بقلم د : خالد السلامي
09-09-2024
يُعد “اليوم الدولي لمحو الأمية” الذي يُحتفل به في الثامن من سبتمبر من كل عام، مناسبة عالمية تُسلط الضوء على أهمية التعليم في حياة الأفراد والمجتمعات، ودوره الحيوي في تعزيز التنمية المستدامة. منذ أن اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) هذا اليوم في عام 1966، أصبح منصة لتذكير العالم بمدى تأثير الأمية على حياة الملايين في مختلف أنحاء العالم.
الأمية: تحدٍ عالمي مستمر رغم التقدم الكبير الذي أحرزته العديد من الدول في مجال التعليم، إلا أن الأمية لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا في العديد من المجتمعات، خاصة في المناطق النائية والفقيرة. تشير التقديرات إلى أن هناك ما يقرب من 773 مليون شخص في العالم ما زالوا يفتقرون إلى القدرة على القراءة والكتابة، وهي إحصائية تدعو إلى التأمل والعمل المستمر للتغلب على هذا التحدي.
دور التعليم في التنمية المستدامة يرتبط محو الأمية بشكل وثيق بأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، وخاصة الهدف الرابع الذي يسعى إلى ضمان تعليم شامل وعادل للجميع. فالأمية ليست مجرد نقص في القدرة على القراءة والكتابة، بل هي عقبة أمام تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي وثقافي. فالتعليم يمكّن الأفراد من تحسين أوضاعهم المعيشية، ويعزز من مشاركتهم الفعالة في الحياة العامة ويساهم في بناء مجتمعات مستقرة ومستدامة.
اليوم الدولي لمحو الأمية: فرصة للتغيير يأتي “اليوم الدولي لمحو الأمية” كل عام لتذكير العالم بأن التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان. يشكل هذا اليوم فرصة لتقييم الجهود المبذولة في مختلف الدول والتأكيد على الحاجة إلى استراتيجيات أكثر فاعلية لمعالجة مشكلة الأمية. كما يُعتبر اليوم فرصة للاحتفال بالإنجازات التي تحققت في هذا المجال، وللتفكير في كيفية سد الفجوات المتبقية.
التكنولوجيا ومحو الأمية في عصرنا الحديث، أصبح للتكنولوجيا دور حاسم في تعزيز التعليم ومحو الأمية. استخدام الإنترنت والتطبيقات التعليمية ساهم بشكل كبير في توفير التعليم عن بُعد للأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المدارس التقليدية. ومع انتشار الهواتف الذكية، بات من الممكن تقديم دروس تعليمية مخصصة وبرامج تفاعلية لتعزيز مهارات القراءة والكتابة بين الفئات المحرومة.
جهود دولية رائدة على مستوى العالم، تتضافر الجهود الدولية لتعزيز محو الأمية. من خلال التعاون مع المنظمات غير الحكومية والحكومات المحلية، يتم تنفيذ برامج تعليمية تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا. كما تدعم دول مثل الإمارات العربية المتحدة والعديد من الدول المانحة المبادرات العالمية لمحو الأمية، معتبرة أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل البشرية.
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الرائدة عالميًا في مجال التعليم ومحو الأمية، حيث تواصل مسيرتها الرائدة لتقديم المعرفة ونشر التعليم للجميع، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي. في ظل رؤية القيادة الرشيدة، تعمل الإمارات على بناء مجتمع متعلم يتمتع أفراده بالقدرة على المنافسة العالمية، وتتبنى مبادرات فريدة من نوعها للقضاء على الأمية بشتى أشكالها.
محو الأمية محليًا: تستثمر الإمارات في التعليم كركيزة أساسية لتنمية الإنسان والمجتمع. من خلال مبادرات مثل “مجلس أبوظبي للتعليم” و”مؤسسة دبي العطاء”، تسعى الدولة إلى تعزيز مهارات القراءة والكتابة لدى الجميع، وخاصة الفئات التي تواجه تحديات اقتصادية أو اجتماعية. تمثل هذه الجهود تأكيدًا على أهمية التعليم كحق أساسي لكل مواطن ومقيم.
كما أطلقت الإمارات مشاريع خاصة لتشجيع القراءة والتعلم، مثل “عام القراءة” و”مكتبة محمد بن راشد”، حيث توفر المكتبة بيئة تعليمية غنية تستهدف جميع الفئات العمرية. وتعتبر مثل هذه المبادرات محفزًا قويًا لتعزيز ثقافة القراءة، مما يساهم في القضاء على الأمية بين الأجيال الناشئة.
محو الأمية عالميًا: لم تتوقف جهود الإمارات عند حدودها، بل امتدت لتشمل مناطق واسعة حول العالم، حيث أصبحت الإمارات داعمًا رئيسيًا لمبادرات تعليمية تهدف إلى محو الأمية في البلدان النامية. من خلال التعاون مع المنظمات الدولية، مثل اليونيسكو، تسهم الإمارات في بناء مدارس ومراكز تعليمية في العديد من الدول التي تعاني من نقص في الخدمات التعليمية.
برنامج “دبي العطاء” يمثل أحد أهم المبادرات الإماراتية التي تعمل على تمويل برامج محو الأمية في العديد من الدول الفقيرة. بفضل هذه المبادرات، تمكن ملايين الأطفال والشباب من الحصول على فرصة التعليم، مما يفتح أمامهم أبواب الأمل والتغيير.
مستقبل مشرق: ترتكز رؤية الإمارات على تحقيق الاستدامة في التعليم، حيث تواصل تقديم حلول تعليمية مبتكرة لمواجهة التحديات الجديدة. في عصر التكنولوجيا والابتكار، أصبح محو الأمية الرقمية أيضًا جزءًا من رؤية الإمارات، حيث يتم تدريب الشباب على مهارات العصر الحديث، لضمان مشاركتهم الفعالة في الاقتصاد المعرفي.
في الختام، تثبت الإمارات العربية المتحدة أن محو الأمية ليس مجرد مسألة تعليمية، بل هو مسؤولية مجتمعية وإنسانية. بفضل رؤيتها الطموحة، لم تعد الأمية تحديًا محليًا فحسب، بل أصبحت جزءًا من التزام الإمارات تجاه العالم، لتكون منارة للعلم والمعرفة.
اليوم الدولي لمحو الأمية” هو دعوة عالمية للعمل من أجل تحقيق عالم خالٍ من الأمية. في هذا اليوم، نتذكر أن التعليم هو الأداة الأهم لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة. التعليم ليس مجرد حق فردي، بل هو أساس لتطوير المجتمعات، ومن خلال الجهود المستمرة والشراكات العالمية، يمكننا أن نقترب خطوة نحو عالم يقرأ ويتعلم
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام