بقلم د : امال إبراهيم
استشاري العلاقات الأسرية
تعيش المرأة اليوم في عالم متغير سريع الوتيرة، حيث تزايدت الفرص أمامها لتحقيق ذاتها في مختلف المجالات، ولكن في المقابل ظهرت تحديات جديدة تتعلق بقدرتها على تحقيق التوازن بين حريتها الشخصية، ومسؤولياتها المهنية، وواجباتها الأسريةومع دخول العصر الرقمي، باتت هذه التحديات أكثر تعقيدًا، إذ فرضت التكنولوجيا واقعًا جديدًا يؤثر على كل مناحي الحياة.
المرأة بين الحرية والمسؤولية
لطالما كانت حرية المرأة محور نقاش في المجتمعات المختلفة، فبينما تنادي الحركات النسوية بتمكين المرأة ومنحها حقوقها كاملة، يظل التحدي الأكبر هو تحقيق هذا التمكين مع الحفاظ على القيم الأسرية والمجتمعية.
– الحرية لا تعني الانفصال عن المسؤوليات، بل هي القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة تحقق التوازن بين الطموح المهني والاستقرار العائلي.
– تحتاج المرأة اليوم إلى دعم مجتمعي وثقافي يساعدها على ممارسة حريتها دون ضغوط تعيقها عن تحقيق ذاتها.
المرأة والعمل: التحديات والفرص
لم يعد عمل المرأة خيارًا إضافيًا، بل أصبح جزءًا أساسيًا من تطور المجتمع. ومع ذلك، لا تزال تواجه عدة تحديات، منها:
الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء رغم أداء نفس المهام.
– التوازن بين العمل والحياة الأسرية، حيث تجد الكثير من النساء صعوبة في إدارة الوقت بين متطلبات العمل والبيت
-التوقعات الاجتماعية، حيث يُنظر أحيانًا إلى نجاح المرأة المهني على أنه يأتي على حساب دورها كأم وزوجة.
لكن في المقابل، وفر العصر الرقمي فرصًا جديدة للمرأة، مثل:
– العمل عن بُعد الذي يسمح لها بإدارة وقتها بشكل أكثر مرونة.
– ريادة الأعمال الرقميةالتي فتحت لها أبوابًا واسعة لإنشاء مشاريعها الخاصة دون الحاجة إلى الالتزام بالعمل التقليدي
التعليم المستمر والتطوير الذاتي من خلال الدورات التدريبية الإلكترونية التي تساعدها على مواكبة سوق العمل.
الحياة الأسرية في ظل العصر الرقمي
مع انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، تغيرت طبيعة العلاقات الأسرية، مما فرض تحديات جديدة على المرأة، أبرزها:
– تأثير التكنولوجيا على تربية الأبناء، حيث أصبحت الأجهزة الذكية جزءًا من حياتهم اليومية، مما يستدعي دورًا أكبر للأم في مراقبة المحتوى الرقمي الذي يتعرضون له.
– انشغال أفراد الأسرة بالهواتف والأجهزة الإلكترونية، مما أدى إلى ضعف التواصل الأسري التقليدي، وأصبحت مسؤولية المرأة مضاعفة في خلق بيئة عائلية متوازنة.
زيادة الضغوط النفسيةبسبب المقارنات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتعرض المرأة لصورة مثالية للنجاح قد لا تكون واقعية، مما يؤثر على ثقتها بذاتها.
كيف تحقق المرأة التوازن؟
تحقيق التوازن بين العمل والحرية والحياة الأسرية ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب بعض الخطوات الذكية، مثل:
– إدارة الوقت بفعالية من خلال تحديد أولويات واضحة بين العمل والأسرة والوقت الشخصي.
– وضع حدود واضحة لاستخدام التكنولوجيا داخل المنزل للحفاظ على التواصل العائلي.
– تعزيز الدعم الأسري، حيث يجب أن يكون الزوج والأسرة شركاء في تحمل المسؤوليات، وليس الأمر مقتصرًا على المرأة وحدها.
– استغلال الفرص الرقمية بشكل إيجابي مثل التعلم المستمر واستخدام التكنولوجيا لتعزيز الإنتاجية وليس لتضييع الوقت.
المرأة اليوم أمام تحديات كبيرة، لكنها أيضًا أمام فرص غير مسبوقة. النجاح لا يعني فقط تحقيق إنجازات مهنية، بل القدرة على خلق توازن صحي بين جميع جوانب الحياة ومع دعم الأسرة والمجتمع، تستطيع المرأة أن تكون ناجحة في عملها، مستقرة في حياتها الأسرية، ومستقلة في قراراتها، لتكون نموذجًا مشرقًا للأجيال القادمة.
فالمرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي القلب النابض الذي يحافظ على توازنه في عالم سريع التغير.
هناك نماذج ملهمة في الوطن العربي تأتي في المقدمة
السيدة انتصار السيسيي السيدة الأولي نموذج للمرأة المصرية في دعم الأسرة والمجتمع
السيدة انتصار السيسي، زوجة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعد واحدة من النماذج البارزة للمرأة المصرية التي جمعت بين دورها كزوجة وأم وبين دعمها للمجتمع من خلال العمل الإنساني والمجتمعي.
دورها الأسري
تُعرف السيدة انتصار السيسي بكونها داعمًا قويًا لأسرتها، حيث لعبت دورًا أساسيًا في دعم زوجها خلال مسيرته العسكرية والسياسية، وظلت بجانبه في مختلف المحطات المهمة في حياته. كما أنها أم ناجحة، حافظت على خصوصية حياتها الأسرية مع توفير بيئة مستقرة لأبنائها، مما يعكس قدرة المرأة المصرية على تحقيق التوازن بين الأسرة والالتزامات العامة.
دورها المجتمعي والإنساني
بصفتها السيدة الأولى لمصر، تركز جهودها على دعم المرأة والأسرة المصرية، حيث تشارك في العديد من المبادرات المجتمعية، خاصة في مجالات تمكين المرأة، ورعاية ذوي الهمم، ودعم الأسر الأكثر احتياجًا. كما تهتم بقضايا الصحة والتعليم والتوعية المجتمعية، وتحرص على حضور الفعاليات التي تدعم هذه القضايا، ما يجعلها رمزًا للمرأة المصرية التي تستخدم موقعها لخدمة مجتمعها.
دعمها للمرأة المصرية
تؤكد السيدة انتصار السيسي في العديد من المناسبات على أهمية دور المرأة في بناء المجتمع، وتدعم المبادرات التي تتيح للمرأة فرصًا أكبر في التعليم والعمل وريادة الأعمال. كما تشجع السيدات على المشاركة في الحياة العامة مع الحفاظ على دورهن الأسري.
نموذج للمرأة المصرية المتوازنة
من خلال حياتها، تقدم السيدة انتصار السيسي نموذجًا للمرأة المصرية القادرة على التوفيق بين مسؤولياتها الأسرية ودورها المجتمعي مما يجعلها قدوة لكثير من النساء في مصر والعالم العربي.
الشيخة فاطمة بنت مبارك (الإمارات العربية المتحدة)
لقبت بـ”أم الإمارات”، حيث نجحت في دعم قضايا المرأة الإماراتية والعربية، وأسست العديد من المبادرات التي تهتم بالأسرة والطفل، إلى جانب كونها نموذجًا للمرأة التي توازن بين دورها الأسري ومكانتها القيادية.
. ياسمين يحيى (عالمة فضاء مصرية)
تعمل ياسمين في وكالة “ناسا”، وهي مثال رائع للمرأة العربية التي نجحت في حياتها المهنية، وفي الوقت نفسه، تحافظ على حياتها الأسرية، ما يثبت أن المرأة تستطيع التوفيق بين الطموح العلمي ودورها الأسري.
. أروى خوجة (رائدة أعمال سعودية)
تعمل في مجال الأعمال والإعلام، وتمكنت من تحقيق النجاح المهني إلى جانب تكوين أسرة متماسكة، مما يعكس قدرة المرأة العربية على النجاح في أكثر من جانب في حياتها.
الشيخة لبنى القاسمي (وزيرة سابقة ورائدة أعمال – الإمارات العربية المتحدة)
حققت إنجازات بارزة في العمل الحكومي وريادة الأعمال، مع حفاظها على حياتها الأسرية والاجتماعية، ما يجعلها مثالًا مشرفًا للمرأة العربية الطموحة.
رجاء عالم (السعودية)
كاتبة وروائية سعودية، حصلت على جوائز عالمية، واستطاعت التوفيق بين مسيرتها الأدبية والتزاماتها العائلية، مما جعلها مثالًا يحتذى به في تحقيق التوازن بين الإبداع والحياة الأسرية.
لبنى العليان (السعودية)
رائدة أعمال ناجحة، قادت مجموعة العليان إلى العالمية، وفي الوقت نفسه، حرصت على الحفاظ على حياتها الأسرية، مما جعلها نموذجًا للمرأة القادرة على النجاح في المجال الاقتصادي دون إهمال أسرتها
هذه النماذج تثبت أن المرأة قادرة على النجاح في كلا الجانبين، طالما وجدت الدعم المجتمعي والأسري، إلى جانب الإصرار والإدارة الجيدة للوقت.