يارا المصري
شهد العام الدراسي الحالي زيادة ملحوظة في إقبال طلاب القدس الشرقية على تعلم اللغة العبرية، وخاصة بين طلاب المرحلة الثانوية. هذا الإقبال يأتي مدفوعًا بضرورات عملية وتعليمية، إذ تُعد اللغة العبرية مفتاحًا للقبول في التعليم العالي، توسيع فرص العمل، والتعامل اليومي مع المؤسسات في غرب المدينة.
يرى العديد من الطلاب وأسرهم أن تعلم العبرية لم يعد خيارًا، بل ضرورة تفرضها متطلبات الحياة اليومية وسوق العمل. المؤسسات التعليمية تقدم دورات مجانية عبر الإنترنت، إلى جانب مشاريع خاصة مثل “البيت العبري”، التي تركز على تعليم اللغة بأسلوب مبسط وميسر.
هذا الاتجاه تعززه سياسات الحكومة الإسرائيلية، التي خصصت المزيد من الميزانيات لدعم تعليم العبرية في القدس الشرقية. كما شجعت إدخال المنهاج الإسرائيلي في بعض المدارس الفلسطينية بالمدينة، مع الإبقاء على تدريس المنهاج الفلسطيني جنبًا إلى جنب.
بحسب رئيس مؤسسة فيصل الحسيني، عبد القادر الحسيني، فإن توجه الشباب الفلسطيني نحو تعلم العبرية يمثل تحولاً في التفكير. يقول الحسيني:
“الشاب الفلسطيني بدأ يرى في تعلم العبرية فرصة لتحسين فرصه في سوق العمل المحلي والالتحاق بالتعليم العالي، وهو ما يساهم في محاولة دمج المجتمع المقدسي في سوق العمل الإسرائيلي.”
وأضاف أن هذه الخطوات تأتي في ظل محاولات الحكومة الإسرائيلية طباعة المنهاج الفلسطيني بنسخة معدلة تتناسب مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات العصر.
وفقاً لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية لعام 2024، بلغ عدد سكان القدس بشطريها الشرقي والغربي 965 ألف نسمة، بينهم 375 ألف فلسطيني، أي حوالي 38.8% من السكان.
وفي سياق التعليم، تُدرس حوالي 24 مدرسة حكومية و8 مدارس خاصة المنهاج الإسرائيلي “الباجروت” بجانب تعلم العبرية. في المقابل، تستمر معظم المدارس في تدريس المنهاج الفلسطيني مع تعزيز مساقات اللغة العبرية، استجابة لطلبات الطلاب وأسرهم.
مع زيادة الفرص التعليمية والمهنية التي توفرها اللغة العبرية، أصبح الطلاب الفلسطينيون يسعون إلى تحقيق التوازن بين الهوية الوطنية الفلسطينية ومتطلبات سوق العمل الإسرائيلي.
يعكس الإقبال المتزايد على تعلم اللغة العبرية في القدس الشرقية واقعًا معقدًا من التداخل بين الضرورة العملية وسياسات الدمج التي تسعى إليها الحكومة الإسرائيلية. ورغم التحديات، يبقى الشباب المقدسي حريصًا على استثمار هذه المهارات لتأمين مستقبل أفضل مع الحفاظ على هويته الوطنية.