باريس – هايدي نيوز
متابعة / هبه عبد الفتاح
اعلن الإعلامي السوداني بالمعروف بإذاعة مونتي كارلو الدولية عاطف صالح عن عن اصدار اول روايته الأدبية بعنوان ( حارس أشجار المقبرة) . وتقرر ان توزع الرواية في معرض الكتاب الدولي المقرر اقامته في الرياض بالمملكة العربية السعودية في الفترة من ٢٦ سبتمبر الجاري وحتى ٥ اكتوبرالمقبل وتعتبر رواية حارس أشجار المقبرة التي أصدرتها دار صوفيا- الكويت هي أوّل روايةٍ للروائيّ عاطف صالح وتتألف من أحدى عشر فصلًا وخاتمة ويروي فيها الكثير عن نفسه في هذا المجتمع الفرنسيّ الكوزموبوليتيّ المليء بالشوق إلى الاستقرار والسكينة والأمان والسلام.والأستاذ عاطف صالح الذي يدخل من اوسع الابواب لنادي الروائيّين هو صحافيّ سودانيّ مقيم في باريس، ويعمل في الصحافة العربيّة ككاتب مقالٍ سياسيٍّ وأدبيّ.وأهمّ سمات شخصيّته،بعد اللطف، هو عصاميّته المسكوبة سكبًا في كلّ كلمةٍ من كلمات روايتهتلّقى عاطف صالح تعليمه الثانويّ بمدينة ود مدنيّ، وسط السودان وهو حاصلٌ على ماجستير في علم الاجتماع الإعلاميّ من جامعة القاهرة فرع الخرطوم و عمل في العديد من الإذاعات الفرنسيّة والعربيّة ثم انتقل بعدها إلى باريس، والتحق بقسم البرامج بإذاعة مونت كارلو الدوليّة، في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2006.و حارس أشجار المقبرة، رحلةٌ عمرها من عمر قدومه إلى باريس عام 2004 وقد نضجت الرواية على نارٍ هادئة وأُضيفت مكوّناتها الطيّبة بعنايةٍ تدريجيّة، لتقدّم لنا عملًا غنيًّا وعميقًا. كلّ عنصرٍ من عناصر الرواية تمّ دمجه بدقّةٍمتناهية، ممّا سمح للشخصيّات بالتطوّر وللحبكات بأن تتشابك ببراعة. هذا الأسلوب المدروس والصبور يمنح القارئ إحساسًابتذوّق تجربةِ حياةٍ حقيقية، حيث يمتزج الخيال بالصدق بشكلٍ متناغم والنتيجة هي روايةٌ تنبض بالحقائق والمشاعر، وتدعو إلى تأمّلٍ عميقٍ وانغماسٍ كاملٍ في العالم الذي خلقه الروائيّ.مساحة هذه الرواية هي باريس بشوارعها وأحيائها، مقدّمةٌ إطارًا غنيًّا ومتنوّعًا يضفي الحياة على الرواية. ربّما لا يكون المكان الأبرز هو فقط مقبرة فانف، على الرغم من دورها المهمّ، بل إنّ هواء باريس بالكامل يملأ كلّ صفحة. تتكامل الشوارع النابضة بالحياة، والمقاهي ومحلات الحلاقة والفنادق، وأماكن العبادة والحدائق الهادئة لخلق جوٍّ أصيلٍوغامر. في هذه الخلفيّة النابضة بالحياة، وبأخبار الحبّ والأمل،تتطوّر الشخصيّات وتتشابك قصصهم بشكلٍ وثيقٍ مع روح المدينة.ليست باريس فقط هي المدينة الأهمّ في هذ الرواية، بل كلّ القرى والمدن التي أتى منها أبطالها: توكيو والخرطوم… كلّ وجهٍ يحمل قريةً أو مدينةً أو وطنًا في قلبه. يحمل مناظر طبيعة بلاده الأموثقافته، حيث يضيف كلّ مكانٍبُعدًا جديدًا لحياتهم الباريسيّة. رحلتهم تكريمٌ وثراءٌ لعالمنا، تذكّرنا بأنّ كلّ زاوية من زوايا الأرض، مهما كانت بعيدة، تحتضن جزءًا من إنسانيّتنا المشتركة.تجمع شخصيّات الرواية الطيْبة الإنسانيّة من جهة والهشاشة من جهة أخرى. فيهم الفقير المسكين وفيهم الغنيّالمتجبّر وفيهم الفاسق الفاجر وفيهم التقيّ المتألّه. كلّ شخصيّةٍمن شخصيّات هذه الرواية هو بطلٌ بشكلٍ من الأشكال، ولكن جاك مارتا هو من استوقفني أكثر من غيره، هذا الرجل الذي فيه قبسٌ من النور. جاك مارتا “مناجي الطيور”، الذي بات “مَعْلَمًا من مَعَالِم باريس الحيّة”. ميزة البطل الفريد ليست أنّه يحبّ الطيور، فقد نجد آلافًا ممن يحبّون الطيور، ولكن فرادته بحبّ الطيور كلّها له، تلك الطيور التي تهبط عليه زخّات زخّات… وتظهر له حبًّا ما بعدهحبّ. يصف الأستاذ عاطف صالح مشاهد طيور جاك مارتا وصف شاعرٍ رقيقٍ وكأنّ الطيور لمست قلبه هو، وغيّرته هو في داخله،حتى أمسى طيرًا يكتب لنا مشاعرها واحدًا واحدًا… إنّها واحدةٌ من تجلّيات عاطف صالحالكثيرة جدًّا في هذا الرواية المميّزة. يكشف عن عمق النفسوالروابط الروحيّة مع العالم الطبيعيّ فتُثري مجموع السرد بأكمله. القلم السودانيّ الأصيل الذي قدّم لنا من خلال الطيّب صالح مواسم الهجرة من الشمال، يقدّم لنا اليوم مع عاطف صالح هجرةًجديدةً آتيةً من باريس وشوارعها الجميلة، في رواية واعدة حارس أشجار المقبرة التي تشرّفت بمرافقتها تكبر يومًا فيوم وأكيدًا أنّها ستتكلّل بأكاليل النجاح.