بقلم الكاتب الإماراتي – أحمد إبراهيم
أيهما أسهل: البناء أم الدّمار؟
القنبلة المُدمّرة في كفّ اليد الواحدة قادرةٌ على التدمير وبكبسةِ زر، كل ما بنته العقول المُفكّرة والسواعد البنّاءة منذ عقود، من الجدران والمباني والأبراج والبُنى التّحتيّة بالمُدن والبُلدان
هذا السِّباق بين البناء والدمار المأسوف على رجحان كفة الدمار دائماً منذ هيروشيما بالبُعد الجغرافي التاريخي العِرقي بين أمريكا واليابان، أو الكوريتين رغم التقارب في زمن التباعد، أو حتى معكوسةً وبنفس الأبعاد والآفاق بين كوريا الشمالية وأمريكا من جديد!
لكن الصين رغم قِدامتها التاريخية وضخامتها الأخطبوطية، لم تكشف عن نفسها مدمّرة قدر ما كشفت أنها معمورة عامرة معمِّرة، في سباقٍ مع الاتجاهات الأربعة لتوصيل وتوفير ما (صُنع في الصين) على أرفف الأسواق شرقاً وغرباً، من الشكولاتة لأفواه الأطفال إلى غطاء الأسرّة على أجساد الآباء والأمّهات
“المُزارع والبنّاء” قامَتان على تراب الوطن، أحدهما يصبّ عرق جبينه تحت التراب لما تحته من البذور والحصاد، والثاني يُمطره فوق التراب ليزرع فوقه الأبراج والمباني إلى العُلا، لكنهما معا يؤمنان إيمانا واحداً!
فالمزارعون بإيمان البنّائين أن بعثرة الحبوب سهلة باليد الواحدة، لكن التقاطها صعبة باليدين ولو بالأيدي والأيادي، فمهما تكاتفت تلك الأيادي، فإنها لن تلتقطها كلها تلك المُبعثرة باليد الواحدة!
أنا عِرقياً لا عقائديا ولا مذهبيا، وقوميا تايواني أو صيني.. ولا حتى كوري جنوبي أو شمالي، ولكنّي أنظر إلى الإنسان الذي يتنفّس الصّعداء تحت زرقاء سماوات السبع، أو يزاملني الصّراعَ بموجات زرقاء البحار السبع، أو يرافقني القطيع من النوق والجمال أو الأبقار في بطون الوديان، أو حتى لو يلاحقني الغزلان معاً على قمم الجبال بالسهم والقوس.. كل هؤلاء بيني وبينهم روابط (أنا وأنتِ وهو)
أنا شخصيا أراه صديقاً لي إن كان هو الآخر صديقاً لبيئة المعيشة الكريمة، وأراه زميلاً منافِساً لي منافَسة شريفة على كسب لقمة العيش بمعيشة كريمة وبأدبٍ وأخلاق، ونظيراً لي في الخليقة من خالق واحد نعبده معا كلٌّ على حدة، وكلٌّ على طريقته في صومعته أو محرابه! وعليه
أنظر إلى ما يحصل بين دولة ودولة تماماً كما يحصل بين إنسان وأخيه الإنسان، مهما ابتعدت بينهما المسافات الجغرافية أو الفوارق العِرقية الأيديولوجية.. فأنظر إلى الطرفين آملاً أن يرفرف بينهما بيرق السلام، ويترسّم بينهما خطوط الأمن والأمان
وبما أن حجمي في حدود القرطاس والقلم، أجدُ في عنقي دَينٌ، كلما أرى تشنجّات بين الدول المأهولة بأرواح السكّان على كوكب الأرض، أرى من واجبي أن أقضي ذلك الدين، أن اكتب ما يدعو لهما القلب من الأعماق بالسِّلم والسلام
كانت هوايتي في طفولتي وشبابي أن أقرأ للكبار، أقرأ لهم إن كان يكتب عن الحب فأُحبّهم كُتّاباً، وأُحبّ كل من يقرأ لهم قُرّاء.. وبالمقابل كنت أكره كتابات تُشعل الفتنة وتَزرع الكره والشقاق، فأكرههم وأكره من يقرأ لهم!
ويوماً سُمح لمعطيات قلمي المتواضع أن يرى النور بين الناطقين بالضاد في الوطن الكبير المُفدّى، شعرت في البُدء بالفشل، إذ أن كثيراً مما كنت أؤمن به في حياتي قد لا يؤمن به جلُّ المجتمع أو حتى كُلّهم، ليلقى سعة القبول والانتشار في ذلك المجتمع!
اليوم أجدّد إيماني الحاضر بضرورة الاستفادة من الماضي، لا أريد أن أضيّع وقتي بالبكاء والنحيب، وإنما بإيماني المجدّد أكرّر الدعاء للسلام أينما وُجد ذلك الإنسان المسالم، تحت لهيب الشمس الحارقة، أو في أضواء القمر المنير!
وها هى ترنيمتي أُكمِلها الآن: (الصّين وتايوان هل آن الأوان بينهما للتّصالح والتآزر والتآخي بالسلام؟).. ودون هدر رصاصةٍ واحدة، بل وبإطلاق باقاتٍ من الورود الصّينية التايوانية الزّرع والاستزراع!