جرت في عروقي ومع دمائي وحاولت أن أقاوم …وفكرت انه ليس هناك سوى طريق واحد يهبني الراحة غير التسليم لرب العالمين والرضا النابع من القلب ورجعت لنفسي من جديد وبدأت أشعر بالسعادة الداخلية النابعة من أعماقي سعادة تداعب حياتي وتداعب حتى ذاكرتي المليئة بالهموم فالليل ليس كله ظلمة فرقعه الظلام رغم إنها تمتد حتى الأفق إلا أن هناك العديد من الأنوار الصغيرة تضيء تحت وطأة المشاعر المتناقضة فالأيام تمر والسنوات تتوالى وبين الحين والآخر قد نتوقف رغماً عنا أمام موقف يزلزل كياننا ويضيف إلينا صدمة جديدة قد تكون مشكلة صنعت نفسها بنفسها أو مشكلة صنعتها الظروف المحيطة بنا أو مشكلة صنعتها أيدينا وفي كل الأحوال يزداد الإنسان منا قوة وخبرة وأمام جحافل القنوط قررت أن أدفن الذكريات المؤلمه وها هي الآن في نزاعها الأخير من تفكيري ووجداني وكياني فمن رضي له الرضا ومن سخط فله السخط فاللهم أجعلنا من الراضين بما قسمته لنا.
أميمة عبد العزيز زاهد