بقلم : فرح محمد سني
تمتد العلاقات الأخوية العريقة بين مصر والمغرب منذ ايام الحُكم الفاطمى لمصر في القرن العاشر الميلادى الذى شجع انتقال العديد من الأسر المغربية للعيش في مصر والتى استقرت في الجانب الغربي لمصر، في غربي الدلتا، والبحيرة والفيوم، والواحات وسائر الجهات الغربية من صعيد مصر.
فى العصر الحديث كانت مصر من اوائل الدول التى دعمت استقلال المغرب، واستقبلت مصر زعيم المقاومة فى الريف وأحد أعظم مؤسسى المقاومة الشعبية للاحتلال فى التاريخ العالمى المعاصر الزعيم عبدالكريم الخطابى، أمير المقاومة فى الريف بشمال المغرب الذى قاوم الاحتلال الإسبانى، ثم الفرنسى وبقى فى مصر لفترة .
كما شارك المغاربة اخوانهم المصريون في جهادهم ضد حملة نابليون وفى العصر الحديث دعمت المغرب بقوة مصر فى حربها ضد العدو الاسرائيلى وشاركت المغرب بجنود حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 وكان للمقاتلات المغربية دور فعال في حرب أكتوبر 1973 حيث وصلت مقاتلات بعد سفر طويل، عن طريق الجزائر وتونس وليبيا، مصحوبة بطائرات النقلِ العملاقه التى تحمل قطع الغيار والأسلحة، وأجهزة المعاونة لطائرات السرب المغربي.
ترتكز العلاقات المصرية – المغربية على عوامل شعبية وثقافية وتاريخية مشتركة وفرت بيئة حاضنة لعلاقات راسخة بينهما على المستويين الشعبي والرسمي، تعد الجسور الثقافية بين الشعبين تاريخية وممتدة وقويت بأواصر العلم والدين مع وصول الإسلام الى المغرب، حيث كان الفقهاء والعلماء وطلاب العلم المغاربة يشدّون الرِّحال إلى مصر، قلب الشرق العربي، طلبا للعلم والاختلاط بالعلماء لسنوات قبل العودة إلى مراكش وفاس وتطوان، وغيرها من المدن المغربية، أو البقاء في مصر والعمل في التدريس أو التجارة.
وفي القاهرة أيضا كان للمغاربة حضورهم تاريخيا في التجارة والعمران والدعوة والتعليم والتصوف، ومثلوا أكبر طائفة عربية إسلامية وافدة، ومازال الأزهر الشريف يحتفظ بباب للمغاربة ضمن أبوابه الاثنين والعشرين، وتحمل إحدى حواضر الأحياء العريقة في القاهرة، وهو حي “باب الشعرية”، اسم “حارة المغاربة”؛ كما تحتفظ سجلات الأرشيف المصري بأسماء تجار مغاربة تولوا منصب شهبندر تجار القاهرة، أعلى منصب تجاري مصري في فترة ما قبل تأسيس مصر الحديثة، كما ان الثقافة والفن والابداع، حاضرون بقوة في العلاقات بين البلدين، وابلغ دليل علي ذلك، ما تحظي به سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والفنان الراحل عبد الحليم حافظ، من مكانة متميزة في قلوب أبناء المغرب، رغم مرور عشرات السنوات علي رحيل القامتين الفنيتين.. أيضاً، تحظي الأفلام والمسلسلات والأعمال الفنية المصرية التي تعرض على الشاشات المغربية، على نسبة مشاهدة عالية لدي الجمهور المغربي، وفي المقابل، تستقبل مصر فعاليات فنية وثقافية مغربية في المناسبات المختلفة، لعل أبرزها المهرجانات السينمائية التي تعرض بها أفلاما مغربية، ومعرض الكتاب الذي يستضيف إبداعات المؤلفات المغربية، وكبار الشعراء والمثقفين المغاربة.
وعلى المستوى الرسمي، مصر والمغرب شركاء في ملفات العمل الوطني والاقليمي والدولي المشترك، والمتمثلة في توظيف العلاقات الدولية في دعم وتأمين الاستقرار الداخلي والتنمية بالبلدين، والانفتاح على العالم الخارجي للاستفادة من التجارب المختلفة، والالتزام بسياسة خارجية متوازنة في إطار استقلال القرار الوطني، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بمبادئ القانون الدولي، ومكافحة الإرهاب، والعمل على تسوية الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأولوية المحور الأفريقي. ولاشك أن الروابط الشعبية والممتدة، والمصالح المشتركة، تعزز فرص بناء شراكة إستراتيجية بين مصر والمغرب، تفرضها التحولات الإقليمية والدولية في ظل عالم متغير، والحاجة إلى تنسيق التعاون الثنائي، ومع شركاء البلدين، لإعادة التوازن إلى المنطقة، وخلخلة الملفات العالقة بها، وعلى رأسها الحرب على الإرهاب، والنهوض بعلاقاتهما الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من موقعهما المتميز ومزاياهما الاقتصادية في إطار التكامل.
العلاقات الدبلوماسية
– بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والمغرب رسميا في عام 1957، طبعت في مجملها بالتفاهم والتنسيق المستمر في ملفات العمل الوطني والاقليمي والدولي المشترك، والمتمثلة في توظيف العلاقات الدولية في دعم وتأمين الاستقرار الداخلي والتنمية بالبلدين، والانفتاح على العالم الخارجي للاستفادة من التجارب المختلفة، والالتزام بسياسة خارجية متوازنة في إطار استقلال القرار الوطني، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بمبادئ القانون الدولي، ومكافحة الإرهاب، والعمل على تسوية الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأولوية المحور الأفريقي.
– ترتبط مصر والمغرب بلجنة عليا مشتركة على المستوى الرئاسي، وشهدت التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات والبروتوكولات والبرامج التنفيذية ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات ،ويندرج في إطار اللجنة العليا 29 لجنة فنية مشتركة تغطي مختلف مجالات التعاون الثنائي وهي: آلية التنسيق والتشاور السياسي، الصناعة، المسح الجيولوجي، التجارة، الزراعة، الطب البيطري، الصيد البحري، السياحة، الملاحة، الجمارك، الوقاية من المخالفات الجمركية، الكهرباء، الطرق، التعمير والإسكان، العلوم والتكنولوجيا، البترول، بنك المعلومات للاتفاقيات البترولية، التنمية الإدارية، الصحة، البيئة، القوى العاملة، التجهيزات الأساسية، التخطيط، الشئون الاجتماعية، الضمان الاجتماعي، الإعلام، الأوقاف، الشباب والرياضة، والقضاء والقانون، عقدت ثلاثة اجتماعات لآلية الحوار والتنسيق والتشاور السياسي والاستراتيجي بين البلدين، آخرها في يناير 2014، جرى خلالها الاتفاق على ضرورة العمل على بناء علاقات مستقبلية بين البلدين على أسس استراتيجية، وأهمية إعادة هيكلة وتنشيط العلاقات الثنائية.