يارا المصري
شهد حي سلوان في القدس الشرقية في الأيام القليلة الماضية،تصعيدًا جديدًا في سياسة هدم المنازل، حيث قامت السلطات الإسرائيلية بهدم العديد من المباني التي شُيدت بدون تصاريح. رافقت عمليات الهدم إجراءات أمنية مشددة، بما في ذلك إغلاق الطرق ونشر قوات كبيرة من الشرطة لتمكين الجرافات من الوصول إلى المنطقة.
اختارت بعض العائلات تنفيذ عمليات الهدم ذاتيًا، تفاديًا للتكاليف الباهظة التي تفرضها السلطات في حالة توليها عملية الهدم. في المقابل، رفضت عائلات أخرى القيام بذلك، ما دفعها لتحمل أعباء مالية باهظة بالإضافة إلى الخسائر النفسية والمعيشية الناتجة عن فقدان مساكنها.
هذه الأحداث المتكررة في سلوان على مدار الأشهر الماضية تُعمّق معاناة السكان الذين يعيشون في حالة من الإحباط، بينما يأملون إيجاد حل يُعيد الحياة الطبيعية إلى الحي.
خلال الأسبوع الماضي، أصدرت السلطات الإسرائيلية المزيد من الإخطارات بالهدم، خاصة في حي البستان جنوب المسجد الأقصى، حيث أمهلت عائلة أبو شافع 14 يومًا لإخلاء منازلها. كما قامت طواقم بلدية الاحتلال، برفقة تعزيزات عسكرية، بتوزيع إخطارات هدم وتصوير المنشآت والطرقات في أحياء مثل البستان وعين اللوزة.
تأتي هذه الإجراءات ضمن مخطط يُعرف بـ**”حديقة الملك”**، الذي يهدف إلى إزالة كامل حي البستان وتحويله إلى منطقة عامة. في الخامس من الشهر الجاري، هدمت السلطات ثلاثة أبنية تضم سبع شقق سكنية في الحي، إضافة إلى تجريف الأسوار الخرسانية والشوارع المؤدية إلى المنازل، وحتى إزالة الأشجار. وتشير الإحصاءات إلى أن 109 منازل في حي البستان، يقطنها نحو 1550 مواطنًا، مهددة بالهدم، ما يعني تهجير أعداد كبيرة من السكان.
وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا) نهاية أكتوبر، هدمت السلطات الإسرائيلية 226 منزلاً ومنشأة في القدس خلال عام 2023. من بين هذه المباني:
125 منزلاً مأهولاً.
28 وحدة سكنية غير مأهولة.
39 منشأة تجارية تعيل أصحابها.
34 منشأة زراعية.
وأشار التقرير إلى أن السبب الرئيسي وراء الهدم هو البناء دون الحصول على التصاريح اللازمة، حيث تم هدم 218 منشأة لهذا السبب.
تُظهر هذه الأرقام والسياسات حجم المعاناة التي يواجهها سكان حي سلوان، الذين يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة بين التشريد أو الهدم الذاتي. ومع استمرار عمليات الهدم والتضييق، يبقى التساؤل مطروحًا: إلى متى ستستمر هذه المأساة التي تهدد بطمس معالم الحي وتهجير سكانه؟