أخبار عاجلة

السيبرانية والحرب الهجينة

 

 

بقلم : عبدالله العولقي

 

يعتقد البعض أن فكرة الحرب الهجينة حديثة العهد، وأنها مرتبطة بثورة الاتصالات التي توجت اليوم بالسيبرانية، بيد أن بعض المؤرخين يرجعها إلى نهاية القرن الثامن عشر مع اختراع جهاز البرق الصوتي أو إشارات مورس، وهي شفرات حرفية استخدمت من أجل إرسال معلومات تلغرافية باستخدام تتابعات قياسية من عناصر قصيرة وطويلة تعبر عن الحروف والأرقام الخاصة الموجودة في الرسالة، وقد استخدمت حينها ضمن ما يطلق عليه اليوم بالحرب الهجينة او الموازية، كما اعتبرت حينها ثورة تكنولوجية خارقة.

 

تلا ذلك تطويرات إبداعية أحدثها المخترع الإيطالي الشهير جولييلمو ماركوني حينما ابتكر الأجهزة اللاسلكية التي كانت نقلة نوعية في الاتصالات وإدارة الحروب حينها، وخلال الحرب العالمية الثانية اشتدت المنافسة بين ألمانيا وبريطانيا على امتلاك التقنية في إدارة الحرب، فساهم الألماني كونراد تسوزه على وضع نواة الكمبيوتر الحديث، كما ساهم محلل الشيفرات البريطاني آلن تورينغ باختراعه آلة ذكية لها القدرة على فك الشفرات والتي يرى بعض المؤرخين أنها أسهمت في حسم الحرب لصالح الحلفاء، فلولا اختراع تورينغ وكشف أسرار الألمان لطالت الحرب أكثر من ذلك.

 

تعد الهجمات السيبرانية جزءا من طبيعة حروب الجيل الرابع، وتهدف إلى توظيف التقنية في إلحاق الضرر والأذى تجاه بيانات ومعلومات الطرف الآخر، وقد برزت خطورة هذه الهجمات مؤخرا خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ولا شك أن الهدف الأساسي منها كحرب موازية وهجينة مع الحرب العسكرية التقليدية كان لإضعاف الروح المعنوية للآخر، وهز ثقة مواطني الدولة الأخرى بمؤسساتها الوطنية وقدراتها التكنولوجية.

 

قبيل اندلاع الحرب شن خبراء التقنية الروس هجوما لاذعا على مواقع أوكرانية حساسة كمواقع الوزارات الحكومية، كما نقلت بعض وسائل الإعلام عن فريق روسي يعرف في عالم الإنترنت بلقب ساندروم قد هاجم شبكة الكهرباء وكاد أن يتسبب بقطع الكهرباء عن أوكرانيا بكاملها، بعدها فتحت الحكومة الأوكرانية أبوابها للمتطوعين من خبراء التقنية لصد الهجمات السيبرانية القادمة من روسيا، والاستعداد لشن هجمات عكسية مماثلة ضد من سمتهم بالقراصنة الروس، وبعد عدة أسابيع شن قراصنة يطلق عليهم مجموعة أنونيموس هجوما الكترونيا ضد المواقع الروسية، منها موقع وزارة الدفاع، ومواقع القنوات التلفزيونية الحكومية!!

 

وفي الختام، يقول خبراء السيبرانيات بأن حجم السوق العالمية لصناعة الأمن السيبراني سيصل إلى 326 مليار دولار بحلول عام 2027م، وهذا مؤشر لتحول الصراعات الدولية تجاه الحرب الموازية الجديدة، فالحرب السيبرانية أصبحت واقعا كثنائية متلازمة مع الحرب العسكرية التقليدية، وقد أطلق على نمطية تلك الصراعات بالحروب الهجينة، فقد أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية هذه الظاهرة الجديدة كواقع دولي، وبأن الحرب السيبرانية جزء لا يتجزأ من الصراعات الدولية الحديثة.

الغردقه - شارع الشيراتون القديم بجوار فندق روما علي البحر - تليفون  0653447115  موبايل  - 01020238453

عن 1

شاهد أيضاً

د شيرين العدوي تكتب : ألف

هل نحن مستعدون للتفكير فى حياتنا، وقراراتنا، وما نخفيه داخل أعماقنا؟! هل نعيش حياتنا بصدق؟ …