بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
شكرًا على الجرائم التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية ضد الإنسان بقتل الأطفال وذبح العجائز من النساء والرجال، شكرًا على هدم المباني وموت أسر كاملة تحت أنقاض المباني.
شكرًا وألف شكر حيث أيقظت الضمير الإنساني في كل دول العالم على ما ارتكبته الحكومة الإسرائيلية من مجازر يندى لها جبين الإنسانية، ويسقط معها مصطلح أن اليهود شعب الله المختار لأنهم خدعوا الناس بكذبتهم التي سيطروا بها على عقول الشعوب وصدقوها قرونًا، فكشفت قيادة إسرائيل الحقيقة الصادمة وتعطشهم للدماء والقتل والاجرام، فالله سبحانه الرحيم لن يختار قومًا مجرمين لا يعرفون القيم والخلق العظيم وليست في قلوبهم صفات الرحمة بل قسوة الشيطان الرجيم.
شكراً إسرائيل حين فتحت عيون العالم وأيقظت عقولهم من أكاذيب ما تنشره أكبر الوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية التي استحوذت عليها قيادات الصهيونية في أمريكا والدول الأوروبية لتحجبوا عن شعوبهم حقيقتكم المجرمة، وسيطرتم على عقولهم حتى آمنوا بأنكم شعب الله المختار بعدما قمتم بتزييف كتب التوراة والإنجيل تمامًا كما نجحتم بمحاولاتكم الشيطانية تزييف أقوال رسول الإسلام بروايات مضللة؛ لتنشروا الفتن بين المسلمين وترهبون من يسعى للانتماء لرسالة الإسلام بتشويه صورة رسول الإسلام ليهجروا القرآن، ولكن الله حفظ كتابه ليوم الدين وفشلتم في محاولاتكم تزييف آياته التي تدعو الناس لدين الرحمة والسلام والعدل والإحسان ونشر السلام في ربوع الأرض يخرجهم من الظلمات الى النور ليرى الانسان الحقيقة ويميز بين طريق الحق وطريق الباطل بين الفضيلة والرذيلة.
خدعتم الشعوب بالديمقراطية مغلفة في ممارساتكم بالعقيدة اليهودية لخلق دولة دينية تتعارض مع الكتب الإلهية التي تأمر بالمساواة بين بني الانسان، ولا ميزة لقوم على غيرهم من الأقوام والله وحده المختص على الناس بالأحكام حسب أعمالهم، ومخالفًا لمواثيق الأمم المتحدة التي تحارب التمييز وعقيدة الفوقية واستعلاء بني إسرائيل على غيرهم من الشعوب.
فكم نشرتم من دعايات عن شعب الله المختار وعن قيم الديمقراطية الملطخة بدماء الأبرياء وحقوق الإنسان الذي اغتصبتم أرضه واستبحتم ممتلكاته وقتلتم أسرته وداست على جسده جنازير دباباتكم، وظننتم أنكم قوة لا تهزم وأنكم الأقوى وأنكم الأكبر، ونسيتم بأن الله هو الأكبر وهو العادل الذي سينتقم منكم كما انتقم منكم في الماضي وجعلكم شيعًا وفِرقًا متناحرة، ودمركم وشردكم في بقاع الأرض، حتى الشعوب التي لجأتم إليها لفظتكم وذلتكم وطردتكم من أراضيها، وأصبحتم عبئًا لا يُطاق في أوطانهم، وسعوا يبحثون لكم عن أماكن يهجِّرونكم إليها فبدأوا التفكير في ترحيلكم للأرجنتين ثم قرروا ترحيلكم من أوروبا إلى يوغندا.
ثم انتهوا بفكرة خبيثة وضعها مؤسس الصهيونية (هرتزل)، اعتمادًا على كتاب التوراة والإنجيل اللذان تم توظيفهما في خدمة البديل للوطن القومي لبني إسرائيل، اختيار فلسطين من قبل زعماء الصهاينة الذين خططوا لتكون فلسطين هي الوطن القومي وطن تحت حماية الحكومة البريطانية ليست دولة ذات سيادة وليس للشعب فيها حكومة معترف بها، واعتبروها الأفضل في تحقيق قيام دولة إسرائيل حيث توافقت رغبة الدول الأوروبية في حل القضية اليهودية ليخرجوا من أوروبا، وفي نفس الوقت لاقت قبولًا لليهود ليجدوا وطنًا آمنًا يعيشون فيه وتكون واحة للديمقراطية يطبقون شعائرهم الدينية المتشددة والمتطرفة والتي تدعو لاضطهاد أبناء الشعوب الأخرى؛ ليكونوا لديهم خدمًا وعبيدًا وفقًا لبرتوكولات صهيون الذين وضعوا دستور الحكم لليهود وتشريعاته من قِبل أحبار اليهود وحاخاماتهم المتعصبين والغاضبين مما عايشوه في الدول الأوربية من اضطهاد وإذلال ومعاملة غير كريمة، ومما ذاقوه أثناء الحروب العالمية من مطاردات وقتل وسفك دمائهم، والمجازر الدموية التي قضت على عشرات الآلاف منهم وكان من المنطق أن يتعلموا من الدروس القاسية التي عاشوها في أوروبا ويتخذوا من تلك الأحداث عظة وعبرة لهم، ولكن المجرمين الذين تجري في دمائهم الخسة والغدر والاستعلاء والاستكبار التي تنعشها الجينات في أجسادهم لا يمكن أن تتبدل معاملتهم مع الغير، وتلك لعنة الله حلت عليهم طوال حياتهم بما كانوا يكفرون وما يظلمون.
شكرًا للدولة الإسرائيلية حين كشفت حكومتك بشاعة الإجرام وسفك دماء الأبرياء وتشريد النساء والأطفال.
شكرًا للدولة الإسرائيلية التي دعت المفكرين والمثقفين يستدعون التاريخ ليروا حقيقة اليهود الإجرامية والتعسفية وانعدام الضمير الإنساني لديهم حين قامت حكومة إسرائيل بقصف المستشفيات وقتل المرضى وتدمير المعدات الطبية.
شكرًا حين استباحت حكومة إسرائيل المباني بالجرَّافات وهي تدفن تحتها أجساد ساكنيها ظلماً وعدواناً.
شكرأ فقد ساهم القتل والدم على فهم حقيقة خداعهم لشعوب العالم بأنهم الضحية وأن العرب والفلسطينيون يريدون تدمير دولة إسرائيل.
شكرًا للحكومة الإسرائيلية التي وضَّحت لشعوب العالم ممارسات الكذب والخداع وتزييف الحقائق وما أدخلته في عقول الشعوب الأوروبية أكبر أكذوبة في التاريخ بقضية المحرقة التي أحرقت ستة ملايين يهودي أثناء الحرب العالمية الثانية، وجعلت أوروبا تعيش عقدة الذنب وأن على الدول الأوروبية أن تقف مع دولة إسرائيل للتكفير عن ذنبهم العظيم، كيف انطلت عليهم تلك الأكذوبة؟ وأي عقل يصدقها؟
وهل الذين أصابتهم تلك المصيبة أن يتصور العقل أن يقوموا بارتكاب أبشع الجرائم والمجازر الدموية التي ارتكبوها في غزة وهم الذين يدَّعون أنهم قد حُرقت أجساد أجدادهم فيما سموه (الهولوكوست) والمحرقة؛ ليجعلوا الشعوب الأوروبية مدينة لليهود وعلى الأوروبيين أن يكفِّروا عن جرائمهم ضد بني إسرائيل بالمصادقة على تشريع قانوني لحماية اليهود من كل كلمة تُقال ضدهم، ومن كل عمل يُخطط لهم يتعارض مع مصالحهم، وتكون لهم ميزة على الشعوب الأوروبية، ليخرج قانون حماية السامية، حين نجحت في الحصول على تشريع حماية السامية وجعلت لليهود ميزة على شعوب الدول الأوروبية والعالم، حيث تم الحجر بذلك القانون على أفواه الأحرار والعقلاء الذين يقفون ضد الظلم وضد الشر وضد البغي والطغيان، ومن يخالف قانون حماية السامية فمصيره للسجن، فكيف قبلت الحكومات الأوروبية وبرلماناتها تلك المهزلة التي تتعارض مع المساواة بين كل البشر دون تفرقة في الدين أو العرق أو الهوية؟
شكرًا لإسرائيل، لقد كشفتِ نفسك لشعوب العالم، فسقطت أكاذيب قياداتك التي خدعوا بها قيادات دول العالم حتى انهار خداعك وفشلت أكاذيب حكومتك وإعلامك الذي زيَّف الحقائق وجعل الناس يمشون خلف تزويرك وتلفيقاتك من الأكاذيب كالقطيع، وسوف تطارد اليهود المجرمين لعنة الانتقام لدماء الأبرياء من الأطفال والنساء الذين تم قتلهم وما ارتكبته إسرائيل من جرائم، سيتحول الانتقام إلى كوابيس تؤرق منامهم وتخيفهم في يقظتهم وترجفهم في أعمالهم وفي فرحهم، لتنتقم من الذين شردوهم من وطنهم فلسطين واغتصبوا أراضيهم وقتلوا ابناءهم ومثَّلوا بأطفالهم ليقدموهم قرابين للهيكل المزعوم، وسوف ينتقم الله منكم شر انتقام كما وعدهم الله سبحانه وحذرهم بقوله: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) الشعراء (٢٢٧).
كاتب المقال
المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
باحث ومفكر إماراتي، مهتم بالشأن العربي وما آل إليه حال الأمة العربية. له العديد من الكتب والأبحاث التي تناولت دعوته إلى إحياء الخطاب الإلهي والتمسك بأن يكون القرآن الكريم هو الدستور والمرجعية الوحيدة للمسلمين.