يارا المصري
في خضم الحرب المتصاعدة داخل قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، استهدفت إسرائيل بشكل متزايد صرافي الأموال ومسؤولي التمويل التابعين لحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وشهدت الأيام الأخيرة اغتيال عدد من أبرز الشخصيات المالية، من بينهم رائد غبن، أحد أهم رجال المال في الجهاد الإسلامي، والذي لعب دورًا محوريًا في تحويل الأموال من غزة إلى الخارج لدعم أنشطة الجهاد الإسلامي.
تأتي هذه الهجمات كجزء من حملة إسرائيلية منظمة استهدفت على مدار الأشهر الماضية شبكة الصرافين ومكاتب الصرافة التي تسهم في تمويل أنشطة حماس العسكرية. من بين الأسماء البارزة التي تمت تصفيتها مؤخرًا: نور الدين أبو ندى، جهاد حسونة، وتحسين النديم، بالإضافة إلى تدمير مكاتب الصرافة الخاصة بهم.
تهدف هذه العمليات إلى قطع الإمدادات المالية التي تستخدمها حماس لدفع رواتب مقاتليها وتمويل أنشطتها العسكرية. في المقابل، يواجه سكان القطاع أوضاعًا إنسانية كارثية، حيث يعاني الأطفال والعائلات من الجوع، في ظل استحواذ حماس على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة مصالحها.
لا تقتصر أنشطة حماس المالية على الداخل الفلسطيني، بل تمتد إلى شبكات واسعة تديرها في الخارج. أحد الأسماء البارزة في هذا السياق هو زاهر جبارين، القيادي في حماس والمسؤول عن تنظيم العلاقات المالية للحركة مع إيران، والتي تُعد الداعم الرئيسي لها.
وفقًا لتقارير أميركية وإسرائيلية، يدير جبارين “إمبراطورية مالية” تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات. تشمل هذه الإمبراطورية شركات تجارية واستثمارات يديرها مانحون ورجال أعمال داعمون للحركة. تُستخدم هذه الموارد في تمويل شراء الأسلحة ودفع أجور المقاتلين، مما مكن حماس من شن هجمات واسعة، مثل الهجوم الكبير في 7 أكتوبر.
يلعب جبارين، الذي يبلغ من العمر 55 عامًا، دورًا محوريًا في ربط حماس بإيران. كما يُعتبر العقل المدبر خلف الشبكات المالية التي تغذي الحركة، مما يجعل تأثيره على العمليات العسكرية لحماس كبيرًا. ووفقًا لعوزي شايع، المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق المختص في “التمويل غير المشروع”، فإن جبارين يُعد بمثابة “الرئيس التنفيذي” لحركة حماس، حيث يشرف على عمليات التمويل الخارجية.
كان جبارين على صلة وثيقة بصالح العاروري، أحد كبار قادة حماس الذي قُتل مؤخرًا خلال الحرب في الضاحية الجنوبية لبيروت. لعب الرجلان دورًا كبيرًا في تأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية، وساهما في تعزيز العلاقة بين الحركة وإيران.
تستهدف إسرائيل، من خلال تصفية الصرافين وتدمير البنية المالية لحماس والجهاد، إضعاف قدرة الحركتين على تمويل أنشطتهما العسكرية في ظل الحرب الجارية. تأتي هذه الهجمات ضمن استراتيجية تهدف إلى تقويض القدرات المالية التي تعتمد عليها المقاومة الفلسطينية في شن الهجمات والعمليات المسلحة.
في ظل هذه الأوضاع، تستمر الحرب في تعقيد المشهد الإنساني والسياسي في غزة، حيث يدفع المدنيون ثمن الصراع المتواصل، مع تزايد الضغوط الاقتصادية والتحديات الحياتية اليومية.