أخبار عاجلة

” السرقة الأدبية ” بين الإبداع والاستيلاء

بقلم د : خالد السلامي

لا يمكن إنكار أن السـرقة الأدبية تمثل جريمة بلا شك، وهي ليست مجرد خرقًا لحقوق الملكية الفكرية والإبداعية، بل تعبر أيضًا عن انحرافٍ أخلاقيٍّ وانتكاسة في القيم الإنسانية. في هذا العصـر الذي يشهد تصاعدًا ملحوظًا في وسائل الاتصال وتبادل المعرفة، أصبحت الأعمال الأدبية هدفًا لخطر السـرقة والتلاعب أكثر من أي وقت مضـى. وفي ظل هذا السياق، يتجدر التفكير بجدية في وطأة هذه الظاهرة وتداعياتها السلبية على الفرد والمجتمع.

إن السـرقة الأدبية لا تُعد مجرد انتهاكًا لحقوق المؤلفين والمبدعين، بل هي استهتار بقيم النزاهة والأمانة التي يجب أن يتحلى بها كل فرد. إذ يصبح الشخص الذي يلجأ إلى سـرقة الأفكار والإبداعات عرضة لانحراف خطير في ميزانيته الأخلاقية. وفي ظل هذه المشهدية، يجب أن نشعر بمسؤوليتنا تجاه الحفاظ على القيم الأخلاقية التي تعزز ترابطنا الاجتماعي وتثري تجربتنا الإنسانية.

في زمنٍ تعزز فيه وسائل التواصل والتواصل الاجتماعي من تبادل المعرفة والمعلومات بشكل لم يسبق له مثيل، أصبحت الأعمال الأدبية أكثر تعرضًا لخطر السـرقة والاستيلاء غير المشـروع. إذ يمكن للأفكار أن تنتقل عبر الحدود بضغطة زر، مما يزيد من فرص نقلها بدون إذن من مصدرها الأصلي. هذا الوضع يفرض علينا التفكير بجدية في آثار هذه الظاهرة المتفاقمة على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع بأسـره.

السـرقة الأدبية تلوث مجالات الإبداع والثقافة. كما أنها تُجهز على العمل الشاق الذي يبذله الكتّاب والمبدعون في تحقيق أعمالهم. في هذا السياق، يُعَدُّ التصدي للسـرقة الأدبية واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا. إذ ينبغي لنا أن ننهض بالدفاع عن قيم الإبداع والنزاهة وندفع نحو بناء مجتمع يشجع على التفوق والإبداع الأصيل. إذًا، يجب أن نتأمل في خطورة هذه الممارسة ونشجع على تعزيز وعي المجتمع بأهمية حماية حقوق الإبداع والأعمال الأدبية. من خلال التركيز على قيم النزاهة والاحترام المتبادل، يمكننا أن نؤثر إيجابيًا في ثقافتنا ونهيئ لبيئة تشجع على التعلم المستدام وتطوير الفكر والإبداع بطرق مشروعة وأخلاقية.

تجسيدًا لهذه الجريمة، تُعرف السـرقة الأدبية بأنها عملية نسب أعمال إبداعية إلى شخصيات غير أصلية، مما يشوه الحقيقة ويُلقي الشبه على صاحب العمل الأصلي. يمكن أن تشمل هذه الأعمال مقالات، قصص، كتب، أو حتى أبحاث علمية. ورغم تعدد الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص إلى ارتكاب هذه الجريمة، إلا أنه لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال.

الآثار المشوهة للسـرقة الأدبية لا تُقتصـر فقط على الفرد المتضـرر، بل تمتد إلى جميع جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية. فعندما نتحدث عن هذه الجريمة، نجد أنها تكون مساهمةً رئيسية في تقويض أركان النزاهة والأمانة في مجال الإبداع والكتابة. ومن هذا المنطلق، يبرز الدور المهم لمعالجة هذه الجريمة للحفاظ على القيم الأخلاقية والثقافية التي تميز المجتمعات المتقدمة.

من الجوانب المشوهة البارزة للسـرقة الأدبية، نجد أنها تُسفر عن تشويه الصورة المهنية والشخصية للكتّاب والمبدعين. فالقراء والمجتمع يعتمدون على صدقية الكتّاب ونزاهتهم في تقديم المعرفة والأفكار. ولكن مع وجود ظاهرة السـرقة الأدبية، تفقد هذه الصدقية جزءًا من قيمتها، حيث يُشكك القراء في كل مرة يقرون فيها بأعمال لمؤلفين غير معروفين، ويتساءلون عن الأصالة والمصداقية فيما يُقدم لهم.

بالإضافة إلى ذلك، تؤثر السـرقة الأدبية بشكل مباشر في حقوق المؤلفين والمبدعين، سواء من الناحية الفكرية أو المادية. إذ يسلب المنتهكون للحقوق الأدبية هؤلاء الأفراد من جهدهم وتعبهم الذي وضعوه في إبداع أعمالهم. فلا يمكن لأصحاب الأعمال الأدبية المسـروقة أن يستفيدوا من الاعتراف بحقوقهم الفكرية أو الحصول على تعويض عادل عن تلك الخسائر.

ولا يقتصـر التأثير السلبي على المؤلفين فقط، بل يمتد إلى المجتمع بأكمله. حيث يتكون مناخ من الظلم وعدم المساواة، حيث يتم مكافأة المختلسين أدبيا على حساب الأفراد الذين يبذلون جهدًا كبيرًا لتقديم إسهامات فعّالة وأصيلة في المجتمع. تكمن خطورة هذا المناخ في أنه يقلل من الحافز للإبداع والتميز، وبالتالي يضعف من حظوظ تطور المجتمع نحو التقدم والتنوع.

لذلك، يجب أن نعمل جميعًا على توعية المجتمع بخطورة السـرقة الأدبية والتأثيرات السلبية التي تنتج عنها. يجب أن نشجع على احترام حقوق الملكية الفكرية والإبداعية، ونعزز قيم النزاهة والأمانة في جميع جوانب الحياة. من خلال هذه الجهود، يمكننا بناء مجتمع يُحترم فيه الإبداع ويُشجِّع على التفوق بأساليب ملتزمة بالأخلاق والقيم.

يمكن القول إن السـرقة الأدبية ليست مجرد مشكلة تمر بسهولة، بل تعد تحديًا يتطلب تدخلًا جدّيًا وفعالًا للتصدي لها. يجب أن نعمل بجدية على توعية المجتمع بخطورة هذه الجريمة وتداعياتها على مختلف الأصعدة. فالتوعية هي العامل الأساسي لمحاربة هذه الظاهرة والحد من انتشارها.

الفرد الذي يشتبه بتعرضه للسـرقة الأدبية يجب أن يكون على دراية بحقوقه القانونية. من المهم أن يكون لديه فهم دقيق للقوانين واللوائح المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية. يجب عليه أن يعرف كيفية حماية أعماله وتثبيت وجوده الإبداعي من خلال الوسائل المتاحة، مثل تسجيل حقوق النشـر والملكية الفكرية.

ومع ذلك، لا يقتصـر الأمر على الإجراءات القانونية فقط، بل تأتي التوعية كخطوة أساسية للوقاية من هذه الجريمة. على الجميع، سواء كانوا كتّابًا أو قرّاء، أن يكونوا على دراية بأن التعاطي مع أعمال الآخرين بنزاهة واحترام هو من المبادئ الأخلاقية الأساسية. يجب أن نؤكد على ضرورة التميز الإبداعي وتقدير الجهد المبذول في إنتاج الأعمال.

في نفس الوقت، يجب أن نشجع على نشـر الثقافة والقيم السامية التي تدعم الأمانة الفكرية والتعاون المشـروع بين الكتّاب والمبدعين. يجب أن نشجع الأفراد على الاستفادة من الإلهام والتعلم من بعضهم البعض دون اللجوء إلى سـرقة الأفكار أو الإبداعات.

باختصار، مواجهة السـرقة الأدبية تتطلب تحركات متعددة الجوانب. يجب أن يتعلم الفرد كيفية حماية حقوقه القانونية، ومن ثم التوجه نحو تعزيز الوعي والتثقيف في المجتمع بشأن أخلاقيات الإبداع وتعزيز النزاهة والاحترام المتبادل. من خلال جهودنا المشتركة، يمكننا بناء بيئة تشجع على الإبداع الأصيل وتعزز من مكانته في المجتمع.

في ختام هذا المقال، يتضح أن السـرقة الأدبية ليست مجرد جريمة قانونية، بل هي انتهاكٌ للقيم الأخلاقية والأمانة. تهدف هذه الجريمة إلى زعزعة الثقة في المجتمع، والقضاء على الروح الإبداعية التي تشكل روح الحضارة والتقدم. إن مكافحة هذه الظاهرة ليست مسؤولية الأفراد فقط، بل هي تحتم علينا جميعًا التحلي بالأخلاق الرفيعة والوعي بالقيم التي تجعل منا مجتمعًا حضاريًا يحترم الإبداع ويشجع على التميز.

لنكن عنوانًا للنزاهة والأمانة، ولنضع قيم التعاون والاحترام المتبادل على رأس أولوياتنا. إن تشجيع الإبداع الحقيقي والعمل الجاد يسهم في بناء مجتمع يسوده الازدهار والتقدم. دعونا نتعهد بمحاربة السـرقة الأدبية بكل وسائلنا ونكون أصواتًا تعلو في نبذ هذه الجريمة الخطيرة. إننا جميعًا قادرون على تغيير الواقع وبناء مستقبل يشهد على تفوق الإبداع الأصيل وتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية.

دعونا نتجنب بشدة هذه الجريمة المشينة ونتبنى ثقافة الإبداع والابتكار. فالقراءة والاطلاع، والتعلم من الآخرين، والابتكار في الأفكار، والسعي دائمًا إلى التميز يشكلون الأسس الأصيلة لإنتاج أعمال تعكس هوية وإبداع الفرد. بتجنب السـرقة الأدبية، نساهم جميعًا في بناء مجتمع يحترم العقلانية والتميز، ويكافئ الجهد والإبداع.

والجدير بالذكر أن المستشار الدكتور خالد السلامي ، هو سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وعضو الامانه العامه للمركز الأوروبي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي وعضو التحالف الدولي للمحامين والمستشاريين الدوليين . مستشار الاتحاد الوطني لمكافحة الفساد في دولة الإمارات العربية المتحدة

الغردقه - شارع الشيراتون القديم بجوار فندق روما علي البحر - تليفون  0653447115  موبايل  - 01020238453

عن 1

شاهد أيضاً

حياتي كشريط فيلم

بقلم: آية شريف تم النشر بواسطة:عمرو مصباح يتضمن مشاهد متنوعة، من فصول الطفولة البريئة إلى …