الرياض زبيدة حمادنة
وُلد عبد اللطيف قباج في مراكش عام 1948، وهي المدينة التي شهدت أزهى مراحل مسيرته المهنية. ومع ذلك، استقرت عائلته في الرباط بعد بضع سنوات من ولادته، وهناك قضى طفولته الأولى. بدأ تعليمه المبكر في المسيد، حيث لا يزال يتذكر تجربته مع العقوبة التقليدية المعروفة بـ**”الفلاقة”**.
حصل على البكالوريا التقنية من ثانوية “لي زُورونجي” عام 1966، ثم التحق بـمدرسة الضيافة “ضيافة”، حيث تخرج عام 1968. بدأ مسيرته المهنية مباشرة بعد التخرج في فندق قصر جامع الفنا كموظف استقبال، وبقي هناك حتى عام 1973 قبل أن ينتقل إلى لندن للعمل في فندق “ليزانباسادور كلوب”، حيث طور مهاراته في مجال الفندقة.
عند عودته إلى المغرب، انضم إلى شركة “ماروك توريست”، التابعة لـصندوق الإيداع والتدبير (CDG)، كمدقق حسابات، حيث اكتسب خبرة في الإدارة المحاسبية الفندقية على مدى عامين. بعدها، تم تعيينه مديرًا لافتتاح فندق أوزود في بني ملال، وهو فندق يضم 60 غرفة، ثم تولى مهمة مماثلة في ورزازات لإدارة فندق الزات.
بحلول عام 1975، وبعد أن أثبت قدرته على التعامل مع المهام الصعبة، تم تعيينه مفتشًا عامًا للسلسلة الفندقية، حيث أشرف على تشغيل 20 فندقًا عبر أنحاء المغرب. على مدار السنوات التالية، شغل عدة مناصب كمدير عام في العديد من فنادق المجموعة. وفي عام 1983، قرر مغادرة القطاع الفندقي لفترة وجيزة لإدارة مشروع عائلي في المجال الصناعي.
لكن شغفه بالسياحة لم يهدأ، فعاد إلى المجال بعد ثلاث سنوات، حيث التحق بـمجموعة “دنيا PLM” المملوكة لرجل الأعمال عبد الهادي العلمي كمدير عام. شارك في بناء قصر المؤتمرات في مراكش وساهم في تطوير المجموعة من خلال تنظيم العمليات التجارية، والترويج، وتشييد فنادق جديدة مثل فندق “الأمويين” في أكادير، و”كرم” في ورزازات، و”المنصور الذهبي” في مراكش.
يشكل عبد اللطيف قباج، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمجموعة كنزي للفنادق، نموذجًا فريدًا لخبير كرّس موهبته لفترة طويلة في خدمة المؤسسات الفندقية وخلق الثروة، قبل أن يؤسس مشروعه الخاص. لكنه لم يترك المجال الذي صنع فيه اسمه، بل اختار الجانب “الإداري” منه عبر تقديم حلول إدارية للفنادق التي تواجه صعوبات في تحقيق المعايير المطلوبة.
وقد لاحظ قباج فجوة في السوق، قائلاً: “أدركت أن العديد من المستثمرين في القطاع الفندقي يعانون من صعوبة إدارة منشآتهم بطريقة احترافية تحقق نسب إشغال جيدة وفق المعايير الدولية. لم أخترع شيئًا جديدًا، فالشركات العالمية الكبيرة تقدم هذه الخدمات، لكنها تركز فقط على الفنادق الفاخرة جدًا”. ومن هنا جاءت فكرة تقديم خدمات إدارية تتناسب مع احتياجات السوق المحلي.
في عام 1991، أسس شركة “كنزي للفنادق” برأس مال قدره مليون درهم، وبدأت الشركة بإدارة الفنادق المتعثرة، حيث كان أول عملائها فندق الصحراء في أكادير وفندق بلير في ورزازات. وسرعان ما توسعت الشركة، معتمدةً على نماذج تشغيل متعددة، مثل التأجير، والإدارة لحساب الغير، والإدارة الحرة. ومع مرور الوقت، بدأت كنزي للفنادق في امتلاك فنادق خاصة بها، ثم اتجهت إلى إدارة الفنادق الفاخرة.
ومن أبرز نجاحاته في هذا المجال، افتتاح فندق “كنزي تاور”، وهو فندق خمس نجوم فاخر يقع في “التوين سنتر” في الدار البيضاء، إلى جانب فندق “كنزي منارة بالاس” الفاخر من خمس نجوم في مراكش. يضم كنزي تاور 237 غرفة وجناحًا، بينما يحتوي كنزي منارة بالاس على 236 غرفة، بالإضافة إلى سبا بمساحة 1800 متر مربع.
حاليًا، تدير مجموعة كنزي للفنادق حوالي عشرة فنادق تضم ما يقارب 2100 غرفة، وتوظف حوالي 2000 شخص، مع خطط توسعية طموحة.
إلى جانب إنجازاته المهنية، يعد عبد اللطيف قباج شخصية بارزة في العمل الجمعوي المهني. شغل عدة مناصب قيادية، منها:
رئيس جمعية صناعة الفنادق المغربية (AIH)
رئيس جمعية مهنيي السياحة في مراكش (APOTM)، والتي أصبحت لاحقًا التجمع الجهوي لصناعة السياحة (GRIT)
رئيس المجلس الجهوي للسياحة في مراكش (CRT)
رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة (CNT)
بفضل خبرته الواسعة، ورؤيته الريادية، والتزامه بمعايير التميز، استطاع عبد اللطيف قباج أن يضع بصمته في قطاع الضيافة المغربي، مؤسسًا نموذجًا فندقيًا فريدًا ساهم في تطوير وإعادة هيكلة الفنادق المغربية، ورفع معايير إدارتها إلى مستويات عالمية.