“لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب” جملة لا تسقط بالتقادم جاءت على لسان الملك عبد العزيز آل سعود منذ زمن طويل، وبرهنت الأيام على صدقها ، وأكدتها على وجه الخصوص العلاقات الاستراتيحية العميقة التى تربط الشقيقتين مصر والسعودية شعبا وقيادة .
والمواقف التاريخية تشهد بأن السعودية لم تتردد يوما فى دعم مصر فى كل الأحداث والتطورات الخطيرة التى مرت بها لاسيما خلال السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ اندلاع ثورة يناير 2011 وما تلاها من أحداث أثرت كثيرا على القاهرة وكانت شقيقتها بجوارها تدعم قيادتها من أجل استعادة الاستقرار ، وفى نفس الوقت فإن التاريخ يسجل العديد من المواقف التاريخية التى تشهد على انحياز مصر الكامل لدعم السعودية فى كل ما يخدم مصالحها ويضمن استقرارها.
أقول ذلك فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة من أزمات وحروب تستدعى توحيد الرؤى ووحدة الصف العربى لمواجهتها ، لاسيما وأن العلاقات المصرية السعودية شهدت ازدهارا كبيرا خلال الفترة الأخيرة تحت قيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى ومولاى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان.
فعلى مستوى الزيارات تبادل الزعيمان الزيارات والتى تشهد مشاهدها على مدى الحفاوة والترحيب فى الاستقبال من الجانبين، وهى أيضا الزيارات التى أكدت على توحيد الرؤى بشأن قضايا المنطقة وكشفت أن القيادة السياسية فى البلدين الشقيقين تقدر قيمة وثقل الأخرى وتعلم دورها المحورى فى تحقيق التكامل العربى .
كما شهدت العلاقات طفرة كبيرة على مختلف الأصعدة على مستوى التعاون الثنائى فى الاستثمارات وكذلك تبادل الخبرات العسكرية وخلال السنوات الماضية تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم فى مختلف المجالات بشكل جعل المملكة أكبر شريك تجاري لمصر فى المنطقة، وتكلل هذا مؤخرا خلال لقاء وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى، ونظيره السعودى الأمير فيصل بن فرحان، الذى تناول المراحل النهائية لتدشين مجلس التنسيق الأعلى المصرى ــ السعودى، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى وولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، وهو المجلس الذى سيلعب دورا كبيرا فى تعميق العلاقات الثنائية، فى مختلف المجالات.
وبخصوص الموقف من القضايا العربية فإن هناك تنسيقا دائما بين الجانبين حيث ترتكز المواقف المشتركة للبلدين على الرفض التام لكافة التدخلات الإقليمية في شئون الدول العربية أيا كان مصدرها، كونها تشكل تهديدا لاستقلال وسيادة الأراضي العربية وتفكيكا لوحدتها الوطنية.
و تدعم الدولتان بشكل دائم كافة المبادرات السياسية والحلول السلمية لكافة أزمات المنطقة، في سوريا واليمن وليبيا والسودان، وفقا لقرارات مجلس الأمن والمبادرات الاقليمية والمرجعيات ذات الصلة، بما يحافظ على استقرار هذه الدول، ووحدة ترابها الوطني، ويضع مصالحها الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار لشعوب هذه الدول، بمعزل عن التدخلات الخارجية، كما أعلن البلدان كامل الإدانة للاعتداءات الإسرائيلية على الاشقاء فى فلسطين ولبنان ورفضا الممارسات الإسرائيلية الرامية لإشعال النيران بالمنطقة.
وفى النهاية أؤكد أن مواقف القيادة السياسية لكلا البلدين تكشف أن مصر والسعودية بلدان ينبضان بقلب واحد تجمعهما علاقات استراتيجية وأخوية تجعلهما يدا واحدة وتقودهما الي التعاون الدائم.. حيث أن وضع سيدي ولي العهد صاحبُ السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ـ حفظه الله ـ أجيالَنا الجديدة أمام التحدي الحقيقي (تحدي المستقبل).