يارا المصري
منذ اشتداد الحرب في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، والحصار المفروض على القطاع، تصاعدت الاتهامات ضد حركة حماس بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية المقدمة لسكان غزة. وبجانب استيلائها على المساعدات، لجأت الحركة إلى أساليب أخرى لتمويل أنشطتها، بما في ذلك السطو على البنوك في القطاع.
في واحدة من أبرز العمليات، شهد بنك فلسطين في أبريل/نيسان الماضي عملية سطو كبيرة، استولى خلالها عناصر من حماس على أكثر من 100 مليون دولار، وفق تقارير متواترة. وتعد هذه الحادثة جزءًا من سلسلة من عمليات السطو والابتزاز التي تنفذها الحركة لتمويل أنشطتها العسكرية ودفع رواتب مقاتليها وأعضائها، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها نتيجة الحصار.
لا تقتصر مصادر تمويل حماس على سرقة البنوك، إذ تستخدم الحركة أيضًا الجمعيات الخيرية في أوروبا لتحويل الأموال لدعم أنشطتها العسكرية. كما تستفيد من فرض الضرائب على بيع المساعدات الإنسانية وتحويل الأموال من الخارج.
بسبب هذه الأنشطة، كثّف الجيش الإسرائيلي استهدافه للصرافين ومكاتب الصرافة المرتبطة بحماس داخل القطاع وخارجه. وقد أدى ذلك إلى تصعيد اقتصادي في غزة، حيث بات السكان المحليون يعانون من تداعيات استهداف البنية التحتية المالية للقطاع.
وفقًا لوثيقة مسربة من قيادي بارز في حماس يُدعى “أبو جهاد”، بتاريخ 10 مارس/آذار 2024، ناقشت الحركة فكرة الاستيلاء على أموال البنوك لتعويض نقص السيولة في خزينتها. وأوضحت الوثيقة اقتراحات تتراوح بين الاستيلاء الرسمي المؤقت على الأموال، مع وعد بإعادتها بعد الحرب، أو السطو غير الرسمي بدون تعويض.
وقد تضمنت الوثيقة المرسلة إلى قيادي آخر في الحركة، يُدعى “أبو جمال”، تفاصيل عن المبالغ المستهدفة في بنوك مثل بنك القدس وبنك فلسطين. وتشير التقارير إلى أنه في فبراير/شباط 2024، هدد عناصر من حماس موظفي بنك فلسطين في حي الرمال بغزة لسحب الأموال من الخزائن.
وفي 16 أبريل/نيسان 2024، نفّذ عناصر من الحركة عملية سطو مسلحة، استهدفوا خلالها فرعين لبنك فلسطين، واستولوا على مئات الملايين من الشواكل.
تعكس هذه العمليات الأزمات الاقتصادية التي تعانيها الحركة، لكنها في الوقت ذاته تُعمّق معاناة سكان القطاع الذين يعتمدون على البنوك لإدارة أمورهم المالية. كما تضعف هذه السرقات الثقة بالمؤسسات المالية، مما يزيد من صعوبة التعافي الاقتصادي بعد الحرب.
في ظل هذه الظروف، تواجه غزة واقعًا معقدًا، حيث تتداخل التحديات الإنسانية مع النزاعات السياسية والاقتصادية، مما يفرض على سكانها عبئًا مضاعفًا في محاولة البقاء على قيد الحياة وسط هذه الفوضى.